العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة الفـكـــريـة

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: ابونا عميد عباد الرحمن (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة في مقال مخاطر من الفضاء قد تودي بالحضارة إلى الفناء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في كتاب من أحسن الحديث خطبة إبليس في النار (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى بحث وعي النبات (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث أهل الحديث (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في كتاب إنسانيّة محمد(ص) (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الى هيئة الامم المتحدة للمرأة,اعتداء بالضرب على ماجدات العراق في البصرة (آخر رد :اقبـال)       :: المهندس ابراهيم فؤاد عبداللطيف (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: نظرات في مقال احترس من ذلك الصوت الغامض (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال أصل الوراثة من السنن الإلهيّة غير القابلة للتغيير (آخر رد :المراسل)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 26-11-2013, 12:07 PM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي النموذج السياسي الإسلامي التركي: هل يناسب العرب؟

النموذج السياسي الإسلامي التركي: هل يناسب العرب؟



منذ أن بدأت موجات الاحتجاج والاضطراب السياسي العربي، في بداية عام 2011، وطيف نموذج الإسلام السياسي التركي لا يفارق المشهد العربي، حتى أصبح اسم تركيا ورموز قياداتها يتحاذى مع كل تعليق أو تحليل سياسي لوضعية أي بلد عربي من حيث تصريحات الساسة الأتراك ومواقفهم، ومن حيث المؤازرة الفعلية التي قدمتها تركيا في قطرين عربيين (ليبيا وسوريا). ومن ثم مواقفهم النظرية المتابعة لما يجري في مصر.

حتى أن بعض المراقبين توقعوا أن تحذو الحركات الإسلامية السياسية العربية حذو تركيا، وتبتعد عن النماذج السياسية الإسلامية الراهنة في (ماليزيا، وإيران، وباكستان، ونموذج طالبان في أفغانستان ـ ما قبل احتلال أفغانستان).

تهيأ للكثير من المراقبين أن فرصة التسليم بإتباع النموذج التركي باتت تحتاج لبعض الوقت فقط. ولإثبات تلك النظرة من عدمها يجب علينا التأشير على نقاط التشابه والاختلاف بين النموذجين، لننصرف بعدها للتفكير بما سيؤول عليه المشهد العربي مستقبلاً.

الإمامان: طوناخان (التركي) وحسن البنا (المصري العربي)

لو أخذنا سَيْر العلمين الكبيرين في تاريخ الحركات الإسلامية في كل من تركيا ومصر، وواضعنا بين الأجواء التي ظهرت فيهما حركتيهما وطبيعة كل حركة لساعدنا ذلك في تقريب الصورة للقارئ الكريم لكي يجد منافذ لتلك المقاربة.

وُلد سليمان حلمي طوناخان *1سنة 1888 وتوفي سنة 1959، ويعتبر من أكبر الدعاة في تركيا الذين ناهضوا العلمانية (الأتاتوركية)، الى جانب مجموعة من الدعاة الأقل شأناً منه أمثال الشيخ سعيد النورسي و الشيخ عاطف الأسكليبي والشيخ سعيد الكردي. وقد كان ظهوره على إثر مجموعة إجراءات انقلابية في تاريخ تركيا قام بها مصطفى كمال والذي لُقب فيما بعد ب (أتاتورك) ونلخص تلك الإجراءات بما يلي:

1ـ العمل على تقريب تركيا من أوروبا ثقافياً.
2ـ قطع الصلة بين الأتراك بعد تخليهم عن استخدام الحروف العربية وبين تراثهم الإسلامي، والذي كان مكتوباً باللغة التركية ولكن بحروف عربية من فقه وتفسير وعلوم حديث وغيره، كما كانت الحروف العربية تيسر قراءة القرآن الكريم..
3ـ قطع الصلة تماماً بالقرآن الكريم والعلوم الإسلامية، وعليه فقد أُلغي ما كان يُطلق عليه التعليم العثماني وهو تعليم ديني شرعي، واستبدل بمناهج غربية علمانية. وقد أُنشئ بدلا من ذلك كلية ل (الإلهيات) تتبع جامعة أنقرة تحت رقابة صارمة حتى لا تنفذ إليها أي وجهة نظر مضادة، وحتى يتم السيطرة على صناعة خريجيها.

من هُنا، فقد كان نشاط (طوناخان) مُنصباً على إنشاء (الكتاتيب) لتعليم القرآن واللغة العربية، وقد كانت تلك الكتاتيب سرية جداً، حتى سنة 1945، وكانت تنجز في سنتين ما كانت تنجزه مدارس الدولة العثمانية سابقاً بخمسة عشر سنة.. وبعد عام 1945 خرجت تلك الحركة الى العلن، وانتشرت حتى خارج دولة تركيا لتصل الى البلقان والدول المجاورة، حتى غدت من أكبر الحواضن الفكرية التي تعني بشؤون الثقافة والسياسة. وهكذا فإننا سنرى أن الأحزاب السياسية التركية التي ظهرت فيما بعد استندت الى تأسيس الإمام طوناخان.

أما في مصر والتي ستصبح الحركات الإسلامية ذات النشاط السياسي في البلاد العربية تابعة بشكل أو بآخر لها، فإن بوادر الدعوة لم تكن متشابهة تماماً إلا في موضوع مناهضة العلمانية، فلم تُلغى الكتابة بالعربية ولم يُنحى موضوع الدين والقرآن الكريم جانباً كما في تركيا، كما أن الشيخ الإمام حسن البنا لم يكن هو من ابتدع فكرة تسييس الدعوة، بل كان امتداداً لتطور فكر جمال الدين الأفغاني ومن بعده محمد عبده ورشيد رضا، ولم تكن دعوته في بداياتها تتصف بالصفة السياسية..

ما الذي ناهضه الإمامان؟


نستطيع أن نجزم بأن التغريب أو محاكاة الغرب قد بدأ أولاً في مصر وليس في تركيا، وأن محمد علي باشا الألباني الأصل والذي تحرك لطرد حملة نابليون بونابرت على مصر وبأمر من الباب العالي في استانبول، قد فكر ملياً في استلهام الطرائق التي جعلت من الغرب يتفوق على المسلمين، فبعث بالبعثات العلمية من الطلاب الى فرنسا وبلدان الغرب بشكل عام أمثال رفاعة الطهطاوي وغيره، وابتكر الطرق الغربية في الزراعة (القناطر الخيرية)*1 والبحوث التي أدت الى تطوير القطن المصري (طويل التيلة) الخ من المحاولات الجادة في المجال العلمي والتقني، أما في المجال العسكري فقد أسس أفران صهر وخلط المعادن وتصنيع المدافع والذخائر بتقنيات روسية، حتى غدا جيشه أقوى من جيوش الدولة العثمانية نفسها (540) ألف جندي، وأصبح يهدد وجود الدولة العثمانية في بقائها أو في البلدان العربية على الأقل بعد أن أخضع بلاد الشام والعراق والجزيرة العربية والسودان وما حولها.


لقد كان لتطور قدرات محمد علي باشا الأثر في جعل السلطان العثماني عبد المجيد الأول في أن يحذو حذو محمد علي في التغريب وكان ذلك في عام 1939. وتطورت عمليات التغريب التي ارتبطت بالإضافة الى رغبة السلطان في ذلك مع رغبة المستشارين الغربيين الذين استندوا الى مكانة بلدانهم التي أقرضت تركيا المزيد من الأموال، حتى أصبحت تركيا ينطبق عليها المثل (مضيع المشيتين) كونها نسيت طريقتها في الحكم ولم تتقن طريقة أعدائها المتربصين بها.

انفجرت المعارضة للنموذج الغربي بعد وصول أتاتورك للحكم، ولكن تلك المعارضة لم تكن في القوة التي يمكن أن تزيح أتاتورك من تصدر المشهد في تركيا، فبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى كانت خيول اليونانيين تجوب شوارع المدن الغربية التركية (بورصا وغيرها) بزهو المنتصرين، وكان الروس الذين كرهوا الجار التركي طويلاً فرحين أكثر من غيرهم، ولكن أتاتورك استطاع أن يخرج كل الجيوش المنتصرة من الحلفاء، ووحد تركيا، وساعده في ذلك وصول الشيوعيين الى الحكم في روسيا، حيث كرهوا المشهد، فتنازلت الجيوش الغربية لأتاتورك عن أحلامها في سبيل الاستعانة به مستقبلاً في مناهضة المد الشيوعي.

من هنا لا زال أتاتورك يمثل صورة المنتصر الذي حافظ على بقاء تركيا من الاختفاء كبلد.

كان الإمام طوناخان مفتوناً بالسلطان عبد الحميد الثاني، كما لم يكن الإمام حسن البنا ضد الملك فؤاد الذي هو امتداد للدولة العثمانية حتى لو (اسماً).

