العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الاسلامي > الخيمة الاسلامية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية على المريخ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في بحث العقد النفسية ورعب الحياة الواقعية (آخر رد :رضا البطاوى)       :: خوارزمية القرآن وخوارزمية النبوة يكشفان كذب القرآنيين (آيتان من القرآن وحديث للنبي ص (آخر رد :محمد محمد البقاش)       :: نظرات في مقال السؤال الملغوم .. أشهر المغالطات المنطقيّة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال البشر والحضارة ... كيف وصلنا إلى هنا؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال التسونامي والبراكين والزلازل أسلحة الطبيعة المدمرة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في مقال الساعة ونهاية العالم (آخر رد :رضا البطاوى)       :: عمليات مجاهدي المقاومة العراقية (آخر رد :اقبـال)       :: نظرات في مقال معلومات قد لا تعرفها عن الموت (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 07-06-2008, 11:22 AM   #11
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile بدايـات الوحـي

بدايـات الوحـي




تلك هي قصة بداية النبوة ونزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم لأول مرة، وقد كان ذلك في رمضان في ليلة القدر، قال الله تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) وقال: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) وقد أفادت الأحاديث الصحيحة ان ذلك كان ليلة الإثنين قبل أن يطلع الفجر .

وحيث إن ليلة القدر تقع في وتر من ليالي العشر الأواخر من رمضان، وقد ثبت علمياً أن يوم الإثنين في رمضان من تلك السنة إنما وقع في اليوم الحادي والعشرين فقد أفاد ذلك أن نبوته صلى الله عليه وسلم إنما بدأت في الليلة الحادية والعشرين من رمضان سنة إحدى وأربعين من مولده صلى الله عليه وسلم وهي توافق اليوم العاشر من شهر أغسطس سنة 610م وكان عمره صلى الله عليه وسلم إذ ذاك أربعين سنة قمرية وستة أشهر واثني عشر يوماً، وهو يساوي تسعاً وثلاثين سنة شمسية وثلاثة أشهر واثنين وعشرين يوماً فكانت بعثته على رأس أربعين سنة شمسية .

فترة الوحي ثم عودته : وكان الوحي قد وانقطع فتر بعد أول نزوله في غار حراء كما سبق ودام هذا الانقطاع أياما، وقد ترك ذلك في النبي صلى الله عليه وسلم شدة وكآبة وحزنا، ولكن المصلحة كانت في هذا الانقطاع، فقد ذهب عنه الروع، وتثبت من أمره، وتهيأ لاحتمال مثل ما سبق حين يعود، وحصل له التشوف والانتظار، وأخذ يرتقب مجيء الوحي مرة أخرى. وكان صلى الله عليه وسلم قد عاد من عند ورقة بن نوفل إلى حراء ليواصل جواره في غاره، ويكمل ما تبقى من شهر رمضان، فلما انتهى شهر رمضان وتم جواره نزل من حراء صبيحة غرة شوال ليعود إلى مكة حسب عادته .

قال صلى الله عليه وسلم فلما استبطنت الوادي – أي دخلت في بطنه – نوديت، فنظرت عن يميني فلم أر شيئاً ونظرت عن شمالي فلم أر شيئاً ونظرت أمامي فلم أر شيئاً ونظرت خلفي فلم أر شيئاً، فرفعت رأسي فرأيت شيئاً، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فجثت منه رعباً حتى هويت إلى الأرض، فأتيت خديجة، فقلت زملوني، زملوني، دثروني، وصبوا علي ماءً بارداً، فدثروني وصبوا علي ماءً بارداً، فنزلت (يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر) . وذلك قبل أن تفرض الصلاة ثم حمي الوحي وتتابع . وهذه الآيات هي بدء رسالته صلى الله عليه وسلم وهي متأخرة عن النبوة بمقدار فترة الوحي، وتشمل على نوعين من التكليف مع بيان ما يترتب عليه .

أما النوع الأول فهو تكليفه صلى الله عليه وسلم بالبلاغ والتحذير، وذلك في قوله تعالى: (قم فأنذر) فإن معناه حذر الناس من عذاب الله إن لم يرجعوا عما هم فيه من الغي والضلال، وعبادة غير الله المتعال، والإشراك به في الذات والصفات والحقوق والأفعال .

