العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > صالون الخيمة الثقافي

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى بحث مطر حسب الطلب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مثال متلازمة ستوكهولم حينما تعشق الضحية جلادها (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مستعمرات في الفضاء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال كيفية رؤية المخلوقات للعالم من حولها؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال حوار مع شيخ العرفاء الأكبر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الضفائر والغدائر والعقائص والذوائب وتغيير خلق الله (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال فتى الفقاعة: ولد ليعيش "سجينا" في فقاعة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى كتاب المسح على الرجلين في الوضوء (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 22-07-2011, 07:21 AM   #131
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

المفعولُ المطلقُ


المفعولُ المطلَقُ: مَصدرٌ يُذكرُ بعد فعلٍ من لفظهِ تأكيداً لمعناهُ، أو بياناً لِعَددِهِ، أو بياناً لنوعهِ، أو بَدَلاً من التلفُّظِ بفعلهِ. فالأول نحو: {وكلّم اللهُ مُوسى تكليماً}. والثاني نحو: (وقفتُ وقفتينِ). والثالثُ نحو: (سرتُ سيرَ العُقلاءِ). والرابعُ نحو: (صَبراً على الشدائد).


واعلم أنّ ما يُذكرُ بدلاً من فعلهِ لا يُرادُ به تأكيدٌ ولا بيان عددٍ أو نوع.
وفي هذا المبحث ستَّةَ مَباحث.


1- الْمَصْدَرُ المُبْهَمُ وَالْمَصْدَرُ المُخْتَصُّ


المصدرُ نوعانِ: مُبهمٌ ومُختَص.

فالمُبهم: ما يُساوي معنى فعلهِ من غير زيادةٍ ولا نقصانٍ، وإنما يُذكرُ لمجرّد التأكيد، (قمتُ قياماً. وضربتُ اللصّ ضرباً)، أو بدَلاً من التّلفّظِ بفعلهِ، نحو: (إيماناً لا كُفْراً)، ونحو: (سَمعاً وطاعةً)، إذِ المعنى: (آمِنْ ولا تكْفُرْ، وأَسمعُ وأُطيعُ).


ومن ثمَّ لا يجوزُ تثنيتُهُ ولا جمعهُ، لأنَّ المؤكدَ بمنزلةِ تكرير الفعلِ، والبدل من فعلهِ بمنزلةِ الفعلِ نفسهِ، فعُومِلَ مُعاملتَهُ في عدَمِ التثنيةِ والجمعِ.


والمختصُّ: ما زادَ على فعلهِ بإفادتهِ نوعاً أو عدداً، نحو: (سرتُ سَيرَ العُقلاءِ. وضربتُ اللصَّ ضرْبَتينِ، أو ضَرَباتٍ).


والمُفيدُ عَدَداً يُثنّى ويُجمَعُ بلا خلافٍ. وأمّا المُفيدُ نوعاً، فالحقُّ أن يُثنَّى ويُجمَعُ قياساً على ما سُمعَ منهُ: كالعقولِ والألبابِ والحُلُوم وغيرها فيَصحُّ أن يُقالَ: (قمتُ قِيامَينِ)، وأنتَ تُريدُ نوعينِ من القيام.


ويَختصُّ المصدرُ بألْ العهديَّةِ، نحو: (قمتُ القيامَ)، أي: (القيامَ الذي تَعهَدُ)، وبأل الجنسيّةِ، نحو: (جلستُ الجلوسَ)، تُريدُ الجنسَ والتنكير، وبوصَفهِ، نحو: (سعيتُ في حاجتك سعياً عظيماً)، وبإضافته، نحو: (سرتُ سيرَ الصالحينَ).


[والأصل: (سرت سيراً مثل سير الصالحين)، حُذِف المصدر ـ الذي هو المفعول المطلق ـ ثم صفته، فقام مقام المصدر المضاف الى (مثل) فأُعرِب مفعولاً مطلقاً]

2- الْمَصْدَرُ المُتَصَرِّفُ والْمَصْدَرُ عَيْرُ الْمُتَصَرِّفِ


المصدرُ المتصرّف: ما يجوزُ أن يكونَ منصوباً على المصدريّة، وأن ينصرف عنها إلى وقوعهِ فاعلاً، أو نائبَ فاعلٍ، أو مبتدأ، أو خبراً، أو مفعولاً بهِ، أو غيرَ ذلك. وهو جميعُ المصادر، إلا قليلاً جِدًّا منها. وهو ما سيُذكر.


وغيرُ المتصرّفِ: ما يُلازمُ النصبَ على المصدريَّة، أي المفعوليّة المطلقةِ؛ لا يَنصرف عنها إلى غيرها من موقاع الإعراب، وذلك نحو: (سبحان ومَعاذَ ولَبيّكَ وسَعدَيكَ وحنَانَيكَ ودوَاليكَ وحَذارَيك). وسيأتي الكلام على هذه المصادر.


3- النائبُ عن المَصْدَر

ينوب عن المصدر - فيُعطَى حكمَه في كونهِ منصوباً على أنه مفعولٌ مُطلَقٌ - اثنا عَشرَ شيئاً:

1- اسم المصدرِ، نحو: (أعطيتُك عَطاءً)، و (اغتسلتُ غُسلاً) و (كلّمتكَ كلاماً) و (سلّمتُ سلاماً).


2- صفتهُ، نحو: (سرت أحسنَ السيرِ) و {اذكروا الله كثيراً}.

[واذكروا الله كثيراً: أي اذكروا الله ذكراً كثيراً: حُذف المصدر فقامت صفته مقامه]

3- ضميرُهُ العائدُ اليهِ، نحو: (اجتهدتُ اجتهاداً لم يجتهدهُ غيري). ومنه قَولهُ تعالى:

{فإني أعذِّبُهُ عذاباً لا أعَذبُهُ أحداً من العالمينَ}.
[ أي: لم يجتهد الاجتهاد المذكور. فالضمير عائد الى المصدر المذكور، وهو في محل نصب على أنه مفعول مطلق] ؛ و [ لا أعذب العذاب المذكور]

4- مرادفُهُ - بأن يكون من غير لفظهِ، معَ تَقارُب المعنى - نحو: (شَنِئْتُ الكسلانَ بُغضاً). و (قمت وقُوفاً) و (رُضتُه إذلالاً) و (أعجبني الشيء حُباً)، وقال الشاعر:


يُعْجبُهُ السَّخُونُ والبَرُودُ

والتَّمْرُ، حُبًّا ما لَهُ مَزِيدُ
[السخون: مرقٌ يُسخن، والبُرود: خبزٌ يُبرد بالماء]

5- مصدر يُلاقيهِ في الاشتقاقِ، كقولهِ تعالى: {واللهُ أنبتَكم من الأرض نبَاتاً

وقولهِ: {تَبتَّلْ إليهِ تَبتيلاً}.

6- ما يَدلُّ على نوعه، نحو: (رجعَ القهقرَى) و (قعدَ القُرفُصاءَ) و (جلسَ الاحتباءَ) و (اشتمل الصّمّاءَ).

[الاحتباء: أن يضم الإنسان رجليه الى بطنه]

7- ما يدلُّ على عدده نحو: (أنذرتُك ثلاثاً)، ومنه قولهُ تعالى: {فاجلدوا كلَّ واحدٍ منهما ثمانينَ جلدةً}.


8- ما يدلُّ على آلته التي يكونُ بها، نحو: (ضربتُ اللصَّ سَوطاً، أو عصاً، ورشقتُ العدوَّ سهماً، أو رَصاصةً أو قذيفةً). وهو يَطّردُ في جميع أسماءِ آلاتِ الفعلِ. فلو قلتَ: (ضربتُه خشبةً، أو رميتُه كرسيّاً)، لم يَجُز لأنهما لم يُعهَدا للضرب والرمي.


9- (ما) و (أَيُّ) الإستفهاميَّتان، نحو: (ما أكرمتَ خالداً؟) و (أَيَّ عيشٍ تعيش؟)، ومنه قوله تعالى: {وسيعلمُ الذين ظَلموا أَيَّ مُنقلب ينقلبون}.

[ما: اسم استفهام في محل نصب مفعول مطلق مقدم لأكرمت. والمستفهم عنه المصدر. والمعنى: أي إكرام أكرمت خالداً؟]

10- (ما ومهما وأَيُّ) الشَّرطيّاتُ: (ما تجلسْ أجلسْ) و (مهما تقِفْ أَقِفْ) و (أَيَّ سَيرٍ تَسِرْ أَسِرْ).

[ الثلاثة أسماء شرط جازمة تجزم فعلين. وهن في محل نصب مفعول مطلق للأفعال. والمعنى: أي جلوس تجلس أجلس]

11- لفظ كل وبعضٍ وأي الكماليّة، مضافاتٍ إلى المصدرِ، نحو: {فلا تَميلوا كلَّ المَيلِ} و (سَعَيتُ بعضَ السعيِ) و(اجتهدتُ أيَّ اجتهادٍ).

(وهذا في الحقيقة من صفة المصدر عنه، لان التقدير: (فلا تميلوا ميلاً كلّ الميل. وسعيت سعياً بعضَ السعي. واجتهدت اجتهاداً أيّ اجتهاد).

وسميت (أيّ) هذه بالكمالية، لأنها تدل على معنى الكمال. وهي إذا وقعت بعد النكرة كانت صفة لها، نحو: (خالدٌ رجلٌ أيّ رجلٍ) أي: هو كامل في صفات الرجال. وإذا وقعت بعد المعرفة كانت حالاً منها، نحو: (مررت بعبد اللهِ أيّ رجل). ولا تُستعمل إلا مضافة وتطابق موصوفها في التذكير والتأنيث، تشبيهاً لها بالصفات المشتقات. ولا تطابقه في غيرهما).


12- اسمُ الإشارةِ مُشاراً به إلى المصدر، سواءٌ أَأُتبعَ بالمصدر، نحو: (قلتُ ذلكَ القولَ) أم لا، كأن يُقال: ( هل اجتهدت اجتهاداً حسناً؟) فتقول: (اجتهدت ذلك).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 29-07-2011, 09:20 AM   #132
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

تابع للمفعول المطلق

4- عاملُ الْمَفْعول المُطْلَق


يعملُ في المفعولِ المُطلقِ أحدُ ثلاثةِ عواملَ: الفعلُ التام المتصرّفُ، نحو: "أتقِنْ عملَك إتقاناً"، والصفةُ المُشتقّةُ منهُ، نحو: (رأيتُهُ مُسرعاً إسراعاً عظيماً)، ومصدرُه، نحو: (فرحتُ باجتهادك اجتهاداً حسناً)، ومنه قوله تعالى: {إنَّ جهنمَ جزاؤُكم جزاءً مَوفوراً}.


5- أَحكامُ المفعولِ المطلَق


للمفعول المطلق ثلاثةُ أَحكام:


1- أنهُ يجبُ نصبُه.