يتبع


هوامش
*1ـ الإسلاميون وتركيا العلمانية/ هدى درويش/ دار الآفاق العربية/ القاهرة 1998 صفحة 14.
*2ـ العرب.. تاريخ موجز/ فيليب حتي/ بيروت: دار العلم للملايين صفحة 271 وما بعدها.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 30-11-2013, 12:59 PM   #2
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

التطور في الحياة الحزبية في تركيا ومصر


سبقت مصر تركيا في تأسيس الأحزاب السياسية، فهي عملياً قد بدأت بتأسيس الأحزاب منذ مطلع القرن العشرين، وكان أهم الأحزاب المصرية حسب تاريخ التأسيس*1:
1ـ الحزب الوطني تأسس عام 1907، كان يطالب بحكم ذاتي تحت السيادة العثمانية، وبقي حتى عام 1953، ولكن تضائل دوره وانضم معظم عناصره لحزب الوفد.
2ـ حزب الأمة أسسه المفكر أحمد لطفي السيد سنة 1908 من مجموعة من الأرستقراطيين الذين تجمعوا حول مؤسسه ورئيس تحرير جريدة (الجريدة) وكان الأساس إنشاء جامعة أهلية من تبرعات الحزبيين وفعلا تم ذلك فأنشئوا جامعة مصر الأهلية والتي أصبحت جامعة الملك فؤاد، ثم جامعة القاهرة.
3ـ حزب الوفد المصري (1918ـ 1953): حزب مصري، قاد الحركة الوطنية الديمقراطية من عام 1919 الى أواخر الأربعينات. تشكل بعد مقابلة سعد زغلول للمندوب السامي البريطاني للمطالبة بالاستقلال، فكان القصد من تشكيله هو إيجاد صفة بالنيابة عن الشعب، فكان يتم جمع التوكيلات لإضفاء صفة تمثل الشعب، ساهم في تكوين الجامعة الوطنية وتوحيد المسلمين مع الأقباط، وفاز في كل الانتخابات منذ صدور دستور 1923، وحتى قيام ثورة 1952. كان على مناكفة دائمة مع القصر، فهو يشكل بعد فوزه بالانتخابات الحكومة منفرداً أو مؤتلفاً مع بعض الأحزاب ك (الأحرار)، ثم يطرده الملك من الوزارة، تعرض لانشقاقات كثيرة، كان المنشقون يتجهون صوب الملك. تناوب على قيادته (سعد زغلول منذ تأسيسه حتى وفاته 1927، ثم مصطفى النحاس ثم مكرم عبيد ثم محمد صبري أبو علم ثم عبد السلام فهمي جمعة، ثم فؤاد سراج الدين) يُسجل له بأنه أرسى القواعد الديمقراطية الحزبية الحديثة في مصر.. مُنع من نشاطه بعد ثورة 1952.
4ـ حزب الأحرار الدستوريين (1922ـ 1953): حزب غلب عليه تمثيل مصالح كبار ملاك الأراضي الزراعية. يعتبر امتداداً لحزب الأمة الذي خاصم فكرة الثورة، ترأسه عام 1922 (عدلي يكن) الذي شكل الاتجاه المخاصم لسعد زغلول. ساهم في وضع دستور مصر عام 1923، في حين تغيب حزب الوفد عنها، كان حليفاً للملك، لم يحظ بالتفاف شعبي. لكن كان فيه لفيف من كبار مثقفي مصر أمثال: طه حسين وعلي عبد الرازق والمفكر (محمد حسين هيكل) [ليس له علاقة أو قرابة مع الإعلامي والصحفي محمد حسنين هيكل]

ويلاحظ أن كل تلك الأحزاب قد أوقفت عن العمل عام 1953، ولم يعاود الظهور منها إلا حزب الوفد الذي عمل بعد وفاة جمال عبد الناصر، وثم ظهر في الأحداث الأخيرة مؤتلفاً مع ما سمي بجبهة الإنقاذ.

وقد ظهرت بعد ثورة 25 يناير 2011 مجموعة ضخمة من الأحزاب زاد عددها عن 70 حزباً، وكان أهمها حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي وحزب مصر القوية وهو حزب كوادره معظمها من الإخوان المسلمين، وغيرها من الأحزاب الكثيرة.. والتي لا تعنينا في الوقت الحاضر ونحن نناقش التدرج في أداء الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في كلٍ من مصر وتركيا..

في تركيا

بعد أن أكمل مصطفى كمال أتاتورك*2 انتصاراته على المحتلين الأجانب على الصعيدين العسكري والدبلوماسي شعر أنه البطل المنقذ لتركيا، وكانت غالبية الشعب التركي آنذاك تشعر بأنه كذلك، فاستبد في كل شيء حتى وصل به المطاف لإنشاء حزب تركي يلتف حوله على غرار الدولة المجاورة العدوة (الاتحاد السوفييتي وحزبها الشيوعي) وفيما بعد على غرار إيطاليا وحزبها الفاشي، وألمانيا وحزبها النازي..

فأسس حزب باسم (خلق فرقة سي)*3، أي حزب الشعب، في 20/7/1923، أي قبل إعلان الجمهورية، وقد وضع له منهاجاً قصيراً من أربعة سهام: (جمهورية؛ ملية؛ شعبية؛ علمانية) وقد شرحها محمد عزة دروزة في كتاب تركيا الحديثة*4

فقال: (الجمهورية: إن الحزب مقتنع بأن أحسن شكل يضمن توطد حكم الأمة وسلطانها هو الجمهورية). و(الملية: هي طابع الأمة الخاص وهويتها المتميزة والمستقلة، وكل من يتقن اللغة التركية ويعيش داخل حدود تركيا بغض النظر عن عرقه ودينه تنطبق عليه الملية). و(الشعبية: وهي أن الشعب مصدر السلطات وجميع الأفراد متساوون أمام القانون مساواة مطلقة، ولا هضم لحقوق العمال من قبل أصحاب رؤوس الأموال). و (العلمانية: أن تقوم قوانين الدولة وأنظمتها على أساس ما يقرره العلم والفن وينسق مع أصول الحضارة الحديثة ومقتضياتها. والحزب يعد الدين أمرا وجدانيا له حق الصون من كل تجاوز وتدخل ما دام في نطاق القوانين، ومعنى العلمانية عنده أن لا يكون للدين أي أثر في أمور الدولة وشؤون الدنيا).

الأحزاب بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في تركيا

توفي مصطفى كمال في 10/11/1938 عن عمر 57 سنة، وانتخب خلفاً له ودون مشاكل (عصمت إينونو) رئيسا للجمهورية وللحزب مدى الحياة.

في نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، وضع عدد من السياسيين الأتراك مذكرة ضمنوها الإصلاحات الديمقراطية التي يطالبون بها. وقد جاء فيها أنه (ليس من ريب أن المُثُل الديمقراطية العليا، تحرك اليوم الأمة كلها من رئيس الجمهورية لأصغر مواطن. وكيف لا يكون الأمر كذلك. وقد انتصرت حركات الديمقراطية، والحرية في العالم كله، وبات مبدأ احترام الحريات الديمقراطية على وشك أن يُكَرّس بضمانات دولية)*5

قد يكون لانهيار نظام الحزب الواحد في كل من ألمانيا وإيطاليا السبب الرئيسي في تخلي حزب الشعب عن سياسة الحزب الواحد، وفتح باب التعددية.

فتشكلت مجموعة من الأحزاب نذكر منها الحزب الديمقراطي سنة 1945 الذي أنشأه (جلال بايار) من مواليد 1884 وهو أحد كبار الماسونيين في تركيا ومن أقرب الأشخاص لمصطفى كمال أصبح رئيسا للجمهورية منذ عام 1950 حتى انقلاب الجيش في عام 1960، حيث حكم عليه بالإعدام، ولم يُنفذ الحكم لكبر سنه، فتوفي عام 1988 عن عمر 104 سنوات.

ومن الأحزاب الأخرى، الحزب الاشتراكي التركي تأسس 1946 وتم حله في 1952، وحزب العمال والفلاحين أسس سنة 1946 وتم إغلاقه بتهمة الترويج للشيوعية، وحزب الأمة أسسه المارشال (فوزي جاقماق) وطالب باحترام المقدسات الدينية مع احترام المبادئ الأتاتوركية بقي لعام 1980.

وقد حكم الحزب الديمقراطي لغاية 1960 حيث الانقلاب الأول وإعدام رئيس الوزراء المنتخب (عدنان مندريس)..

يتبع





هوامش
*1ـ موسوعة السياسة/ عبد الوهاب الكيالي/ بيروت:المؤسسة العربية للدراسات والنشر 1981 الطبعة الأولى؛ الجزء الثاني صفحة 530.
*2ـ ولد مصطفى كمال في سالونيك سنة 1881، وكان والده علي رضا موظفاً بسيطاً، تخرج من الكلية الحربية في استانبول سنة 1905، سافر الى فرنسا ضمن بعثة عسكرية لمشاهدة مناورات عسكرية فرنسية، ثم قاتل في ليبيا ضد العدوان الإيطالي سنة 1911، شارك في حرب البلقان، وخلال الحرب العالمية الأولى كان قائدا للفرقة 19، ولتميزه في القتال حصل على رتبة أمير لواء وصار يعرف ب (مصطفى كمال باشا) [معلومات من رسالة ماجستير ل حنا عزو بهنان ـ جامعة بغداد] * كما يمكن قراءة كتاب ذئب الأناضول لمصطفى الزين في المقدمة.
*3ـ تم في سنة 1935 استبدال كلمة (Firka) العربية بكلمة (Party) وتعني حزب [قاسم خلف عاصي الجميلي: تطورات واتجاهات السياسة الداخلية التركية جامعة بغداد صفحة 66/1985]
*4ـ محمد عزة دروزة/ تركيا الحديثة/نُشر في بيروت 1946، صفحات 160ـ166
*5ـ دانكوارت روستو/ السياسة الخارجية للجمهورية التركية/ ترجمة: حسن صعب بيروت 1966 صفحة 605.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 06-12-2013, 03:27 PM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

القوة الماثلة والنخب: مصر وتركيا


قد يكون مصطلح القوة الماثلة مستهجناً، كونه لم يُستعمل سابقاً، ولكن استخدامه هنا كان لا بُد منه، لتمييزه عن القوة الراهنة أو القوة المسيطرة، فالقوة المسيطرة هي القوة التي يتم التسليم والاعتراف بسيطرتها على البلاد والعباد، والسيطرة لغوياً آتية من جذر (سطر) وهو الخط المستقيم الناتج من فعل مُسطِّر، وقيل أنها تنميق الكلام ولفه لجعله جميلاً أمام الآخر وهو غير ذلك، ومن هنا جاءت الأساطير..

