العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > مكتبـة الخيمة العربيـة

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى كتاب إرشاد الأخيار إلى منهجية تلقي الأخبار (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الميسر والقمار فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال لغز زانا الأم الوحشية لأبخازيا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: Can queen of England? (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: المعية الإلهية فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد رسالة في جواب شريف بن الطاهر عن عصمة المعصوم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات فى مقال أسرار وخفايا رموز العالم القديم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال آثار غامضة ... هل هي أكاذيب أم بقايا حضارات منسية؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خرافة وهم سبق الرؤية .. ديجا فو (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 25-05-2011, 12:21 AM   #1
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

مفتتح
ثمة فجوة واسعة لا يمكن تجاهلها بين القصيدة العربية الحديثة وقارئها ، وربما كانت هذه الفجوة عاملاً أساسيًا من عوامل هذه الأزمة التي يمر بها شعرنا العربي المعاصر أكثر من كونها مظهرًا من مظاهرها .
ولا شك أن قدرًا كبيرًا من مسوؤلية وجود هذه الفجوة يعود إلى القصيدة الحديثة والقارئ كليهما ؛ القصيدة بعوالمها الغريبة وتكنيكاتها الفنية المعقدة التي لا تضع في اعتبارها بالقدر الكافي طبيعة القارئ العربي الذي تتجه إليه ، والتقاليد الشعرية التي نما في ظلها ذوقه ، ومكونات ثقافته بشكل عام ، هذا بالإضافة إلى كثير من النماذج الردئية التي تنسب ظلمًا إلى القصيدة الحديثة وتحسب عليها ، وهي ليست منها ، والتي تتراوح بين قطبي الركاكة والابتذال من ناحية والغموض والإغراب من ناحية أخرى .

أما القارئ فإنه يتحمل نصيبه من المسؤولية بتشبثه بذلك الأنموذج الشعري الذي نشأ عليه ذوقه ونما ، وعدم استعداده لبذل أي جهد جديد في سبيل استيعاب أي نماذج أو أنماط شعرية أخرى لا تخضع خضوعًا صارمًا لتقاليد الأنموذج الشعري الموروث وشروطه . لقد أعرض كلا الطرفين ونأى بجانبه عن الآخر الأمر الذي زاد الفجوة بينهما اتساعًا وعمقًا .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 30-05-2011 الساعة 10:29 PM.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2011, 12:22 AM   #2
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

الصفحة الثانية من المفتتح


ولكن ثمة قدر أكبر من المسؤولية يقع على عاتق الناقد العربي المعاصر ، الذي هو أقدر الناس على تحقيق نوع من المصاحلة بين القصيدة العربية الحديثة وقارئها ، وعلى إزالة الفجوة الفاصلة بينهما ،أو على الأقل على تضييقها وإقامة الجسور عليها لتعبر فوقها القصيدة إلى قارئها ، أو ليعبر هو فوقها إليها ، ولكن النقد العربي المعاصر بدل أن يمد يد العون إلى القارئ ويعمل على تضييق الفجوة بينه وبين القصيدة الحديثة ساعد على توسيع هذه الفجوة وتعميها ؛ فالكثير من الدراسات النقدية التي تدور حول شعرنا العربي الحديث إما أن تهوم في أجواء من الغموض والضباببية ليست أقل انغلاقًا من تلك الأجواء التي التي يهوم في آ فاقها الشعر الحديث ذاتها ومن ثم فهي لا تساعد أحدًا على الولوج إلى هذه العوامل وفض مغاليها ، وإما أن تعنى بكل ما هو غير شعري في الشعر العربي الحديث .
لذلك فالنقد العربي الحديث مدعو الآن أكثر من أي وقت مضى إلى أن يبذل جهدًا حقيقيًا في سبيل إزالة الفجوة بين القارئ والقصيدة العربية الحديثة وبينه وبين الأشكال الأدبية بشكل عام قبل أن تبلغ حدًا من الاتساع يتعذر معه إقامة أي جسر فوقها يصل القارئ العربي بالأشكال الأدبية الحديثة ، فتضحمل هذه الأشكال في عزلتها القاسية ، وهذا ما تلوح بوادره المخيفة بالفعل.
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 17-07-2011 الساعة 04:25 AM.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2011, 12:23 AM   #3
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

الصفحة الثالثة من المفتتح
وهذه الدراسة عن "بناء القصيدة العربية الحديثة" واحدة من المحاولات المخلصة التي تفهو إلى المساهمة ف إقامة جسر من الجسور بي القصيدة العربية الحديثة وقارئها فوق هوة عدم الثقة التلي تفصل بينهما ، والتي تزداد عمقًا واتساعًا يومًا بعد يوم . وقد وجهت اهتمامها الأساسي إلى الأدوات والتكنيكات المستخدمة في بناء القصيدة العربية الحديثة على أساس أنها أبرز عوامل الأزمة الموجودة بين القصيدة وقارئها ، ولم يكن في وسع هذه الدراسة بالطبع أن تهتم إلا بكل ما هو أساسي وجوهري من هذه التكنكيات والأدوات تاركة التفصيلات والجزئيات لدراسات أخرى أكثر تخصصًا .

وقد اجتهدت هذه الدراسة في أن تبتعد عن أن تكون مقولات نظرية خالصة بنفس القدر الذي اجتهدت به في الابتعاد عن أن تكون قراءة نقدية تحليلية خالصة لنماذج من شعرنا العربي المعاصر ، وإذا اكنت في هذا الموضع أو ذاك قد مالت نحو هذا الجانب أو ذاك ، فإنها حرصت في مجملها وفي مسارها العام على أن تكون على الحد الفاصل بين الجانبين ، وفي المواضع التي مالت فيها شيئًا ما إلى الجانب النظري كان اهتمامها الأساسي موجهًا إلى بيان الجوانب الفنية للتكنيكات الشعرية المسخدمة في بناء القصيدة لا إلى الفلسفات النظرية الكامنة وراء هذه التكنيكات ، أما في المواضع التي مالت فيها إلى الجانب التحليل شيئًا ما فقد حرصت على أن يكون التحليل محصورًا في إطار القضية المطروحة في كل موضع ، وبالقدر الذي يساعد على إ ضاءة هذه القضية وتوضيحها .

بقي أن أشير إلى أن "الحداثة" في عنوان الدراسة هي مقولة فنية وليست مقولة زمنية ، فالقصيدة الحديثة في نظر هذه الدراسة هي التي كتبت بمفهوم حديث للقصيدة وأسلوب حديث في كتابتها ، وليست هي التي كتبت في العصر الحديث ، فكم من قصائد كتبت في أقدم عصور الشعر العربي هي أقرب إلى مفهوم الحداثة من كثير مما يكتب في العصر الحديث من الشعر .
وإذا كانت الدراسة قد أسقطت من اعتبارها تلك القصائد التي لا تمت إلى الحداثة إلا بالعصر الذي كتبت فيه ، فقد أسقطت من اعتبارها أيضًا تلك المحاولات المسرفة في الإغراب باسم الحداثة ، والتي هي أقرب إلى المغامرات الشكلية البهلوانية منا إلى محاولات التجديد الجادة ، أسقطت هذه الدراسة هذه المحاولات من اعتبارها على الرغم من اجتهادها في أن تكون غالبية نماذجها من أشد أشكال القصيدة العربية حداثة ، وكان رائدها في ذلك عاملين : أولهما أن هذه النماذج لم تحظ بقدر كاف من الاهتمام يعادل ذلك القدر الذي حظيت به النماذج الأكثر كلاسيكية من القصيدة الحديثة ، وثانيهما أن الفجوة الموجودة بين القصيدة الحديثة وقرائها إنما هي موجودة بين هذه النماذج وقرائها .
فإذا ما استطاعت هذه الدراسة أن تساهم على أي نحو في إقامة جسر على الفجوة القائمة بين القصيدة العربية الحديثة وجماهيرها ، فإنها تكون قد حققت ما تصبو إليه .
والله ولي التوفيق
علي عشري زايد
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 17-07-2011 الساعة 04:26 AM.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2011, 12:39 AM   #4
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

حول مفهوم القصيدة الحديثة
أولاً :القصيدة والمعاناة المزدوجة
(1)
القصيدة الحديثة نوع من الكشف والارتياد ،بمقدار ما هي نوع من المعاناة المرهقةوالجهد المضني .إنها بالنسبة للشاعر مغامرة يحاول خلالها أن يعيد اكتشاف الوجود ، وأن يكسبه معنى جديدًا غير معناه العادي المبتذل ،ووسيلته إلى ذلك هي النفاذ إلى صميم هذا الوجود لاكتشاف تلك العلاقات الخفية الحميمة التي تربط بين عناصره ومكوناته المختلفة ، حتى تلك التي تبدو في الظاهر على أكبر قدر من التباعد والتنافر ، وهو في سبيل وصوله إلى هذه العلاقات الخفية الحميمة بين عناصر لوجود كثيرًا ما يتجاوز العلاقات الظاهرة المحسوسة والمنطقية بين هذه العناصر ،تلك العلاقات التي لا تلتقط سواها النظرة العادية التي تقف عند ظوهار الأشياء ،بل إن الشاعر كثيرًا ما يحكم هذه العلاقات الظاهرية المألوفة ، لتتحول عناصر الوجود وأشياؤه إلى مجرد مفردات وأدوات في يديه يشكل بها عالمه الشعري الخاص ، أن يعيد بها صياغة العالم وفق رؤيته الشعرية الخاصة ، على نحو يزيده عمقًا وثراء واكتمالاً.
فعل الشاعر -على حد تعبير شاعر وناقد أميريكي معاصر هو أرشيباك ماكليش- هو "أن يتصارع مع صمت العالم ، وما كان خلوًا من المعني فيه ويضطره أن يكون ذا معنى ، إلى أن يتمكن من جعل الصمت يجيب ، وجعل اللاوجود موجودًا". وما كليش يعلق بهذه العبارة على أبيات اقتبسها من قصيدة نثرية لشاعر صيني قديم هو "لوتشي" يحدد فيها مهمة الشاعر قائلاً :"نحن الشعراء نصارع اللاوجود لنجبره على أن يمنمح وجودًا ، ونقرع الصمت لتجيبنا الموسيقى.إننا نأسر المساحات التي لا حد لها في قدم مربع من الورق ، ونسكب طوفانًا من القلب الصغير بقدر بوصة"(1)
_________________________
1-أرشيبالد ماكليش :الشعر والتجربة .ترجمة سلمى الخضراء الجيوسي.دار اليقظة العربية ومؤسسة فرانكلين .بيروت 1963 ص17 ،18
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2011, 12:41 AM   #5
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(2)


وإذا كان هذا القول ينطبق على عمل الشاعر بصفة عامة ،فهو أشد انطباقًا على عمل الشاعر المعاصر ،الذي يصارع اللاوجود من حوله ليجبره على أن يمنح وجودًا ، ويقرع الصمت لتجيبه الموسيقى ، كما قال الشاعر الصيني القديم في عبارته البارعة ، ولا شك أن هذا الدور الذي يقوم به الشاعر نوع من المعاناة الباهظة أو نوع من الصراع مع اللاوجود ..ومع الصمت ،ليمنحا وجودًا وموسيقى ، وهذا لا يمكن أن يتم إلا من خلال الجهد المضني والمعناة الصادقة ، في سبيل إعادة اكتشاف الوجود الشعري وهو في حالة أشبه بالغيبوبة ، وإنما أصبح عليه أن يبذل أخلص الجهد وأضناه في سبيل استغلال تلك الموهبة الفذة التي منحها الله إياها،والتي تمكنه من النفاذ إلى صميم الوجود ورؤية ما لا يراه سواه ، ومعاناة الإحساس بنبض الوجود ،واستشعار أدق خلجاته والإخلاص في هذه المعناة إلى أقصى مدى .. وأخيرًا تجسيد ذلك كله تجسيدًا فنيًا متميزًا في كيان فني خاص وهو القصيدة،ولقد تغير مفهوم العبقرية وأخذت اسمًا آخر هو "البراعة" أو "المهارة"،هذا الاسم الذي يوحي بإتقان العمل والممارسة ..


أما الجنون المقدس والإلهام التي تنسب إلى العبقرية فهي كلها غريبة على الأدب ، ولا تفيده شيئًا. ولكن الذي ليس غريبًا عليه هو الإلهام الآخر ،الذي هو الاهتمام الجاد بالأشياء التي تقال ، والهيام بالفكرة ، والعمل والعاطفة التي تخصنا .وهذا الإلهام يتطلب حرارة وعفوية وقريحة أدبية" (2)

_____________________
2(-Bendetoo Croce :La .Traduit Par D.Dryrus . Presses Universitaires do France .Paris 1951.p35
وانظر :د.محمد غنيمي هلال :النقد الأدبي الحديث .ط3 .دار النهضة العربية .مصر 1964 ص376،377
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 25-05-2011 الساعة 12:47 AM.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2011, 12:45 AM   #6
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

(3)


وقد صور واحد من أنبغ شعرائنا العرب المعاصرين وهو الدكتور خليل الحاوي بطريقته الشعرية المتفردة تلك المعاناة الباهظة التي يعانها الشاعر في سبيل اقتناص العبارة الشعرية الحقيقية ، وكيف يصارع الأهوال ،ويجتاز الخاطر من أجل تلك العتبارة المتمنعة المدللة ، بكل ما تملكه من قدر ة خارقة على تغيير الوجود ،وإعادة صياغته.


يقول الدكتور حاوي في مقطع "الريح" من قصيدته الطويلة "الناي والريح في صومعة كيمبريدج"(3):


ولعل تخصب مرة أخرى ،وتعصف في مدى شفتي العبارة


دربي إلى البدوية السمراء ،واحات العجين البكر، والفجوات ...


أودية الهجير


وزوابع الرمل المرير


تعصي .. وليس يروضها غير الذي يتقمص الجمل الصبور


وبقلبه طفل يكور جنة .. غير الذي يقتات من ثمر عجيب


نصف من الجنات يسقط في السلال


يأتي بلاتعب حلال


نصف من العرق الصبيب


الشوك ينبت في شقوق أظافري ،الشوك في شفتي يمـَّرج باللهيب

في وجهها عبق الغريزة حين تصمت عن سؤال
نهضت تلم غرور نهديها وتنفض عن جدائلها حكايات الرمال
تحدو ، تدور كما أشير بإصبعي
ولربما اصطاجدت بروقًا في دهاليزي تمر وما أعي
وبدون أن أملي الحروف وأدعي
تحدو، تدور،،تزوغ زوبعة طروب
وأرى الرياح تسيح ،تنبع من يديها منبع الريح المعطرت الجنوب
ومنابع الريح الطريقة والغضوب
للريح موسمها الغضوب
***
وحدي مع البدوية السمراء ،كنتب مع العبارة
في الرمل كنتب أخوض عتمته وناره
شرب المرارات الثقال بلا مراراة
_______________________
(3) ديوان خليل حاوي.دار العودة.بيروت 1972 ص 175 وما بعدها.
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-05-2011, 12:49 AM   #7
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي


(4)
فالشاعر في هذا المقطع الرائع من مقاطع القصيدة يجسد ذلك العناء المبدع الذي يتحمله الشاعر العظيم في سبيل اقتناض العبارة الشعرية ،هذه المتمنعة المدلل التي :"تعصي وليس يروضها غير الذي يتقمص الجمل الصبور".. ولكن الصبقر والعناء وحدهما غير كافيين،بل لابد أن تسبقهما تلك الخبرة الشعرية الشفيفة النقية التي تماثل في نقائها وشفافيتها سريرة الأطفال لابد ان يكون الشعر "بقلبه طفل يكور جنة" وإذن فإن الشاعر العظيم الذي يستطيع أن يروض تلك العبارة الشموس هو ذلك "الذي يقتات من ثمر عجيب .نصف من الجنات يسقط في السلال ،يأتي بلا تعب حلال ،نصف من العرق الصبيب"،وليس هذا النصف الذي يسقط من الجنات في السلال حلالاً بدون تعب سوى تلك الومضة ــــــــــالمتوهجة التي ينعم بها الله على وجدان الشاعر ،فيستطيع على ضوئها أن يرى الوجود رؤية جديدة ،ثم القدرة على الهيام بتلك الومضة والإخلاص في معاناتها واحتضانها حتى تؤتي ثمارها الشهية.
أما النصف الثاني "العرق الصبيب" فهو ذلك الجهد المبذول في معاناة الرؤية الشعرية وتجسيدها ،ولقد تفنن الشاعر إيما تفنن في تصوير هذا الجهد ..فهو يخصوض إلى العبارة الشعرية "واحات العجين البكر"بكل ما توحي به من القدرة على التشكيل البكر والصياغة المتفردة و "أودية الهجير " و"زوابع الرمل المرير" و"الشوك ينبت في شقوق أظافره" ز "الشوك في شفتيه يمرج
باللهيب".. وهو"في الرمل ..يخوض عتمته وناره " و"يشرب المرارات الثقال دون أن يشعر بالمرارة".. فاية دروب مضنية تلك التي يجتازها إلى العبارة الشاعرة؟!
لقد تفنن الشاعر في تصوير تلك العبارة المتمنعة الشموس بمقدار ما فنن في تصوير مدى المعاناة المبذولة في سبيل الظهر بها ؛فهو يجسد هذه العبارة في صورة "بدوية سمراء " بكل ما تحمله هذه الصورة من بكارة الفطرة وحيويتها وتفجرها الهادر ، وهي شموس نافرة عصية لا يتسطيع ترويضها غير الصبور الشديد الصبر، وهي في العنفوان"ثم تلم غرور نهديها وتنفض عن جدائلها حكايات الرمال " وهي أخيرًا تملك قدرات خارقة ،فإذا ما سيطر عليها الشاعر استطاع أن يغير بها الوجود ، فيجعلها "تحدو .. تدور كما يشيبر بإصبعه" ويجعل "الريح تنبع بمن يديها "..إلخ.
وإذن فالمعاناة والجهد المبذول ليس مجرد مسلمة نظرية ،وإنما هو يقين شعري يعيشه الشعراء ومن قبل خليل حاوي عبر الشاعر الفرنسي بول فاليري عن نفس اليقين بطريته الخاصة "إن الآلهة تمننحنا مجانًا البيت الأول من الشعر ، ولكن علينا نحن أن نصنع الثاني ".
وفاليري من الذين بؤمنون بضرورة الجهد الجاد للعمل الشعري "لأن ما يتم بسهولة يتم بدوننا "على حد تعبيره(4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
Edmee de La Rochefoucaauld:Paul Valery. Editions Universitarires. Paris 1976. P.57.انظر (4)
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .