العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الاسلامي > الخيمة الاسلامية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نظرات فى مقال فسيولوجية السمو الروحي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات بمقال هل تعلم أن مكالمات الفيديو(السكايب) كانت موجودة قبل 140 عام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى بحث مطر حسب الطلب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مثال متلازمة ستوكهولم حينما تعشق الضحية جلادها (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال مستعمرات في الفضاء (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال كيفية رؤية المخلوقات للعالم من حولها؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال حوار مع شيخ العرفاء الأكبر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الضفائر والغدائر والعقائص والذوائب وتغيير خلق الله (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 03-02-2008, 10:54 PM   #1
RWIDA
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 226
إفتراضي من عوامل هلاك الامم واندثارها

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، ياربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، سبحانك اللهم لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، خير نبيٍ أرسله، أرسله الله إلى العالم كله بشيراً ونذيراً، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد؛ صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين، وأوصيكم ـ أيها المسلمون ـ ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى.

أما بعد، فيا عباد الله:

إن في كتاب الله سبحانه وتعالى من بيان السنن الكونية والقوانين الربانية ما يبين العوامل في ولادة الأمم أو الدول، وسيرها في طريق القوة والنضوج، كما يبين عوامل هلاكها واندثارها بعد القوة وبعد النضوج. وفي كتاب الله عز وجل من السنن الربانية ما يبين مصير أمم قد خلت من قبل طبق هذا القانون الذي يوضحه ويبينه، كما أن فيه ما يبين مصير الناس والأمم التي ستأتي من بعد، وكيف أنها لابد أن تخضع لهذا القانون الذي يشرحه لنا بيان الله عز وجل، ولكن قليلون هم الذين يتدبرون كتاب الله ليقفوا منه على هذه السنن وعلى هذه القوانين الربانية التي يأخذ الله عز وجل بها عباده أشخاصاً ودولاً وأمماً، ولن يتسع الوقت لاستعراض تلك الآيات التي تتضمن بيان هذه السنن، متى تقوى الدولة في الأرض؟ ومتى يشتد ساعدها ويترسخ وجودها؟ ومتى تعود إلى الضعف فالذبول فالانمحاق؟ وكيف أن هذا الذي يصدق على الأفراد والأشخاص يصدق على الأمم والدول والجماعات أيضاً؟ لايتسع الوقت لاستعراض هذه الآيات الكثيرة التي تتضمن هذا البيان.

ولكن الله عز وجل جسد لنا سننه هذه في قصة رجل جعل منه وسيلة إيضاح وبيان لسننه هذه، ألا وهو ((قارون)). وإنما قص الله عز وجل علينا قصته وكثَّف الحديث عنه من خلال خطوط عريضة، إنما قص الله عز وجل علينا قصته لنعلم كيف أن الله يسوس الأشخاص ويتعامل معهم، وكيف أن هذا القانون ذاته هو القانون الذي يسوس على أساسه الدول والأمم والجماعات، انظروا إلى قوله عز وجل: {إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ، وَابْتَغِ فِي ما آتاكَ اللَّهُ الدّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: 28/76-77] هذه هي المرحلة الأولى من قصته كما يقصها علينا بيان الله عز وجل، ولكن قفوا أيها الإخوة معي على هذا القانون الرباني، إنه يقول: {إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ} تلك هي هويته ((البغي))، والبغي هو أشد أنواع الظلم، إذا اجتمع الظلم مع الاستكبار فذلك هو البغي، فبغى عليهم، ثم إنه يقول: {وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ}.

لماذا يارب؟ عبدك هذا بغى وطغى فلماذا أعطيته الكنوز؟ ولماذا مددته بمزيد من القوة وبمزيد من العطاء؟ سؤال لابد أن يستشرفه العقل ولابد للإنسان أن يطرحه، والجواب عند سنة إلهية من سننه المبثوثة في كتابه: {فذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ، وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [القلم: 68/44-45] هذه الآية هي التي تتضمن الجواب عن هذا السؤال {فَبَغَى عَلَيْهِمْ} ثم يقول: {وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} ينبغي أن نقف أمام هذه السنة الربانية، إن العبد إذا طغى وبغى فإن الشأن في معاملة رب العالمين له أن يمده بالعطاء، وأن يزيده رفعة، وأن يزيده علواً، وأن يبسط أمامه الطريق لمزيد من الاستكبار ولمزيد من العتو، وليس من عادة رب العالمين أن يهلك هذا الإنسان الطاغية الباغي إلا بعد أن يصل إلى القمة من تعاليه واستكباره، هكذا تقول السنن الربانية، لماذا؟ ذلك لأن أحداً من الناس أيها الإخوة، إذا وقع لايقع على الحصير، وإنما يقع مَنْ يقع مِنْ على العرش أو السرير، حقيقة معروفة يدركها العقل الإنسان الذي يعيش حياة شظف وحياة فقر ومهانة، ما معنى إهلاك الله له، لن يتجلى أن معنى لإهلاك الله له، إنه كذلك الذي يتقلب من حصيره على الأرض المجاورة، لايسمى هذا وقوعاً، ولايتحقق من أثر ذلك شيء، لكن الشأن أن الله يرفعه ثم يرفعه ثم يرفعه حتى إذا وصل إلى القمة عندئذ يدفعه إلى الهاوية، وعندئذ يتحقق معنى الوقوع. وصدق الله القائل: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}.

من أجل هذا بسط الله لقارون، وأمده بمزيد من القوة، وأمده بمزيد من العطاء، وهذه السنة التي تصدق على قارون تصدق على الجماعات وتصدق على الدول وعلى الأمم أيضاً، ثم ماذا كان من عاقبة ذلك أرسل الله عز وجل إليه الناصحين، أرسل إليه المذكرين المنذرين، قال له قومه ((لاتفرح)) أي لاتفرح الفرح المطغي {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ، وَابْتَغِ فِي ما آتاكَ اللَّهُ الدّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا} [القصص: 28/76-77] لا تنسَ إذ تخرج من هذه الدنيا ما الذي تحمله معك، اذكر ذلك {وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: 28/77].

كان يمارس الفساد، وما الفساد أيها الإخوة؟ إنه المصنع الذي يصنع فيه الإرهاب، كلما وُجد الفساد أًثمر الفساد الإرهاب، وكلما غاب الفساد لابد أن يغيب الإرهاب الذي يتحدث عنه البغاة والطغاة اليوم، {وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الأَرْضِ} لم ينهه عن الإرهاب إنما نهاه عن ينبوع الإرهاب، عن المعمل الذي يُصَنَّع فيه الإرهاب، عندما تكون هنالك دول تفسد في الأرض وكلمة ((الفساد)) هي الكلمة الربانية الدقيقة المتكررة في كتاب الله سبحانه وتعالى، ما الذي تعنيه كلمة الفساد، الظلم، الطغيان، البغي، الاستكبار، الاغتصاب، كل ما يتعارض ويتناقض مع العدالة فهو جزء لايتجزأ من معنى الفساد، الفساد كلمة جامعة، إذا استشرى الفساد في الدولة فانتظر أن تظهر مظاهر الإرهاب هنا وهناك، إذا وجد الناس أنهم ضحايا للفساد، إذا وجد الناس أنهم ضحايا للاغتصاب، إذا وجدوا أن حقوقهم بدأت تنتقص أو تستلب، إذا وجدوا أنهم غدوا المستضعفين إلى جانب الكفة التي تتعالى بالمستكبرين، ونظروا فوجدوا أن الأمر مستمر على هذه الشاكلة لابد أن تتفجر بين جوانحهم عوامل المقاومة لهذا الفساد. وهكذا فإن الفساد هو المعمل الذي يُصَنَّع فيه الإرهاب، ومن أجل هذا أرسل الله عز وجل إلى قارون من يقول له: {وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: 28/77].

ولكن الطغيان هو الطغيان أيها الإخوة، الطغيان سَكَر، لم يؤثر هذا النصح في قارون، وإن قارون الذي يتحدث عنه البيان الإلهي نموذج لطغاة كثيرين مروا في معبر هذه الدنيا ولايزالون يمرون، {قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: 28/78] أجل لا ينصحني ناصح ولا يذكرني مذكر، إنما نلت هذا الذي نلته بعرق جبينـي، وإنما نلت هذا الذي نلته بالعلم، بالتقنية، بالقدرات الحضارية أتلاحظون هذا البيان الإلهي، الذي جاء وكأنه ثوب فصل على قدر واقع الطغاة في كل عصر، في كل زمان ومكان؟ التباهي بالعلم، التباهي بالتقدم، بالتكنولوجيا، {قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: 28/78].

ويأتي الجواب الرباني ليقول له ولأمثاله إلى قيام الساعة: {أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً} [القصص: 28/78] انظروا إلى التاريخ الماضي وافتحوا ملفه، كم وكم تجدون من أمم طاغية باغية متعها الله من القوة بما لم يمتع به كثيراً من الناس الذين يعيشون فوق الأرض اليوم، فماذا كانت عاقبة طغيانهم؟ كانت عاقبة ذلك الهلاك، كما قال الله عز وجل: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 11/102]، {أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} [القصص: 28/78] عندما تحين ساعة الصفر للإهلاك فإن الله عز وجل يغلق أمامه عندئذ باب الحوار، باب التوبة، لا وقت عندئذ للحديث عن رجوع، ولا للحديث عن إصلاح فساد، الفرصة مضت.

ثم إن الله عز وجل يوضح لنا كيف أن الناس فريقان: ففريق يغتر بالمظهر وفريق يتجاوز المظهر إلى الحقيقة {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} [القصص: 79] صورة تنطبق على قارون وتنطبق على كثير من الطغاة اليوم {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ، وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً وَلا يُلَقّاها إِلاّ الصّابِرُونَ} [القصص: 28/79-80] ألاحظتم أيها الإخوة كيف أنه يقول: {وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} ولم يقل الذين أوتوا الإيمان. مَرَّ بنا ووقَفَنا على المعين والنبع، ما هو معين الإيمان؟ ما هو منبع الإيمان؟ ما هو مصدره؟ العلم. ولاشيء غير العلم. وقال الذين أوتوا العلم، فهداهم العلم إلى الله، أوتوا العلم فهداهم العلم إلى هوياتهم، أوقفهم العلم على مرآة ذواتهم، نظروا فوجدوا أنهم عبيد لله، والعبد ما ينبغي أن يستشرف لنقيض هويته فيستكبر على الأرض وهو ذليل عبد مملوك لله سبحانه وتعالى، هكذا هي حال الناس في كل عصر، الناس فريقان، فريق سَكِرَ بزهرة الحياة الدنيا، يسيل لعابه على ما عند هؤلاء الطغاة، ويظن أن بوسعه أن يحطم طغيانهم بمثل الطغيان الذي يتمتعون به والأمر ليس كذلك، فريق آخر أوتوا العلم، يقولون هذا الذي قاله هؤلاء المؤمنون وفي كل عصر يوجد من هذا وذاك، ولاتزال هذه الأمة على خير إلى أن يرث الله سبحانه وتعالى الأرض وما عليها.

ماذا كانت العاقبة أيها الإخوة؟ {فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ} [القصص: 28/81] خسفنا به وبداره الأرض، متى جاء الخسف، مرت سنوات وسنوات وهو يطغى ويبغي ويتقلب من طغيانه، ويخيل إليه أنه قد هيمن على الأرض والدنيا كما قال الله سبحانه وتعالى: { حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} [يونس: 10/24] مرت سنوات وسنوات قبل أن يخسف الله به الأرض، لماذا؟ هذا هو السؤال الذي يطوف بأذهان كثير منكم اليوم. فاسمعوا الجواب واعرفوه، قلت لكم: إن الله عز وجل عندما يوقع الطاغية من حالق لابد أن يهوي به ثم يهوي به ثم يهوي به إلى الدرك الأسفل، كيف يكون هذا الهُوِيُّ إلى الدرك الأسفل، عندما يسمو ثم يعلو ويتمطى ويتمطى بكبريائه شخصاً كان أو دولة، ثم يتمطى إلى أن يصل إلى الأوج ويخيل إليه أنه قد هيمن على كل شيءٍ عندئذ يأتي أمر الله سبحانه وتعالى، وعندئذ يكون للوقوع معناه، وعندئذ يكون لهبوطه من حالق إلى أسفل الدرك معناه، بينما لو كان الأمر على عكس من ذلك فإننا لم نجد معنى لوقوعه، ولن نجد معنى لسلطان الله سبحانه وتعالى الذي يحول طغيان الطغاة من النقيض إلى النقيض، من أعلى قمم الاستكبار إلى أحط دركات القهر والاضطرار والذل والهوان.
RWIDA غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 03-02-2008, 10:54 PM   #2
RWIDA
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 226
إفتراضي

ماذا كانت النتيجة أيها الإخوة. {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ} [القصص: 28/82].

وانظروا إلى عصارة هذه السنة لنتعلم: {تِلْكَ الدّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 28/83] هذه هي عصارة قانون الله، الذي كان ولايزال نافذاً في الأشخاص ونافذاً في الدول والجماعات دون شذوذ إلى أن تقوم الساعة، تلك الدار الآخرة نجعلها لمن؟ للذين لايريدون علواً أي استكباراً، للذين لايريدون علواً في الأرض ولا فساداً، عرفتم الفساد، الكلمة الجامعة، التي تحتضن معنى الظلم بأشكاله، الاغتصاب بأشكاله، القهر بأشكاله، اللامبالاة والاستكبار على الآخرين بأشكاله، كل ذلك هو الفساد، هؤلاء الذين يعيثون في الأرض فساداً، هم مصدر كل إرهاب، هم الذين يُصَنِّعون الإرهاب، هم الذين يُصَدِّرونه، معامل الإرهاب أين تجدونها؟ في أمريكا أيها الإخوة، لدى أولئك الطغاة لدى أولئك المستكبرين، لدى ذاك الذي قال بالأمس: إما أن يكون الناس معنا أو علينا وحتى الله ينبغي أن يكون معنا أو علينا وليس له أن يقف حيادياً. عندما يستكبر الشخص الواحد أو تستكبر الدولة التي ينطق ناطقها بلسانه بهذا الشكل، يكون قد بلغ الذروة، وإذا بلغ الذروة فقد وجد المؤشر الذي يعلن أن قد حانت الساعة التي قضى الله سبحانه وتعالى فيها بإهلاك هؤلاء الناس، إذ القاعدة أن الله عز وجل إذا أهبط بالإنسان إلى الدرك إنما يهبطه من عرشه، لامن الأرض المستوية، كلكم ينبغي أن يعلم هذه الحقيقة أيها الإخوة، ولكن هل من معتبر؟

إن الرعب يجتاح اليوم تلك البقاع، وهذا الرعب يذكرنا بقول الله عز وجل: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظّالِمِينَ}
[آل عمران: 3/151] سنلقي، السين للاستقبال، والاستقبال مفتوح، وهذا قرار من الله والتزام، بقطع النظر عن كوننا أهلاً لأن يدخل الله الرعب في قلوبهم من أجلنا أم لا، أغلب الظن أننا لسنا أهلاً لهذا، لكن قانون الله سارٍ، سواءٌ كنا أوفياء مع الله بالعهد أو كنا متنكبين عن العهد، قانون الله سار بحق أولئك الناس، أما أولئك الناس فالرعب يجتاحهم، وها هو ذا الخط البياني هابط بسرعة، أين هو الطغيان الذي كان يستشري؟ إنه يذوب كما يذوب الثلج تحت أشعة الشمس الملتهبة، نعم وما سيأتي به الغد القريب أشد وأكثر اعتباراً مما ترونه اليوم.

ولكن أين هو العالم الإسلامي الذي يعتبر؟ أين هي اليقظة التي تسري في قلوب لا في أبصار العالم الإسلامي، حكاماً قبل أن أقول شعوباً؟ لايزال قادة العالم الإسلامي يتطوحون في ذهول وفي سُكْر وفي تيه وفي غيبوبة عن هذه السنن الربانية، إسلامهم كلمات، إيمانهم انتماء، نعم. ولايزالون متفرقين متباعدين متشرذمين، والمأساة الأخطر من هذا كله أن أنظر فأجد أن المسلمين على أرض واحدة، وفي دولة واحدة، قد أصبحوا أعداء يتهارجون ويقتل الواحد منهم الآخر خدمة لأمريكا، يا هؤلاء الناس إنها فرصة أرسلها الله عز وجل لكم لتستيقظوا، سلط الله عليكم هذا العدو المشترك عسى أن تشعروا بأن ما كان بينكم وبين إخوانكم من خلاف ينبغي أن ينتهي، ما كان بينكم وبينهم من ثغرات ينبغي أن يسد، ومن ثم ينبغي أن تمتد الأيدي من هذا الطرف وذاك إلى الإخوة المؤمنين وبذلك تأتي اللطمة الربانية عن طريقكم، إلى هؤلاء المستكبرين الطغاة، نعم ورثة قارون بالأمس، أين هو اتحادكم، المأساة الكبرى أن نجد هؤلاء يخدمون طغيان أمريكا، خدمة العبيد الأذلاء للسادة الأقوياء، من أجل ماذا يتهارجون، خدمة للسيد، هلا تصالحتم، يامسلمي أفغان، هلا تلاقيتم، هلا تعانقتم، هلا تساقطت دموع التوبة والعودة والرجوع إلى الله تحت مظلة {إِنَّما الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 49/10] أمام هذا العدو المشترك، لو فعلتم ذلك ليسّر الله سبحانه وتعالى مزيداً من أسباب النصر لكم، ولو فعلتم ذلك لقرّب الله لكم البعيد، وليَّن لكم الحديد، وأبعد عنكم شبح هؤلاء الطغاة المستكبرين.

أقول قولي هذا وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدي عباده المسلمين سواء صراطه المستقيم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

----------------------منقول عن الاعجاز العلمي في القرءان والسنة------------------------
RWIDA غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .