داعش وخطف الصحفيين وعمال الإغاثة

[صفاء العشري]

قتل أكثر من 200 ألف شخص في الحرب الأهلية في سوريا على امتداد حوالي خمس سنوات ، كما فر ملايين آخرين من البلاد.
لكن الناس يتعرضون أيضا للخطف بمعدلات غير مسبوقة في سوريا. فقد صنفت لجنة حماية الصحفيين البلد كأحد أخطر مكان في العالم بالنسبة للصحفيين. تقول: اختطف نحو 60 صحفيا في العام الماضي،وهناك 30 على الأقل ما زالوا مفقودين بحلول نهاية العام. وقتل تسعة وعشرين آخرين. العديد من القتلى والمختطفين هم من السوريين الذين يسمون الصحفيين المواطنين الذين يساعدون في تغطية الأخبار على الأرض. لكنهم ليسوا الوحيدين المعرضين للخطر، إذ إن استغلال انعدام القانون المستشري في البلاد، جعل الجماعات الجهادية والميليشيات الموالية للحكومة وعصابات إجرامية تستهدف بشكل متزايد عمال الإغاثة والناشطين في المجال الإنساني أيضا.
نشرت هيئة الإذاعة البريطانية تقريرا حول داعش واختطاف الصحفيين والعاملين في المجال الإنساني .. التقرير مثير جدا للاهتمام، لأنه يعرض العملية برمتها من البداية الى النهاية وكيف تمر العملية بمراحل مختلفة ولاعبين مختلفين، كل ذلك من خلال طريقة منظمة للغاية.
أقتبس مقتطفات منه:
“بلغ عدد الصحفيين ومن يساعدون الصحفيين من المواطنين، والمدونين، المقتولين في سوريا منذ عام 2011 - بحسب منظمة "مراسلون بلا حدود"- أي منذ بدء الحرب في البلاد، 181 شخصاً. أما المفقودون أو الرهائن لدى تنظيم "الدولة الإسلامية"، وفصائل إسلامية مسلحة أخرى، فلا يقل عددهم عن 29، من بينهم تسعة أجانب.
“التقيتُ في بلدة أنطاكيا قرب الحدود التركية مع سوريا، بسوري كان عميلاً لصالح تنظيم "الدولة الإسلامية"، طلب أن أسميه أبوهريرة. قال إنه كان يبحث عن الإعلاميين الذين يغطون الصراع في سوريا ويرتب الأمور لخطفهم.
"وكان أبوهريرة يدعي أنه لاجئ سوري بحيث يُعرّفه المنسقون المحليون للصحفيين، ثم يزود أبو هريرة الخاطفين بتلك المعلومات. ويقول "بعد أن أكون قد رتبت كل شيء، يظل عليّ أن أوصل ذلك الشخص إليهم ليصبح مسؤولية أشخاص آخرين، وبذلك يكون لا علاقة لي أبداً بما يحدث بعد ذلك. أو يمكن أن يخطفوني أنا أيضاً، ثم يُطلق سراحي بعد فترة".
"وقال أبوهريرة إن هناك كثيرين مثله، فهناك أشخاص يزودون الخاطفين بالمعلومات التي تقودهم إلى الضحية، لأسباب عقائدية أو لأغراض مالية".
"ويقول أبوهريرة إن لدى التنظيم قسما كاملا يسمى "جهاز المخابرات"، مهمته استهداف الصحفيين الأجانب بمجرد وصولهم إلى المدن والبلدات القريبة من الحدود السورية."
"لكن تنظيم "الدولة الإسلامية" لا يخطف الناس بغرض المال دائماً، إذ إن بعض الخطف هدفه العقاب."
"ففي يناير/كانون الثاني الماضي، اقتحم رجال ملثمون في حلب مكتب الصحفي السوري ميلاد الشهابي في ما بدا أنه انتقام لتقاريره التي نشرها عن فظاعات التنظيم."
"في هذه الحالات، يكون هدف تنظيم "الدولة الإسلامية" من الخطف ليس المال، بل الدعاية، واستعراض العضلات."
التقى المقدود المفاوض الذي قال انه بمثابة وسيط للخاطفين وأسر الضحايا، وذلك باستخدام شبكة من الاتصالات عبر سوريا لملاحقة هؤلاء الأشخاص. لكن في بعض الأحيان كانت محاولاته للتفاوض غير ناجحة. "في مثل هذه الحالات، يختطف الناس ليس من أجل المال، ولكن للدعاية، ولإثبات القوة."
أنهى المقدود تقريره بهذه الكلمات:
"إن ما صدمني أكثر من أي شيء آخر لم يكن الأشرطة المصورة التي يبدو فيها الصحفيون وهم يُقتلون، بل كيف أفسدت هذه الصناعة السوريين والتهمتهم ليدخلوا عالمها الأسود المشبوه، حيث يكون الأصدقاء والأقارب جواسيس."
http://www.bbc.com/news/magazine-34312450
أعتقد إن قراءة التقرير بأكمله مع كل التفاصيل يسلط المزيد من الضوء حول هذا السلوك المروع وغير الإنساني. إنه يكشف أيضا أنه حتى الناس الذين ليسوا جزءا من الصراع ولكنهم يحاولون تعريف العالم بما يجري في سوريا، وحتى الناس الذين جاءوا لمساعدة الشعب السوري ليسوا آمنين ولكن يتم استخدامهم أيضا بالطريقة الأكثر وحشية وخسة .