مع مرور عام على الانتفاضة السورية، وصلت مستويات الموت والدمار الى درجات مرتفعة. ويزداد النظام وحشية وأصدقاؤه القلائل توتراً، خاصة في طهران وحزب الله اللبناني. رغم ذلك، فإن اللاعبين الخارجيين - حلفاء النظام أو خصومه - لايزالون متمسكين بسلوك يخاطر بمفاقمة وضع مرعب أصلاً. فالاستقطاب الدولي المتزايد يُعطي النظام فضاءً سياسياً للمحافظة على مقاربة، وهي خليط من اصلاحات محدودة وتصعيد للقمع، محكوم عليها بالفشل على المدى البعيد، ويضمن العسكرة الكاملة للمعارضة، مما يمكن ان يُفضي الى حرب اهلية شاملة، ويرفع الرهانات على حرب اقليمية بالوكالة، يمكن ان تتسبب في اشتعال خطير للاحداث، سيكون نظام الاسد والحلفاء، قصيرو النظر، دفعوا الامور في هذا الطريق الوعر. القبس أعدت بالمناسبة ملفاً يحاول ان يلقي الضوء على احتمالات الراهن وتوقعات المستقبل.
في الجمعة الأولى من العام الثاني من عمر الثورة السورية، خرج آلاف السوريين للتظاهر من اجل «التدخل العسكري الفوري من العرب والمسلمين قبل العالم». واسفرت عن سقوط أكثر من 30 قتيلا معظمهم في الرقة وإدلب. وسجل العدد الاكبر من التظاهرات في مدينة حلب ومحافظتها التي بدأت تتصاعد فيها منذ اسابيع وتيرة الاحتجاجات بعد ان كانت في منأى نسبيا عن هذا الحراك، بحسب وكالة الانباء الفرنسية. فقد سار آلاف الاشخاص في تظاهرات في احياء عديدة من مدينة حلب كالسكري وسيف الدولة الأشرفية هاتفين، بحسب ما أفاد متحدث باسم اتحاد تنسيقيات حلب محمد الحلبي، وكالة فرانس برس «الشعب يريد التدخل العسكري»، «الشعب يريد اسقاط النظام»، «الشعب يريد تسليح الجيش الحر». وحاولت قوات الامن تفريق بعض التظاهرات عبر اطلاق الرصاص، ما تسبب بوقوع اصابات. كما اطلقت القوى الامنية قنابل مسيلة للدموع على المتظاهرين في حي المرجة، فرد هؤلاء برشقها بالحجارة وحصلت اشتباكات بالايدي.
وسارت تظاهرات مماثلة في ريف حلب، في بلدات وقرى السفيرة وعندان ومارع وحريتان واعزاز التي تنتشر فيها القوات النظامية، بالاضافة الى مدينتي الباب ومنبج.
واوضح الحلبي ان التظاهرات «تخرج في اعزاز وتتفرق قبل وصول الجيش اليها».
واضافة إلى حلب كانت ابرز المظاهرات في مدينة الرقة التي شهدت اضخم مظاهرة فيها منذ اندلاع الثورة قبل اكثر من عام، فقد تحولت جنازة تشييع احد القتلى الى مظاهرة حاشدة خرج فيها الآلاف وسط انباء عن حصول انشقاق وسماع دوي إطلاق نار كثيف داخل مقر امن الدولة في المدينة، وقد اقتحمت الدبابات المدينة وسط إطلاق كثيف للنار وانتشار الجيش بالمدينة، وتحدث ناشطون عن سقوط اكثر من 16 قتيلا، وقالوا ان الجيش قام بإغلاق المساجد ومنع المصلين من اداء صلاة المغرب في المسجد العمري.
العاصمة دمشق كان لها نصيب من المظاهرات، فقد أفاد عضو مجلس قيادة الثورة ديب الدمشقي عن تظاهرات في احياء الميدان والتضامن والحجر الاسود وكفرسوسة والقدم، «رغم الانتشار الامني الكثيف».
وفي شريط فيديو عن تظاهرة حي الميدان، بدا مئات الاشخاص في مسجد زين العابدين في الميدان يرددون هتافات ضد بشار الاسد ووالده الراحل حافظ الاسد وكذلك «الله محيي الجيش الحر».
كذلك خرجت مظاهرات في ريف دمشق وتسببت اشتباكات وقعت بعد منتصف الليلة قبل الماضية في الضمير وقطنا في ريف دمشق بمقتل سبعة اشخاص، بحسب المرصد. وكانت المظاهرات بدأت من الشمال الشرق في القامشلي، حيث سارت تظاهرة في عامودا، بحسب ما ذكرت صفحة «الثورة السورية ضد بشار الاسد 2011» على موقع فيسبوك الالكتروني. وحمل المتظاهرون اعلاما كردية واعلام سورية بعد الاستقلال وقبل حزب البعث.
وأما مدينة حمص التي يطلق عليها الثوار عاصمة الثورة، فقد خرجت مظاهرات في عدة أحياء بعد اسبوعين من سيطرة القوات النظامية على حي بابا عمرو الذي ظل تحت القصف لنحو شهر.
وردا على ذلك تعرضت هذه الأحياء لقصف القوات النظامية، بحسب ما أفادت الهيئة العامة للثورة السورية. وقال المتحدث باسم الهيئة هادي العبدالله في اتصال مع وكالة فرانس برس ان أحياء «البياضة والخالدية ودير بعلبة تعرضت لقصف متقطع».
واضاف «بعد التظاهرات الحاشدة المفاجئة التي خرجت في حمص اليوم، يبدو ان قوات النظام فقدت صوابها وبدأت بالقصف العنيف على احياء باب السباع وباب الدريب وجب الجندلي وباب تدمر والحميدية في حمص القديمة، اضافة الى احياء الخالدية والبياضة ودير بعلبة». وتابع انه «سجل سقوط بعض قذائف الهاون على حي القصور».
وأظهر شريط فيديو بثه ناشطون على الانترنت تظاهرة حاشدة في حي القصور ردد خلالها المتظاهرون «يا حمص لا تهتمي بفديك بروحي ودمي. بكرا بيسقط النظام هو وحزبه بيولي».
وقال نضال، الناشط في الهيئة العامة للثورة السورية في حمص لوكالة فرانس برس ان تظاهرة اخرى خرجت في حي الإنشاءات الذي تسيطر عليه القوات النظامية في المدينة وهتفت لمدينة إدلب.
وأشار إلى أن التظاهرات شملت احياء الخالدية والبياضة وجورة الشياح والقرابيص والوعر والشماس ووادي العرب، وقد واجهت قوات الامن هذه المظاهرات بالرصاص الحي وتحدث ناشطون عن سماع دوي انفجارات في الخالدية والبياضة وعشيرة وبالإضافة إلى أحياء المدينة خرجت مظاهرات متعددة في الريف، حيث أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان الى خروج تظاهرة كبيرة في مدينة الحولة في ريف حمص اطلق الامن النار عليها، ما تسبب بسقوط ثمانية جرحى. كما تعرضت الرستن لقصف عنيف اسفر عن قتيل على الأقل وعدد من الجرحى . وتحدث مدير المرصد رامي عبدالرحمن عن «عشرات الاف المتظاهرين في أنحاء سورية رغم القمع العسكري والانتشار الامني الكثيف».
في المقابل، تجمع عشرات الموالين للرئيس السوري بشار الاسد في ساحة السبع بحرات في دمشق، للتعبير عن رفضهم التدخل الخارجي في شؤون بلادهم الداخلية، بحسب ما افادت مراسلة وكالة فرانس برس.
وبدأ المشاركون تجمعهم بدقيقة صمت على ارواح «الشهداء الذين قضوا في سبيل الوطن»، ثم عزف النشيد الوطني، قبل ان يهتف المحتشدون الذين رفعوا الاعلام السورية والروسية واعلام حزب الله بشعارات «الساحات لنا، الساحات لنا في كل يوم جمعة».
وفي دير الزور، قتل مواطن خلال اشتباكات بين قوات النظام ومنشقين في حي الكنامات فجرا، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. كما شهدت قرى في ريف حماة التي شهدت أحياؤها انتشارا كثيفا للقوات النظامية والشبيحة وسقط فيها عدد من الجرحى.
بموازاة ذلك تواصلت الحملة العسكرية المستمرة لأكثر من اسبوع في مدينة إدلب وأظهرت لقطات حملت على موقع اجتماعي على الانترنت انفجارا كبيرا في بناية يعتقد أنها لحزب البعث السوري الحاكم. واتهم النشطاء القوات النظامية بمنع الصلاة في عدد من المدن لاسيما كفرنبل والبارة، كما خرجت مظاهرات عديدة في جبل الزاوية لاسيما مناطق بدامة وكفر نبودة وخان شيخون.
النمط الخطي