وأما النوع الثاني فتكليفه صلى الله عليه وسلم بتطبيق أوامر الله سبحانه وتعالى والالتزام بها في نفسه، ليحرز بذلك مرضاة الله، ويصير أسوة لمن آمن بالله، وذلك في بقية الآيات، فقوله : (وربك فكبر) معناه خصه بالتعظيم، ولا تشرك به في ذلك أحداً غيره، وقوله (وثيابك فطهر) المقصود الظاهر منه تطهير الثياب والجسد، إذ ليس لمن يكبر الله ويقف بين يديه أن يكون نجساً مستقذراً، وقوله (والرجز فاهجر) معناه ابتعد عن أسباب سخط الله وعذابه، وذلك بطاعته وترك معصيته، وقوله : (ولا تمنن تستكثر) أي لا تحسن إحساناً تريد أفضل منه في هذه الدنيا.

أما الآية الأخيرة فأشار فيها إلى ما يلحقه من أذى قومه حين يفارقهم في الدين، ويقوم بدعوتهم إلى الله وحده، فقال : (ولربك فاصبر)
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 09-06-2008, 08:30 AM   #12
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile نزول جبريل على الرسول

نزول جبريل على الرسول



كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتعد عن أهل مكة لأنهم يعبدون الأصنام ويذهب إلى غار حراء في جبل قريب. كان يأخذ معه طعامه وشرابه ويبقى في الغار أيامًا طويلة. يتفكّر فيمن خلق هذا الكون …
وفي يوم من أيام شهر رمضان وبينما كان رسول الله يتفكّر في خلق السموات والأرض أنزل الله تعالى عليه الملك جبريل، وقال للرسول: "اقرأ" فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما أنا بقارئ"، وكرّرها عليه جبريل ثلاث مرّات، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في كل مرّة: "ما أنا بقارئ". وفي المرّة الأخيرة قال الملك جبريل عليه السلام: "اقرأ باسم ربّك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربّك الأكرم. الذي علّم بالقلم. علّم الإنسان ما لم يعلم".
وكانت هذه الآيات الكريمة أوّل ما نزل من القرآن الكريم. حفظ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ما قاله جبريل عليه السلام.
عاد الرسول صلى الله عليه وسلم خائفًا مذعورًا إلى زوجته السيدة خديجة وكان يرتجف فقال لها:"زمّليني، زمّليني" (أي غطّيني). ولما هدأت نفسه وذهب عنه الخوف أخبر زوجته بما رأى وسمع فطمأنته وقالت له: "أبشر يا ابن عم، إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة".
كان الرسول قد بلغ الأربعين من عمره عندما أنزل عليه القران الكريم.
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-06-2008, 11:57 AM   #13
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile الدعـوة سـرا

الدعـوة سـرا



من المعلوم تاريخياً أن مكة كانت مركزا لدين العرب، وكان بها سدنة الكعبة والقائمون على الأوثان والأصنام التي كانت مقدسة عند سائر العرب في ذلك الزمان. وجاءت رسالة الإسلام وحال مكة على ما ذكرنا، ولم يكن من الحكمة، أن يجهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوته بداية، والعرب على ما هم عليه من التقاليد والعادات التي ورثوها عن آبائهم. وكان الأمر يحتاج إلى صبر ومثابرة وعزيمة لا تزلزلها المصائب والكوارث. فكان من الحكمة أن تكون الدعوة في بداية أمرها سرية، لئلاً يفاجأ أهل مكة بما يهيجهم ويثير حميتهم الجاهلية لآلهتهم وأصنامهم.

وبدأ رسول صلى الله عليه وسلم بعرض الإسلام أولاً على أقرب الناس إليه، وألصقهم به، فدعا آل بيته وأصدقاءه ممن يعرفهم ويعرفونه، يَعْرِفهم بحب الحق والخير، ويعرفونه بالصدق والصلاح، فأجابه من هؤلاء جَمْعٌ عرفوا في التاريخ الإسلامي بالسابقين الأولين، وفي مقدمتهم زوج النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، ومولاه زيد بن حارثة وابن عمه على بن أبى طالب، والصديق أبو بكر رضي الله عنهم، أسلم هؤلاء في أول يوم من أيام الدعوة وكان إسلامهم فاتحة خير على الإسلام ودعوته.

ثم نشط أبو بكر في الدعوة إلى الإسلام، وكان رجلاً محبوباً، صاحب خلق وإحسان، فدعا من يثق به سراً، فأسلم بدعوته عثمان بن عفان والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم.

وسارع كل واحد من هؤلاء إلى دعوة من يطمئن إليه ويثق به، فأسلم على أيديهم جماعة من الصحابة، وهم من جميع بطون قريش، وهؤلاء هم أوائل السابقين الأولين الذين جاء ذكرهم في قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (التوبة:100).
وذكر أهل السير أنهم كانوا أكثر من أربعين نفراً. أسلم هؤلاء سراً وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يجتمع بهم بعيداً عن أنظار المشركين، فيرشدهم ويعلمهم ما نزل عليه من القرآن الكريم، ويثبت الإيمان في قلوبهم.

وأما مدة الدعوة السرية فقد ذكر أكثر أهل السير أنها كانت ثلاث سنوات، وكون الدعوة سرية في هذه المرحلة لا يعني أن خبرها لم يبلغ قريشاً، فقد بلغها إلا أنها لم تكترث لها، ولم تعرها اهتماماً في بداية الأمر، ظناً منها أن محمداً أحد أولئك الديانين الذين يتكلمون في الألوهية، وعبادة الله وحده، مما ورثوه من الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام، كما صنع أمية بن أبي الصلت وقس بن ساعدة، وعمرو بن نفيل وأشباههم .
ولما بدأ عود الدعوة يشتد ويقوى وخاف المشركون من ذيوع خبرها وامتداد أثرها، أخذوا يرقبون -على مر الأيام- أمرها ومصيرها، فوقفوا في سبيلها بعد ذلك.

وختام القول : فإن دعوة الإسلام استدعت في بداية أمرها أن تكون دعوة سرية، ريثما يتمكن أمرها، لتنطلق معلنة رسالتها الخاتمة، تلك الرسالة القائمة على إخراج الناس من الغي والضلال إلى الهدى والرشاد، لتكون عزاً ونصراً للمؤمنين ورحمة للعالمين وصدق الله القائل : {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِك فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} (يونس:58) والحمد لله رب العالمين
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 10-06-2008, 08:50 PM   #14
dahaboubaker
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2008
المشاركات: 15
إفتراضي

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد الفاتح لما اغلق والخاتم لمل سبق من النبيين والرسل والهادى الى سراط الله المستقيم.حق قدره ومقداره العظيم.جزاكم الله عنا كل الخير.
dahaboubaker غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 11-06-2008, 08:53 AM   #15
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة dahaboubaker
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد الفاتح لما اغلق والخاتم لمل سبق من النبيين والرسل والهادى الى سراط الله المستقيم.حق قدره ومقداره العظيم.جزاكم الله عنا كل الخير.

وجزاك الله تعالى خيراً أخي الكريم dahaboubaker
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 14-06-2008, 12:21 PM   #16
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile الجهر بالدعوة في قريش

الجهر بالدعوة في قريش




كانت الدعوة الإسلامية في بداية أمرها تنتهج السرية في تبليغ رسالتها، لظروف استدعت تلك الحال، واستمر الأمر على ذلك ثلاث سنين، ثم كان لابد لهذه الدعوة من أن تعلن أمرها وتمضي في طريقها الذي جاءت من أجله، مهما لاقت من الصعاب والعنت والصد والمواجهة.
فقد أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم -وقد بعثه رسولاً للناس أجمعين- أن يصدع بالحق، ولا يخشى في الله لومة لائم فقال: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} (الحجر:94) وأخبره أن يبدأ الجهر بدعوة أهله وعشيرته الأقربين، فقال مخاطباً له {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَك الأقربين} (الشعراء:214) فدعا بني هاشم ومن معهم من بني المطلب، قال ابن عباس رضي الله عنهما: لما نزل قوله تعالى {وأنذر عشيرتك الأقربين} صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا فجعل ينادي: (يا بني فهر يا بني عديٍّ - لبطون قريش - حتى اجتمعوا فجعل الذي لم يستطع أن يخرج يرسل رسولاً لينظر ما الخبر ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصِّدقي؟ قالوا ما جربنَّا عليك كذباً، قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال له أبو لهب: تباً لك إلهذا جمعتنا) متفق عليه.

فكانت هذه الصيحة العالية بلاغاً مبيناً، وإنذاراً صريحاً بالهدف الذي جاء من أجله، والغاية التي يحيا ويموت لها، وقد بيَّن صلى الله عليه وسلم ووضََّح لأقرب الناس إليه أن التصديق بهذه الرسالة هو الرابط الوحيد بينه وبينهم، وأن عصبية القرابة التي ألِفوها ودافعوا عنها واستماتوا في سبيلها، لا قيمة لها في ميزان الحق، وأن الحق أحق أن يتبع، فها هو يقف مخاطباً قرابته -كما ثبت في الحديث المتفق عليه بقوله: (يا عباس بن عبد المطلب يا عم رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً، يا فاطمة بنت رسول الله سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك من الله شيئاً) .

ولم يكن صلى الله عليه وسلم يبالي في سبيل دعوته بشئ، بل يجهر بالحق ويصدع به لا يلوي على إعراض من أعرض، ولا يلتفت إلى استهزاء من استهزأ، بل كانت وجهته إلى الله رب العالمين {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين} (الأنعام:162) وكانت وسيلته الجهر بكلمة الحق {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين} (يوسف:108). وقد لاقى رسول الله صلى الله عليه وسلم جراء موقفه هذا شدة وبأساً من المشركين، الذين رأوا في دعوته خطراً يهدد ما هم عليه، فتكالبوا ضده لصده عن دعوته، وأعلنوا جهاراً الوقوف في مواجهته، آملين الإجهاز على الحق الذي جاء به {والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون} (يوسف21).
ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه يدعو إلى الله متلطفاً في عرض رسالة الإسلام، وكاشفاً النقاب عن مخازي الوثنية، ومسفهاً أحلام المشركين. فوفق الله تعالى ثلة من قرابته صلى الله عليه وسلم وقومه لقبول الحق والهدى الذي جاء به، وأعرض أكثرهم عن ذلك، ونصبوا له العداوة والبغضاء، فقريش قد بدأت من أول يوم في طريق المحاربة لله ولرسوله، متعصبة لما ألِفته من دين الآباء والأجداد، كما حكى الله تعالى عنهم على سبيل الذم والإنكار فقال: (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} (الزخرف:22).

وخاتمة القول : إن الجهر بالدعوة كان تنفيذاً لأمر الله تعالى، وقياماً بالواجب، وقد صدع النبي صلى الله عليه وسلم بالحق كما أراد الله، ولاقى مقابل هذا الإعلان ما قد علمنا من عداوة المشركين له وللمؤمنين من حوله، والتنكيل بهم، ولكن كان البيع الرابح مع الله تعالى، والعاقبة كانت للنبي صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين به فملكوا الدنيا ودانت لهم، وهدى الله بهم الناس إلى الصراط المستقيم، وفي الدار الآخرة لهم الحسنى عند الله تعالى، واللهَ نسأل أن يعزَّ دينه وينصر أولياءه ويسلك بنا سبيلهم إنه سميع مجيب
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 16-06-2008, 09:17 AM   #17
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile بيعة العقبة الأولى

بيعة العقبة الأولى



فلما كان حج العام المقبل - سنة 12 من النبوة – قدم اثنا عشر رجلاً منهم عشرة من الخزرج واثنان من الأوس، فأما العشرة من الخزرج فخمسة منهم هم الذين جاءوا في العام الماضي غير جابر بن عبد الله بن رئاب وخمسة آخرون هم : معاذ بن الحارث (معاذ بن العفراء) . ذكوان بن عبد القيس . عبادة بن الصامت . يزيد بن ثعلبة . العباس بن عبادة بن نضلة وأما الاثنان من الأوس فهما : أبو الهيثم بن التيهان . عويم بن ساعدة . اجتمع هؤلاء برسول الله صلى الله عليه وسلم بعقبة منى، فعلمهم الإسلام، وقال لهم : تعالوا بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف . فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً، فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره الله، فأمره إلى الله، إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه، فبايعوه على ذلك .

دعوة الإسلام في يثرب : فلما رجعوا إلى يثرب بعث معهم مصعب بن عمير رضي الله عنه ليقرئهم القرآن ويفقههم في الدين، ونزل مصعب بن عمير على أبي أمامة أسعد بن زرارة ونشطا في نشر الإسلام، وبينما هما في بستان إذ قال رئيس الأوس سعد بن معاذ لابن عمه أسيد بن حضير : ألا تقوم إلى هذين الرجلين الذين أتيا يسفهان ضعفاءنا فتزجرهما، فأخذ أسيد حربته، وأقبل إليهما فلما رآه أسعد قال لمصعب : هذا سيد قومه قد جاءك فاصدق الله فيه . وجاء أسيد فوقف عليهما وقال : ما جاء بكما إلينا ؟ تسفهان ضعفاءنا ؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة، فقال مصعب : أوتجلس فتسمع، فإن رضيت امراً قبلته، وإن كرهته كففنا عنك ما تكرهه فقال : أنصفت، وركز حربته وجلس، فكلمه مصعب بالإسلام، وتلا عليه القرآن، فاستحسن أسيد دين الإسلام واعتنقه، وشهد شهادة الحق . ثم رجع أسيد، واحتال ليرسل إليهما سعد بن معاذ، فقال له : كلمت الرجلين فوالله ما رأيت بهما بأساً، وقد نهيتهما فقالا نفعل ما أحببت، ثم قال : وقد حدثت أن بني حارثة خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه، لأنه ابن خالتك، فيردون أن يخفروك . فغضب سعد، وقام إليهما متغيظاً، ففعل معه مصعب مثل ما فعل مع أسيد، فهداه الله للإسلام، فأسلم وشهد شهادة الحق، ثم رجع إلى قومه، فقال : يا بني عبد الأشهل: كيف تعلمون أمري فيكم ؟ قالوا سيدنا وأفضلنا رأياً . قال : فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله، فما أمسى فيهم رجل ولا امرأة إلا مسلماً ومسلمة، إلا رجل واحد اسمه الأصيرم، تأخر إسلامه إلى يوم أحد، ثم أسلم وقتل شهيداً في سبيل الله قبل أن يسجد لله سجدة . وعاد مصعب بن عمير إلى مكة قبل حلول موعد الحج يحمل بشائر مثل هذا الفوز .
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 19-06-2008, 01:58 PM   #18
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile بيعة العقبة الثانية

بيعة العقبة الثانية




وفي موسم الحج سنة 13 من النبوة قدم كثير من أهل يثرب من المسلمين والمشركين، وقد قرر المسلمون أن لا يتركون رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة يطوف في أيام التشريق ليلاً في الشعب الذي عند جمرة العقبة .

فلما جاء الموعد ناموا في رحالهم مع قومهم، حتى إذا مضى ثلث الليل الأول أخذوا يتسللون، فيخرج الرجل والرجلان حتى اجتمعوا عند العقبة، وهم ثلاثة وسبعون رجلاً اثنان وستون من الخزرج، وأحد عشر من الأوس، ومعهم امرأتان : نسيبة بنت كعب من بني النجار، وأسماء بنت عمرو من بني سلمة، وجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس بن عبد المطلب، كان على دين قومه، ولكن أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثق له .

وكان العباس أول من تكلم، فقال لهم : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال في عز من قومه ومنعة في بلده، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك وإلا فمن الآن فدعوه .

فأجاب المتكلم عنهم – وهو البراء بن معرور – قال : نريد الوفاء والصدق وبذل الأرواح دون رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم يا رسول الله ! فخذ لنفسك ولربك ما أحببت .


فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلى القرآن ودعا إلى الله، ورغب في الإسلام واشترط لربه :

1 – أن يعبدوه وحده، ولا يشركون به شيئاً .

واشترط لنفسه ولربه أيضاً أنهم قالوا له على ما نبايعك ؟ فقال :

2 – على السمع والطاعة في النشاط .

3 – وعلى النفقة في العسر واليسر .

4 – وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

5 – وعلى أن تقوموا الله، لا تأخذكم في الله لومة لائم .

6 – وعلى أن تنصروني إذا قدمت إليكم، وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبنائكم، ولكم الجنة .

7 – وفي رواية عن عبادة : (بايعناه) على أن لا ننازع الأمر أهله .

فأخذ بيده صلى الله عليه وسلم البراء بن معرور وقال: نعم، والذي بعثك بالحق لنمنعك مما نمنع عنه أزرنا، فبايعنا، فنحن والله أبناء الحرب وأهل الحلقة – أي السلاح – ورثناها كابراً عن كابر . فقاطعه أبو الهيثم بن التيهان قائلاً : يا رسول الله ! إن بيننا وبين الرجال حبالاً – أي عهوداً وروابط - وإنا قاطعوها، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا ؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : بل الدم الدم، والهدم الهدم، أنا منكم وأنتم مني، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم . وفي هذه اللحظة الحاسمة تقدم العباس بن عبادة بن نضلة وقال : هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل ؟ تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس، فإن كنتم ترون أنكم إذا نهكت أموالكم مصيبة، وأشرافكم قتلاً أسلمتموه فمن الآن، فإنه خزي في الدنيا والآخرة وإن كنتم ترون أنكم وافون له على نهكة الأموال وقتل الأشراف فخذوه، فهو والله خير الدنيا والآخرة قالوا : فإنا نأخذه على مصيبة الأموال، وقتل الأشراف، فما لنا بذلك يارسول الله ! قال : الجنة . قالوا : ابسط يدك . فبسط يده، فقاموا ليبايعوه، فأخذ بيده أسعد بن زرارة، وقال : رويدأ يا أهل يثرب ! إنا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، وأن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم تصبرون على ذلك فخذوه، وأجركم على الله، وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه، فهو أعذر لكم عند الله . قالوا : يا أسعد ! أمط عنا يدك، فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها، فقاموا إليه رجلاً رجلاً وبايعوه، وكان أسعد بن زرارة هو أول المبايعين على أرجح الأقوال . وقيل بل أبو الهيثم بن التيهان . وقيل : بل البراء بن معرور . أما بيعة المرأتين فكانت قولاً بدون مصافحة .

اثنا عشر نقيباً : وبعد البيعة طلب منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا اثني عشر نقيباً يكونون عليهم ، ويكفلون المسؤلية عنهم ، فأخرجوا تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس، أما من الخزرج فهم :



1 – سعد بن عبادة بن دليم .

2 – أسعد بن زرارة بن عدس .

3 - سعد بن الربيع بن عمرو .

4 - عبد اللله بن رواحة بن ثعلبة

5 – رافع بن مالك بن عجلان .

6– البراء بن معرور بن صخر .

7– عبد الله بن عمرو بن حرام .

8 – عبادة بن الصامت بن قيس .

9 – المنذر بن عمرو بن خنيس .

وأما من الأوس فهم :

10 – أسيد بن حضير بن سماك .

11 – سعد بن خيثمة بن الحارث .

12 – رفاعة بن عبد المنذر وقيل : أبو الهيثم بن التيهان .

فلما تم اختيارهم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء، ككفالة الحواريين لعيسى ابن مريم، وأنا كفيل على قومي، قالوا : نعم . هذه هي بيعة العقبة الثانية، وكانت حقاً أعظم بيعة وأهمها في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم تغير بها مجرى الأحداث وتحول خط التاريخ . ولما تمت البيعة وكاد الناس ينفضون اكتشفها أحد الشياطين، وصاح بأنفذ صوت سمع قط، يا أهل الأخاشب – المنازل – هل لكم في محمد، والصباة معه، قد اجتمعوا على حربكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما والله يا عدو الله لأتفرغن لك، وأمرهم أن ينفضوا رحالهم فرجعوا وناموا حتى أصبحوا . وصباحاً جاءت قريش إلى خيام أهل يثرب ليقدموا الإحتجاج إليهم، فقال المشركون : هذا خبر باطل، ما كان من شيء، وسكت المسلمون، فصدقت قريش المشركين ورجعوا خائبين . وأخيراً تأكد لدى قريش أن الخبر صحيح، فأسرع فرسانهم في طلب أهل يثرب ، فأدركوا سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو عند أذاخر، فأما المنذر فأعجز القوم هرباً، وأما سعد فأخذوه وربطوه وضربوه وجروا شعره حتى أدخلوه مكة، فخلصه المطعم بن عدي والحارث بن حرب، إذ كان يجير لهما قوافلهما بالمدينة، وأراد الأنصار أن يكروا إلى مكة إذ طلع عليهم سعد قادماً، فرحلوا إلى المدينة سالمين .
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 23-06-2008, 09:16 AM   #19
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile الهجرة الأولى إلى الحبشة

الهجرة الأولى إلى الحبشة




لما جاءت رسالة الإسلام وقف المشركون في وجهها وحاربوها، وكانت المواجهة في بداية أمرها محدودة، إلا أنها سرعان ما بدأت تشتد وتتفاقم يوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر، حتى ضيَّقت قريش الخناق على المسلمين واضطهدتهم وأرهقتهم، فضاقت عليهم مكة بما رحبت، وصارت الحياة في ظل هذه المواجهة جحيماً لا يطاق. فأخذ المسلمون يبحثون عن مكان آمن يلجئون إليه، ويتخلصون به من عذاب المشركين واضطهادهم.

في ظل تلك الظروف التي يعانى منها المسلمون، نزلت سورة الكهف، تلك السورة التي أخبرت بقصة الفتية الذين فروا بدينهم من ظلم ملِكِهِم، وأووا إلى كهف يحتمون به مما يراد بهم. كان فى هذه القصة تسلية للمؤمنين، وإرشاداً لهم إلى الطريق الذي ينبغي عليهم أن يسلكوه للخروج مما هم فيه. لقد عرضت قصة أصحاب الكهف نموذجاً للإيمان فى النفوس المخلصة، كيف تطمئن به، وتؤثره على زينة الحياة الدنيا ومتاعها، وتلجأ إلى الكهف حين يعز عليها أن تقيم شعائر دينها وعقيدتها، وكيف أن الله تعالى يرعى هذه النفوس المؤمنة ويقيها الفتنة، ويشملها برحمته ورعايته {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً} (الكهف:16).

لقد وضَّحت هذه القصة للمؤمنين طريق الحق والباطل، وبيَّنت أنه لا سبيل إلى للالتقاء بينهما بحال من الأحوال، وإنما هي المفاصلة والفرار بالدين والعقيدة، وانطلاقاً من هذه الرؤية القرآنية أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين المستضعفين بالهجرة إلى الحبشة، وقد وصفت أم المؤمنين أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحدث فقالت: (لما ضاقت علينا مكة، وأوذي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفتنوا، ورأوا ما يصيبهم من البلاء، والفتنة فى دينهم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستطيع دفع ذلك عنهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في منعة من قومه وعمه، لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم عنده أحد، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه، فخرجنا إليها أرسالاً - أي جماعات - حتى اجتمعنا بها، فنزلنا بخير دار إلى خير جار، أمِنَّا على ديننا ولم نخش منه ظلماً) رواه البيهقى بسند حسن.

وهكذا هاجر أول فوج من الصحابة إلى الحبشة فى السنة الخامسة للبعثة، وكان هذا الفوج مكوناً من اثني عشر رجلاً وأربع نسوة، كان في مقدمتهم عثمان بن عفان رضي الله عنه، ومعه زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رحيلهم تسللاً تحت جنح الظلام حتى لا تشعر بهم قريش، فخرجوا إلى البحر عن طريق جدة، فوجدوا سفينتين تجاريتين أبحرتا بهم إلى الحبشة، ولما علمت قريش بخبرهم خرجت فى إثرهم وما وصلت إلى الشاطئ إلا وكانوا قد غادروه فى طريقهم إلى الحبشة، حيث وجدوا الأمن والأمان، ولقوا الحفاوة والإكرام من ملكها النجاشى الذي كان لا يظلم عنده أحد، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم .

وهكذا هيأ الله لعباده المؤمنين المستضعفين المأوى والحماية من أذى قريش وأمَّنهم على دينهم وأنفسهم، وكان في هذه الهجرة خير للمسلمين، إذ استطاعوا - فضلاً عن حفظ دينهم وأنفسهم - أن ينشروا دعوتهم، ويجوبوا أرضاً جديدة تكون منطلقاً لتلك الدعوة، ومن كان مع الله كان الله معه نسأل الله تعالى أن ينصر دينه وعباده المؤمنين في كل مكان والحمد لله رب العالمين.
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-06-2008, 11:17 AM   #20
النسري
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 9,066
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile الهجرة الثانية للحبشة

الهجرة الثانية للحبشة



من المعروف أن هجرة المسلمين الأولى إلى الحبشة كانت خيراً للمسلمين وفتحاً جديداً للإسلام، استطاع المسلمون فيها أن يجوبوا أرضاً جديدة تكون منطلقاً لدعوتهم، واستطاعوا أن يقيموا شعائر دينهم بأمان.

غير أن هذه الهجرة لم تدم طويلاً، حيث رجع المسلمون من أرض هجرتهم إلى مكة بعد أن بلغهم أن قريشاً هادنت الإسلام وتركت أهله أحراراً، إلا أنهم بعد وصولهم إلى مكة وجدوا الأمر على خلاف ما ظنوه، فاضطروا إلى الهجرة مرة ثانية. فما خبر هذه الهجرة؟ هذا ما سوف نعرفه في الأسطر التالية.

إن الإشاعة التي بلغت المؤمنين فى أرض الهجرة تركت أثرها في قلوبهم، فقرروا العودة إلى وطنهم، وكان سبب هذه الإشاعة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الحرم وفيه جمع كبير من قريش، فقام فيهم وأخذ يتلو سورة النجم، ولم يكن المشركون قد سمعوا القرآن سماع منصت من قبل، لأن أسلوبهم المتواصل كان هو العمل بما تواصى به بعضهم بعضاً {لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (فصلت:26).

فلما فاجأهم النبي صلى الله عليه وسلم بتلاوة هذه السورة، وقرع آذنهم القرآن في روعة بيانه، وجلالة معانيه، أعطوه سمعهم، فلما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى {فاسجدوا لله واعبدوا} سجد، فلم يتمالك المشركون أنفسهم فسجدوا. وفى الحقيقة كانت روعة الحق قد صدَّعت العناد والكِبْر الذي فى نفوسهم، فخروا ساجدين، فبلغ هذا الخبر مهاجري الحبشة، ولكن فى صورة تختلف تماماً عن صورته الحقيقية، حيث بلغهم أن قريشاً أسلمت، فرجعوا إلى مكة آملين أن يعيشوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قومهم وأهليهم آمنين، فلما وصلوا قريباً من مكة عرفوا حقيقة الأمر، وأن ما وصلهم من الأخبار غير صحيح، بل إن قريشاً أشد وأنكي على المسلمين من ذي قبل، فرجع من رجع منهم، ومن دخل مكة دخلها مستخفياً، أو فى جوار رجل من المشركين، ثم زاد المشركون فى تعذيب هؤلاء العائدين وسائر المسلمين، ولم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم بداً من أن يشير على أصحابه بالهجرة إلى الحبشة مرة أخرى، فهي المنفذ الوحيد والمخرج بعد الله تعالى – من بلاء قريش - لما يتميز به ملِكُها النجاشى من عدل ورحمة وحسن ضيافة، وقد وجده المسلمون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يظلم عنده أحد).

فقرر المسلمون الهجرة مرة ثانية، ولكن الهجرة في هذه المرة كانت أشق وأصعب من سابقتها، حيث تيقظت قريش لها، وقررت إحباطها، لكن المسلمين كانوا قد أحسنوا التخطيط والتدبير لها ويسَّر الله لهم السفر، فانحازوا إلى نجاشي الحبشة قبل أن تدركهم قريش، وفي هذه المرة هاجر من الرجال ثلاثة وثمانون رجلاً، وثماني عشرة امرأة. وكما كان فى الهجرة الأولى خير للإسلام والمسلمين ففي هذه الهجرة كان الخير أكثر وأكثر، فازداد عددهم وانتشر خبرهم، وكانت أرض الحبشة التي أمِنوا فيها على أنفسهم ودينهم منطلقاً للدعوة الإسلامية وملاذاً لكل مضطهد وطريد من المسلمين، والله يؤيد دينه وعباده المؤمنين بما شاء من جنوده التي لا يعلمها إلا هو، فله الحمد فى الأولى والآخرة وصلى الله وسلم على سيدنا محمد و آله.
__________________
اللهم اشغلني بما خلقتني له ...

ولا تشغلني بما خلقته لي ...
النسري غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .