اغتصبت فؤادي ...
اغتصــبت فـــؤادي ....
هي لحظة ضعف إذن... لحظة بعد إذن ... لحظة شوق إلى السراب، بل إلى ما لا شوق له ... بل إنها لحظة حلم أخد من الظلام صبغة ومن الحقيقة نبراسا فغدا رمادي الحلة... و أخد يلج بي رويدا نحو متاهة الشجن التي لطالما ركدت بعيدا هربا من الوقوع في غصتها ...
ترددت كثيرا قبل أن أرفع يراعي .. وجزمت انه ما من داع ... لأنني أدرك يقينا أنني لن أجد في نفسكِ ما يرد بهجتي، وما انكسر قد انكسر والقلوب السامعة من حجر .. لن يعود أمسي ولن يحل الغد محل يومي، ورُب ساعة هدمت صرحا بنته السنون على عجل ...
أو ستفهمين كلماتي الصامتة ؟ صمت أيام ذابت فوق حرير اليأس، مثلما يذوب الجليد في فصل الربيع، معلنا تبدد الغيوم وصحو الحال... بل أجهل أيضا مدى وقعها على من أحاطت بفؤاده أشواك سيارة أقالته إلى دنيا زائفة، إلى صور ولقطات اُقتبست من السعادة ومهدت لميلاد الشقاء السرمدي الممزوج بطعم الندم اللاذع.
تمنيت أن أنقض عهدا قطعته مع قلمي على أن لا أصاحب غيره في الدنيا وبضع وريقات اقتنيها من ركام الأيام، لتجسد كمرآة ساحرة بنات أفكاري وألوان مشاعري، لكنني ما استطعت نقضه ولا حتى إيقاف زحف رمال الشجن التي باتت تصحر روض فؤاد مفقود...
تحدثنا طويلا، كانت كلماته عنكِ حية، بينما كنت أموت .. كانت عِباراته حارة، وأنا أتصلب من البرد .. تصورتك ترقصين رقصة موتي وتقهقهين نشوة ... تصورتك مثلما أنتِ رماد وحجر .. أنهار وشجر ... شمس ومطر...لم أشاء أن أعكر ريح الورد الذي يُفرش في أول طريقكِ من أنامل فرشت لي بالأمس شوكا، اقتلع هدوئي وأدمى فؤادي .. هو القدر إذن عزم فصدم واليوم قد حكم...
لا أعلم هل ستقرأ عيونكِ سيدتي هذه الكلمات التي أنا كاتبها، أم أنها لن تراها سوى عيون صهرت الليل في عشقها وحفظتها برمشي، فتجاهلت الرمش وصنعت من شوك الخيلاء طوقا طوقت به ذاتها الحزينة ...
أيا ريم البيداء بالله أسألك، هذا فؤادي.. فكيف تقدرين على طعني بسهم يفقدني وجودي؟ فأغدو كلمات بلا هوية.. تسبح بين أمواج السهاد العالية وتتناثر بين أطراف الشوارع المهجورة ...
أيا ريم هلا سمعتِ أنين صدري يبكي مودعا عزيزا عليه؟...وقد حضنته الأضلع بين زواياها وكأنه خُلق بينها... هلا سمعتي هتافه ذاكرا اسمه؟ هلا لمستي ثوب الصبر الذي غلفت به صدري؟ بعدما نسجته الأيام بخيوط من الرضا بالقدر مهما قست شوكته ...
تساءلت طويلا كيف تكسو القسوة قُراك سيدتي؟؟ فتجردين روحا من الحياة كي تعيشي... وتدفنين رُفاتها تحت أنقاض اليأس المرير ..
هي ساعة من الزمن تجرعت فيها سم الهزيمة من أول ظهور لكِ فوق حلبة الهوى (الغير عادلة)، أجهل سبب هزيمتي بيد أني أرجح ضعفي وبعدي وبأس حالي ...
هاأنذا أنسحب ذليلة مكسورة من الساحة، فلك المجال واسع يا من أراك اليوم فوق عرشي متربعة، وأرى نفسي جارية تجوب بَهو القصر رقصا لتحلي سمر لياليك، ولتضخ برقصتها في جسدك نشوة الانتصار وفي جسدي المنهك بالأفكار شوكة الانكسار ...
وما أسعد روحي حين تراه مع من يحب يتجرع الحلو والمر من الدنيا... ما أسعدني أن أدفن في حديقة منزلكٍ ... كي أسمع وقع أقدامه.. كي أسمعه حين يخاطبك .. و أخاله يخاطبني ...كي أرى بريق عينيه من جديد يحييك ...
هي ساعة الانصراف إذن ... فل أجمع زادي من الكلمات البائسة والرقصات اليائسة والعبرات اليابسة وهي تحكي ما يجوب الروح، و توصيكِ خيرا بقلب أحبته طويلا وأحبها قليلا ...وها قد خلى صدري من نبضات تزلزله .. وارتاح فكري من كلمات تحيره... وأمضيت بانصرافي عهدة لكِ، فلا تَغدري بقلب مرهف لازلت أعتبره جزءا مني، فقد أسمع أنين جرحك فيه في صدري وقد أتألم أكثر من ألمه ... هو لك سيدتي بعدما اغتصبتِه من بين طيات كتبي ومن بين أسطر أشعاري...
__________________
فانفذوا...........لا تنفذون الا بسلطان
|