نقد كتاب صلاة الكسوف ، أحكام ومسائل
نقد كتاب صلاة الكسوف ، أحكام ومسائل
الكتاب تأليف إحسان بن محمد بن عايش العتيبي وهو يدور حول صلاة ليست فى وحى الله ولا يوجد حتى إشارة إليها فى كتاب الله وهى ما يسمونه صلاة الكسوف وفى مقدمته قال العتيبى:
" فبعد أيام قلائل يأتي على الناس حدث عظيم ، وأمر مهول ، وهو "كسوف الشمس" ، وليس الأمر كما يظن كثير من الناس أنه حدث فلكي ، أو منظر طبيعي يتسلى الناس برؤيته ، والاستمتاع بمشاهدته!! ، كلا والله إن الأمر جد خطير ، وأصبح هم الناس ما قد يصيب أعينهم من النظر إلى الشمس في كسوفها ، وأصبح التحذير للناس لما قد يسببه النظر من أمراض – وهذا لا يجزم به – وكأنه يجوز لهم في غير هذه الحالة النظر والاستمتاع!! ، ولعلنا لا نبالغ إذا فلنا إننا نتوقع أن يأتي على الناس زمان ينظرون فيه إلى خروج الشمس من مغربها على أنها حادثة فلكية غريبة!! والدليل على توقعنا هذا ما نراه الآن من التعامل مع الكسوف والخسوف اللذين جعلهما الله تعالى آيتين يخوف بهما عباده ، يتعاملون معهما على أنهما ظواهر كونية مجردة عن الوعظ والتخويف! ولقد غفل الناس عن أحكام هذه الصلاة، وتسمى صلاة الآيات كما قال شيخ الإسلام في "النبوات" (ص 190) ومعانيها ، ومسائلها،وضاعت مع ما ضيع من الفرائض الكثيرة."
الرجل هنا يتحدث بقوة وصرامة وكأن هذه الصلاة واجبة ولو وجبت لناقضت كل أحاديث وجوب الصلوات الخمس فقط لأنه فى احدى الروايات لما سأل الصحابى هل على غيرها قال لا والغريب أنه ينقل عن ابن تيمية والذى أظهر بكلامه تناقض الروايات فى الموضوع واستهل العتيبى كلامه بالحديث عن كون الكسوف والخسوف من آيات الله فقال:
"الكسوف والخسوف من آيات الله:
كثيرة هي آيات الله عز وجل ، وهي مخلوقة للتفكر والاعتبار ، لكن الناس عن هذا في غفلة ، ومنه في بعد ، قال الله تعالى { وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون }!!.
وقال النبي (ص)" إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله" رواه البخاري (1044) و مسلم (901)."
وهو كلام لا ريب فيه ثم حدثنا عن كون الظاهرتين ليس لهما ارتباط بموت أو ولادة أحد فقال:
"لا ارتباط بين الكسوف وموت أو حياة أحد من الناس:
ويعتقد بعض الناس أن الشمس تكسف ، والقمر يخسف لحياة أو موت أحد من العظماء أو الزعماء ، وهو اعتقاد موروث من أهل الجاهلية ، قال النبي (ص)"إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته" متفق عليه – وهو تتمة الحديث السابق - ، وقد ظن بعضهم ذلك أول الأمر لما كسفت الشمس يوم وفاة إبراهيم – ابن النبي (ص)- ، فعن المغيرة بن شعبة قال : "كسفت الشمس على عهد رسول الله (ص)يوم مات إبراهيم فقال الناس كسفت الشمس لموت إبراهيم فقال رسول الله (ص)إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته" رواه البخاري (1043) ، ومسلم (915) ، وتاما -كرواية البخاري - (915) من حديث جابر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية وقوله لا تنكسفان لموت أحد ولا لحياته رد لما كان قد توهمه بعض الناس من أن كسوف الشمس كان لأجل موت إبراهيم ابن النبي (ص)وكان قد مات وكسفت الشمس فتوهم بعض الجهال من المسلمين أن الكسوف كان لأجل هذا فبين لهم النبي (ص)أن الكسوف لا يكون سببه موت أحد من أهل الأرض ونفى بذلك أن يكون الكسوف معلولا عن ذلك وظنوا أن هذا من جنس اهتزاز العرش لموت سعد بن معاذ كما ثبت ذلك في الصحيح فنفى النبي (ص)ذلك وبين أن ذلك من آيات الله التي يخوف بها عباده "الرد على المنطقيين" (ص 271)."
والكلام كان صحيحا حتى ذكر الرجل حديث اهتزاز العرش لموت سعد بن معاذ الذى لا علاقة له بالموضوع والخطأ هو إهتزاز العرش لموت سعد وهذا تخريف لأن العرش لا يهتز بسبب أى شىء بدليل أن قول الكفار أن لله ولدا لا يجعل ملك السموات والأرض يتهدم ويتشقق رغم سوءه رغم أن السموات والأرض والجبال تريد ذلك إنتقاما لله وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا"
ثم ذكر كون الظاهرتين هما للتخويف فقط فقال :
"الكسوف والخسوف للتخويف لا للتسلية:
وقد اعتاد الناس في كل عام في العالم كله تجهيز مناظيرهم ، واختيار أفضل الأماكن للسفر إليها لمشاهدة الكسوف أو الخسوف!! وهو من تغيير أحكام الشرع ، ومن مخالفة السبب الذي أوجد الله له هذه الآيات : وهو تخويف عباده ، عن أبي بكرة قال : قال رسول الله (ص)"إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن الله تعالى يخوف بها عباده " رواه البخاري (1048) .
ولا يمنع أن يكون ذلك معروفا بالحساب ، قال ابن دقيق العيد : ربما يعتقد بعضهم أن الذي يذكره أهل الحساب ينافي قوله " يخوف الله بهما عباده " وليس بشيء لأن لله أفعالا على حسب العادة ، وأفعالا خارجة عن ذلك ، وقدرته حاكمة على كل سبب ، فله أن يقتطع ما يشاء من الأسباب والمسببات بعضها عن بعض ، وإذا ثبت ذلك فالعلماء بالله لقوة اعتقادهم في عموم قدرته على خرق العادة وأنه يفعل ما يشاء إذا وقع شيء غريب حدث عندهم الخوف لقوة ذلك الاعتقاد ، وذلك لا يمنع أن يكون هناك أسباب تجري عليها العادة إلى أن يشاء الله خرقها ؛ وحاصله : أن الذي يذكره أهل الحساب إن كان حقا في نفس الأمر لا ينافي كون ذلك مخوفا لعباد الله تعالى " فتح الباري " (2/683) .
وعلق على كلام ابن دقيق العيد الشيخ عبد العزيز بن باز ، فقال : ما قاله ابن دقيق العيد هنا تحقيق جيد ، وقد ذكر كثير من المحققين – كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم – ما يوافق ذلك ، وأن الله سبحانه قد أجرى العادة بخسوف الشمس والقمر لأسباب معلومة يعقلها أهل الحساب ، والواقع شاهد بذلك ولكن لا يلزم من ذلك أن يصيب أهل الحساب في كل ما يقولون ، بل قد يخطئون في حسابهم ، فلا ينبغي أن يصدقوا ولا أن يكذبوا ، والتخويف بذلك حاصل على كل تقدير لمن يؤمن بالله واليوم الآخر . والله أعلم . أ.هـ هامش " فتح الباري" – الموضع السابق - .
وقال شيخ الإسلام: والتخويف إنما يكون بما يكون سببا للشر قال تعالى {وما نرسل بالآيات إلا تخويفا} فلو كان الكسوف وجوده كعدمه بالنسبة إلى الحوادث لم يكن سببا لشر وهو خلاف نص الرسول"
وكلام ابن تيمية عن كون الظاهرتين من الآيات المخوفة هو مناقض لمنطوق الأية
"وما منعنا ان نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وأتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا"
فالآيات المذكورة هنا هى المعجزات فهى التى تم منعها وهى كانت لتخويف الأقوام كناقة صالح(ص)والظاهرات ليست من المعجزات لتكرارهما عدة مرات فى كل عام فى مناطق مختلفة من الأرض بينما المعجزة لا تتكرر
والظاهرات الكونية المتكررة تكون تخويفا وترهيبا فى نفس الوقت كما فى الرعد والبرق وفيهما قال تعالى :
"ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا"
ثم قال العتيبى:
"وأيضا : في السير أن النبي (ص)نظر إلى القمر وقال لعائشة : "يا عائشة تعوذي بالله من شر هذا فإن هذا هو الغاسق إذا وقب" - رواه الترمذي (3366) وصححه ، وأحمد (23802) -، والاستعاذة إنما تكون مما يحدث عنه شر."
وقطعا هذه الرواية هناك رواية مناقضة لها مذكورة فى تفسير الطبرى وهى:
حدثنا به نصر بن عليّ، قال: ثنا بكار بن عبد الله بن أخي همام، قال: ثنا محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ( وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ) قال: " النجم الغاسق "
|