والسُلطة بضم السين هي من الجذر (سلط) وهو طويل اللسان وبذيئه، أو إذا أخذت من الجذر اليمني فالسلط هو (الزيت)*1. وفي حديث ابن عباس (رأيت علياً وفي عينيه سراجاً سليط) أي تضيئان من بريقهما، وفي التنزيل{هلك عني سلطانيه}*2، أي ذهبت حجتي.

والماثل: مأخوذ من جذر (مثل) وهو جذر يحمل الكثير من المعاني، فمنه الامتثال: الطاعة ومنه التمثيل: أي المحاكاة أو التنكيل بالجثة، ومنه المُثول: وهو الوقوف بانتصاب أمام القاضي أو المُحاكم أو المُطالب بحق، والأخيرة هي ما تعنينا، لأن المُثول أمام القاضي هو مسألة لحظية قد يُدان الماثل أو يُبرأ، وهكذا هي السلطات أو أنظمة الحكم، عندما تقوم قوة الشعب أو غيره بالوقوف في وجهها، فقد تنتهي كما انتهى حكم من كان في مصر أو تونس أو ليبيا، أو قد تؤجل لإشعار آخر كما في بقية الدول العربية!

لذلك، اخترنا لفظ القوة الماثلة لتمييزها عن غيرها، وحتى يتم تغيير القوة الماثلة لا بد من حساب مكونات تلك القوة ومعرفة مفاتيحها وطرق حشد القوى التي تستطيع الإطاحة بها. ويحضر هنا مثال الجيش الجمهوري الايرلندي السري، عندما سأل أحد الحكماء فيه: أيستطيع القزم أن يتغلب على العملاق؟ فكانت إجابة الجميع بلا! لكنه أضاف: أنه يستطيع التغلب عليه إذا تم فقأ عينيه!
والعينان هنا كانتا أعوانه من المخبرين والجواسيس الذين ينقلون له المعلومات فباشر الجيش الجمهوري بملاحقتهم وقتلهم، حتى انتصر أخيرا وانتزع ما كان يريد (ولو بشكل منقوص).

النخب

النُخبة هي مجموعة من الناس إما تصنع القرار، وإما تصنع الوعي، وهي خيار صنفها، فإن كانت بالعلم قيل النخبة العلمية في مجالاتها المختلفة (الطب الهندسة الرياضيات الخ) سُميت ونُسبت له، وإن كانت في فن من الفنون كالرياضة أو التمثيل أو الرسم نُسبت لها، وإن كانت في السياسة سواء كانت في الحكم (نخبة حاكمة) أو كانت في المعارضة تصنع الوعي وتحرض على انتقاد الحكم من أجل تعديله أو تغييره سُميت (نخبة معارضة).

وتنقسم النخب من حيث سلوكها وأدائها الى عدة أقسام:
نخبة الفك المفترس*3: وهي التي تعمل على إزاحة كل من يعترض سبيلها في تصفيته وإخراجه من الساحة السياسية.. وتاريخها طويل في بلاد العرب والمسلمين، حيث بدأت في عصر الفتنة الكبرى (بين علي ومعاوية) واستمرت ليزيح العباسيون الأمويين من طريقهم وتصفيتهم كلياً وملاحقتهم حتى في الأندلس، وما أشكال الانقلابات التي جرت في القرن العشرين وما زالت إلا تعبير صريح عن نوعية نخب الفك المفترس..

نخب تكسير العظم: وهي النخب التي تتربص بخصمها من أجل شلِّه وإعاقته عن أداء عمله، مستفيدة من الترويج الإعلامي والتصيد لأي خطأ يقوم فيه، وتبرير تلك الأخطاء بالتآمر والعمالة والتنسيق مع الأعداء والهدف من ذلك هو تقليص حجم التأييد الشعبي لذلك الخصم وإضعافه نهائياً، والنماذج كثيرة آخرها ما تمثل في أحداث مصر الأخيرة.

النُخب المتعايشة بسلام: وهي تلك النُخب التي تعترف بخسارتها أمام خصمها في الانتخابات، وتقوم بتهنئته رغم مرارة الشعور بالهزيمة وهي ما ينطبق عليها قوله تعالى { تحسبهم جمعاً وقلوبهم شتى}، وهي تلك التي عند أعدائنا الصهاينة والغرب واليابان وغيرها من الدول المتقدمة.

يستعيض النوع الأخير في مواجهته لخصمه، في متابعة وقائع الفساد والتهرب من أداء الضريبة وغيره، مستفيدة من الدساتير والقوانين التي تتيح للصحافة متابعة خيوط الفاسدين وأوكارهم. كما أنها تجتهد في وضع برامج تجذب الجمهور لصفها من أجل تغلبها على خصمها الذي أصبح قوة (ماثلة).

من هنا، فإن الدول التي تتعايش فيها النخب بأمن وسلام، يقل فيها الفساد وتزيد وتائر الإنتاج وبراءات الاختراع، في حين تبقى الدول التي تتصارع فيها نخبها مرتعا للفساد واقتصادها في تخلف مستمر.

وتتشابه تركيا لقبل ربع قرن من الآن مع الكثير من الدول العربية (حاليا)، ولكنها انتقلت من مرحلة (نخب الفك المفترس) الى نخب (تكسير العظام) التي ملت من وضعها فأخذت تتلمس طريقها في وضعية (النخب المتعايشة بأمان).

ولكن هل يمكن للتيار السياسي الإسلامي العربي أن يسلك نفس الطريق الذي سلكه التيار السياسي الإسلامي التركي؟ هذا ما سنتناوله في المرة القادمة.









هوامش
*1ـ لسان العرب/ ابن منظور صفحة 2704
*2ـ الحاقة آية 29
*3ـ مصطلح استعمله الصحفي الأردني (عمر كلاّب) في صحيفة (مرايا 7/7/2013) بمقالة تحت عنوان (التمكين ونخبة الفك المفترس). كما استعمله الدكتور معتز عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية، في برنامج (باختصار)، والاستعارة مأخوذة من فلم الرعب الأمريكي (الفك المفترس 1975) للمخرج الأمريكي ستيفن سبيلبرغ
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-12-2013, 01:48 PM   #4
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

العرب والأتراك: كيف ينظر أحدهما للآخر؟



كان أول اتصال العرب بالأتراك سنة 54 هجري، عندما عبر عبد الله بن زياد والي خراسان ـ زمن معاوية بن أبي سفيان ـ نهر جيحون واستولى على بخارى ورامدين وبيكند من بلاد الترك، في ما وراء النهر، ثم اختار ألفي مقاتل تركي من رماة النشّاب الشجعان، وأرسلهم الى العراق، حيث أسكنهم البصرة*1. ثم تتابعت الفتوحات العربية في بلاد الترك الى أن استتب الأمن لهم فيها بعد مقتل (خاقان الترك: كور صول) على يد القائد العربي نصر بن سيّار عام 123هجري*2

دخل الأتراك في الإسلام، وأثروا في الحياة السياسية للدولة العربية الإسلامية، منذ أيام الخليفة العباسي الثامن (المعتصم) وسيطروا فيما بعد على بلدان من الصين شرقاً حتى سواحل الأطلسي (في بعض الأحيان) غرباً، وأخضعوا أمماً وشعوباً تحت حكمهم، ومن بينها العرب. وكان لطول حكمهم في الفترة التي تعد من أخطر الفترات في تاريخ العلاقات العربية التركية، الأثر الكبير في تكوين الموقف الراهن منهم. مما أدى الى قيام الكثير من المؤرخين بنبش الماضي لوضع صور سلبية مقولبة.

مخاوف العرب الحالية من تركيا

رغم أنه لا يوجد صيغة عملية تجيز لأي متحدث (عربي) بالقول بموقف عربي، لأنه ليس هناك موقف عربي، بل مواقف كثيرة، لكننا نستطيع أن نلخص ما يمكن الاشتراك فيه من بين كل تلك المواقف لإبراز المخاوف العربية:

أ ـ الروابط التركية الأطلسية، وما يترسخ في أذهان العرب من دور حلف شمال الأطلسي في مساندة الكيان الصهيوني، وما له من أدوار في تدمير الدول العربية والإسلامية (العراق، أفغانستان، ليبيا، سوريا).

ب ـ مسألة المياه، فقد فكر الأتراك بطلب تعويضات مالية في مقابل المياه التي تسمح بمرورها لكل من سوريا والعراق*3 وقد نفى وزير خارجية تركيا في مقابلة له مع صحيفة الحياة، تلك التهمة بحرفيتها، ولكنه عدلها بشروط تفضح النوايا التركية بهذا الشأن، ونلاحظ اليوم أن تدفق المياه قد انخفض بنسب كبيرة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق.

ج ـ تركيا وموضوع الشرق الأوسط الجديد: العرب وتركيا من أجزاء الشرق الأوسط الجديد، لكن دور تركيا في هذا المشروع هو دور فاعل، في حين ما رُسم للعرب فهو دور المفعول به، أو الساحة التي تستوجب الفعل. وملخص المشروع:
1ـ إلغاء فكرة الوحدة العربية ومسحها من أذهان العرب، وإضعاف دور الجامعة العربية (الضعيف أصلا)، والسعي لإلغائها.
2ـ نزع الأسلحة المؤثرة من مشاريع نووية أو جرثومية أو صاروخية، من لدن الدول التي لا يمكن احتوائها، أو التي لها طموحات إقليمية (العراق، مصر، سوريا، السعودية)، وضمان تفوق الكيان الصهيوني الدائم.
3ـ إنهاء المقاطعة العربية للكيان الصهيوني، والعمل التدريجي لجعلها طرفاً سائداً ومؤثراً إقليميا..والدول التي رُسم لها أن تكون أجزاء من هذا المشروع: مصر؛ العراق؛ سوريا؛ تركيا؛ لبنان؛ كينيا؛ الصومال؛ الكيان الصهيوني؛ دول مجلس التعاون الخليجي؛ الدول الآسيوية المستقلة عن الاتحاد السوفييتي؛ أفغانستان.
4ـ جعل كلمة الولايات المتحدة الأمريكية هي العليا في كل شيء، مع تنظيمها لمناورات دورية تشترك فيها الدول المذكورة لتعزيز استعداداتها.

هذا المشروع عبر عنه مارتن اندك بوضوح، كما نشرته وكالة الإعلام الأمريكية بوقته*4 في النصف الأول من عام 1993.

لو تطلعنا بعد مرور عقدين من الزمان لما تحقق من هذا المشروع لنجد أنه جرى تحقيق الكثير منه، فالتطبيع ومعاهدات الصلح مع الكيان الصهيوني وتدمير العراق وإخراجه من الساحة، وغيره من الأمور وصولا لما يجري استثماره بمكر وحذق شديدين لحالات الاضطراب في الساحة العربية.

لكن ما هو دور تركيا في ذلك.. وبالذات التيار الإسلامي؟

شارك الإسلاميون في تأسيس الحزب الديمقراطي، الذي استلم الحكم من عام 1950ـ 1960 بقيادة (عدنان مندريس). وكانت دعوات الحركات الإسلامية تنادي بعودة تطبيق الشريعة وهذا سعيدي نورسي يصرح (إن السيقان العارية للمرأة ما هي إلا حطب للنار الموعودة)، ويجب على الحكومة أن تتوقف عن إرسال أبنائنا للدراسة في الغرب.. وعلينا أن نعمل على تأسيس جامعة شرقية إسلامية، فالتقى به كل من عدنان مندريس وجلال بايار وأهدوه سيارة، فانضم أتباعه للحزب الديمقراطي، الذي فاز ب 505 مقاعد من أصل 550 مقعداً في البرلمان، مقابل 31 مقعد لجماعة أتاتورك*5

ومن الغريب أن أول دعوات للانضمام للمجموعة الغربية كانت في عهد مندريس وتشكيل حلف بغداد سيء الصيت، ووصول التضخم نتيجة للقروض الغربية الى 300% في هذا العهد، الذي سبق الانقلاب الأول من الجيش في عام 1960.

وبعد أن حلت الأحزاب في الانقلاب الثالث عام 1980، اقتيد نجم الدين أربكان للسجن لأنه رفع شعار تحرير القدس، في اجتماع حاشد للإسلاميين حضره 50ألف من أنصاره. وتغيرت أسماء الأحزاب الإسلامية في كل مرة يتم حلها فيه، فمن حزب السلامة الوطني لحزب الرفاه ... حتى وصلنا الى ما هو عليه الآن، باستلامهم مقاليد الحكم.

لقد علت نبرة اللهجة الحادة كلما اقترب الإسلاميون من الحكم في تركيا فهذا نجم الدين أربكان يصرح ( إننا لسنا أطفال لبوش وكلينتون.. إننا نسعى لتركيا قوية مستقلة، تنشد السعادة لستين مليون تركي.. إننا نسعى لتقوية العلاقات مع العالم الإسلامي لتكون تركيا مركزه)*6

يتبع في هذا الباب





هوامش
*1ـ تاريخ الطبري: تاريخ الأمم والملوك جزء 6 صفحة 167
*2ـ نفس المصدر جزء 8 صفحة 269
*3ـ صحيفة الحياة عدد 14/8/1993.
*4ـ مكتب الإعلام الأمريكي، نشرة الأخبار العربية: عن وكالة الإعلام الأمريكي في واشنطن 21/5/1993
*5ـ الصراع السياسي في تركيا: الأحزاب السياسية والجيش/ فلاديمير إيفانوفيتش دانيلوف/ ترجمة: يوسف إبراهيم الجهماني/ دار حوران للطباعة والنشر صفحة 27
*6ـ حزب الرفاه: الرهان على السلطة/ يوسف الجهماني/ دار حوران 1997؛ صفحة 21
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 22-01-2014, 02:19 PM   #5
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

سور الإسلام العظيم


ونحن في صدد إيجاد المقاربات التي تصنع عملية الاكتناه (التذوق والتقليد: من ناحية إبستمولوجية) التي تجعل النموذج التركي في الإسلام السياسي صالحا للاحتذاء به في منطقتنا العربية، أم لا، لا بُدّ لنا من التطرق الى الدوائر الحضارية التي تنبثق منها نقاط الاكتناه.


يتحدث موريس لومبار عن دوائر حضارية ثلاثية ربطها الإسلام ـ في عهد ازدهاره ـ ببعضها في إطار (سوق إسلامي) وهي الدائرة الساسانية والدائرة البيزنطية والدائرة الإفريقية*1. أو كما يصف طارق البشري الحقل العربي التركي جغرافياً، باسم (سور الإسلام العظيم) حيث تقع المنطقة أو المحور كما سماها (إستانبول ـ دمشق ـ القاهرة) على بحار ثلاثة (الأسود والمتوسط والأحمر)*2

ويلاحظ أن ثمة مواقع ثلاثة انطلقت منها عمليات تشكل الدول الكبرى في التاريخ الإسلامي وصدرت عنها السياسات والإستراتيجيات السلطانية الكبرى حيال مناطق العالم الإسلامي، وبعضها حيال بعض، وحيال علاقتها بالعالم على وجه الإجمال. هذه المواقع هي: محور إيران ـ العراق (من خراسان الى بغداد)؛ محور تركيا (آسيا الصغرى)؛ ومحور القاهرة ـ بلاد الشام ـ الجزيرة العربية. ولا ننسى بلاد المغرب والأندلس ومشاريعها، رغم أنها بقيت بعيدة إلا في حالة واحدة وهي حالة العبيديين الذين امتدوا لتشكيل الدولة الفاطمية.

المنابع الثقافية والفكرية في السياسة العثمانية

1ـ ثقافات متوسطية وأوروبية (معظم رؤساء وزارة الدولة العثمانية [الصدر الأعظم] من أصول بلقانية*3
2ـ ثقافات فارسية ورثها الأتراك العثمانيون عن ثقافة الدولة السلجوقية ذات الأصل والثقافة الفارسيتين. وللتدليل على ذلك نذكر بأهمية كتاب سياستنامه للوزير السلجوقي نظام الملك الذي لعب دورا بارزا في تنظيم مؤسسات الدولة وضبط أيديولوجيتها ولا سيما لناحية المدارس والجامعات*4
3ـ ثقافة عربية فقهية في مجال الشريعة، والتي أهمها ما كتبه (الماوردي) بين عامي 974ـ 1058م) وبالذات (إمارة التغلب) كبديل عن (خلافة الضرورة)، والتي سار على نهجها العثمانيون.*5

الاعتزاز القومي عند الإسلاميين الأتراك أكبر أثراً مما لدى الإسلاميين العرب

في مداخلة له في الندوة الموسعة التي أقامها مركز دراسات الوحدة العربية في النصف الأول من عام 1995، والتي قدم فيها مفكرون أتراك ومفكرون عرب أوراقهم وبحوثهم، طرح المفكر العربي المعروف (منح الصلح) مداخلته ببلاغة عالية ليصور كوامن التفكير العربي تجاه الأتراك. فقال: (لي تجربة شخصية قد تكون مفيدة لهذه الندوة. فقد نشأت في بيت، الوالدة فيه تُرْكية. وكانت أمي كثيراً ما تقول لوالدي بزهو وهي تتساجل معه أو تخفف من حماسته للسياسة الوطنية: هذه بلادكم البلاد كلها، بسياستها ورؤسائها وعائلاتها، كان يديرها قائم مقام تركي واحد...)*6. فتركت هذه العبارة أثرها العميق في نفسي، فصرت أتشدد في عروبتي... لعل في ذلك جوابا عن غطرسة والدتي القومية.

يرد المفكرون الأتراك على العرب الذين يحملون تركيا بقاء بلاد العرب متخلفة لمدة أربعة قرون، بقولهم (( ولماذا لا تقولوا أننا أخرنا استعمار الغرب لبلادكم مدة أربعة قرون)؟*7

ورغم أن الأتراك لا يخفون رغبتهم في عدم تحقيق أي شكل من أشكال الوحدة العربية، وذلك لرفع شأن مكانتهم الإقليمية، فإنهم يتفاخرون بمكانة دولتهم العالمية وتفوقها على شرذمة الدول العربية، فهذا أحد المتحدثين يُمجد من وضع تركيا أمام حضور عربي كثيف من رجال الفكر فيقول (تركيا الدولة رقم 34 من حيث المساحة ورقم 19 من حيث عدد السكان ورقم 28 من حيث الغنى ورقم 8 من حيث حجم القوات المسلحة)*8

ونحن نلاحظ هنا، أن التغير في الحكم سواء في إيران أو تركيا في كل العهود يحافظ على الثبات الأيديولوجي، فالشاه في إيران لم يختلف عن كريم الزند في عهد القاجاريين ولم يختلف عنهما الخميني وعهده الحالي، كما أن حزب التقدم والعدالة في عهد رجب طيب أردوغان لم يختلف عن جودت صوناي ولا عن أتاتورك ولا عن العثمانيين.

أما نحن في المنطقة العربية فالقوميون يقدمون طرحاً يؤدي الى تثبيت الزمان والمكان وبالتالي يؤدي الى عزلة ونفير للأقليات غير العربية التي تستغلها القوى المتربصة في المنطقة العربية (العراق، السودان، الدول المغاربية). والإسلاميون يقدمون طرحاً يثبت فيه الديني مما يتحول بعده الى انفعال يبعد فكرة التعاون الوطنية والقومية وحتى العالمية. وبنفس الوقت نتصرف وكأننا أبناء أمة (لفظاً) نعتب على الأشقاء في الأقطار إن لم يمدوا يد العون، وإن مدوها نتهمهم بأنهم مدوها تنفيذا لأوامر الأجنبي!

ورغم أهمية الإقليم المحيط، فإن أوطد الروابط هي روابط المصالح، ولن يتنازل صاحب الكلمة العليا في الإقليم عن مكانته للآخرين إلا إذا رتبوا قواهم لانتزاعها منه.


هوامش
*1ـ موريس لومبار، الإسلام في عظمته الأولى: من القرن الثامن حتى القرن الحادي عشر الميلادي/ترجمة ياسين الحافظ بيروت: دار الطليعة 1991
*2ـ طارق البشري/ العلاقة بين العرب والترك: نظرة إجمالية (مجلة مستقبل العالم الإسلامي) عدد1 سنة 1991، صفحة 87.
*3ـ أحمد عبد الرحيم مصطفى/ في أصول التاريخ العثماني بيروت: دار الشروق 1982 ص44.
*4ـ تحدثت كتب كثيرة عن تأثر الأتراك العثمانيين بالتقاليد الفارسية منها: المجتمع الإسلامي والغرب: مؤلفاه (غب و باون) ترجمه أحمد عبدالرحيم مصطفى عام 1970؛ ورسالة الدكتوراه لأحمد لواساني عن كتاب (سير الملوك المعروف بسياستنامه) وغيره
*5ـ وجيه كوثراني: الفقيه والسلطان: دراسة في تجربتين تاريخيتين: العثمانية والصفوية ـ القاجارية/ بيروت: دار الراشد 1979.
*6ـ العلاقات العربية ـ التركية/ مجموعة من المفكرين (عرب وأتراك)/ بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية 1995 صفحة 430.
*7ـ مجلة المستقبل العربي عدد 185 (راجع ما قاله كل من أورهان كولوغلو صفحات 93ـ103؛ وعثمان أوكيار صفحات 132 وما بعدها) عدد تموز 1994.
*8ـ العلاقات العربية التركية ـ مصدر سابق /إحسان غوركان/ في ورقة بعنوان: تركيا في الجيوسياسية الجديدة وآثارها في مستقبل العلاقات العربية ـ التركية صفحة 589.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 30-01-2014, 01:45 PM   #6
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الوطنية والحلم القومي المستتر


خلافاً، لكل الأشكال القومية في العالم، فإن القوميين العرب أو العروبيبن السياسيين، واجهوا من المعضلات ما لم يواجهه أي متغني بالقومية في بلاد العالم.

فالغالبية العظمى للدول العربية الحالية هي دول إسلامية بالدرجة الأولى، باستثناء فريد لحالة لبنان. والمناخ الثقافي واللغوي والمزاجي في كل أقطارها يكاد أن يكون مناخاً متماثلاً، فالمثقفون والمفكرون والإعلاميون وخطباء المساجد يتكلمون لغة مفهومة لمن يستمع إليهم في كل الأقطار، وهم يستخدمون نفس الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة وأبيات شعر من معلقات جاهلية للأفوه الأودي وزهير بن أبي سلمى، ثم يمرون على شعراء ومؤرخي وفلاسفة العصور الإسلامية ويستشهدون بما قالوا وينتهون الى العصر الحاضر فيحفظون لأحمد شوقي ومعروف الرصافي وأبو القاسم الشابي وغيرهم من كل الأقطار العربية، وكأن العروبة مسرحية لا فصول زمنية ولا فصول مكانية فأبطالها من كل الأمكنة وكل العصور.

ما الذي جعل المشاعر القومية تتقزم في العصر الحالي؟


كثيرة هي الأسباب التي جعلت المشاعر القومية تتنحى عن طريق التفكير في التحول الإجرائي، ولعل أهمها هو ما حدث في مراحل الاستقلال.

لو أخذنا من باب المقارنة دولة إندونيسيا الإسلامية، ومجموعة الدول العربية، التي تساويها في عدد السكان أو تزيد قليلاً، لرأينا أن إندونيسيا المكونة من 17508 جزيرة والتي تبلغ مساحتها أقل من مليوني كيلومتر مربع قليلاً، وبها من الإثنيات (الأعراق القومية) حوالي 300 عرق، ومن اللغات واللهجات حوالي 742 لغة ولهجة، ومن الديانات المتنوعة (مسلمون: سنة وشيعة 86%؛ مسيحيون: بروتستانت وكاثوليك 9%؛ هندوس؛ وكونفشيوس؛ وبوذيين الباقي).*1

في حين أن البلدان العربية، لا يوجد فيها من الإثنيات العرقية إلا أزيد من عشرين إثنية أساسية( أهمها العربية، والأمازيغية، والكردية، والقبطية والنوبية، والتركمانية، والبلوشية، والفارسية وهي أثنيات قديمة انصهرت وتلاقحت مع العربية) وبعضها وفد منذ أكثر من قرنين مثل الأرمن والشركس، والهنود والأقليات التي رافقت المستعمرين الأوروبيين وبقي منها ما بقي)، وحوالي 8 لغات مستعملة (العربية، والأمازيغية، والكردية، والقمرية، والصومالية، والإنجليزية والفرنسية والإسبانية). أما اللهجات فهي تُعد بالعشرين أو أكثر قليلاً يتفاهم بها السكان المحليون، وهي ليست بعيدة كثيراً عن اللغات المستعملة.

وفي خصوص الديانات، فإن البلدان العربية تعتبر من أقل بلدان العالم في تعدد الديانات والطوائف، إذا ما قورنت مع الهند أو روسيا مثلاً أو الولايات المتحدة. وقد أسهم اليهود والمسيحيون والصابئة ببناء الحضارة العربية الإسلامية جنباً الى جنب مع المسلمين، دون تكلف أو ضغط، في الترجمات والفلك والطب وغيره، وذلك عندما كانت الدولة تشكل حاضنة تفجر إبداع الجميع، بل كان يأتي من العلماء من هم خارج حدود الدولة ليستفيدوا من المناخ الإبداعي*2.

إذن ماذا حدث؟

نستطيع أن ننحاز ـ برضا كامل ـ للتفسير الذي تبناه ساطع الحصري*3، بأن التشرذم القومي قد حدث في أوقات الاستقلال الحديث. فإندونيسيا ذات الجزر الكثيرة والنوعيات العرقية المتعددة ناضلت لنيل استقلالها ضد مستعمر واحد هو المستعمر الهولندي فحافظت على وحدتها بعد استقلالها وطورت من طرق تناقل السلطة حتى وصلت الى ما وصلت إليه، وهذا ما يمكن أن يقال عن الهند وتركيا (إثر سقوط دولة الخلافة)، وما يمكن أن يقال عن جنوب إفريقيا والصين.

أما في البلدان العربية، فقد ناضل كل شعب من الشعوب العربية ضد دولة مستعمرة قد تختلف عن الدولة المستعمرة لبلد عربي آخر، أو تكون نفس الدولة المستعمرة، لكن في ظروف وتواريخ مختلفة، (فرنسا: لبنان، سوريا، الجزائر، تونس، المغرب، موريتانيا، جزر القمر)؛ (بريطانيا: مصر والسودان، الأردن وفلسطين، العراق، مشايخ الخليج العربي، وجنوب اليمن)؛ (إيطاليا: ليبيا، وبعض أجزاء من القرن الإفريقي).

عندما استقلت الدول العربية، بتواريخ استقلال مختلفة، انكفأت كل دولة بمجتمعها لترسخ قطريتها وانفصالها، كما خُطط لذلك بالاتفاقيات الاستعمارية، وأصبحت النخب الحاكمة والنخب المعارضة تلتزم بتلك الروح الانفصالية.

إن كان التعدد العرقي ينطبق على السودان والعراق وبعض الدول المغاربية، فما تفسير أن تكون هناك ثمانية دول في الجزيرة العربية؟ وأربع دول في بلاد الشام؟

إن هذه الشرذمة، تجعل التفكير بأن يكون للدولة القطرية طموح إقليمي، هو ضرب من الخيال أو حتى الجنون، فلذلك تتطاول دول مثل إيران وتركيا والكيان الصهيوني المسخ ليكون لها دور إقليمي على حساب تلك الشرذمة.


هوامش
*1موسوعة السياسة / أسسها عبد الوهاب الكيالي/ الجزء الأول/ط3/ 1990/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ صفحة355
*2ـ الوحدة العربية/ المشكلات والعوائق/ناجي علوش/منشورات المجلس القومي للثقافة العربية/الرباط/المغرب ط1/1991/ ص 22
*3ـ الإقليمية: جذورها وبذورها/ساطع الحصري/ بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية/طبعة خاصة 1985 (نُشر الكتاب لأول مرة عام 1963)
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 09-02-2014, 03:11 PM   #7
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الإرادة العسكرية في إدارة الدولة

قالوا: المُلْك بالجُند، والجند بالمال والمال بالخَرَاج، والخَراج بالعمارة، والعمارة بالعدل.. وولي العدل الحاكم*1 وقالوا: لا جباية إلا بعمارة، ولا عمارة إلا بعدل وفي السياسة قالوا: بالعدل عمرت الأرض وقامت الممالك.

وكان أرسطو قد لخص ذلك بالقول: (الوطن بستان سياجه الدولة، والدولة سلطان تحيى به النفوس، والسُنة سياسة يسوسها الملك، والملك نظام يعضده الجند، والجند أعوان يكفلهم المال، والمال رزق تجمعه الرعية، والرعية عبيد يكتنفهم العدل، والعدل مألوف وبه قوام الوطن، وهو هكذا متصل ببعضه)*2

والجُند مصطلح يختلف عن العسكر، فالعسكر هم من يحترفون مهنة القتال ويقيمون في قلاع ومعسكرات ويتلقون رواتبهم وأرزاقهم من الدولة، أما الجُند فهم أُناسٌ يتم تجنيدهم في الحروب والقتال، ثم يعودون الى أعمالهم، الطبيب لعيادته والعامل لورشته والمزارع لحقله.

وقد مر على تطور تنظيم الجيوش في المناطق العربية والإسلامية ست مراحل حتى انتهت الى ما هي عليه الآن، ابتدأت المرحلة الأولى من عهد النبي صلوات الله عليه، وانتهت بنهاية العصر الأموي، فكانت القيادة مركزية بيد المركز وقيادات الجيوش(عربية صرفة) تُعين من الرسول أو الخليفة. ثم انتقلت الى شكلٍٍ آخر في العصر العباسي وامتدت الى نهاية حكم الأيوبيين بثنائية عرقية حدث من خلالها تمزيق مراكز القيادة والابتعاد عن الامتثال للخليفة. وفي المرحلة الثالثة: جاءت مع المماليك والعثمانيين لتكوّن حاميات أو قلاع تذود عن البلاد ولا تلتفت الى ما يجري في داخل البلاد. أما المراحل الثلاثة الأخيرة فكانت بعد التعرض للاستعمار الغربي ونيل الاستقلال. *3

في المراحل الثلاث الأولى، كان الحاكم (خليفة، أمير، سلطان) هو من يقود الجيوش، حتى نهاية حكم السلطان (سليمان القانوني)، وبعدها تُرك الأمر لقيادة متخصصة، قد تتحكم في مصير السلطان نفسه، لذلك نرى أن من بين سلاطين العثمانيين الستة والثلاثين، تم عزل أو اغتيال أربعة عشر سلطاناً منهم. وقد يكون هذا الأمر متبعا حتى في عصر العباسيين.

ممن يتكون عسكر اليوم؟

لم تختلف البلدان العربية والإسلامية كثيراً، عن الدول الأخرى في العالم من حيث النظرة الاجتماعية للمكانة التي يُشغلها كبار ضباط وقادة الجيش، فهي كانت حِكراً على أُسر الأشراف من السكان الإقطاعيين والبرجوازيين، وكان للفرسان في أوروبا مكانة عالية.

وقد انتبهت الكثير من الدول، لتنويع أفراد الجيش والقيادات، فكانت روما، مثلاً لا تبقي قائد الجيش إلا لسنة واحدة، ثم تصرفه خارج الجيش خوفا من الطمع في الحكم، حتى جاء يوليوس قيصر بعد أن احتل (الغال: فرنسا اليوم) واقتحم مجلس الشيوخ ونصب نفسه إمبراطوراً على روما..

في بلداننا العربية، بعد أن اعتمدت الدول الاستعمارية أسلوب تنصيب الأقليات (أكراد، أرمن، شركس الخ) في قيادات الجيوش، حتى لا يتعاطف أبناء القبائل مع شعبهم، جرى بعد نيل الاستقلال تنصيب أبناء من القبائل العربية المقيمة كقادة للجيش، وكان الدافع هو نيل رضا القبائل الكبيرة لكي تحمي أنظمة الحكم. ويمر الضباط بمراحل من التصفية حتى يترقى للرتب الأعلى من هو أكثر ولاء وإخلاصا للنظم الحاكمة، أما البقية فتنصرف لأعمال غير مؤثرة كثيراً، كالتموين والنقل ومؤسسات الخدمة الاستهلاكية وغيرها، أو يحالوا الى التقاعد بوقت مبكر.

لم يتذمر أحدٌ من ذلك، فقد يكتفي بما ناله من رعاية صحية وراتب تقاعدي واستفادة من خدمات استهلاكية وسكنية أو تنظيم إعارة لهم في دول تطلبهم الخ.

طموحات العسكر وأهدافهم

كون السُلطة والنظم تقوم بالاعتماد على قوة الجيش والتنظيمات الأمنية الأخرى، فإنه من الطبيعي أن تجتاح عناصر الجيش والأمن مشاعر تجعلهم وكأنهم أصحاب الأيدي العليا في حفظ الأنظمة، ولا بُد لهم من مكافئات تتناسب مع تلك الخدمة الهامة، وطالما أن رؤوس الأنظمة من ملوك وأمراء ورؤساء دول، يعرفون تلك الحقيقة، فإنهم يتعاملوا معها بمنتهى الحذر، فهم يغدقون من رعايتهم لقيادات تلك التنظيمات، ويبثوا العيون من حولهم في نفس الوقت ليتم التأكد والاطمئنان لولائهم. وتلجأ الأنظمة لحماية الأنظمة الأمنية، وتنص الدساتير في كثير من البلدان العربية على استثناء الكتل الأمنية من الملاحقة الإعلامية ومن كشف حساباتهم الخ.

وعندما تختل العلاقة بين رأس النظام وقيادات القوى العسكرية والأمنية، فإن مصير رؤوس الأنظمة لن يكون مأموناً (تركيا، مصر، العراق، سوريا، السودان، اليمن الخ) أمثلة واضحة.

ويُلاحظ المتابع لتطورات الأنظمة العربية، اقتران أسماء الرؤساء برتبة عسكرية (الزعيم فلان، العقيد فلان، الفريق فلان، المشير فلان الخ).

وتلجأ الأنظمة المرتبطة بالعسكر، لبث خطاب يعلن أنهم جاءوا بناءً على طلب الشعب، وأنهم قد اكتشفوا مؤامرات خارجية خطيرة، وأنهم لن يتهاونوا في ملاحقة المتآمرين والخارجين على القانون، ولن يسموا حركتهم في جميع الأحوال بأنها انقلاب بل تصحيح وثورة على المتآمرين.


كيف ينظر الشعب الى تحركات العسكر؟

الشعب له ثلاث مستويات من الدوائر المؤثرة، دائرة العلم (بحوث تطبيقية وبحوث سياسية وفكرية) وهي تلك الممثلة بالجامعات ومراكز الدراسات والمعاهد الأكاديمية العليا؛ ودائرة الفكر وهي التي تحول البحوث الى رؤى فكرية كالصحافة والكتاب والمثقفين والفنانين والمعلمين والإعلام الخ؛ ودائرة الثقافة الشعبية التي تتأثر بعناوين الأحداث دون فهمها فهماً جيداً، فتنجر وتتأثر بفجاجة وتغير مجرى الأحداث حسب قدرة المؤثرين فيها (حالة مصر نموذجا).

ولو أخذنا حالة توجه (السيسي) في مصر لترشيح نفسه، فإننا نلمس التفكك في القيادات الحزبية من شيوعيين وناصريين وأتباع حزب الوفد، وغيرهم، فعندما أعلن (حمدين صباحي) عن نيته في ترشيح نفسه، بادر أقطاب حزب الوفد للوقوف الى جانب (السيسي)، وهكذا سيفعل الآخرون. لماذا؟ لأنه ليس هناك ما يسمى بالبرنامج الوطني المتفق عليه كما حدث في الهند وجنوب إفريقيا.. وهكذا فسيجد الشعب من أنه لا مناص من انتخاب (السيسي)، وستدور الدائرة مرة أخرى.


هوامش
*1ـ ابن الأزرق/ بدائع السلك في طبائع الملك صفحة 59 [كُتب من التراث]
*2ـ ذكرها الطرطوشي وابن خلدون.
*3ـ فؤاد إسحق الخوري/ العسكر في البلدان العربية/لندن: دار الساقي 1990 [للتفصيل في الاطلاع على تلك المراحل]
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 15-02-2014, 12:27 PM   #8
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الدساتير وأثرها في تسيير البلاد


في السنوات الثلاث الفائتة، ثارت نقاشات حول الدستور بحجم كبير ، لم تكن تثار بذلك الحجم من قبل. في ثورتي تونس ومصر: هل الدستور أولاً أم انتخاب البرلمان والرئيس؟ وعندما تصاعدت الأمور لتصل الى ما وصلت إليه، عزى البعض الى الارتباك الحاصل في تلك الثورات يعود الى المسألة الدستورية وتوظيفها بشكل جيد..

لنرى، ما هو الدستور؟ وكيف يُكتب؟ ومن يكتبه؟ ومتى يُعدل؟ وما هي الآثار المترتبة على الأخطاء الواقعة من سوء نصوصه أو من سوء الالتزام به؟

ما هو الدستور؟

الدستور كلمة ليست عربية بل فارسية تعني (دست: قاعدة) و (وور: صاحب)،وقد تكون من كلمة (إدستر) وهي فارسية أيضاً وتعني الخيط الذي يستعمله البَنَّاء لجعل البناء مستقيماً*1. وقد أخذ العرب عن الأتراك تعريبه، ويعني أبو القوانين، أو القاعدة التي تنطلق منها القوانين.

يتناول الدستور عدة مسائل: منها تعريفية تعني بالهوية وطبيعة نظام الحكم واللغة والعلم والحدود؛ ومنها تقريرية: حدود حقوق الإنسان وإتباع الديانة وحق التملك الخ؛ ومنها تنظيمية من يصل للحكم وكيف ومتى يجب تنحيته ودور البرلمان ودور الشعب الخ. فلذلك تخضع كل التشريعات التي تصدر في الدولة للدستور من حيث الشكل والمضمون.

متى ظهرت الدساتير ؟

لم تعهد البشرية مسألة (الدساتير المكتوبة) قبل عام 1776 في الولايات المتحدة الأمريكية حيث كُتب أول دستور في العالم ثم تلاه الدستور الفرنسي عام 1791. أما في البلاد العربية والإسلامية فكان أول دستور مكتوب عام 1876 في أواخر عهد السلطان العثماني عبد العزيز (الشهيد: أو البخت سز: بِلا حظ) حيث حول الإمبراطورية من مملكة استبدادية الى دولة ملكية دستورية برلمانية، وعرف ذاك الدستور باسم (التنظيمات: أي الإصلاحات)*2

أما في البلدان العربية، فكان أول دستور لمصر عام 1882 في عهد الخديوي توفيق، وكان مكوناً من 53 مادة. أُبْطِل العملُ به من قبل سلطات الاحتلال الانجليزي، ثم وضع دستور عام 1923، وبقي حتى عام 1952. في لبنان وضع دستور من قبل سلطات الاحتلال الفرنسي عام 1924، ولا تزال معظم مواده دون تعديل. وباستثناء السعودية وعُمان، فقد وضعت الحكومات العربية المستقلة دساتير لها، تتشابه في (البسملة) والديباجة، وذكر الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع، وذكر اللغة والانتماء للأمة العربية.

هذا، وأن هناك دول كبريطانيا مثلاً ليس لها دستور مكتوب، بل حزمة أعراف تحدد سير البلاد، كذلك الكيان الصهيوني، فليس له دستور ولا لكيانه حدود!
ما هي العلاقات التي يتناولها الدستور؟

لكل دولة عدة مستويات من (التراتب) الوظيفي؛ 1ـ الشعب: وهو عموم المواطنين بكل أطيافهم، ويشكل أسفل أو قاعدة هرم الدولة. و2ـ الأحزاب والإعلام والمجتمع المدني. و3ـ الجهاز البيروقراطي المليء بالأفراد والوظائف التنفيذية. و4ـ الحكومة بسلطاتها الثلاثة التنفيذية والقضائية والتشريعية. و5ـ رأس النظام أو رأس الهرم.

الدستور يضع الأسس في وضع العلاقات بين تلك المراتب، حقوقها وواجباتها. وتقوم الأحزاب بإعلامها ونشاطها بمراقبة ضبط سير العلاقات بين الأطراف كلها ومتى يتم تجاوزها فتفضح المخالفات، فتسقط حكومة أو حكم. هذا في الدول التي اكتمل فيها بناء مؤسسات وتنظيمات الدولة والمجتمع.

التعديلات الدستورية

عادةً، مَن يكتب الدستور، هم من وصلوا لقمة السلطة، ويجتهدون في أن يرضي الجميع، ولكنهم لن يرضوهم، فمجرد ما أن تختل قمة هرم السلطة حتى يتغير الدستور بالكامل (الكونغو مثلاً: تعدل من عام 1967 الى عام 1980، سبع مرات). وهذا شأن معظم الدول النامية التي تتعرض لاضطرابات سياسية.

في تركيا، جرت عدة انقلابات عسكرية، كان أولها عام 1908 ضد السلطان عبد الحميد الثاني، والثاني عام 1960، والثالث عام 1971، والرابع عام 1980. وكل تلك الانقلابات كانت تفضي لمكاسب دستورية لصالح الجيش المكون من (761 ألف مقاتل و 36 ألف ضابط)*3. ثم توقفت المكاسب الدستورية بعد وصول (تورغت أوزال) للحكم عام 1983، ورغم أنه كان عدواً لدودا للتيار الإسلامي في تركيا (حزب الرفاه آنذاك)*4، إلا أنه خدم ذلك التيار من حيث لا يدري في التعديلات الدستورية.

لقد بات الإسلاميون الأتراك يحسون بأنه لن يكون هناك انقلاب عسكري مرة أخرى بعد معارك الدستور وتعديلاته التي رجحت كفة المدنيين على العسكريين وحدت من تسلطهم، خصوصا تعديلات 2004، التي استثنت رئاسة مجلس الأمن الوطني من الجيش ليصبح مدنيا، وحجبت سلطة الجيش على الإعلام والتربية وغيره، وسمحت لمناقشة ميزانية الجيش ومحاسباته المالية في البرلمان.

وكان الصراع طويلا وشاقاً، اكتسب فيه الإسلاميون مراساً للمناورة والبقاء حتى ولو بأسماء مختلفة عن أصل اسم الحزب، واستفادوا من مراقبة الاتحاد الأوروبي لهم لتحجيم دور العسكر من أجل التحاق تركيا بالاتحاد الأوروبي. فهل يمكن للحركات الإسلامية السياسية العربية أن تتحلى بالصبر لإدراك ما وصل إليه الأتراك؟





هوامش
*1ـ مجيد محمد/ معجم المصطلحات والألفاظ الأجنبية في اللغة العامية العراقية/ بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة (1990) صفحة 20.
*2ـ محمد المجذوب/ دراسات قومية ودولية/ بيروت: مؤسسة ناصر للثقافة 1981 صفحة 31.
*3ـ إبراهيم خليل أحمد و خليل علي مراد/ إيران وتركيا: دراسة في التاريخ الحديث والمعاصر/ جامعة الموصل 1992 صفحة 285.
*4ـ الزركلي/ موسوعة الأعلام ملحق المجلد الأول ـ صناع القرار في تركيا صفحة 25.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-02-2014, 03:26 PM   #9
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الاقتصاد أم السياسة؟



لورقة النقد وجهان، لا يستطيع المرء أن يقوم بالبيع والشراء بوجه واحدٍ منهما، كذلك، هو الشأن العام، له وجهان أيضاً، السياسة والاقتصاد. لا تستسيغ الجماهير سياسة مليئة بالكلام والوعود، واقتصاد البلد مهزوز.

وتقوم السياسة بمفكريها وروّادها وعلمائها بوصف الحالة الاقتصادية، ووضع النظريات التي تعالج مكامن الخطر فيها، وتتطور السياسة مع تطور الاقتصاد جنباً الى جنب، وتعمل كعمل إشارات المرور، تنبه أن هناك منعطف أو منحدر أو هناك احتمال لتساقط الصخور، وتكون الإشارات قريبة من مواقع التنبيه، لا تسبقها بمسافات طويلة، ولا تضعها بعد المكان المراد التنبيه إليه.

فعل المفكرون في الغرب( ولا زالوا) فعلهم بمحاذاة النهضة الصناعية، عندما انتقل العمل من ورشة بيتية الى مصنع كبير، فنوقشت ساعات العمل وحقوق العامل، والسقف الأدنى والسقف الأعلى للأجور، ووضعت النظريات الفلسفية، فتبنى منهم العقيدة الاشتراكية، وتبنى آخرون العقيدة الرأسمالية، وكثرت المذاهب الاقتصادية. وواكب التطور الذهني التطور الحضاري والاقتصادي، فظهرت أجيال من النظريات، كما تظهر أجيال من السيارات، فقطعة غيار سيارة المرسيدس لموديل 1990 غيرها لسنة 2005، ففهم الحالة يحتاج وصفة كما يحتاج الميكانيكي قطعة غيار لتصليح سيارة بعد أن يعرف نوعها وموديلها.

في بلادنا، كان الارتباك واضحاً منذ البداية، فمنهم من أراد تقليد الاشتراكيين ولم يفلح ومنهم من أراد التشبه بالرأسماليين ولم يفلح، فلا يزال هناك من يستورد قطع غيار مرسيدس موديل (سنتها) ليستخدمها في تصليح (طمبر: أو عربة كانت تجرها البغال). والنتيجة كما نراها!

ويبدو أننا بحاجة ماسة للالتزام بالمقولة التي تنص على (أن الفلاسفة لا يخرجون من الأرض كما تخرج النباتات الفطرية. وإنما هم ثمار عصرهم وشعبهم، وهم العصارة الأرفع شأناً، والأثمن، والأبعد عن أن تُرى، والمعبرة عن نفسها بالأفكار الفلسفية. وأن الروح الذي يبني الأنظمة الفلسفية بعقول الفلاسفة، هو نفسه الروح الذي يبني السكك الحديدية بأيدي العمال. فليست الفلسفة خارجة عن العالم، كما أن الدماغ ليس خارجاً عن الإنسان).*1

هل للديمقراطية دور في إنشاء اقتصاد قوي؟


ما أن تهاوت الأنظمة الاستبدادية في الشرق والجنوب، وخرجت الولايات المتحدة منتصرة في الحرب الباردة على الاتحاد السوفييتي، الذي من بعد أن فقد إمبراطوريته وحزبه الجبار وتقدمه التقني، آل الى التلاشي؛ فنحن [الحديث لمؤلف الكتاب المُشار إليه] نعتقد أن الديمقراطية حققت الفوز وأنها تفرض نفسها اليوم على أنها الشكل الطبيعي للتنظيم السياسي، واقتصاد السوق تعبيرها الاقتصادي، والعلمنة تعبيرها الثقافي. غير أن هذه الفكرة، مهما تكن مطمئنة للغربيين، فهي على درجة من الخفة يجب أن تثير قلقهم.*2

يتساءل الكثير من السياسيين: لقد سرنا على نهج الدول الديمقراطية فمارسنا الانتخابات في الجزائر وفلسطين ومصر، ومُنعنا من التمتع بنتائجها! فلماذا؟ ويعتكف عشرات من المفكرين العرب ليضعوا مشروعاً ديمقراطياً تحت عنوان: لماذا انتقل الآخرون الى الديمقراطية وتأخر العرب؟*3


يخطئ كثيرون من المفكرين والمثقفين العرب، عندما يقرروا أن مشاكلنا الاقتصادية آتية من سوء الأوضاع السياسية، كان عليهم أن يؤمنوا بأن مشاكلنا السياسية وتردي الأحوال فيها آتية من تردي الأوضاع الاقتصادية، والدليل على ذلك هو أن الجماهير التي خرجت في تونس ومصر وليبيا وسوريا وغيرها من البلدان العربية، لم تخرج كلها إلا لأوضاع اقتصادية سيئة.

لم يكن هذا الاستنتاج، هو حصيلة أحداث سياسية راهنة، بل هو مَظهر رافق نشوء الدولة الإسلامية أو كان قد سبقها. فقبل الإسلام كانت الأحوال الاقتصادية تؤثر في مجالات كثيرة أهمها الاجتماعية والسياسية. فيرد في القرآن الكريم ذِكر وأد البنات، وذِكر قتل الأولاد من أو خشية (إملاق).*3. والإملاق هو الفقر الشديد، وعندما يحل في منطقة، ترافقه مظاهر السرقة وقطع الطرق والغارات والبغاء والدعارة ومختلف أنواع الفساد والفجور، وقد ذكر العلامة جواد علي في مفصله المشهور (المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام)، ظاهرة غريبة وهي الانتحار الجماعي للأسر، حيث كانت الأسرة تغلق الباب على نفسها وتبقى جالسة حتى تموت، لكي لا تضطر الى ما يشوه شرفها كالتسول والبغاء وغيره، وكانت تلك الظاهرة تسمى (الاعتفاد: بالفاء وليس بالقاف).

ومن يبحث في أسباب انهيار الدول الإسلامية (الأمويين مثلاً)، يرى أن السبب الأول كان اقتصادياً. فكان الأمويون يدّعون أن السواد (أرض العراق) هو بستان لقريش*4، وكذلك فعلوا في خراسان حتى ثار عليهم الآخرون متمترسين وراء العباسيين*5


الفساد مظهر من مظاهر الاقتصاد الفاشل

تتفاوت الدول العربية في انتشار الفساد فيها، ومن حيث النزاهة(عكس الفساد) فتحتل قطر المرتبة الأولى عربياً، والمرتبة (22) عالمياً، وتحتل الإمارات (2) عربياً، و (30) عالمياً، وعُمان (3 عربياً و 39 عالمياً)، والبحرين (4 عربياً و 46 عالمياً)، والأردن (5 عربياً و 49 عالمياً)؛ والسعودية (6 عربياً، و63 عالمياً)؛ والجزائر ومصر وجيبوتي (10 عربياً، و 111 عالميا)، وسوريا (11 عربيا و 126 عالمياً) والعراق ( قبل الأخير عربياً و179 قبل الأخير عالميا).

أما لمن سيسأل من أكثر بلدان العالم نزاهةً؟ فهي حسب الترتيب: 1 نيوزلندا و2 الدنمرك و 3 سنغافورة والسويد و4 سويسرا ثم هولندا وأستراليا وكندا وأيسلندا وفنلندا والنرويج، وتحتل ألمانيا مرتبة14 الولايات المتحدة مرتبة 19.*6

سقوف الرواتب مثالاً للاقتصاد المهزوز

لنأخذ مصر، التي تراقبها عيون العرب، لكي تكون مثالاً يُحتذى به. في مصر 5.5 مليون موظف رسمي، و 560 ألف موظف أو مستخدم مؤقت. تدفع الدولة لهؤلاء 182 مليار جنيه مصري سنوياً (26 مليار دولار). منهم عشرون ألف موظف يتقاضون (64 مليار جنيه حوالي 9 مليار دولار) بمعدل (221 ألف جنيه مصري: 31 ألف دولار شهرياً)، وهناك من المعلمين من يتقاضى 120 جنيه شهرياً (18 دولار تقريبا)، ومن العمال المؤقتين من يتقاضى نحو 43 جنيه شهرياً (7 دولارات).*7

خاتمة

لا يحق لحزب أو فصيل سياسي أو حتى الجيش أن يزعم أنه يستطيع النهوض بأي بلد عربي وحده دون التعاون مع كافة الفصائل والمفكرين والجامعات، وإلا فإن التجريب والتقليد سيتبعه الفشل، فلا النموذج التركي يناسبنا ولا النموذج الصيني يناسبنا ولا النموذج العباسي، إن ما يناسبنا هو نموذج عربي يشارك الجميع في كتابته، حتى من هم في الحكم، ثم يُطرح أمام الشعب بتبسيط ليتعرف عليه ويناقشه ويبدي رأيه فيه.. ولا نتفاءل كثيراً من التحركات العربية الشعبية فهي تحتاج عدة عقود لنلحق بالعالم.


هوامش
*1ـ من مقالة كتبها ماركس في العدد 195 من جريدة (رينيه) 14/7/1842.
*2ـ آلان تورين/ ما الديمقراطية: دراسة فلسفية/ ترجمة: عبود كاسوحة/ دمشق: وزارة الثقافة 2000 صفحة 11.
*3ـ مشروع فكري ديمقراطي بدأ في أول التسعينات من القرن الماضي، وشارك فيه مجموعة كبيرة من المفكرين العرب صدر عنه حوالي عشرين كتاباً تجيب على معظم الأسئلة، وكانت تتنبأ بالانتفاضات العربية ومآلها. [نشر وتوزيع مركز دراسات الوحدة العربية].
*4ـ تاريخ الطبري، الجزء الأول طبعة ليدن 1879، صفحة 915.
*5ـ حسين مروة/النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية/ بيروت: دار الفارابي 1979 الجزء الثاني صفحة 154 وما بعدها.
*6ـ مجلة المستقبل العربي/مركز دراسات الوحدة العربية (عدد شهر شباط/فبراير 2010). عن: Transparency International, Corruption Perceptions Index (CPI) 2009
*7ـ صلاح جودة: خبير اقتصادي في لقاء مع قناة المحور أكتوبر 2013
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .