قراءة فى بحث جوازُ اغتيالِ الكافرِ المُحارب
قراءة فى بحث جوازُ اغتيالِ الكافرِ المُحارب
البحث أو الفتوى من إصدار الهيئة الشرعية لجماعة الجهاد الكافر وقد استهل بتعريف المحارب فقال :
"المحارب؛ هو الذي لا عهد له ويعادي دين الله تعالى بالقول أو الفعل"
والتعريف ه معاهدين وغير معاهدين فكلهم يكرهون دين الله ويعادون
ولكن المحارب هو المقاتل الذى يعتدى على المسلمين أو ديارهم فيقتل أو يجرح أو يدمر
وفى هذا قال تعالى :
" فمن اعتدى عليكم فاعتدوا بمثل ما اعتدى عليكم "
وقال :
" وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ "
وكعادة السلفيين يقدمون الروايات على القرآن ومن ثم قالوا :
"وقد ورد في السنة ما يدل على جواز قتل هؤلاء ويتأكد ذلك في حق من اشتد إيذاؤهم لله تعالى ولرسوله وللمؤمنين، وقد وردت الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد} "
وقدموا تفسير الآية فقالوا
"قال القرطبي: ({واقعدوا لهم كل مرصد} أي اقعدوا لهم في موضع الغِرَّة حيث يرصدون، وهذا دليل على جواز اغتيالهم قبل الدعوة)
وقول القرطبي "قبل الدعوة" أي لمن بلغته الدعوة من قبل، وهذه الآية فيها دليل على مشروعية الرصد والاستطلاع والتجسس على العدو."
قطعا الرصد يكون من حدود الدولتين وليس من داخل بلاد العدو طالما لم تنشب حرب فالمراصد دوما ما تكون على الحدود لمراقبة من يخترقها وردعه على الفور دون حاجة إلى امر من أحد فالمجاهد يدافع على الفور دون إذن من رئيس مكان أو من غيره طالما رأى عدوان
واستدل القوم بروايات كلها متناقضة متضاربة فقالوا :
"أما من السنة فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل كعب ابن الأشرف وأبي رافع وهما من اليهود، أما كعب فكان يحرض المشركين على المسلمين وكان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم بشعره ويتشبب - يتغزل - بنساء المسلمين، وقد روى قصة اغتياله البخاري ومسلم.
فقد روى البخاري بسنده عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله، فقام محمد بن مَسْلمة فقال: يا رسول الله أتحب أن أقتله؟ قال صلى الله عليه وسلم: نعم، قال: فائذن لي أن أقول شيئا، قال: قل، فأتاه محمد بن مَسلمة ... ) وفيه أن محمد بن مَسلمة ومن معه أوهموا كعباً بضيقهم بالنبي صلى الله عليه وسلم واحتالوا عليه حتى قتلوه، وكان في حصن منيع.
وفي قول محمد بن مسلمة رضي الله عنه: (فائذن لي أن أقول شيئا)، قال النووي رحمه الله: (معناه ائذن لي أن أقول عني وعنك ما رأيته مصلحة من التعريض وغيره، ففيه دليل على جواز التعريض وهو أن يأتي بكلام باطنه صحيح ويفهم منه المخاطب غير ذلك، فهذا جائز في الحرب وغيرها ما لم يمنع به حقاً شرعياً)
قال ابن حجر: (وفي مرسل عكرمة "فأصبحت يهود مذعورين، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا قتل سيدنا غِيلة، فذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم صنيعه وما كان يحرض عليه ويؤذي المسلمين"، زاد ابن سعد "فخافوا فلم ينطقوا") ... إلى أن قال: (وفيه جواز قتل المشرك بغير دعوة، إذا كانت الدعوة العامة قد بلغته، وفيه جواز الكلام الذي يحتاج إليه في الحرب، ولو لم يقصد قائله إلى حقيقته)
هذا ومن وصف اغتيال الكافرين المحاربين لله ورسوله صلى الله عليه وسلم بأنه غدر ونحو ذلك، أو أن الإسلام يحرم ذلك فهو ضال ويخشى عليه أن يدخل في زمرة من يكذب بالكتاب والسنة.
وقد قال النووي: (قال القاضي عياض: ولا يحل لأحد أن يقول إن قتله - أي كعب - كان غدرا، وقد قال ذلك إنسان في مجلس علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأمر به فضرب عنقه)
وهذه القصة الأخيرة التي ذكرها النووي أشار إليها القرطبي في تفسير قوله تعالى {فقاتلوا أئمة الكفر { حيث قال: (استدل بعض العلماء بهذه الآية على وجوب قتل كل من طعن في الدين إذ هو كافر، والطعن: أن ينسب إليه ما لا يليق به، أو يعترض بالاستخفاف على ما هو من الدين، لما ثبت من الدليل القطعي على صحة أصوله واستقامة فروعه) ... إلى أن قال: (ورُوي أن رجلا قال في مجلس علي ما قتل كعب بن الأشرف إلا غدرا، فأمر علي بضرب عنقه، وقاله آخر في مجلس معاوية فقام محمد بن مسلمة فقال: أيقال هذا في مجلسك وتسكت!، والله لا أساكنك تحت سقف أبدا، ولئن خلوت به لأقتلنه.
قال علماؤنا: هذا يقتل ولا يستتاب إن نسب الغدر للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي فهمه علي ومحمد بن مسلمة رضوان الله عليهما من قائل ذلك، لأن ذلك زندقة، فأما إن نسبه للمباشرين لقتله بحيث يقول: إنهم أمنوه ثم غدروه لكانت هذه النسبة كذبا محضا، فإنه ليس في كلامهم معه ما يدل على أنهم أمنوه ولا صرحوا له بذلك، ولو فعلوا ذلك لما كان أمانا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما وجههم لقتله لا لتأمينه، وأذن لمحمد بن مسلمة في أن يقول.
وعلى هذا فيكون في قتل من نسب ذلك نظر وتردد، وسببه هل يلزم من نسبة الغدر لهم نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه قد صوب فعلهم ورضي به فيلزم منه أنه قد رضي بالغدر ومن صرح بذلك قتل، وإذا قلنا لا يقتل، فلابد من تنكيل ذلك القائل وعقوبته بالسجن، والضرب الشديد والإهانة العظيمة)
وما أنكره علي بن أبي طالب ومحمد بن مسلمة رضي الله عنهما هو ما يدندن به الأئمة المضلون من كهنة السلطان الذين يقولون إن الإسلام يحرم الاغتيال مطلقا وأن الاغتيال غدر وخيانة، يقولون ذلك حماية لأسيادهم.
ويؤيد قتل المحاربين ما ورد في قصة ابن أبي الحقيق وهو يهودي من خيبر وكان قد ذهب إلى مكة وأغرى قريشا بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى حزبوا الأحزاب وكان موقد نار غزوة الأحزاب.
فقد روى البخاري عن البراء بن عازب قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي رافع اليهودي رجالا من الأنصار، فأمر عليهم عبد الله بن عتيك، وكان أبو رافع يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعين عليه وكان في حصن له بأرض الحجاز)
وروى عنه أيضا: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطا إلى أبي رافع فدخل عليه عبد الله بن عتيك بيته ليلا وهو نائم فقتله) ، وقد احتال بن عتيك بشتى الحيل حتى قتله، فاحتال حتى دخل الحصن ثم أغلق أبواب بيوت اليهود من خارجها ثم صار إلى أبي رافع لا يدخل بابا إلا أغلقه من داخله وغير صوته حتى لا يُعرَف رضي الله عنه.
قال ابن حجر رحمه الله: (وفي هذا الحديث من الفوائد:
|