العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الميسر والقمار فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال لغز زانا الأم الوحشية لأبخازيا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: Can queen of England? (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: المعية الإلهية فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد رسالة في جواب شريف بن الطاهر عن عصمة المعصوم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات فى مقال أسرار وخفايا رموز العالم القديم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال آثار غامضة ... هل هي أكاذيب أم بقايا حضارات منسية؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خرافة وهم سبق الرؤية .. ديجا فو (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال هستيريا (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 25-05-2011, 12:39 AM   #1
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

حول مفهوم القصيدة الحديثة
أولاً :القصيدة والمعاناة المزدوجة
(1)
القصيدة الحديثة نوع من الكشف والارتياد ،بمقدار ما هي نوع من المعاناة المرهقةوالجهد المضني .إنها بالنسبة للشاعر مغامرة يحاول خلالها أن يعيد اكتشاف الوجود ، وأن يكسبه معنى جديدًا غير معناه العادي المبتذل ،ووسيلته إلى ذلك هي النفاذ إلى صميم هذا الوجود لاكتشاف تلك العلاقات الخفية الحميمة التي تربط بين عناصره ومكوناته المختلفة ، حتى تلك التي تبدو في الظاهر على أكبر قدر من التباعد والتنافر ، وهو في سبيل وصوله إلى هذه العلاقات الخفية الحميمة بين عناصر لوجود كثيرًا ما يتجاوز العلاقات الظاهرة المحسوسة والمنطقية بين هذه العناصر ،تلك العلاقات التي لا تلتقط سواها النظرة العادية التي تقف عند ظوهار الأشياء ،بل إن الشاعر كثيرًا ما يحكم هذه العلاقات الظاهرية المألوفة ، لتتحول عناصر الوجود وأشياؤه إلى مجرد مفردات وأدوات في يديه يشكل بها عالمه الشعري الخاص ، أن يعيد بها صياغة العالم وفق رؤيته الشعرية الخاصة ، على نحو يزيده عمقًا وثراء واكتمالاً.
فعل الشاعر -على حد تعبير شاعر وناقد أميريكي معاصر هو أرشيباك ماكليش- هو "أن يتصارع مع صمت العالم ، وما كان خلوًا من المعني فيه ويضطره أن يكون ذا معنى ، إلى أن يتمكن من جعل الصمت يجيب ، وجعل اللاوجود موجودًا". وما كليش يعلق بهذه العبارة على أبيات اقتبسها من قصيدة نثرية لشاعر صيني قديم هو "لوتشي" يحدد فيها مهمة الشاعر قائلاً :"نحن الشعراء نصارع اللاوجود لنجبره على أن يمنمح وجودًا ، ونقرع الصمت لتجيبنا الموسيقى.إننا نأسر المساحات التي لا حد لها في قدم مربع من الورق ، ونسكب طوفانًا من القلب الصغير بقدر بوصة"(1)
_________________________
1-أرشيبالد ماكليش :الشعر والتجربة .ترجمة سلمى الخضراء الجيوسي.دار اليقظة العربية ومؤسسة فرانكلين .بيروت 1963 ص17 ،18
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2011, 12:41 AM   #2
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(2)


وإذا كان هذا القول ينطبق على عمل الشاعر بصفة عامة ،فهو أشد انطباقًا على عمل الشاعر المعاصر ،الذي يصارع اللاوجود من حوله ليجبره على أن يمنح وجودًا ، ويقرع الصمت لتجيبه الموسيقى ، كما قال الشاعر الصيني القديم في عبارته البارعة ، ولا شك أن هذا الدور الذي يقوم به الشاعر نوع من المعاناة الباهظة أو نوع من الصراع مع اللاوجود ..ومع الصمت ،ليمنحا وجودًا وموسيقى ، وهذا لا يمكن أن يتم إلا من خلال الجهد المضني والمعناة الصادقة ، في سبيل إعادة اكتشاف الوجود الشعري وهو في حالة أشبه بالغيبوبة ، وإنما أصبح عليه أن يبذل أخلص الجهد وأضناه في سبيل استغلال تلك الموهبة الفذة التي منحها الله إياها،والتي تمكنه من النفاذ إلى صميم الوجود ورؤية ما لا يراه سواه ، ومعاناة الإحساس بنبض الوجود ،واستشعار أدق خلجاته والإخلاص في هذه المعناة إلى أقصى مدى .. وأخيرًا تجسيد ذلك كله تجسيدًا فنيًا متميزًا في كيان فني خاص وهو القصيدة،ولقد تغير مفهوم العبقرية وأخذت اسمًا آخر هو "البراعة" أو "المهارة"،هذا الاسم الذي يوحي بإتقان العمل والممارسة ..


أما الجنون المقدس والإلهام التي تنسب إلى العبقرية فهي كلها غريبة على الأدب ، ولا تفيده شيئًا. ولكن الذي ليس غريبًا عليه هو الإلهام الآخر ،الذي هو الاهتمام الجاد بالأشياء التي تقال ، والهيام بالفكرة ، والعمل والعاطفة التي تخصنا .وهذا الإلهام يتطلب حرارة وعفوية وقريحة أدبية" (2)

_____________________
2(-Bendetoo Croce :La .Traduit Par D.Dryrus . Presses Universitaires do France .Paris 1951.p35
وانظر :د.محمد غنيمي هلال :النقد الأدبي الحديث .ط3 .دار النهضة العربية .مصر 1964 ص376،377
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 25-05-2011 الساعة 12:47 AM.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2011, 12:45 AM   #3
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(3)


وقد صور واحد من أنبغ شعرائنا العرب المعاصرين وهو الدكتور خليل الحاوي بطريقته الشعرية المتفردة تلك المعاناة الباهظة التي يعانها الشاعر في سبيل اقتناص العبارة الشعرية الحقيقية ، وكيف يصارع الأهوال ،ويجتاز الخاطر من أجل تلك العتبارة المتمنعة المدللة ، بكل ما تملكه من قدر ة خارقة على تغيير الوجود ،وإعادة صياغته.


يقول الدكتور حاوي في مقطع "الريح" من قصيدته الطويلة "الناي والريح في صومعة كيمبريدج"(3):


ولعل تخصب مرة أخرى ،وتعصف في مدى شفتي العبارة


دربي إلى البدوية السمراء ،واحات العجين البكر، والفجوات ...


أودية الهجير


وزوابع الرمل المرير


تعصي .. وليس يروضها غير الذي يتقمص الجمل الصبور


وبقلبه طفل يكور جنة .. غير الذي يقتات من ثمر عجيب


نصف من الجنات يسقط في السلال


يأتي بلاتعب حلال


نصف من العرق الصبيب


الشوك ينبت في شقوق أظافري ،الشوك في شفتي يمـَّرج باللهيب

في وجهها عبق الغريزة حين تصمت عن سؤال
نهضت تلم غرور نهديها وتنفض عن جدائلها حكايات الرمال
تحدو ، تدور كما أشير بإصبعي
ولربما اصطاجدت بروقًا في دهاليزي تمر وما أعي
وبدون أن أملي الحروف وأدعي
تحدو، تدور،،تزوغ زوبعة طروب
وأرى الرياح تسيح ،تنبع من يديها منبع الريح المعطرت الجنوب
ومنابع الريح الطريقة والغضوب
للريح موسمها الغضوب
***
وحدي مع البدوية السمراء ،كنتب مع العبارة
في الرمل كنتب أخوض عتمته وناره
شرب المرارات الثقال بلا مراراة
_______________________
(3) ديوان خليل حاوي.دار العودة.بيروت 1972 ص 175 وما بعدها.
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2011, 12:49 AM   #4
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي


(4)
فالشاعر في هذا المقطع الرائع من مقاطع القصيدة يجسد ذلك العناء المبدع الذي يتحمله الشاعر العظيم في سبيل اقتناض العبارة الشعرية ،هذه المتمنعة المدلل التي :"تعصي وليس يروضها غير الذي يتقمص الجمل الصبور".. ولكن الصبقر والعناء وحدهما غير كافيين،بل لابد أن تسبقهما تلك الخبرة الشعرية الشفيفة النقية التي تماثل في نقائها وشفافيتها سريرة الأطفال لابد ان يكون الشعر "بقلبه طفل يكور جنة" وإذن فإن الشاعر العظيم الذي يستطيع أن يروض تلك العبارة الشموس هو ذلك "الذي يقتات من ثمر عجيب .نصف من الجنات يسقط في السلال ،يأتي بلا تعب حلال ،نصف من العرق الصبيب"،وليس هذا النصف الذي يسقط من الجنات في السلال حلالاً بدون تعب سوى تلك الومضة ــــــــــالمتوهجة التي ينعم بها الله على وجدان الشاعر ،فيستطيع على ضوئها أن يرى الوجود رؤية جديدة ،ثم القدرة على الهيام بتلك الومضة والإخلاص في معاناتها واحتضانها حتى تؤتي ثمارها الشهية.
أما النصف الثاني "العرق الصبيب" فهو ذلك الجهد المبذول في معاناة الرؤية الشعرية وتجسيدها ،ولقد تفنن الشاعر إيما تفنن في تصوير هذا الجهد ..فهو يخصوض إلى العبارة الشعرية "واحات العجين البكر"بكل ما توحي به من القدرة على التشكيل البكر والصياغة المتفردة و "أودية الهجير " و"زوابع الرمل المرير" و"الشوك ينبت في شقوق أظافره" ز "الشوك في شفتيه يمرج
باللهيب".. وهو"في الرمل ..يخوض عتمته وناره " و"يشرب المرارات الثقال دون أن يشعر بالمرارة".. فاية دروب مضنية تلك التي يجتازها إلى العبارة الشاعرة؟!
لقد تفنن الشاعر في تصوير تلك العبارة المتمنعة الشموس بمقدار ما فنن في تصوير مدى المعاناة المبذولة في سبيل الظهر بها ؛فهو يجسد هذه العبارة في صورة "بدوية سمراء " بكل ما تحمله هذه الصورة من بكارة الفطرة وحيويتها وتفجرها الهادر ، وهي شموس نافرة عصية لا يتسطيع ترويضها غير الصبور الشديد الصبر، وهي في العنفوان"ثم تلم غرور نهديها وتنفض عن جدائلها حكايات الرمال " وهي أخيرًا تملك قدرات خارقة ،فإذا ما سيطر عليها الشاعر استطاع أن يغير بها الوجود ، فيجعلها "تحدو .. تدور كما يشيبر بإصبعه" ويجعل "الريح تنبع بمن يديها "..إلخ.
وإذن فالمعاناة والجهد المبذول ليس مجرد مسلمة نظرية ،وإنما هو يقين شعري يعيشه الشعراء ومن قبل خليل حاوي عبر الشاعر الفرنسي بول فاليري عن نفس اليقين بطريته الخاصة "إن الآلهة تمننحنا مجانًا البيت الأول من الشعر ، ولكن علينا نحن أن نصنع الثاني ".
وفاليري من الذين بؤمنون بضرورة الجهد الجاد للعمل الشعري "لأن ما يتم بسهولة يتم بدوننا "على حد تعبيره(4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
Edmee de La Rochefoucaauld:Paul Valery. Editions Universitarires. Paris 1976. P.57.انظر (4)
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2011, 12:51 AM   #5
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(5)
ولا شك أن القصيدة التي تتطلب من مبدعها بذل مثل هذا الجهد المضني لا يمكن أن تمنح ذاتها لقارئها بيسر وسهولة ، بل إنها تتطلب منه من الجهد والمعاناة الصادقة في سبيل استيعابها وتذوقها ما يعادل الجهد الذي يبذله الشاعر في سبيل إبداعها ،فهي لا تقدم لقارئها تلك المتعة السطحية السهلة التي تسعى إليه دون أن يسعى إليها ، وإنما تقدم له نوعًا من المتعة العميقة التي تتجاوز الحواس الخارجية وما تحققه من متعة سطحية عابرة ، لتنفذ إلى صميم القارئ وتهز وجدانه من الداخل تلك النشوة الروحية الرائعة ،التي تهر أعماق الشاعر حين يعاني رؤياه الشعرية. ولم يعد الشاعر الحديث يهدف إلى إمتاع القارئ وإطرابه عن طريق تلخيص نتائج مغامراته له ، ووضعها بين يديه في أوزان مطربة تهدهد حواسه وتدغدغها ،وإنما أصبح هدفه الأول أن يهز قارئه ويقلقه ،وأن يدعوه إلى رؤية الوجود من زاوية أخرى غير تلك التي ألف أن يراه منها باستمرار ، وأ ن يقوده إلى مشاركته لذة الارتياد والكشف والمغامرة هذه اللة التي تتضاعف وتعمق بمقدار ما فيها من جهد ومعاناة وإذا كان قول بول فاليري السابق" إن ما يتم بسهولة يتم بدونن"ا ينطبق أساسًا على عمل الشاعر ، فإنه ينطبق بنفس القدر على عمل القارئ .
ولكي يستطيع القارئ أن يواكب الشاعر في مغامراته تلك فإنه مطالب بأن يكون على وعي بطبيعة الرؤية الشعرية الحديثة من جهة ، وبطبيعة الأدوات الفنية التلي يجسد بها الشاعر هذه الرؤرية من جهة أخرى ، وبمقدار ما يتحقق للقارئ من هذا الوعي تزداد متعته بالقصيدة ، بل إنه بمقدار ما يبلذ القارئ في سبيل استيعاب القصيدة من جهد واعٍ ومخلص يزداد عطاؤها ويتضاعف ،لأن القصيدة الحديثة نوع من الإبداع المشترك بين الشاعر والقارئ ، فهي لا تحمل معنى محددًا وحيدًا ، والقارئ الجاد هو الذي يكسبها معناها ، أو على حد قول بول فاليري "إن أشعار تحمل المعنى الذي يضفيه القارئ عليها ،
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2011, 12:56 AM   #6
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(6)


أما ما أعطيه أنا لها من معننى فلا ينطبق على غيري ولا يمكن أن يحتج به على أحد"(5) ولا شك أنه بمقدار وعي القارئ وإخلاصه يعمق معنى القصيدة ويتضاعف عطاؤها الفني .


ولكن الشاعر كثيرًا ما يصاب بلون من الإحباط وخيبة الأمل ،حين يجد قارئه عاجزًا عن متابعته في مغامرته عبر المجهول ،قانعًا بانتظاره حتى يعود هو إليه بثمار تلك المغامرة جاهزة دانية ، والشاعر يعرف أن أشهى تلك الثمار هو المغامرة ذاتها، وأن القارئ سيظل أبدًا عاجزًا عن الاستمتاع بكل مخاطرها ، وبكل معاناتها.


وقد عبر واحد من شعرائنا المعاصرين عن هذا الشعور بالإحباط وخيبة الأمل الذي يعانيه الشعراء إزاء خمول قرائهم وعزوفهم عن مشاركتهم مغامرتهم الشعرية ، وذلك الشاعر هو صلاح عبد الصوبر في قصيدته الطويلة "رحلة إلى الليل" حيث يقول في المقطع الرابع من مقاطع تلك القصيدة المعنون بـ"السندباد"6)


في آخر المساء يمتلي الوساد بالورق


كوجه فأر ميت طلاسم الخطوط


وينضح الجبين بالعرق


ويلتوي الدخان أخطبوط


في آخر المساء عاد السندباد


ليرسي السفين


وفي الصباح يعقد الندمان مجلس الندم


ليسمعوا حكاية الضياع في بحر العدم


السندباد : "لا تحك لصديق عن مخاطر الطريق"


"إنه قلت للصاحي : انتشيت ، قال :كيف "؟


"السندباد كالإعصار إن يهدأ يمت"


الندامى :


