تغيرت الحياة من حولنا... فليست هذه المدينة بلدتنا الصغيرة... و ليست هاته العمارات و المعاهد و المسارح معالم بلدتنا الصغيرة.. و رحل منها سكانها الطيبون... و رحلت منها أنت.... و رحلت منها أنا .....
زالت بلدتنا الصغيرة.. و محيت آثارها.. و تاهت الطرق المؤدية إليها في دروب الحياة... و لم يعد هناك أمل للعودة إليها...
و لا لاجتماعنا معا.. من جديد....
رغم أني مازلت هنا.. حيث تركتني يوم رحلت... ولم أبرح مكاني قط.. إلا أنني لم أعد أجد الطريق إليك... لم أعد أعرف من أين أبدأ مشاويري في أزقة بلدتنا التي تحولت إلى شوارع كبيرة... لم أعد أذكر أمكنة حدوث كل ذكرياتنا التي طواها النسيان... و حل محلها الألم و الحزن... لم أعد أسمع همساتنا في كل مكان...لم أعد أرى طيفك حين أغمض عيني في كل ليلة... لم أعد أحلم بلقائك من جديد حين استسلم للنوم.. حتى أني لم أعد أحس بحلاوة النوم و أنا أراك في أحلامي... فقد تحولت كل أحلامنا إلى سراب يزول بمجرد الوصول إليه.. بعد لقائنا الأخير.. و بعد رحيلك عن بلدتنا الصغيرة.. و افتراقنا من جديد... منذ دهر من السنين.....