2- أنهُ يجبُ أن يقعَ بعدَ العامل، إن كان للتأكيد. فإن كان للنَّوع أو العدَدِ، جاز أن يُذكرَ بعدَه أو قبله، إلا إن كان استفهاماً أو شرطاً، فيجبُ تَقدمُه على عاملهِ، كما رأيتَ في أمثلتهما التي تقدّمت. وذلكَ لأنَّ لأسماءِ لاستفهام والشرط صدرَ الكلام.


3- أنهُ يجوزُ أن يُحذَفَ عاملُهُ، إن كان نَوعيّاً أو عدديّاً، لقرينةٍ دالّةٍ عليه، تقولُ: (ما جلستَ)، فيقالُ في الجواب: (بَلى جُلوساً طويلاً، أَو جَلستينِ)، ويُقالُ: (إنك لا تعتني بعملك)، فتقولُ: (بلى اعتناءً عظيماً)، ويقال: (أيَّ سيرٍ سرتَ؟)، فتقول: (سيرَ الصالحينَ)، وتقول: لِمنْ تأهَّبَ للحجَّ: (حَجّاً مبروراً)، ولِمن قَدِمَ من سفَر: (قُدوماً مُباركاً) و (خيرَ مَقدَمٍ)، ولِمن يُعِدُ ولا يَفي: (مَواعيدَ عُرقوبٍ)* من ذلك قولهم: (غضَب الخيل على اللُّجم).

*ـ [عرقوب: رجلٌ يُضرب به المثل بالإخلاف بالوعد: وذلك أنه وعد وعداً فأخلف فضرب به المثل لذلك. يُقال: إنه أتاه أخٌ له يسأله شيئاً، فقال عرقوب: إذا أطلع نخلي. فلما أطلع قال: إذا أبلح. فلما أبلح قال: إذا أزهى. فلما أزهى قال: إذا أرطب. فلما أرطب قال: إذا صار تمراً. فلما صار تمراً أخذه من الليل ولم يعطه شيئاً]

وأمّا المصدرُ المؤكدَ فلا يجوزُ حذفُ عامله، على الأصحَ من مذاهب النحاة، لأنه إنما جيء به للتَّقوية والتأكيد. وحذفُ عامله يُنافي هذا الغرض.


وما جِيء به من المصادر نائباً عن فعله (أي بدلاً من ذكر فعله)، لم يجُز ذركُ عامله، بل يحذفُ وجوباً، نحو: (سَقياً لكَ ورَعياً؛ ؛ صبراً على الشدائد؛ أتَوانياً وقد جَدَّ قُرناؤكَ؟؛ حمداً وشكراً لا كفراً؛ عجباً لك؛ تبّاً للخائنينَ؛ وَيْحَكَ.


6- الْمَصدَرُ النائبُ عن فعلهِ


المصدرُ النائبُ عن فعله: ما يُذكرُ بَدلاً من التلفظ بفعله. وهو على سبعةِ أنواعٍ:


أ- مصدرٌ يَقعُ مَوقعَ الأمر، نحو: (صبراً على الأذَى في المجد).


ب- مصدرٌ يقعُ موقعَ النَّهي، نحو: (اجتهاداً لا كسلاً، جِداً لا تَوانياً؛ مَهلاً لا عجلةً؛ سُكوتاً لا كلاماً؛ صَبراً لا جَزَعاً). وهو لا يقع إلاّ تابعاً لمصدر يُرادُ به الأمر كما رأيت.

ج- مصدرٌ يقعُ موقعَ الدعاءِ، نحو: (سَقياً لك ورَعياً؛ تَعساً للخائن؛ بُعداً للظالم، سُحقاً للَّئيم؛ جَدعاً للخبيثِ؛ رحمةً للبائس؛ عذاباً للكاذب؛ شقاءً للمهمل؛ بُؤْساً للكسلان؛ خَيبةً للفاسق؛ تَبّاً للواشي؛ نُكساً للمتكبِّر).

ومنعَ سيبويه أن يُقاسَ على ما وَرَدَ من هذه الألفاظ. وأجاز الأخفش القياسَ عليها. وهو ما يظهرُ أنه الحقُّ.


(ولا تُستعمل هذه المصادر مضافة إلا في قبيح الكلام. فان أضفتها فالنصبُ حتمٌ واجب، نحو: (بُعدَ الظالم وسُحقَهُ). ولا يجوز الرفع لأنّ المرفوع يكون حينئذ مبتدأ ولا خبرَ له وان لم تُضفها فلك أن تنصبها، ولك أن ترفعها على الابتداء، نحو: عذاباً له، وعذابٌ له).


والنصب أولى. وما عُرَّف منها بأل فالأفضل فيه الرفع على الابتداء، نحو: (الخيبةُ للمفسد)).


ومما يُستعمَلُ للدُّعاءِ مَصادرُ قد أُهملت أفعلها في الاستعمال، وهي: (ويلَهُ، وويَبَهُ، ووَيْحَهُ، ووَيسَهُ). وهي منصوبةٌ بفعلها المُهمَل، أو بفعل من معناها.
((ويل وويب): كلمتا تهديد تقالانِ عند الشتم والتوبيخ. و (ويح وويس) : كلمتا رحمة تقالان عند الإنكار الذي لا يراد به توبيخ ولا شتم؛ وإنما يراد به التنبيه على الخطأ. ثم كثرت هذه الألفاظ في الاستعمال حتى صارت كالتعجب، يقولها الإنسان لمن يجب ولمن يبغض. ومتى أضفتها لزمتِ النصب، ولا يجوز فيها الرفع، لان المرفوع يكون حينئذ مبتدأ ولا خبر له. وان لم تُضفها فلك أن ترفعها، ولك أن تنصبها. نحو: (ويلٌ له وويحٌ له، وويلاً له وويحاً له) والرفع أولى).


د- مصدرٌ يقعُ بعدَ الاستفهام موقعَ التوبيخ، أو التعجُّب، أو التوَجعِ، فالأول نحو: (أجُرأةً على المعاصي؟)، والثاني كقول الشاعر:


أَشوْقاً؟ وَلَمَّا يَمْضِ لي غَيْرُ لَيْلَةٍ

فَكَيْفَ إِذَا خَبَّ المطِيُّ بِنَا عَشْرَا

والثالث كقول الآخر:


أَسِجْناً وقتْلاً واشتياقاً وغُرْبَةً

وَنَأيَ حَبيبٍ؟ إنَّ ذا لَعَظيم

وقد يكونُ الاستفهامُ مُقدَّراً، كقوله:

خُمُولاً وإِهْمالاً؟ وَغَيْرُك مُولَعٌ

بِتَثْبيتِ أَركانِ السِّيادَةِ والْمَجْدِ

أي : أخمولاً؟ وهو هنا للتوبيخ.


هـ- مَصادرُ مسموعةٌ كثرَ استعمالُها، ودلَّتِ القرائنُ على عاملها، حتى صارت كالأمثال، نحو: (سَمعاً وطاعةً؛ حمداً لله وشُكراً؛ عَجَباً؛ عجَباً لكَ؛، ويُقالُ: أتفعلُ هذا؟ فتقول: (أفعلُهُ، وكراهةً ومَسَرَّةً)، أو (لا أفعلُهُ ولا كَيْداً ولا همّاً) و (لافعلنَّهُ ورَغماً وهواناً).


وإذا أفرَدْتَ (حمداً وشكراً) جاز إظهارُ الفعل، نحو: (أحمدُ اللهَ حمداً) و (أشكرُ اللهَ شًكراً). أمّا (لا كُفراً) فلا يُستعمل إلا معَ (حمداً وشكراً).
ومن هذه المصادر (سُبحانَ اللهِ، ومَعاذَ اللهِ). ومعنى (سبحانَ الله). تَنزيهاً للهِ وبراءَةً له مما لا يليقُ به. وعمى (مَعاذَ اللهِ) : عياذاً باللهِ، أي: أعوذُ به. ولا يُستعملان إلا مُضافينِ.


و- المصدرُ الواقعُ تفصيلاً لمُجمَلٍ قبلَهُ، وتَبييناً لعاقبتهِ ونتيجتهِ كقوله تعالى: {فَشُدُّوا الوَثاقَ، فإمّا مَنّاً بعدُ، وإمّا فِداءً}


ز- المصدرُ المؤكّدُ لمضمونِ الجملة قبلهُ. سواءٌ أَجيءَ بهِ لمجرَّد التأكيدِ (أيٍ: لا لدفعِ احتمال المجازِ، بسبب أنَّ الكلامَ لا يحتملُ غيرَ الحقيقةِ) نحو: (لكَ عليَّ الوفاءُ بالعهد حَقّاً)، أم للتأكيد

الدافعِ إرادةَ المجاز نحو (هو أَخي حقّاً). فإنَّ قولكَ: (هو أَخي) يحتملُ أنك أردتَ الأخوَّة المجازيَّةَ، وقولكَ: "حقّاً، رفعَ هذا الاحتمال. ومن المصدر المؤكّدِ لمضمونِ الجملةِ قولهم: (لا أفعله بَتّاً وبَتاتاً وبَتَّةً والبَتَّةَ).


__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 05-08-2011, 11:02 AM   #133
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

المفعولُ لهُ


المفعولُ لهُ (ويُسمّى المفعولَ لأجلهِ، والمفعولَ من أجلهِ): هو مصدرٌ قَلبيٌّ يُذكرُ عِلّةً لحدَثٍ شاركهُ في الزمانِ والفاعلِ، نحو: (رغبةً) من قولكَ (اغتربتُ رَغبةً في العلم).


(فالرغبة: مصدر قلبي، بين العلة التي من أجلها اغتربت، فان سبب الاغتراب هو الرغبة في العلم, وقد شارك الحدثُ (وهو: اغتربت) المصدرَ (وهو: رغبة) في الزمان والفاعل. فإن زمانهما واحد وهو الماضي. وفاعلهما واحد وهو المتكلم.


والمراد بالصدر القلبي: ما كان مصدراً لفعل من الأفعال التي منشؤُها الحواسّ الباطنة: كالتعظيم والإجلال والتحقير والخشية والخوف والجرأة والرغبة والرهبة والحياء والوقاحة والشفقة والعلم والجهل. ونحوهما. ويقابل أفعال الجوارح (أي الحواسّ الظاهرة وما يتصل بها) كالقراءة والكتابة والقعود والقيام والوقوف والجلوس والمشي والنوم واليقظة، ونحوها).


وفي هذا المبحث مبحثانِ:


1- شُروطُ نَصْبِ المفعولِ لأَجلهِ


عَرفتَ، ممّا عَرَّفنا به المفعولَ لأجلهِ، أنه يُشترَطُ فيه خمسةُ شروطٍ. فإنْ فُقِدَ شرطٌ منها لم يَجُز نصبُهُ. فليسَ كلُّ ما يُذكر بياناً لسبب حُدوثِ الفعلِ يُنصَب على أنه مفعولٌ له. وهكاَ تفصيلَ شروط نصبه:

أ ـ أن يكونَ مصدراً.

(فإن كان غير مصدر لم يجز نصبه كقوله تعالى: {والأرض وضعها للأنام}).


ب- أن يكون المصدر قلبياً.


(أي: من أفعال النفس الباطنة، فإن كان المصدر غير قلبي لم يجز نصبه، نحو: (جئت للقراءة)).


ج ود- أن يكونَ المصدرُ القلبيُّ مُتَّحداً معَ الفعل في الزمان، وفي الفاعل.


(أي: يجب أن يكون زمان الفعل وزمان المصدر واحداً، وفاعلهما واحداً. فإن اختلفا زماناً أو فعلاً لم يجز نصب المصدر. فالأول نحو: (سافرت للعمل). فإن زمان السفر ماضٍ وزمان العلم مستقبل والثاني نحو: (أحببتك لتعظيمك العلم). إذ أن فاعل المحبة هو المتكلم وفاعل التعظيم هو المخاطب.


ومعنى اتحادهما في الزمان أن يقع الفعل في بعض زمان المصدر: كجئت حباً للعلم، أو يكون أول زمان الحدث آخر زمان المصدر: كأمسكته خوفاً من فراره. أو بالعكس، كأدبته إصلاحاً له).


5- أن يكون هذا المصدرُ القلبي المُتَّحدُ معَ الفعل في الزمان والفاعل، عِلَّةً لحُصولِ الفعلِ، بحيثُ يَصِحُّ أن يقعَ جواباً لقولكَ: (لِمَ فعلتَ؟).
(فإن قلت: (جئت رغبة في العلم)، فقولك: (رغبة في العلم) بمنزلة جواب لقول قائل: (لم جئت؟).


فان لم يذكر بياناً لسبب حدوث الفعل، لم يكن مفعولاً لأجله، بل يكون كما يطلبه العامل الذي يتعلق به. فيكون مفعولاً مطلقاً في نحو: (عظمت العلماء تعظيماً)، ومفعولاً به في نحو (علمتُ الجبن معرةً)، ومبتدأ في نحو: (البخل داء)، وخبراً في نحو: (أدوى الأدواء الجهل)، ومجروراً في نحو: (أي داء أدوى من البخل)، وهلم جراً).


ومثال ما اجتمعت فيهِ الشروطُ قولهُ تعالى: {ولا تقتلوا أولادَكم خشيةَ إملاقٍ، نحن نرزُقُهم وإيَّاكم}.

فإن فُقدَ شرطٌ من هذه الشروطِ، وجب جرُّ المصدرِ بحرف جر يفيدُ التعليلَ، كاللامِ ومن وفي، فاللامُ نحو: (جئت للكتابةِ)، ومن، كقولهِ تعالى: {ولا تَقتُلوا أولادَكم من إملاقٍ* نحن نَرزُقكم وإيّاهم}،وفي، كحديثِ: (دخلتِ امرأةٌ النارَ في هِرَّةٍ حَبَستها، لا هي أطعمتها، ولا هيَ تركتها تأكلُ من خَشاشِ الأرض).

[هذه الآية في سورة الأنعام 151؛ والآية التي قبلها في سورة الإسراء31. والفرق بين الآيتين: أن الأولى تنهاهم عن قتل أولادهم خوف فقر ربما يكون. والأخرى تنهاهم عن قتلهم لفقرٍ واقعٍ بالفعل. ولذلك قدم رزق أولادهم على رزقهم في الآية الأولى، ليبين لهم أنه قد ضمن رزقهم فلا يقتلوهم خشية الفقر. وقدم في الآية الثانية رزقهم على رزق أولادهم، لأن الفقر واقع بالآباء فعلاً. فهون الأمر عليهم بأن يرزقهم ويدافع عنهم الفقر. فلا يتخذوا الفقر الحاضر ذريعة للفتك بأولادهم.]

2- أَحكامُ الْمَفْعولِ لَهُ


للمفعولِ من أجلهِ ثلاثةُ أحكام:


أ- يُنصَبُ، إذا استوفى شروطَ نصبهِ، على أنهُ مفعولٌ لأجله صريحٌ. وإن ذُكرَ للتعليل، ولم يَستوف الشروطَ، جُرَّ بحرف الجرِّ المُفيدِ للتَّعليل، كما تقدَّمَ، واعتُبِرَ أنهُ في محلّ نصبٍ على أنه مفعولٌ لأجلهِ غيرُ صريحٍ، وقد اجتمع المنصوبان، الصريحُ وغيرُ الصريح، في قوله تعالى: {يجعلون أصابعَهم في آذانهم من الصّواعق حَذَرَ الموت}، وفي قول الشاعر:


يُغضِي حَياءً، ويُغضَى من مَهابتِهِ

فَلا يُكَلَّمُ إِلاَّ حِينَ يَبْتسِمُ

(فقوله تعالى: {من الصواعق} في موضع نصب على أنه مفعول لأجله غير صريح. وقوله: {حذر} مفعول لأجله صريح. وقول الشاعر: (حياء) مفعول لأجله صريح. وقوله: (من مهابته) في محل نصب على أنه مفعول له غير صريح. ونائب فاعل (يغضى) ضمير مستتر يعود على مصدره المقدّر. والتقدير: (يغضى الإغضاءُ). ولا يجوز أن يكون (من مهابته) في موضع نائب الفاعل، لأن المفعول له لا يُقام مُقامَ الفاعل، لئلا تزول دلالته على العلة. وقد عرفت في مبحث نائب الفاعل (في الجزء الثاني) أن المجرور بحرف الجر لا ينوب عن الفاعل؛ أن جُرّ بحرف جر يفيد التعليل).


2- يجوزُ تقديمُ المفعولِ لأجلهِ على عامله، سواءٌ أَنُصبَ أم جُرَّ بحرف الجرَّ، نحو: (رغبةً في العلم أتيتُ) و (للتِّجارةِ سافرتُ).


3- لا يجبُ نصبُ المصدر المُستوفي شروطَ نصبهِ، بل يجوزُ نصبُهُ وجرُّهُ. وهو في ذلك على ثلاثِ صوَر:

أ ـ أن يَتجرَّدَ من (أَل) والإضافة، فالأكثر نصبُهُ، نحو: (وقفَ الناسُ احتراماً للعالِم). وقد يُجَرُّ على قلَّةٍ، كقوله:

مَنْ أَمَّكُمْ، لِرَغْبَةٍ فِيكْم، جُبِرْ

ومَنْ تَكونُوا ناصِريهِ يَنْتَصِرْ

ب- أن يقترنَ بأل، فالأكثرُ جرهُ بحرفِ الجر، نحو: (سافرتُ للرغبة في العلم). وقد يُنصَبُ على قلةِ كقولهِ:


لا أَقْعُدُ، الجُبْنَ، عنِ الْهَيْجاء

وَلَوْ: تَوَالتْ زُمَرُ الأَعداءِ

ج- أن يُضافَ، فالأمرانِ سواءٌ، نصبُهُ وجرُّه بحرف الجرّ، تقول: (تركتُ المنكَرَ خَشيةَ اللهِ، أو لخشيةِ الله، أو من خشيةِ اللهِ). ومن النصب قولهُ تعالى: {يُنفقونَ أموالَهُمُ ابتغاءَ مَرضاةِ اللهِ}، وقولُ الشاعر:


وَأَغْفِرُ عَوْراءَ الْكريمِ ادِّخارَهُ

وأُعْرِضُ عَنْ شَتْمِ اللَّئيمِ تَكرُّما

ومن الجرِّ قوله سبحانَهُ: {وإنَّ منها لمَا يَهبِط من خشيةِ اللهِ}.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 12-08-2011, 12:11 PM   #134
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

المفعولُ فيه


وهو المُسَمَّى ظَرْفاً


المفعولُ فيه (ويُسمّى ظرفاً): هو اسمٌ يَنتصبُ على تقدير (في)، يُذكرُ لبيانِ زمان الفعل أو مكانهِ.


(أما إذا لم يكن على تقدير (في) فلا يكون ظرفاً، بل يكون كسائر الأسماء، على حسب ما يطلبه العامل. فيكون مبتدأ وخبراً، نحو: (يومنا يومٌ سعيد)، وفاعلاً، نحو: (جاء يومُ الجمعة)، ومفعولاً به، نحو: (لا تضيع أيامَ شبابك). ويكون غير ذلك، وسيأتي بيانه.


والظرف، في الأصل، ما كان وعاء لشيء. وتسمى الأواني ظروفاً، لأنها أوعية لما يجعل فيها. وسميت الأزمنة والأمكنة (ظروفاً). لأنّ الأفعال تحصل فيها، فصارت كالأوعية لها).


وهو قسمانِ: ظرفُ زمانٍ، وظرفُ مكان.


فظرفُ الزمان: ما يَدْلُّ على وقتٍ وقعَ فيه الحدثُ نحو: (سافرتُ ليلاً).


وظرفُ المكان: ما يدلُّ على مكانٍ وقعَ فيه الحدثُ، نحو: (وقفتُ تحتَ عَلَمِ العلم).

والظرفُ، سواءٌ أكانَ زمانياً أم مكانياً، إما مُبهَمٌ أو محدودٌ (ويقال للمحدود: المُؤقَتُ والمختصُّ أيضاً)، وإما مُتصرّفٌ أو غيرُ مُتصرفٍ.

وفي هذا الباب ثمانيةُ مباحثَ:


1- الظَّرفُ المُبْهَمُ والظَّرفُ الْمَحْدُود


المُبهَمُ من ظروفِ الزمانِ: ما دلَّ على قَدْرٍ من الزمان غير مُعيَّنٍ، نحو: (أبدٍ وأمدٍ وحينٍ ووقتٍ وزمانٍ).


والمحدودُ منها (أو المُؤقَّتُ أو المختصُّ): ما دلَّ على وقتٍ مُقدَّرٍ مُعَيَّنٍ محدودٍ، نحو: (ساعةٍ ويومٍ وليلةٍ وأُسبوعٍ وشهرٍ وسنةٍ وعامٍ).


ومنه أسماءُ الشهور والفُصولِ وأيام الأسبوع وما أُضيفَ من الظروف المُبهَمةِ إلى ما يزيلُ إبهامَهُ وشُيوعَهُ: كزمانِ الرَّبيعِ ووقتِ الصيف.


والمُبهمُ من ظروف المكان: ما دلَّ على مكانٍ غيرِ مُعيَّنٍ (أي: ليس له صورةٌ تدرَكُ بالحسِّ الظاهر، ولا حُدودٌ لصورةٍ) كالجهاتِ الستَّ، وهيَ: ((أمامٌ (ومثلُها قُدَّامٌ) ووراءٌ (ومثلها خَلفٌ) ويَمينٌ، ويَسار (ومثلُها شمال) وفَوق وتحت))، وكأسماءِ المقادير المكانيّة: كمِيلٍ وفَرسخٍ وبَريدٍ وقَصبةٍ وكيلومترٍ، ونحوها، وكجانبٍ ومكانٍ وناحيةٍ، ونحوِها.


ومن المُبهَمِ ما يكونُ مُبهمَ المكانِ والمسافةِ معاً: كالجهاتِ الستْ، وجانبٍ وجهةٍ وناحيةٍ. ومنه ما يكونُ مُبهمَ المكانِ مُعينَ المسافةِ: كأسماءِ المقادير، فهي شبيهةٌ بالمُبهم من جهةِ أنها ليست أشياءَ مُعيَّنةً في الواقع، ومحدودةٌ من حيثُ أنها مُعيّنةُ المقدار.


(فمكان الجهات الست غير معين لعدم لزومها بقعة بخصوصها، لأنها أمور اعتبارية أي: باعتبار الكائن في المكان، فقد يكون خلفك أماماً لغيرك؛ وقد تتحول فينعكس الأمر. وهكذا مقدارها، أي مسافتها ليس له أمد معلوم. فخلفك مثلاً اسم لما وراء ظهرك الى ما لا نهاية. أما أسماءُ المقادير فهي، وان كانت معلومة المسافة والمقدار. لا تلزم بقعة بعينها، فإبهامها من جهة أنها لا تختص بمكان معين).

والمختص منها (أو المحدودُ): ما دلَّ على مكانٍ معيَّنٍ، أي: له صورة محدودةٌ، محصورةٌ: كدارٍ ومدرسةٍ ومكتبٍ ومسجدٍ وبلدٍ. ومنهُ أسماءُ البلادِ والقُرَى والجبال والأنهارِ والبحار.

2- الظَّرْفُ المُتَصرِّفُ والظَّرفُ غَيْرُ المُتَصَرِّفِ


الظّرفُ المتصرفُ: ما يُستعملُ ظرفاً وغيرَ ظرفٍ. فهو يُفارق الظرفيّة إلى حالةٍ لا تُشبهُها: كأن يُستعملَ مبتدأ أو خبراً أو فاعلاً أو مفعولاً به، أو نحوَ ذلك، نحو: (شهرٍ ويومٍ وسنةٍ وليل)، ونحوها. فمِثالُها ظرفاً: (سرتُ يوماً أو شهراً أو سنةً أو ليلاً). ومثالُها غيرَ ظرف: (السنةُ اثنا عَشرَ شهراً. والشهرُ ثلاثون يوماً والليلُ طويل. وسرَّني يومُ قدومِكَ. وانتظرتُ ساعةَ لقائك. ويومُ الجمعة يومٌ مُباركٌ).


والظرفُ غيرُ المُتصرفِ نوعانِ:


النّوعُ الأولُ: ما يُلازمُ النصبَ على الظرفيّةِ أبدا، فلا يُستعمَلُ إلا ظرفاً منصوباً، نحو: (قَط وعوْضُ وبَينا وبينما وإذا وأَيَّانَ وأنّى وذا صَباحٍ وذاتَ ليلةِ). ومنه ما رُكِّبَ من الظروف: كصباحَ مساءَ وليلَ ليلَ.


النوع الثاني: ما يَلزَمُ النصبَ على الظرفيّة أو الجرِّ بمن أو إلى أو حتى أو مُذ أو مُنذُ، نحو: (قَبل وبَعدَ وفوق وتحت ولدَى وَلدُنْ وعندَ ومتى وأينَ وهُنا وثَمَّ وحيث والآن).


((وتُجرّ (قبل وبعد) بمن، من حروف الجر. وتُجر (فوق وتحت) بمن والى. وتجر (لدى ولدن وعند) بمن. وتجر (متى) بالى وحتى. وتجر (أين وهنا وثم وحيث) بمن والى. وقد تجر (حيث) بفي أيضاً. وتجر (الآن) بمن والى ومذ ومنذ. وسيأتي شرح ذلك).


3- نَصْبُ الظَّرْفِ


يُنصَبُ الظّرفُ الزَّماني مُطلقاً، سواءٌ أكانَ مُبهَماً أم محدوداً، أي: (مُختصاً)، نحو: (سرتُ حيناً، وسافرتُ ليلةً)، على شرط أن يَتضمنَ معنى (في).

(فان لم يتضمن معناها، نحو: (جاءَ يومُ الخميس. ويومُ الجمعة يومٌ مبارك. واحترم ليلةَ القدر)، وجب أن تكون على حسب العوامل).

ولا يُنصَبُ من ظروف المكان إلا شيئانِ:

أ- ما كان منها مُبهَماً، أو شِبهَهُ، مُتَضمّناً معنى (في)، فالأول نحو: (وقفتُ أمامَ المِنبر)، والثاني نحو: (سرتُ فرسخاً).


(فإن لم يتضمن معناها نحو: (الميل ثلث الفرسخ، والكيلومترُ ألفُ متر). وجب أن يكون على حسب العوامل).


ب- ما كان منها مُشتقّاً، سواءٌ أكان مُبهماً أَم محدوداً، على شرطِ أن يُنصَب بفعلهِ المُشتقّ منهُ، نحو: (جلستُ مجلسَ أَهل الفضل. وذهبتُ مذهبَ ذَوِي العقلِ).


فإن كان من غيرِ ما اشتُقَّ منهُ عاملُهُ وجبَ جَرُّهُ نحو: (أَقمتُ في مجلسك. وسرتُ في مذهبكَ).


وأَمّا قولُهم: (هو مني مَقعَدَ القابلةِ. وفلانٌ مَزجَرَ الكلبِ. وهذا الأمرُ مُناطَ الثُّرَيّا)، فسماعِيٌّ لا يقاس عليه.


(والتقدير: (مستقرَّ مقعد القابلة ومزجرَ الكلب ومناطَ الثريا). فمقعد ومزجر ومناط: منصوبات بمستقر، وهن غير مشتقات منه، فكان نصبهنّ بعامل من غير مادّة اشتقاقهنَّ شاذّاً).


وما كان من ظروف المكان محدوداً، غيرَ مُشتقٍ، لم يجُز نصبُه، بل يجب جَرُّهُ بِفِي، نحو: (جلستُ في الدارِ. وأَقمتُ في البلد. وصلَّيتُ في المسجد). إلاَّ إذا وقعَ بعدَ (دخلَ ونَزَلَ وسكنَ) أَو ما يُشتقُّ منها، فيجوزُ نصبُهُ، نحو: (دخلتُ المدينةَ. ونزَلتُ البلَدَ. وسكنتُ الشامَ).


(وبعض النحاة ينصب مثل هذا على الظرفية والمحققون ينصبونه على التوسع، في الكلام بإسقاط الخافض، لا على الظرفية، فهو منتصب انتصاب المفعول به على السعة، بإجراء الفعل اللازم مُجرى المتعدي. وذلك لانّ ما يجوز نصبه من الظروف غيرُ المشتقة يُنصب بكل فعل، ومثل هذا

لا ينصب إلا بعوامل خاصة، فلا يقال: (نمت الدارَ، ولا صليتُ المسجدَ، ولا أقمتُ البلدَ) كما يقال: (نمت عندك. وصليت أمام المنبر. وأقمتُ يمينَ الصف)).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 19-08-2011, 12:28 PM   #135
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

تابع موضوع الظرف

4- ناصب الظَّرْف (أي العاملُ فيه)

ناصبُ الظَّرفِ (أي العاملُ فيه النصبَ): هوَ الحدَثُ الواقع فيه من فعلٍ أو شِبههِ. وهو إمّا ظاهرٌ، نحو: (جلستُ أمام المِنبَرِ. وصُمتُ يومَ الخميسِ. وأنا واقفٌ لديك. وخالدٌ مسافرٌ يومَ السبتِ). وإمّا مُقدَّرٌ جوازاً، نحو: (فرسخينِ)، جواباً لمن قال لكَ: (كم سرتَ؟)، ونحو: (ساعتينِ)، لمن قال لك: (كم مشيتَ؟). وإمّا مُقدَّرٌ وجوباً، نحو: (أنا عندَك). والتَّقديرُ: (أنا كائنٌ عندَك).

5- مُتَعَلَّق الظَّرف


كلُّ ما نُصبَ من الظروف يحتاجُ إلى ما يتعلّقُ بهِ، من فعلٍ أو شِبهه، كما يحتاجُ حرفْ الجر إلى ذلك. ومُتعلَّقُهُ إمّا مذكورٌ، نحو: (غبتُ شهراً. وجلستُ تحت الشجرة). وإمّا محذوف جوازاً أو وجوباً.


فيُحذَفُ جوازاً، إنْ كان كوناً خاصاً، ودلَّ عليه دليلٌ، نحو: (عندَ العلماءِ)، في جواب من قال: أينَ أجلسُ؟).


ويُحذَفُ وجوباً في ثلاثِ مسائلٌ:


1- أن يكون كوناً عامّاً يَصلُحُ لأن يُرادَ به كلُّ حَدَثٍ: كموجودٍ وكائن وحاصل. ويكونُ المتعلَّق المقدَّرُ إمّا خبراً، نحو: (العصفورُ فوقَ الغصنِ. والجنةُ تحت أقدامِ الأمهاتِ) وإمّا صفةً، نحو: (مررتُ برجل عندَ المدرسةِ). وإمّا حالاً، نحو: (رأيتُ الهلالَ بين السحابِ". وإمّا صِلةً للموصولِ، نحو: (حَضَرَ مَنْ عندَهُ الخبرُ اليقينُ). غيرَ أنَّ مُتعلّق الصلةِ يجبُ أن يُقدَّرَ فعلاً، كحصَل ويَحصلُ، وكان ويكون، ووُجِد ويُوجَدُ، لوجوبِ كونِها جملةً.


2- أن يكونَ الظرفُ منصوباً على الاشتغال، بأن يشتغلَ عنهُ العاملُ المتأخرُ بالعمل في ضميره، نحو: (يوم الخميس صُمتُ فيه. ووقت الفجر سافرتُ فيه).
(فيوم ووقت: منصوبان على الظرفية بفعل محذوف، لاشتغال الفعل المذكور عن العمل فيهما بالعمل في ضميرهما. والفعل المحذوف مقدَّر من لفظ الفعل المذكور غير أنه يجوز التصريح به؛ كما علمت في باب الاشتغال).

3- أن يكون المتعلَّقُ مسموعاً بالحذف، فلا يجوزُ ذكرُهُ، كقولهم: (حينئذٍ الآنَ)، أي: (كان ذلك حينئذٍ، فاسمعِ الآنَ).

(فحينئذ والآن: منصوب كل منهما بفعل محذوف وجوباً؛ لأنه سُمع هكذا محذوفاً. وهذا كلام يقال لمن ذكر أمراً قد تقادمَ زمانه لينصرف عنه الى ما يعنيه الآن).


6- نائبُ الظَّرْفِ


ينوبُ عن الظّرفِ - فيُنصَبُ على أنهُ مَفعولٌ فيهِ - أحد ستةِ أشياءَ:


1- المُضافُ إلى الظرفِ، ممّا دَلَّ على كُليّةٍ أو بعضيّة، نحو: (مشيتُ كلَّ النهارِ، أو كلَّ الفَرْسخِ، أو جميعَهُما أو عامّتهُما، أو بَعضَهما، أو نصفَهُما، أو رُبعَهُما).


2- صِفتُهُ، نحو: (وقفتُ طويلاً من الوقت وجلستُ شرقيَّ الدار).


3- اسم الإشارة، نحو: (مشيتُ هذا اليومَ مشياً مُتعِباً. وانتبذت تلكَ الناحية).
4- العدَدُ الممَيّزُ بالظرفِ، أو المضافُ إليه، نحو: (سافرتُ ثلاثين يوماً. وسرتُ أربعين فرسخاً. ولزمتُ الدارَ ستةَ أيام، وسرت ثلاثة فراسخَ).


5- المصدرُ المتضمنُ الظّرفِ، وذلك بأن يكون الظرف مضافاً إلى مصدر، فيُحذَفُ الظّرفُ المضاف، ويقوم المصدرُ (وهو المضاف إِليه) مَقامَهُ، نحو: (سافرتُ وقتَ طلوعِ الشمس).وأكثرُ ما يُفعلُ ذلك بظروف الزمان، بشرط أن تُعيَّن وقتاً أو مقداراً. فما يُعيّن وقتاً مثل: (قَدِمتُ قدومَ الرَّكبِ. وكان ذلك خُفُوقَ النّجمِ. وجئتكَ صلاةَ العصرِ)، وما يُعيّنُ مقداراً مثل: (انتظرتُكَ كتابةَ صفحتينِ، أو قراءَةَ ثلاثِ صفحاتٍ. ونمتُ ذهابَكَ إلى دارِكَ ورُجوعَكَ منها. ونَزَلَ المطرُ ركعتينِ من الصلاة. وأقمت في البلد راحةَ المسافرِ).


وقد يكون ذلك في ظروف المكان، نحو: (جلستُ قربَكَ. وذهبتُ نحوَ المسجدِ).


6- ألفاظٌ مسموعةٌ توسعُوا فيها، فنصبوها نصبَ ظروفِ الزمانِ، على تضمينها معنى (في)، نحو: (أحقّاً أنك ذاهبٌ؟). والأصل (أفي حَقّ؟). وقد نُطِقَ بفي في قوله:

أَفي الْحَقِّ أَني مُغْرَمٌ بِكِ هائِمٌ
وأَنَّكِ لا خَلٌّ هَواكِ وَلا خَمْرُ
[حقاً: منصوب على الظرفية. والظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم. والمصدر المؤول بأن: مبتدأ مؤخر. وهكذا ما سيأتي من الأمثلة.]

ونحو: (غيرَ شَك أني على حقٍّ. وجهَدَ رأيي أنكَ مُصيبٌ. وظَنّ مني أنكَ قادمٌ).


فائدة


اعلمُ أنَّ ضميرَ الظّرفِ لا يُنصَبُ على الظرفيّة، بل يجبُ جرهُ بفي نحو (يومَ الخميسِ صُمتُ فيه)، ولا يُقالُ: (صُمتُهُ)، إلا إذا لم تضمّنهُ معنى (في)، فلكَ أن تنصبه بإسقاط الجارِّ على أنهُ مفعولٌ به تَوَسُّعاً، نحو: (إذ جاءَ يومُ الخميسِ صُمتُهُ"، ومنه قول الشاعر: (ويومٍ شَهِدناهُ سُليماً وعامراً).


(فقد جعل الضمير في (شهدناه) مفعولاً به على التوسع بإسقاط حرف الجر. والأصل "ويوم شهدنا فيه عامراً وسليماً)).


7- الظَّرفُ المُعْرَب والظَّرفُ الْمَبْنِي


الظروفُ كلها مُعرَبةٌ مُتغيرةُ الآخر، إلا ألفاظاً محصورةً، منها ما هو للزمان، ومنها ما هو للمكان، ومنها ما يُستعمَلُ لهما.


فالظُروفُ المبنيّةُ المختصَّةُ بالزمانِ: إذا ومتى وأيانَ وإذْ وأمسِ والآن ومُذ ومُنذُ وقَطُّ وعَوْضُ وبَينا وبَينما ورَيْثُ ورَيْثما وكيفَ وكيفما ولمَّا.


ومنها ما رُكِّبَ من ظروف الزمان، نحو: (زُرنا صبَاحَ مساءَ، وَليل لَيلَ، ونهارَ نهارَ، ويومَ يومَ). والمعنى: كلَّ صباحٍ، وكلَّ مساءٍ، وكلَّ نهارٍ، وكلّ يومٍ.


والظروفُ المبنيّةُ المختصة بالمكانِ هي: (حيثُ وهُنا وثَمَّ وأينَ).


ومنها ما قُطعَ عن الإضافةِ لفظاً من أسماءِ الجهاتِ الستّ.


والظروف المبنيّةُ المشتركةُ بينَ الزمانِ والمكانِ هي: (أنّى وَلدَى ولَدُنْ). ومنها (قبلُ وبعدُ)، في بعض الأحوال.


وسيأتي شرحُ ذلكَ كلّه.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 26-08-2011, 11:35 AM   #136
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

8- شَرْح الظُّرُوفِ الْمَبْنِيَّةِ وبَيانٌ أَحكامِها

1- قَط: ظرفٌ للماضي على سبيل الاستغراق، يَستغرقُ ما مضى من الزَّمان، واشتقاقُهُ من (قَطَطتُهُ) - أي قطعته - فمعنى (ما فعلتُهُ قطُّ): ما فعلتُهُ فيما انقطعَ من عُمري. ويُؤتى به بعدَ النفي أو الاستفهام للدلالة على نفي جميع أجزاءِ الماضي، أو الاستفهامِ عنها. ومن الخطأ أن يقال: (لا أفعلُهُ قَطُّ)، لأنَّ الفعلَ هنا مُستقبَلٌ، و (قطّ) ظرفٌ للماضي.

2- عَوْضٌ: ظرفٌ للمستقبَلِ، على سبيل الاستغراق أيضاً، يستغرقُ جميعَ ما يُستقبلُ من الزمان.


والمشهورُ بناؤهُ على الضمِّ. ويجوزُ فيه البناءُ على الفتح والكسر أيضاً. فإن أُضيفَ فهو مُعرَبٌ، نحو: (لا أفعلهُ عَوضَ العائضين).


وهو منقولٌ عن العَوْضِ بمعنى الدَّهر. والعَوْضُ في الأصل: مصدرُ عاضهُ من الشيءِ يَعوضُهُ عَوْضاً وعِوَضاً وعِياضاً، إذا أعطاهُ عِوَضاً، أي خلفاً. سُميَ الدهرُ بذلك، لأنه كلما مضى منهُ جُزءٌ عُوَّضَ منه آخر، فلا ينقطعُ.


ويُؤتى بعَوْضُ بعد النّفي أو الاستفهام للدلالة على نفي جميع أجزاءِ المستقبَلِ، أو الاستفهام عن جميع أجزائهِ. فإذا قلت: (لا أفعلُهُ عَوْضُ)، كان المعنى: لا أفعلهُ في زمنِ من الأزمنةِ المُستقبلة. وقد يُستَعملُ للزمانِ الماضي.


3- بَيْنا وبَينما: ظرفان للزمانِ الماضي. وأصلهما: (بينَ)، أشبِعت فتحةُ النون، فكان منها (بيْنا). فالألفُ زائدةٌ، كزيادة (ما) في (بَيْنما).
وهما تلزَمانِ الجُملَ الاسمية كثيراً، والفعليّةَ قليلاً. ومن العلماءِ من يَضيفُهما إلى الجملة بعدَهما. ومنهم من يكفُّهُما عن الإضافة بسببِ ما لحقهما من الزيادة. وهو الأقربُ، لبُعدهِ من التكلُّف.


وأصلُ (بَينَ) للمكانِ: وقد تكونُ للزَّمان، نحو: (جئتُ بينَ الظهر والعصر). ومنه حديثُ: (ساعةُ الجُمعةِ بينَ خروجِ الإمامِ وانقضاءِ الصلاة). وإذا لحقتها الألف أو "ما" الزَّائدتانِ، اختصّتْ بالزمان، كما تقدَّم.

4- إذا: ظرفٌ للمستقبَل غالباً، مَتَضمنٌ معنى الشرطِ غالباً. ويختصّ بالدخول على الجملِ الفعليّة. ويكونُ الفعلُ معه ماضيَ اللَّفظِ مُستقبَلَ المعنى كثيراً؛ ومضارعاً دونَ ذلك. وقد اجتمعا في قول الشاعر:

والنَّفْسُ راغبةٌ إِذا رَغَّبْتَها

وَإِذَا تُرَدُّ إِلى قليلٍ تَقْنَعُ

وقد يكونُ للزمان الماضي، كقوله تعالى: {وإذا رأَوا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها}.


وقد يتجرَّدُ للظرفية المحض، غيرَ مُتَضمنٍ معنى الشرط، كقوله تعالى: {والليل إذا يَغشَى، والنهارِ إذا تَجلّى}، وقولهِ: {واللَّيلِ إذا سَجى.


5- أَيَّانَ: ظرفٌ للمستقبل. يكونُ اسمَ استفهام، فَيُطلَبُ به تعيينُ الزَّمانِ المستقبل خاصةً. وأكثرُ ما يكونُ في مواضع التَّفخيم، كقوله تعالى: {يَسألُ أَيانَ يومُ الدِّين؟}. ومعناهُ: أَيُّ حينٍ؟ وأصلُهُ: (أيُّ آنٍ) فَخُفِّفَ، وصارَ اللفظانِ واحداً.
وقد يتضمّنُ معنى الشّرط، فيجزمُ الفعلين، نحو: ( أيَّانَ تجتهدْ تَجدْ نجاح).


6- أنّى: ظرفٌ للمكان. يكونُ اسمَ شرطٍ بمعنى (أَينَ)، نحو: (أنّى تَجلسْ أجلسْ)، واسمَ استفهامٍ عن المكان، بمعنى (من أينَ؟)، كقوله تعالى: {يا مريمُ أنّى لكِ هذا؟} أي: (من أينَ)، ويكون بمعنى "كيفَ؟، كقوله سبحانهُ: {أنّى يُحيي هذهِ اللهُ بعدَ موتها؟} أي: (كيفَ يُحييها؟). ويكونُ ظرفَ زمانٍ بمعنى (متى؟)، للاستفهام، نحو: (أنّى جئتَ؟).


7- قَبلُ وبعدُ: ظرفانِ للزمانِ، يُنصبَانِ على الظّرفيّة أو يُجرَّانِ بمن، نحو: (جئتُ قبلَ الظهر، أو بعدَهُ، أو من قبلهِ، أو بعدهِ).


وقد يكونانِ للمكان نحو: (داري قبلَ دارِك، أو بعدَها).

وهما مُعْرَبان بالنّصبِ أو مجروران بمن. ويُبنيانِ في بعض الأحوال وذلك إذا قطعا عن الإضافة لفظاً لا معنًى - بحيثُ يَبقى المضافُ إليه في النية والتّقدير - كقوله تعالى: {للهِ الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ}، أي: من قَبلِ الغلَبةِ ومن بعدها. فإن قُطِعا عن الإضافة لفظاً ومعنًى لقصدِ التّنكير - بحيثُ لا يُنوَى المضافُ إليه ولا يُلاحَظُ في الذهن - كانا مُعرَبين، نحو: (فعلتُ ذلكَ قبلاً، أو بعداً)، تَعني زماناً سابقاً أو لاحقاً، ومنه قول الشاعر:

فَساغَ لِيَ الشَّرابُ، وكُنْتُ قَبْلاً

أكادُ أَغَصُّ بالماءِ الْفُرَاتِ

(واليك توضيح هذا البحث:


إذا أردت قبليّةً أو بعديةً معينتين، عينتَ ذلك بالإضافة، نحو: (جئت قبل الشمس أو بعدها)، أو بحذف المضاف إليه وبناء (قبل وبعد) على الضم، نحو: (جئتك قبلُ أو بعدُ، أو من قبلُ أو من بعدُ)، تعني بذلك: قبل شيء معين أو بعده. فالظرف هنا، وان قُطع عن الإضافة لفظاً، لم يُقطع عنها معنى، لأنه في نية الإضافة.


وان أردت قبليَّة أو بعديه غير معينتين، قلت: (جئتك قبلاً، أو بعداً، أو من قبلٍ أو من بعدِ). بقطعهما عن الإضافة لفظاً ومعنى وتنوينهما، قصداً الى معنى التنكير والإبهام).



8- لَدَى ولَدُنْ: ظرفانِ للمكان والزمان، بمعنى: (عن)، مَبنيّانِ على السكون.
والغالبُ في (لَدُنْ) أن تُجرَّ بمن، نحو: {وعلَّمناهُ من لَدُنّا علماً}. وقد تُنصَبُ مَحلاًّ على الظرفيّة الزمانية، نحو: (سافرتُ لَدُنْ طُلوعِ الشمسِ)، أو المكانيّة، نحو: (جلستُ لَدُنْك).


وإذا أُضيفت إلى ياء المتكلم لَزمتها نونُ الوقاية، نحو: (لَدُنِّي).


وهي تَضافُ إلى المفرد، كما رأيتَ، وإلى الجملة، نحو: "انتظرتُك من لَدُنْ طلعت الشمسُ إلى أن غَربتْ".

وإن وقعت بعدَها (غُدْوَةٌ) نحو: جئتُك لَدُن غُدْوَة) جاز جرها بالإضافة إلى (لَدُنْ). وجاز نصبُها على التَّمييز، أو على أنها خبرٌ لكان المُقدَّرة معَ اسمها. والتقديرُ: (لَدُنْ كان الوقتُ غُدوةً) وجاز رفعُها على أنها فاعلٌ لفعل محذوف. والتقديرُ: (لَدُنْ كانت غدوةٌ) أي: (وُجِدتْ). فكان هنا تامّة.

والغالبُ على (لَدَى) النّصبُ محلاً على الظرفيّة الزمانيّة، نحو: (جئتُ لَدَى طُلوعِ الشمس)، أو المكانيّة، نحو: (جلست لَديكَ). وقد تُجرُّ بمن، نحو: (حَضَرتُ من لَدَى الأستاذ).


ولا تقعُ (لَدُنْ) عمدةً في الكلام، فلا يُقالُ: (لدُنهُ عِلم)، بخلافِ (لَدَى) فتقعُ، نحو: (ولَدَينا مَزيدٌ). وكذلك (عند) تقعُ عُمدة، نحو: (عندَك حُسنُ تدبيرٍ).
ولا تكون (لَدى وَلدُنْ) إلا للحاضر. فلا يُقال: (لديَّ كتابٌ نافعُ)، إلا إذا كان حاضراً. أمّا (عند) فتكون للحاضر والغائب.


ولا تُجرُّ (لَدَى ولَدُنْ وعند) بحرف جرّ غيرِ (من)، فمن الخطأ أن يُقال: (ذهبتُ إلى عندهِ). وكثيرٌ من الناس يُخطئُون في ذلك. والصوابُ أن يقال: (ذهبتُ إليه، أو إلى حضرتهِ).


وإذا اتصلَ الضميرُ بِلَدَى انقلبت ألفها ياءً، نحو: (لَدَيه ولديهم ولدينا).

يتبع في هذا المجال
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-09-2011, 10:05 AM   #137
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

تابع لما قبله

9- مَتى: ظرفٌ للزمان، مبني على السكون.

وهو يكون اسمَ استفهامٍ، منصوباً محلاً على الظرفيّة، نحو: (متى جئتَ؟)، ومجروراً بإلى أو حتى، نحو: (إلى متى يرتَعُ الغاوي في غيَّه؟ وحَتّى متى يبقى الضّال في ضلالهِ؟).

ويكونُ اسمَ شرطٍ، نحو: (متى تُتقنْ عملَكَ تبلغْ أملَكَ).
ومتى تضمّنت (متى) معنى الشرط لَزِمتِ النصبَ على الظرفية، فلا تُستعملُ مجرورةٌ.

10- أينَ: ظرفٌ للمكانِ، مبنيٌّ على الفتح.

وهو يكونُ اسمَ استفهامٍ، منصوباً على الظرفيّة، فَيُسأل به عن المكان الذي حلَّ فيه الشيءُ، نحو: (أينَ خالدٌ؟ وأينَ كنتَ؟). ومجروراً بمن، فيُسألُ به عن مكانِ بُروزِ الشيءِ، نحو: (من أَينَ جِئتَ؟)، ومجروراً بإلى، فيُسألُ به عن مكان انتهاءٍ الشيءِ. نحو: (إلى أينَ تذهبُ؟).

ويكونُ اسمَ شرطٍ. وحينئذٍ يَلزَمُ النصبَ على الظرفيّة، نحو: (أينَ تَجلسْ أجلسْ) وكثيراً ما تلحقُهُ (ما) الزائدةُ للتّوكيد، نحو: {أينما تكونوا يُدرِكُكُمُ الموتُ}.

11- هنا وثَمَّ:
اسما إشارةٍ للمكان. فهُنا: يُشار به إلى المكان القريب وثَمَّ: يُشار به إلى البعيد. والأول مبني على السكون. والآخرُ مبنيّ على الفتح. وقد تلحقُهُ التاءُ لتأنيث الكلمة، نحو: (ثَمَّةَ). ومَوضعُها النصبُ على الظرفية. وقد يُجرَّان بمن وبإلى.

12- حيثُ:
ظرفٌ للمكان، مبنيٌّ على الضمِّ، نحو: (إجلِسْ حيثُ يجلسُ أهلُ الفضلِ)، ومنهم من يقول، (حَوْثُ).

وهي ملازمةٌ الإضافةَ إلى الجملة. والأكثرُ إضافتُها إلى الجملة الفعليّة، كما مُثِّلَ. ومن إضافتها إلى الاسميةِ أن تقولَ: (إجلِسْ حيثُ خالدٌ جالسٌ). ولا تُضاف إلى المفردِ. فإن جاءَ بعدَها مفردٌ رُفعَ على أنهُ مبتدأ خبرُهُ محذوف، نحو: (إجلسْ حيثُ خالدٌ)، أي: (حيث خالدٌ جالس).

وقد تُجرُّ بمن أو إلى، نحو: (إرجِعُ من حيثُ أتيتَ إلى حيثُ كنتَ). وأقلُّ من ذلك جرُّها بالباءِ أو بفي.

وإذا لحقتها (ما) الزائدة كانت اسمَ شرطٍ، نحو: (حيثُما تذهبْ أذهبْ).

13- الآن:
ظرفُ زمانٍ للوقت الذي أنت فيهِ، مبني على الفتح. ويجوز أن يدخلهُ من حروفِ الجرَّ (من وإلى وحتى ومُذْ ومُنذُ)، مبنياً مَعَهنَّ على الفتح. ويكون في موضعِ الجرِّ.
14- أمسِ:
له حالتان: إحداهما أن تكون معرفةً، فتُبنى على الكسر، وقد تُبنى على الفتح نادراً. ويُرادُ بها اليومُ الذي قبلَ يومكَ الذي أنت فيه، نحو: (جئتُ أمسِ). وتكونُ في موضع نصب على الظرفيّة الزمانية.

وقد تخرجُ عن النصب على الظرفية، فتجرُّ بمن أو مُذْ أو منذُ. وتكونُ فاعلاً أو مفعولاً به أو غيرَهما. ولا تخرجُ في ذلك كلهِ عن بنائها على الكسر قال الشاعر:

أَلَيْومَ أَعلمُ ما يَجِيءُ بهِ
وَمَضى بِفَصلِ قَضائهِ أَمْسِ

ومن العرب من يُعربها إعرابَ ما لا ينصرفُ وعليه قولهُ:

إني رَأَيتُ عَجَباً مُذْ أَمْسَا
عَجائِزاً مِثْلَ السَّعالِي خَمْساً

وقول الآخر:

اعتَصِمْ بالرَّجاءِ إِنْ عَنَّ يَأسُ
وَتَناسَ الَّذي تَضَمَّنَ أَمْسُ

ومنعُها من الصّرف هو للتعريف والعَدْل، لأنها معدولةٌ عن الأمس. كما أنَّ (سحَرَ) معدولٌ عن السَّحَر. كما سبقَ في إعراب ما لا ينصرف.

والحالةُ الثانيةُ أن تدخلَ عليها (أل)، فتُعرَبُ بالإجماع، ولا يُرادُ بها حينئذٍ أمس بعينهِ، وإنما يُرادُ بها يومٌ من الأيام التي قبل يومك. وهي تتصرّفُ من حيثُ موقعُها في الإعراب تَصرُّفَ (أمس).

15- دُون:
ظرفٌ للمكان. وهو نقيضُ (فوْق)، نحو (هو دونَه)، أي: أحُّط منه رتبةً، أو منزلةً، أو مكاناً. وتقولُ: (قعدَ خالدٌ دونَ سعيدٍ) أي: في مكانٍ مُنخفض عن مكانه. وتقولُ: (هذا دُونَ ذاك)، أي: هو مُتسفّلٌ عنه.

ويأتي بمعنى (أمام) نحو: (الشيء دونَك)، أي: (أمامَكَ) وبمعنى (وراءه)، نحو: (قعدَ دُونَ الصَّفِّ)، أي: وراءَه. وهو منصوبٌ على الظرفيةِ المكانيّة، كما رأيتَ.
وقد يأتي بمعنى (رديءِ وَخسيسٍ) فلا يكون ظرفاً، نحو: (هذا شيءٌ دُونٌ) أي: خسيسٌ حقيرٌ. وهو حينئذٍ يتصرَّفُ بوجوهِ الإعرابِ. وتقولُ: (هذا رجلٌ من دُونٍ. وهذا شيءٌ من دونِ). هذا أكثرُ كلامِ العرب، ويجوز حذفُ (من)، كما تقدَّمَ وتُجعَلُ (دون) هي النّعت.
وهو مُعرَبٌ. لكنَّه يُبنى في بعض الأحوال، وذلكَ إذا قطع عن الإضافةِ لفظاً ومعنى، نحو: "جلستُ دونُ"، بالبناءِ على الضم. ويكونُ في موضع نصب.

16- رَيْثَ :
ظرفٌ للزمان منقول عن المصدر. وهو مصدر (راثَ يَريثُ رَيْثاً)، إذا أبطأ، ثُمَّ ضُمنَ معنى الزمان. ويُرادُ به المقدارُ منه، نحو: (انتظرتُه رَيثَ صَلَّى. وانتظرني رَيثَ أجيءُ)، أي: قدْرَ مُدَّةِ صلاتهِ، وقدرَ مدة مجيئي.
ولا يَليهِ إلا الفعلُ، مُصدَّراً بما أو أنْ المصدريتين، أو مُجرَّداً عنهما فالأول نحو: (انتظرني رَيثما أحضُرُ. وانتظرتُهُ رَيثَ أن صَلّى)، فيكون حينئذ مضافاً إلى المصدر المُؤوّل بِهما والثاني تقدّم مثاله.

وإذا لم يُصَدّر الفعلُ بهما، أُضيفَ ( رَيْث) إلى الجملة.

1
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 02-09-2011, 10:05 AM   #138
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

17- معَ:

ظرفٌ لمكانِ الاجتماع ولزمانهِ، فالأول نحو: (أنا معكَ)، والثاني نحو: (جئتُ معَ العصر). وهو مُعرَب منصوب وقد يُبنى على السكون. (وذلك في لغة غُنْمٍ ورَبيعة)، فيكون في محلِّ نصبٍ. وإذا وَلِيَهُ ساكنُ حُرِّكَ بالكسر، على هذه اللغة، تَخلصاً من التقاءِ الساكنينِ، نحو: (جئتُ معِ القومِ).
وأكثرُ ما يُستعملُ مضافاً، كما رأيتَ. وقد يُفرَدُ عن الإضافة، فالأكثر حينئذٍ أن يقعَ حالاً، نحو: "جئنا معاً" أي: جميعاً، أو مجتمعينِ. وقد يقعُ في موضع الخبر، نحو: "سعيدٌ وخالدٌ معاً"، فيكونُ ظرفاً متعلقاً بالخبر.

والفرقُ بين "مع"، إذا أُفردت، وبينَ "جميعاً" أنكَ إذا قلتَ: "جاءُوا معاً"، كان الوقتُ واحداً. وإذا قلتَ: "جاءوا جميعاً"، احتمل أن يكونَ الوقتُ واحداً، واحتملَ أنهم جاءُوا مُتفرِّقينَ في أوقات مختلفة.

18- كيفَ:

اسمُ استفهام. وهي ظرفٌ للزمان عندَ سيبويهِ، في موضع نصبٍ دائماً، وهي مُتعلقةٌ إما بخبرٍ، نحو: (كيفَ أنت؟ وكيفَ أصبحَ القومُ؟)، وإمّا بحالٍ، نحو: (كيفَ جاءَ خالدٌ؟). والتقديرُ عندهُ: (في أي حالٍ، أي على أي حالٍ؟).
والمُعتمَدُ أنها للاستفهامِ المجرّدِ عن معنى الظرفيّة، فتكون هي الخبرَ أو الحال، لا المتعلّقَ المقدّر.

وتكون أيضاً ثانيَ مفعولَيْ "ظنّ" وأخواتها، لأنه في الأصل خبرٌ، نحو: "كيفَ ظننتَ الأمرَ؟".

وقد تكون اسمَ شرطٍ فيجزمُ فعلين، عندَ الكوفيين، نحو: (كيفَ تجلسْ أجلسْ، وكيفما تكنْ أكنْ). وهي، عند البصريين، اسمُ شرطٍ غيرُ جازم.

19- إذْ:

ظرفٌ للزمانِ الماضي، نحو: (جئتُ إذْ طلعت الشمسُ). وقد تكونُ ظرفاً للمستقبَل، كقوله تعالى: {فسوف يعلمونَ إذِ الأغلال في أعناقهم}.
وهي مبنيةٌ على السكون في محل نصبٍ على الظرفية. وقد تقعُ موقعَ المضاف إليه، فتُضافُ إلى اسمِ زمانٍ، كقولهِ تعالى: {رَبَّنا لا تزغْ قُلوبَنا بعدَ إذْ هَدَيتنا}.
وقد تقعُ موقعَ المفعولِ به (أو البدل منه). فالأولُ كقوله سبحانه: {واذكرُوا إذ كنتم قليلاً}. والثاني كقولهِ: {واذكرْ في الكتاب مريمَ، إذ انتبذتْ من أهلها مكاناً شرقيّاً}.

وهي تلزمُ الإضافةَ إلى الجُمل، كما رأيتَ. فالجملةُ بعدها مضافة إليها. وقد يُحذف جزء الجملة التي تضافُ إليها، كقول الشاعر:
هَلْ تَرجِعَنَّ لَيالٍ قَدْ مَضَيْنَ لَنا
وَالْعَيْشُ مُنَقَلِبٌ إذْ ذَاكَ أَفْناناً

وقد تُحذَفُ الجملةُ كلُّها، ويُعوَض عنها بتنوينِ (إذ) تنوين العِوَض، كقوله تعالى: {فلَولا إذْ بلغتِ الرُّوحُ الحُلْقُومَ، وأنتم حينئذٍ تَنظُرونَ} أي: وأنتم حينَ إذْ بلغت الروحُ الحُلقوم تَنظرون.

20- لمَّا:

ظرفٌ للزمانِ الماضي، بمعنى (حينٍ) أو (إذْ). وهي تقتضي جملتينِ فعلاهما ماضيانِ. ومحلها النصبُ على الظرفية لجوابها. وهي مضافة إلى جملةِ فعلِها الأول والمُحقّقون من العلماءِ يَرَوْنَ أنها حرفٌ لربطِ جُملتيها. وسمّوها حرفَ وُجودٍ لوجودِ. أي: هو للدَّلالة على وجودِ شيءٍ لوجودِ غيرِهِ. وسترى توضيحَ ذلك في كتاب الحروف. إن شاءَ الله.

21- مُذ ومُنذُ:
ظرفانِ للزّمان. و (مُذْ) مُخفَّفةٌ من (منذُ). و (منذُ) أصلُها (من) الجارَّةُ و (إذ) الظرفيّةُ، لذلك كُسرت مِيمُها في بعض اللُّغاتِ باعتبار الأصلِ.

وإن وَلِيهما جملةٌ فعليّةٌ، أو اسميّةٌ، كانا مُضافينِ إليها، وكانت الجملةٌ بعدَهما في موضع جَرّ بالإضافةِ إليهما، نحو: (ما تركتُ خدمةَ الأمةِ مُنذُ نَشأتُ. وما زلتُ طَلاباً للمجد مُذْ أنا يافِعٌ).

وإن وَلِيَهما مُفردٌ جاز رفعُهُ على أنهُ فاعلٌ لفعلٍ محذوف، نحو: (ما رأيتكَ منذ يومُ الخميسِ، أو مُذْ يومانِ). والتقديرُ: منذ كان أو مضى يوم الخميسِ، أو يومانِ. فالجملةُ المركبةُ من الفعل المحذوف والفاعل المذكور في محل جر بالإضافة إلى مذ أو منذُ. و لكَ أن تَجُرّهُ على أنهما حرفا جرٍّ، شبيهانِ بالزائدِ، نحو: (ما رأَيتك مذْ يومٍ أو منذُ يومينِ).

22- عَلُ:
ظرفٌ للمكان بمعنى (فَوقُ). ولا يستعملُ إلا بمن ولا يضافُ لفظاً على الصّحيح، فلا يُقالُ: (أخذتُهُ من عَلِ الخزانة)، كما يقال: (أخذتهُ من عُلوها ومن فوقها). وأجاز قومٌ إضافتهُ.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 09-09-2011, 09:22 PM   #139
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

المفعول معه

المفعولُ مَعَهُ: اسمٌ فضلةٌ وقعَ بعد واوٍ، بمعنى (مع) مسبوقةً بجملةٍ، ليدُلَّ على شيءٍ حصلَ الفعلُ بمُصاحبتِه (أي: معهُ)، بلا قصدٍ إلى إشراكِهِ في حكم ما قبلهُ، نحو: (مَشيتُ والنّهرَ).

وفي هذا المبحث ثلاثة مباحثَ:

1- شُرُوطُ النصْبِ عَلى المعِيَّة

يشترط: في نصبِ ما بعد الواو، على أنه مفعولٌ معهُ، ثلاثةُ شُرُوط:

أ- أَن يكون فضلةً (أَيْ: بحيثُ يصحُّ انعقادُ الجملةِ بدونه).

(فان كان الاسم التالي للواو عمدة، نحو: (اشترك سعيدٌ وخليلٌ)، لم يجز نصبه على المعية، بل يجب عطفه على ما قبله، فتكون الواو عاطفة. وإنما كان (خليل) هنا عمدة، لوجوب عطفه على (سعيد) الذي هو عمدة. والمعطوف له حكم المعطوف عليه. وإنما وجب عطفه لأنّ فعل الاشتراك لا يقع إلا من متعدد. فبالعطف يكون الاشتراك مسنداً إليهما معاً. فلو نصبته لكان فضلة، ولم يكن له حظّ في الاشتراك حاصلاً من واحد، وهذا ممتنع).

ب- أن يكونَ ما قبلَهُ جملةً.
(فان سبقه مفرد، نحو: (كلّ امرئ وشأنهُ)، كان معطوفاً على ما قبله. وكل: مبتدأ. وامرئ: مضاف إليه. وشأنه: معطوف على كل. والخبر محذوف وجوباً. كما تقدم نظيره في باب (المبتدأ والخبر). والتقدير: كل امرئ وشأنهُ مُقترنانِ. ولك أن تنصب (كل)، على أنه مفعول به لفعل محذوف تقديره: (دع أو اترك)، فتعطف (شأنه) حينئذ عليه منصوباً).

ج- أن تكونَ الواوُ، التي تسبقُهُ، بمعنى (مَعَ).

(فان تعين أن تكون الواو للعطف، لعدم صحة المعية، نحو: (جاء خالدٌ وسعيدٌ قبله، أو بعده)، فلم يكن ما بعدها مفعولا معه، لأن الواو هنا ليست بمعنى (مع)، إذ لو قلت: (جاء خالد مع سعيد قبله، أو بعده) كان الكلام ظاهر الفساد.

وإن تعين أن تكون واوً الحال فكذلك، نحو: (جاء علي والشمسُ طالعة)).
ومثالُ ما اجتمعت فيه الشُّروطُ: (سارَ علي والجبلَ. وما لكَ وسعيداً*؟ وما أنت وسليماً.*
[ما: اسم استفهام في محل رفع مبتدأ. ولك: متعلق بالخبر المحذوف. والتقدير: ما حاصل لك، و(سعيداً): مفعول معه.]
[ما: استفهامية في محل رفع خبر مقدم، وأنت: مبتدأ مؤخر. (سليماً: مفعول معه)]

2- أَحكامُ ما بعدَ الواوِ

للاسمِ الواقعِ بعد الواو أربعةُ أحكام: وجوبُ النّصبِ على المعيّةِ، ووجوبُ العطفِ، ورُجحانُ النصبِ، ورجحانُ العطف.

فيجب النصبُ على المعيّةِ (بمعنى أنه لا يجوزُ العطف) إذا لزمَ من العطف فسادٌ في المعنى، نحو: (سافرَ خليلٌ والليلَ. ورجعَ سعيدٌ والشمسَ) ومنه قولهُ تعالى: {فأجمِعُوا أمرَكم وشُرَكاءَكم}، وقولهُ: {والذين تَبَوَّؤُا الدارَ والإيمانَ}.

(وإنما امتنع العطف، لأنه يلزم منه عطف الليل على خليل، وعطف الشمس على سعيد، فيكونان مسنداً إليهما، لأن العطف على نية تكرير العامل، والمعطوف في حكم المعطوف عليه لفظاً ومعنى، كما لا يخفى، فيكون المعنى: (سافر خليل وسافر الليل، ورجع سعيد ورجعت الشمس) وهذا ظاهر الفساد.
ولو عطفتَ (شركاءكم)، في الآية الأولى، على (أمركم) لم يجز، لأنه يقال: (أجمع أمرَهُ وعلى أمره)، كما يقال: (عزمه وعزم عليه)، كلاهما بمعنى واحد. ولا يقال: (أجمع الشركاء أو عزم عليهم). بل يقال: (جمعهم). فلو عطفت كان المعنى: (اعزموا على أمركم واعزموا على شركائكم)... وذلك واضح البطلان.

ولو عطفتَ الإيمانَ على الدار، في الآية الأخرى، لفسد المعنى، لأنّ الدار. أن تُتَبَوَّأ - أي تُسكن - فالإيمان لا يُتَبوأ. فما بعد الواو، في الآيتين، منصوب على أنه مفعول معه. فالواو واو المعية.

ويجوز أن تكون الواو في الآيتين، عاطفة وما بعدها مفعول به لفعل محذوف تقديره في الآية الأولى: (ادعوا واجمعوا)- فعل أمر من الجمع - وفي الثانية: (أخلصوا) - فعل ماض من الإخلاص - فيكون الكلام من عطف جملة على جملة، لا من عطف مفرد على مفرد.

ويجوز أن يكون شركاءَكم معطوفاً على (أمركم) على تضمين (أجمعوا) معنى (هيئوا). وأن يكون الإيمان معطوفاً على تضمين (تبوؤا) معنى (لزموا). والتضمين في العربية باب واسع).

ويجبُ العطفُ (بمعنى أنه يمتنع النصبُ على المعيّة) إذا لم يَستكمل شروطَ نصبهِ الثلاثةَ المتقدمةَ.

ويرَجّحُ النصبُ على المعيّة، مَعَ جواز العطفِ، على ضَعفٍ، في موضعين:

أ- أن يلزمَ من العطف ضعفٌ في التركيب، كأن يلزمَ منه العطفُ على الضمير المُتّصلِ المرفوعِ البارز، أو المستتر، من غير فصلٍ بالضمير المنفصل، أو بفاصلٍ، أيِّ فاصلٍ، نحو: (جئتُ وخالداً. واذهبْ وسليماً). ويَضعُفُ أن يُقالَ: "جئتُ وخالدٌ. واذهبْ وسليم).

(أي بعطف (خالد) على التاء في (جئت)، وعطف (سليم) على الضمير المستتر في (اذهب). والضعف إنما هو من جهة الصناعة النحوية الثابتة أصولها باستقراء كلام العرب. وذلك أن العرب لا تعطف على الضمير المرفوع المتصل البارز أو المستتر، إلا أن يفصل بينهما بفاصل ضميراً منفصلاً يؤكد به الضميرُ المتصل أو المستتر، نحو: (جئت أنا وخالد. واذهب أنت وسعيد)).

أما العطفُ على الضمير المنصوب المتّصل، فجائزٌ بلا خلافٍ، نحو: (أَكرمتكَ وزُهيراً).

وأما العطفُ على الضمير المجرور، من غير إعادة الجارّ، فقد منعه جمهور النُّحاةِ، فلا يقالُ على رأيهم: (أحسنتُ إليك وأبيك)، بل: (أحسنتُ إليك وأباكَ)، بالنصب على المعيّة. فإن أعدتَ الجار جازَ، نحو: (أحسنتُ إليك وإلى أبيك). والحقُّ أنه جائز. وعلى ذلك الكسائيُّ وابنُ مالكٍ وغيرُهما. وجعلوا منه قولهُ تعالى: {وكُفرٌ بهِ والمسجدِ الحرام} وقد قرئَ في السبعِ: {واتقوا اللهَ الذي تساءَلونَ بهِ والأرحامِ}، بجرّ (الأرحامِ) عطفاً على الهاء في (به)، قرأ ذلك حمزةُ، أحدُ القُرَّاءِ السبعة. لكنَّ الأكثرَ والأفصحَ إعادةُ الجارَ، إذا أُريد العطفُ. كما تقدّم.

ب- أن تكونَ المعيّةُ مقصودةً من المتكلم، فتَفوتُ بالعطف، نحو: (لا يَغُرَّكَ الغِنى والبَطَرَ. ولا يعجِبْكَ الأكل والشبَعَ. ولا تهوَ رغَدَ العيشِ والذُّلَّ)، فإن المعنى المراد، كما ترى، ليسَ النهيَ عن الأمرينِ. وإنما هو الأول مجتمعاً مع الآخر. ومنه قول الشاعر:

فَكونوا أَنتُمُ وبَنِي أَبيكمْ
مَكانَ الكِلْيَتَيْنِ مِنَ الطِّحالِ

(فليس مراده: كونوا أنتم وليكن بنو أبيكم، وإنما يريد: كونوا أنتم مع بني أبيكم. فالنصب على المعية فيما تقدم راجح قوي، لتعيينه المعنى المراد، وفي العطف ضعف من جهة المعنى).

والمُحقّقُون يوجبون، في مثل ذلك النصبَ على المعيّة، ولا يُجوّزون العطف. وهو الحقُّ، لأنَّ العطفَ يفيدُ التشريكَ في الحكم. والتشريكُ هنا غير مقصود.


ويرَجْحُ العطفُ متى أمكنَ بغيرِ ضعفٍ من جهة التركيب، ولا من جهة المعنى، نحو: (سار الأميرُ والجيشُ. وسرتُ أنا وخالدٌ. وما أنتَ وسعيدٌ؟)، قال تعالى: {يا آدمُ اسكن أنتَ وزوجُكَ الجنة}.

ومتى ترجحَ العطفُ ضَعُفَ النصبُ على المعيّة، ومتى ترجحَ النصبُ على المعيّة ضعُفَ العطفُ.

خلاصة وتحقيق

(وخلاصة البحث: أن ما بعد الواو، تارة لا يصح تشريكه في حكم ما قبله، نحو: (سار علي والجبل) فيجب نصبه على المعية. وتارة يصح تشريكه فيمنع من العطف مانع، نحو: (جئت وسعيداً)، فيترجح نصبه على المعية. وتارة يجب تشريكه، نحو: (تصالح سعيد وخالد) فيجب العطف. وتارة يجوز تشريكه بلا مانع، نحو: (سافرت أنا وخليل)، فيختار فيه العطف على نصبه على المعية، وتارة لا يكون التشريك مقصوداً، وإنما يكون المقصود هو المعية، فيكون الكلام على نية الإعراض عن تشريك ما بعد الواو في حكم ما قبلها الى مجرّد معنى المصاحبة. فيرجح النصب على المعية على العطف، نحو: (لا تسافر أنت وخالدً)، إذا أردت نهيه عن السفر مع خالد، لا نهيه ونهيَ خالدٍ عن السفر. وقد ذكرنا آنفاً بضعة أمثلة على ذلك. فان قصدت إلى نهيهما كليهما عن السفر، ترجح العطف. نحو: (لا تسافر أنت وخالد).

والنفس تواقة إلى إيجاب النصب على المعية فيما لم يُقصد به إلى التشريك في الحكم، والى إيجاب العطف فيما يُقصد به الى التشريك فيه، مراعاةً لجانب المعنى الذي يريده المتكلم. ونرى أن إجازتهم العطف في الصورة الأولى، والنصب على المعية في الصورة الثانية (على ضعف فيهما) إنما هي من حيث الصناعة اللفظية، بمعنى أنه لا يمنع من ذلك مانع من حيث القواعد النحوية. وأنت خبير بما في ذلك من التهويش على السامع والتلبيس عليه. فاحفظ هذا التحقيق واعمل به).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 09-09-2011, 09:22 PM   #140
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

3ـ العاملُ في الْمَفْعولِ مَعَهُ

يَنصبُ المفعولَ معهُ ما تقدَّمَ عليه من فعلٍ أو اسمٍ يُشبهُ الفعلَ. فالفعلُ نحو: (سرتُ والليلَ)، والاسمُ الذي يُشبهُهُ، نحو: (أنا ذاهبٌ وخالداً). "وحسبُكَ وسعيداً ما فعلتُما).

وقد يكونُ العاملُ مقدّراً، وذلكَ بعدَ (ما وكيفَ) الاستفهاميّتينِ، نحو: (ما أنتَ وخالداً. وما لك وسعيداً. وكيفَ أنتَ والسفرَ غداً. والتقدير: (ما تكون وخالداً؟ وما حاصل لكَ وسعيداً؟ وكيف تكونُ والسفرَ غداً).
واعلم أنه لا يجوزُ أن يتقدّمَ المفعولُ معهُ على عاملهِ، ولا على مُصاحبهِ، فلا يقال: (والجبلَ سارَ عليٌّ) ولا (سارَ والجبلَ عليٌّ).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .