جاء قرار البرلمان البحريني بالمصادقة على قانون بمعاقبة اي شخص يجري اتصالات مع اسرائيل رداً مباشراً على توجهات أفراد في الاسرة الحاكمة تروج للتطبيع استجابة لضغوط امريكية، وتماشياً مع مساعي دول خليجية اخرى في السير على الطريق نفسه.
البرلمان البحريني باعتماده هذا التشريع، وبعد المداخلات الساخنة التي جرت من قبل بعض النواب اثناء مناقشته، يؤكد ليس فقط على استقلاليته وانما تماهيه مع التيار الغالب في الوطن العربي والعالم الاسلامي اللذين يرفضان اي تطبيع مع دولة تحتل الارض وترتكب مجازر حرب ضد ابرياء عزل في قطاع غزة وجنوب لبنان.
لقد توقف الكثيرون باستغراب امام المقال الذي كتبه الشيخ سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة ولي عهد البحرين في صحيفة 'الواشنطن بوست' الامريكية في تموز (يوليو) الماضي وطالب فيه بالتطبيع الاعلامي مع اسرائيل وقال 'ان العرب لم يبذلوا جهوداً كافية لاقامة اتصالات مباشرة مع اسرائيل'.
فالمقال صدر بعد اشهر قليلة من العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة الذي ادانه تقرير ريتشارد غولدستون القاضي اليهودي الجنوب افريقي لما تسبب فيه من اعمال قتل وتدمير ترتقي الى مستوى جرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية في الوقت نفسه، وفي ظل وجود حكومة يمينية اسرائيلية تضم عتاة المتطرفين.
والتشريع البرلماني البحريني الجديد الذي يعاقب بالسجن والغرامة اي مواطن بحريني يجري اتصالات او محادثات رسمية مع مسؤولين اسرائيليين، من المفترض ان يكون بمثابة رسالة رادعة لمثل هذه التوجهات التطبيعية الرسمية، خاصة ان وتيرتها تزايدت في الفترة الاخيرة.
فوزير الخارجية البحريني السيد خالد آل خليفة كرر من على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة في الشهر الماضي اقوال ولي العهد حول التطبيع، وذّكر الكثيرين بتصريحات سابقة له طالب فيها بقيام تكتل اقليمي يضم الدول العربية وايران وتركيا واسرائيل، وهي تصريحات اثارت العديد من علامات الاستفهام حول توجهات مملكة البحرين ونواياها من خلال اطلاقها بهذه الصورة.
صحيح ان صلاحيات البرلمان البحريني محدودة، ويجب ان تتم المصادقة على تشريعاته من خلال مجلس اعلى يعينه الملك على غرار مجلس اللوردات البريطاني، ولكن الصحيح ايضا انه يعكس المزاج الشعبي العام في البلاد، وهو مزاج يعارض التطبيع مع اسرائيل باغلبيته الساحقة، ولا نبالغ اذا قلنا ان القضية الاكبر التي توحد البحرينيين هي القضية الفلسطينية والعداء لاسرائيل والدعم المطلق لحركات المقاومة.
ندرك جيدا ان هناك ضغوطا متعاظمة تتعرض لها الحكومة البحرينية من قبل الادارة الامريكية من اجل اقامة علاقات مع اسرائيل، مثلما ندرك ايضا ان البحرين دولة مهددة بحكم صغر حجمها من قبل بعض جيرانها، وتريد الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، ولكن ما ندركه ايضا ان التجاوب مع بعض هذه الطلبات الامريكية قد ينعكس بشكل سلبي وخطير على وحدة البلاد وامنها الداخلي، ويعطي عذرا للجهات التي تريد زعزعتهما.
نتمنى ان تستفيد البحرين ودول خليجية اخرى من تجربة الكويت، فرغم انها 'تحررت' على ايدي القوات الامريكية، الا ان حكومتها احترمت الرغبة الشعبية ورفضت التجاوب مع اي طلب امريكي بالتطبيع مع اسرائيل.
البرلمان البحريني يرفض التطبيع
النمط الخطي