هذا محال سندباد أن نجوب في البلاد


إنا هنا نضاجع المساء


ونغرس الكروم


ونعصر النبيذ للشتاء


ونقرأ الكتاب في الصباح والمساء


وعندما تعود .. نعدو نحو مجلس الندم


تحكي لنا حكاية الضياع في بحر العدم


والسندباد في تراثنا الشعري هو رمز المغامر الجواب ، فهو أحد أبطال قصص "ألف ليلة وليلة" ، وقد قام بسبع رحلات مليئة بالمغامرات العجيبة صادف خلالها الكثير من العجائب والمخاطر ،وكان عقب كل رحلة يعود ليوزع على أصدقائه وندمائه ما جب معه في رحتله من كنوز ، ليعود بعد ذلك إلى رحلة جديدة ومغامرة جديدة ، ومن ثم فقد أصبح السندباد في شعرنا المعاصر رمزًا للمغامرة والارتياد .والسندباد في قصيدة "صلاح عبد الصبور " ليس سوى الشاعر ذاته ، الذي يعاني تجربة الإبداع بينب أكداس الورق التي تملأ الوساد ، وبين طلاسم الخطوط المتشابهة المختلطة والدخان المتلوي حوله كأخطبوطوالعرق الناضح على جبينه من المعاناة والجهد ، وكلها صور وتجسيدات فنية لذلك المجهود الذي يبذله الشاعر في سبيل اقتناص العبارة الشعرية.


__________________


(5):

Ibid. p. 44 Note marginale N.3
6 :صلاح عبد الصبور : الناس في بلادي .دار الآداب .بيروت1975،ص40،41
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2011, 12:59 AM   #7
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(7)
أما الندمان فليسوا سوى هؤلاء القراء الكسالى ،العزوفين عن المغامرة القانعين بلمذاتهم الحسيةالخاصة السطحية،وانتظار السندباد الشاعر حتى يعود إليهم بثمار ماغامرته الشعرية المضنية ، ولكن السندباد يدرك أ،هم لن يستطيعوا أبدًا أن يستمتعواى بلذة هذه الثمار التي لم يشاركوا في اقتطافها ، ولن يشرعوا بهذه النشوة العميقة التي يشعر بها بما لم يعانونهاى بأنفسهم معه :"إن قلت للصاحي :انتشيت ، قال: كيف؟". ولكن مع وضوح هذا اليقين لدى الشاعر السندباد فإنه لا يستطيع أن يكشف عن المغامرة والإبداع،فالإبداع هو تحقيق وجوده ، والسندباد إن كف عن المغامرة مات "السندباد كالإعصار.. إن يهدأ يمت ".
وإذا كانت شكوى الشاعر من عجز قائه عن متابعته هي أ؛د وجهي العملة فإن الوجه الآخر لها هو شكوى القراء أنهسم من سعوبة القصيدة الحديثة وغموضها ، إلى الحد الذي تكاد تصبح فيه بعض بعض الأحيان عالمًا منغلقًا على الشاعر وحده . وقد يكون لقارئ القصيدة العربية الحديثة بعض العذر ،خصوصًا ذلك القارئ الذي تعود أن تقدم له القصيدة عالمًا مألوفًا له ، قد سبق له التعرف على كائناته عشرات المرات حتى باتت مألوفة لديه لا تثير دهشته ؛فمثل هذا القارئ غالبًا ما يصادف في القصيدة الحديثة عالمًا غريبًا لم يسبق له أن تعرف على كائنائته ،وحتى ما سبق له التعرف عليه من هذه الكائنات تبدو له مرتبطة بعضها إلى بعض بعلاقات جديدة غريبة ، لم يسبق له أن عرفها أو ألفها ، بحبث يبدو هذا العالم الشعري الخاص بالشاعر مباينًا إلى حد كبير للعالم الواقعي الذي ألفه القارئ بما فيه من كائنات وأشياء ، ومن روابط وصلات محسوسة ومنطقية بين هذه الكائنات والأشياء أصبح من الصعب على القرائ أن يتجاوزها.
ولا شك أن هذا العالم الغريب غير المألوف للقارئ من ناحية ، والأدوات الفنية الغريبة التي يستخدمها الشاعر في بناء قصيدته من ناحية أخرى يمثلان أبرز مكونات هذا الحاجز الذي يحول بين القارئ العربي والقصيدة الحديثة .
***
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .