العودة   حوار الخيمة العربية > القسم الاسلامي > الخيمة الرمضانية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: قراءة فى مقال مستقبل قريب (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات فى مقال ماذا يوجد عند حافة الكون؟ (آخر رد :رضا البطاوى)       :: أهل الكتاب فى عهد النبى (ص)فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: المنافقون فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: النهار فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نظرات في لغز اختفاء النياندرتال (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الشكر فى القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: أنا و يهود (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: نقد المجلس الثاني من الفوائد المدنية من حديث علي بن هبة الله الشافعي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: زراعة القلوب العضلية (آخر رد :رضا البطاوى)      

 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 15-09-2009, 02:34 PM   #81
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

25 رمضان


عين جالوت.. واإسلاماه!!

(في ذكرى نشوبها: 25 من رمضان 658هـ)



لم تتعرض دولة الإسلام لأوقات عصيبة وعواصف منذرة ورياح مرعبة مثلما تعرضت في القرن السابع الهجري؛ حيث دمّرت جيوش المغول بقيادة جنكيز خان حواضر الإسلام الكبرى في المشرق الإسلامي، وسفكت دماء المسلمين، وأتت على معالم الحضارة والمدنية، ولم تستطع قوة إسلامية أن توقف هذا الزحف الكاسح، وانهارت الجيوش الإسلامية وتوالت هزائمها، وتتابع سقوط الدول والمدن الإسلامية كأوراق الشجر في موسم الخريف.

وأطمع ضعف المسلمين وخور عزائمهم المغول في أن يتطلعوا إلى مواصلة الزحف تجاه الغرب، وإسقاط الخلافة العباسية وتقويض دعائمها، ولم تكن الخلافة في وقت من الأوقات أضعف مما كانت عليه وقت الغزو المغولي؛ فخرج هولاكو سنة (651هـ= 1253م) على رأس حملة جرارة، تضم مائة وعشرين ألف جندي من خيرة جنود المغول، المدربين تدريبًا عاليًا على فنون القتال والنزال، والمزودين بأسلحة الحرب وأدوات الحصار، تسبقهم شهرتهم المرعبة في القتل وسفك الدماء، ومهارتهم الفائقة في الحرب، وشجاعتهم وقوة بأسهم في ميادين القتال.

سقوط الخلافة العباسية



هولاكو جنكيزخان

اجتاحت قوات المغول الأراضي الإيرانية، ولم تجد ما يعوق حركتها حتى وصلت إلى بغداد، فضربت حصارًا عليها، ولم يكن لها قدرة على رفع هذه الجيوش الجرارة؛ فاستسلمت في خنوع إلى الغازي الفاتك فدخلها في (4 من صفر 656 هـ = 10 من فبراير 1258م)، واستباح جنوده المدينة المنكوبة، وقتلوا السواد الأعظم من أهلها الذين قدروا بنحو مليون قتيل، ولم يكن خليفة المسلمين وأسرته بأسعد حال من أهالي المدينة، حيث لقوا حتفهم جميعًا، وأضرم التتار النار في أحياء المدينة، وهدموا مساجدها وقصورها، وخربوا مكتباتها، وأتلفوا ما بها من تراث إنساني، وأصبحت المدينة التي كانت عاصمة الدنيا وقبلة الحضارة أثرًا بعد عين.

أوضاع الشام قبل حملة هولاكو

كانت بلاد الشام في أثناء تلك المحنة يحكم الأيوبيون أجزاء كبيرة منها، ولم تكن العلاقات بينهم ودية على الرغم من انتسابهم إلى بيت واحد وأسرة كريمة هي أسرة صلاح الدين الأيوبي، وبدلا من أن توحدهم المحنة وتجمع بين قلوبهم ويقفوا صفًا واحدًا هرول بعضهم إلى هولاكو يعلن خضوعه له، مثلما فعل الناصر يوسف الأيوبي صاحب دمشق وحلب، وكان أقوى الأمراء الأيوبيين وأكثرهم قدرة على مواجهة هولاكو لو رغب، لكنه لم يفعل وأرسل ابنه العزيز إلى هولاكو يحمل إليه الهدايا، ويعلن خضوعه له، ويطلب منه أن يساعده على الاستيلاء على مصر وتخليصها من حكم دولة المماليك الناشئة التي انتزعت الملك من بيته.
لكن هولاكو رأى في عدم قدوم الناصر إليه بنفسه استهانة به، فكتب إليه رسالة غاضبة يأمره بالإسراع إليه وتقديم آيات الولاء والخضوع دون قيد أو شرط، فانزعج الناصر، وأدرك أن مسعاه قد خاب، واستعد استعداد الخائف لمواجهة المغول، وبعث بأسرته إلى مصر.

حملة هولاكو

خرج هولاكو في رمضان (657هـ= 1259م) من عاصمة دولته مراغة في أذربيحان، متجهًا إلى الشام، معه حلفاؤه من أمراء جورجيا وأرمينيا، يقود طلائعه قائده "كيتوبوقا"، متجهين إلى الشام، وكانت ميافارقين بديار بكر أول ما تبتدئ به الحملة الغازية، فصمدت المدينة للحصار مدة طويلة دون أن يفلح المغول في اقتحامها، غير أن طول الحصار ونفاد المؤن وانتشار الأوبئة وهلاك معظم السكان دفع إلى استسلام المدينة.

وفي أثناء الحصار كانت جيوش المغول تستولي على المدن المجاورة، فسقطت ماردين، وحران، والرها وسروج والبيرة، ثم واصل الجيش زحفه إلى حلب وحاصرها حصارًا شديدًا، حتى استسلمت في (9 من صفر 658هـ- 25 من يناير 1260م)، وأباح هولاكو المدينة لجنوده سبعة أيام فعاثوا فيها فسادًا، ونشروا الخراب في كل أرجائها، ولم تكد تصل هذه الأنباء المفجعة إلى دمشق حتى آثر أهلها السلامة بعد أن فر حاكمها الناصر يوسف الأيوبي، وسارعوا إلى تسليم المدينة، وشاءت الأقدار أن يغادر هولاكو الشام ويعود إلى بلاده تاركًا مهمة إكمال الغزو لقائده "كيتوبوقا" فدخل دمشق في (15 من ربيع الأول 658هـ= 1 من مارس 1260م).

الأوضاع في مصر

وكان من نتيجة هذا الغزو أن فر كثير من أهل الشام إلى مصر التي كانت تحت سلطان دولة المماليك، ويحكمها سلطان صبي هو الملك "المنصور نور الدين علي بن المعز أيبك"، وفي هذه الأثناء بعث الملك الناصر يوسف الذي أفاق بعد فوات الأوان برسول إلى مصر يستنجد بعساكرها للوقوف ضد الزحف المغولي، وكانت أخبار المغول قد انتشرت في مصر وأحدثت رعبًا وهلعًا.
ولما كان سلطان مصر غير جدير بتحمل مسئولية البلاد في مواجهة الخطر القادم، فقد أقدم نائبه "سيف الدين قطز" على خلعه، محتجًا بأنه لا بد من سلطان قاهر يقاتل هذا العدو، والملك الصبي صغير لا يعرف تدبير المملكة، ولم يجد قطز معارضة لما أقدم عليه؛ فالخطر محدق بالبلاد، والسلطان قد ازدادت مفاسده وانفض الجميع من حوله.

رسالة هولاكو

بدأ السلطان قطز يوطد أركان دولته ويثبت دعائم حكمه، فعين من يثق فيهم في مناصب الدولة الكبيرة، وقبض على أنصار السلطان السابق، وأخذ يستعد للجهاد وملاقاة المغول، وسمح برجوع بعض أمراء المماليك من خصومه وكانوا بالشام، وعلى رأسهم بيبرس البندقداري فرحب به، وأحسن معاملته، وأقطعه قليوب ومناطق الريف المجاورة لها، وأغرى قوات الناصر يوسف الأيوبي ـ الذي فر من دمشق وطلب نجدة المماليك بمصر ـ بالانضمام إلى جيشه وكانت بالقرب من غزة، فاستجابت لدعوته.
وفي تلك الأثناء وصلت رسل هولاكو إلى القاهرة تحمل خطابا تقطر كبرا وغطرسة، ويمتلئ بالتهديد والوعيد، ومما جاء فيه: ".. إنا جند الله في أرضه، خلقنا من سخطه، وسلطنا على من حل به غضبه، فلكم بجميع الأمصار معتبر، وعن عزمنا مزدجر، فاتعظوا بغيركم، وسلموا إلينا أمركم.. فنحن لا نرحم من بكى، ولا نرق لمن شكا.. فما لكم من سيوفنا خلاص ولا من أيدينا مناص، فخيولنا سوابق، وسيوفنا صواعق، ورماحنا خوارق...".

الاجتماع التاريخي

وأمام هذا الخطر الداهم عقد السلطان قطز مجلسًا من كبار الأمراء، واستقر الرأي على مقابلة وعيد المغول بالاستعداد للحرب، وعزز ذلك بقتل رسل المغول؛ ردًا على تهديد هولاكو وكان هذا التصرف إعلانًا للحرب وإصرارًا على الجهاد، وفي الوقت نفسه بدأ قطز يعمل على حشد الجيوش وجمع الأموال اللازمة للإنفاق على الاستعدادات والتجهيزات العسكرية، وقبل أن يفرض ضرائب جديدة على الأهالي جمع ما عنده وعند أمرائه من الحلي والجواهر، واستعان بها في تجهيز الجيش، استجابة لفتوى الشيخ "العز بن عبد السلام" أقوى علماء عصره.
ولم يقتصر الأمر على هذا، بل لقي صعوبة في إقناع كثير من الأمراء بالخروج معه لقتال التتار، فأخذ يستثير نخوتهم ويستنهض شجاعتهم بقوله: "يا أمراء المسلمين لكم زمان تأكلون أموال بيت المال، وأنتم للغزاة كارهون، وأنا متوجه، فمن اختار الجهاد يصحبني، ومن لم يختر ذلك يرجع إلى بيته فإن الله مطلع عليه..."؛ فأثرت هذه الكلمة في نفوسهم، وقوت من روحهم، فخرجوا معه وتعاهدوا على القتال.

الخروج إلى القتال

وفي (رمضان 658هـ= أغسطس 1260م) خرج قطز من مصر على رأس الجيوش المصرية ومن انضم إليه من الجنود الشاميين وغيرهم، وترك نائبا عنه في مصر هو الأتابك فارس الدين أقطاي المستعرب، وأمر الأمير بيبرس البندقداري أن يتقدم بطليعة من الجنود ليكشف أخبار المغول، فسار حتى لقي طلائع لهم في غزة، فاشتبك معهم، وألحق بهم هزيمة كان لها أثر في نفوس جنوده، وأزالت الهيبة من نفوسهم، ثم تقدم السلطان قطز بجيوشه إلى غزة، فأقام بها يومًا واحدًا، ثم رحل عن طريق الساحل إلى عكا، وكانت لا تزال تحت سيطرة الصليبيين، فعرضوا عليه مساعدتهم، لكنه رفض واكتفى منهم بالوقوف على الحياد، وإلا قاتلهم قبل أن يقابل المغول، ثم وافى قطز الأمير بيبرس عند عين جالوت بين بيسان ونابلس.

وكان الجيش المغولي يقوده كيتوبوقا (كتبغا) بعد أن غادر هولاكو الشام إلى بلاده للاشتراك في اختيار خاقان جديد للمغول، وجمع القائد الجديد قواته التي كانت قد تفرقت ببلاد الشام في جيش موحد، وعسكر بهم في عين جالوت.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل  
غير مقروءة 15-09-2009, 02:37 PM   #82
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

اللقاء المرتقب
الملك المظفر قطز


اقتضت خطة السلطان قطز أن يخفي قواته الرئيسية في التلال والأحراش القريبة من عين جالوت، وألا يظهر للعدو المتربص سوى المقدمة التي كان يقودها الأمير بيبرس، وما كاد يشرق صباح يوم الجمعة (25 من رمضان 658هـ= 3 من سبتمبر 1260م) حتى اشتبك الفريقان، وانقضت قوات المغول كالموج الهائل على طلائع الجيوش المصرية؛ حتى تحقق نصرًا خاطفًا، وتمكنت بالفعل من تشتيت ميسرة الجيش، غير أن السلطان قطز ثبت كالجبال، وصرخ بأعلى صوته: "واإسلاماه!"، فعمت صرخته أرجاء المكان، وتوافدت حوله قواته، وانقضوا على الجيش المغولي الذي فوجئ بهذا الثبات والصبر في القتال وهو الذي اعتاد على النصر الخاطف، فانهارت عزائمه وارتد مذعورا لا يكاد يصدق ما يجري في ميدان القتال، وفروا هاربين إلى التلال المجاورة بعد أن رأوا قائدهم كيتوبوقا يسقط صريعًا في أرض المعركة.

ولم يكتفِ المسلمون بهذا النصر، بل تتبعوا الفلول الهاربة من جيش المغول التي تجمعت في بيسان القريبة من عين جالوت، واشتبكوا معها في لقاء حاسم، واشتدت وطأة القتال، وتأرجح النصر، وعاد السلطان قطز يصيح صيحة عظيمة سمعها معظم جيشه وهو يقول: "واإسلاماه!" ثلاث مرات ويضرع إلى الله قائلا: "... يا ألله!! انصر عبدك قطز".. وما هي إلا ساعة حتى مالت كفة النصر إلى المسلمين، وانتهى الأمر بهزيمة مدوية للمغول لأول مرة منذ جنكيز خان.. ثم نزل السلطان عن جواده، ومرغ وجهه على أرض المعركة وقبلها، وصلى ركعتين شكرًا لله.

نتائج المعركة

كانت معركة عين جالوت واحدة من أكثر المعارك حسمًا في التاريخ، أنقذت العالم الإسلامي من خطر داهم لم يواجه بمثله من قبل، وأنقذت حضارته من الضياع والانهيار، وحمت العالم الأوروبي أيضًا من شر لم يكن لأحد من ملوك أوروبا وقتئذ أن يدفعه.
وكان هذا النصر إيذانًا بخلاص الشام من أيدي المغول؛ إذ أسرع ولاة المغول في الشام بالهرب، فدخل قطز دمشق على رأس جيوشه الظافرة في (27 من رمضان 658 هـ)، وبدأ في إعادة الأمن إلى نصابه في جميع المدن الشامية، وترتيب أحوالها، وتعيين ولاة لها، وأثبتت هذه المعركة أن الأمن المصري يبدأ من بلاد الشام عامة، وفي فلسطين خاصة، وهو أمر أثبتته التجارب التاريخية التي مرت على المنطقة طوال تاريخها، وكانت النتيجة النهائية لهذه المعركة هي توحيد مصر وبلاد الشام تحت حكم سلطان المماليك على مدى ما يزيد عن نحو مائتين وسبعين سنة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من مصادر الدراسة:
المقريزي: السلوك لمعرفة دول الملوك- تحقيق محمد مصطفى زيادة- طبعة مصورة عن طبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر- القاهرة- بدون تاريخ.
ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة- الهيئة المصرية العامة للتأليف والترجمة والنشر- القاهرة- 1968م.
عبد السلام عبد العزيز فهمي: تاريخ الدولة المغولية في إيران- دار المعارف- القاهرة- 1981م.
أحمد مختار العبادي: قيام دولة المماليك الأولى في مصر والشام- دار النهضة العربية- بيروت- 1969م.
قاسم عبده قاسم: عصر سلاطين المماليك- عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية القاهرة- 1998م.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل  
غير مقروءة 16-09-2009, 01:13 PM   #83
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

26 رمضان

تبوك.. الرسول صلى الله عليه وسلم ، مقاطعًا


(في ذكرى عودة النبي من تبوك: 26 رمضان 9 هـ)






في ظل الظروف التي تعيشها أمتنا العربية والإسلامية بدأ طرح المقاطعة يأخذ أبعادًا مختلفة، فلم يعد مفهوم المقاطعة مقصورًا على المقاطعة الاقتصادية فحسب، إنما تعداه إلى الجوانب الثقافية والاجتماعية... وهذا الموضوع الذي بين أيدينا يطرح جانبًا مهمًّا من جوانب المقاطعة، وهو المقاطعة الهَجْرية، وذلك من خلال وقائع غزوة تبوك.

وتبدأ وقائع غزوة تبوك عندما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالتجهز والخروج إلى الروم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يخرج في غزوة إلا أظهر أنه يريد غيرها، إلا غزوة تبوك فإنه قال: "أيها الناس إني أريد الروم".

وكانت هناك عقبات في طريق الخروج إلى الغزوة تتمثل في:

1- الجهد والمشقة لإتمام التمويل اللازم لتجهيز الجيش، وقد انتدب الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين للتبرع لتجهيز الجيش وحضهم على ذلك، وتسابق المسلمون في الجهاد بأموالهم، فها هو أبو بكر الصديق يأتي بكل ماله، وعمر بن الخطاب يأتي بنصف ماله، وتبارى القوم في التبرع في صورة تُظهر ما في قلوبهم من إيمان راسخ ونفوس سخية، ولم ينفق أحد أعظم نفقة من ذي النورين عثمان بن عفان الذي جهز ثلث الجيش وحده، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم في حقه: "ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم" قالها مرارًا.

2- الحر الشديد حيث الصحراء اللاهبة والشمس المحرقة وقلة الماء؛ وهو ما يؤدي إلى عسر المسير ومشقة الرحيل، حيث يصور لنا القرآن هذا الأمر: {وَقَالُوا لاَ تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا}.

3- ثمارهم قد أينعت وحان وقت قطافها.

4- طول المسافة، حيث تبلغ المسافة من المدينة -عاصمة الإسلام آنذاك- إلى تبوك على تخوم الروم أكثر من تسعمائة كيلومتر، والرحلة تستغرق شهرًا ذهابًا وإيابًا.

5- شدة بأس العدو، فالعدو هو الروم إحدى القوتين العظميين في العالم آنذاك، وإحدى طبقي الرحى التي تطبق على العالم احتلالاً واستغلالاً؛ فأعدادهم عظيمة، وأسلحتهم كثيرة، وجيوشهم جرارة.

ومع هذه العقبات سارع المسلمون بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم بالتجهز والخروج والتبرع بأموالهم لسد العجز في التمويل؛ إيمانًا منهم بقدسية الغاية وربانية الهدف.

ولطول المسافة تحتم أن يكون الجيش من الفرسان وراكبي الإبل، وبعد التجهز خرج الرسول صلى الله عليه وسلم يقود جيشًا قوامه أكثر من 30 ألفًا من المسلمين ما بين 10 آلاف فارس وبقية الجيش يتعاقب كل ثلاثة على بعير واحد.

وعانى الصف الإسلامي قبل الخروج من إرجاف المنافقين ومحاولتهم الدنيئة تثبيط همة المسلمين وشق صفهم وبذر الوهن في قلوبهم، ولكن هيهات أن يتحقق ذلك في صف ارتبط بخالقه وارتضى برسوله وآمن بعقيدته؛ ففشِلت كل محاولات الطابور الخامس -أهل النفاق والزيغ- وكانت الغزوة فرصة عظيمة لتميز الأمة في مبادئها ولتمايزها في صفها، فأصبح المجتمع كالآتي:

1- أهل السبق والإيمان من المهاجرين والأنصار الذين تباروا في الخروج للغزو والتبرع لتجهيز إخوانهم الذين لا يملكون النفقة.

2- أهل الإيمان الذين قصرت بهم النفقة لفقرهم فلم يستطيعوا الخروج وهم البكاؤون "... الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ".

3- أهل إيمان، ولكن أبطأت بهم النية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تخلفوا عن الخروج من غير شك ولا ارتياب منهم.

4- المنافقون أهل الزيغ والضلال الذين تعاونوا مع العدو وتجسسوا على أهل الإيمان، وقد رجع أكثرهم من الغزو واعتذر بعضهم عن الخروج مخافة الفتنة كما زعم. وخروج البعض منهم محاولين استغلال الفرص لاغتيال النبي صلى الله عليه وسلم.

الطريق إلى تبوك

خرج الرسول صلى الله عليه وسلم وبدأ التحرك بالجيش الإسلامي نحو تبوك يوم الخميس قبل منتصف شهر رجب سنة 9هـ حيث وصل إلى تبوك في شعبان سنة 9هـ وأقام فيها مدة عشرين يومًا ولم يلاق حشود الروم الذين جبنوا عن التقدم للقاء الجيش الإسلامي.

فظل الرسول صلى الله عليه وسلم مدة إقامته يعقد معاهدات مع أمراء المناطق وقبائلها، وأرسل سرية بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى دومة الجندل فأسرت أكيدر ملك دومة الجندل وقدم به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليعاهده.

وحققت الغزوة أهدافها سواء من تحدي الروم وإظهار جبنهم وإثارة الرعب في القبائل النصرانية التي تساعد الروم، ثم -وهو الأهم- إعلان ظهور دولة الإسلام كدولة قوية تستطيع تحدي الروم ومهاجمة أراضيهم.

عاد الرسول صلى الله عليه وسلم بالجيش الإسلامي قافلاً نحو المدينة حيث وصلها في شهر رمضان سنة 9هـ.

تحقيق وحساب للمخلفين

وهنا حان وقت التحقيق والحساب مع الذين تخلفوا عن الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي كما يحكيها أحد المخلفين، وهو كعب بن مالك رضي الله عنه "...غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حيث طابت الثمار والظلال وتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، فطفقت أغدو لكي أتجهز معهم، فأرجع ولم أقض شيئًا، فأقول في نفسي: أنا قادر عليه. فلم يزل يتمادى بي حتى اشتد بالناس الجد، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئًا؛ فقلت أتجهز بعده بيوم أو يومين ثم ألحقهم، فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز، فرجعت ولم أقض شيئًا. ثم غدوت، ثم رجعت ولم أقض شيئًا. فلم يزل بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو(فات وقته وتقدم)، وهممت أن أرتحل فأدركهم وليتني فعلت، فلم يقدر لي ذلك، فكنت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم- فطفت فيهم - أحزنني أنني لا أرى إلا رجلاً مغموصًا (محتقرا) عليه النفاق، أو رجلاً ممن عذر الله من الضعفاء...

فلما بلغني أنه توجه قافلاً حضرني همي، وطفقت أتذكر الكذب وأقول: بماذا أخرج من سخطه غدًا؟ واستعنت على ذلك بكل ذي رأي من أهلي، فلما قيل لي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادمًا زاح عني الباطل وعرفت أني لن أنجو منه بشيء أبدًا فأجمعت صدقه، وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادمًا وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فيركع فيه ركعتين ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له، وكانوا بضعة وثمانين رجلاً فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم، وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله، فجئت فلما سلمت، تبسم تبسم المغضب ثم قال: "تعال" فجئت أمشي حتى جلست بين يديه فقال لي ما خلفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟ قلت بلى، إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن سأخرج من سخطه بعذر ولقد أُعطيت جدلاً، ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي، ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه أني لأرجو فيه عقبى الله، لا والله ما كان لي عذر، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك. وثار رجال من بني سلمة.. ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكذب نفسي.

ثم قلت لهم: هل لقي هذا معي من أحد؟ قالوا: نعم، رجلان، قالا مثل ما قلت فقيل لهما مثل ما قيل لك. قال: قلت: من هما؟ قالوا: مرارة بن الربيع العمري، وهلال بن أمية الواقفي، فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا، فيهما أسوة. فمضيت حين ذكروهما لي. ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها(نحن) الثلاثة من بين من تخلف عنه".
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل  
غير مقروءة 16-09-2009, 01:15 PM   #84
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

المقاطعة.. مطلب شرعي

وحين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بمقاطعة الثلاثة الذين صدقوا حديثهم، وعدم الكلام معهم، بدأت قصة تربيتهم وصقلهم وفرض العزل الاجتماعي عليهم، فالمقاطعة التربوية التي وقعت على هؤلاء الثلاثة: كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية لها منافع عظيمة وجسيمة في تربية المجتمع الإسلامي على الاستقامة وقوة الإرادة والوفاء الثابت ولمنع أفراد هذا المجتمع من التورط في المخالفات سواء كان ذلك بترك شيء من الواجبات، أو فعل شيء من المحرمات، أو كان بالتسويف في الأمر إلى حد التفريط، حيث يتوقع الذي يفعل ذلك أنه سيكون مهجورًا من جميع أفراد المجتمع؛ فلا يفكر في الفعل المخالف لأوامر القيادة قط.

فالمقاطعة التربوية هنا نوع من الهجر الديني الذي هو مطلب شرعي يثاب فاعله، وهو غير الهجر الدنيوي فهو مكروه، وإذا زاد عن ثلاثة أيام فإنه يكون محرمًا. ويحدثنا كعب بن مالك عن الآلام النفسية المبرحة التي عاناها وصاحبيه نتيجة المقاطعة التربوية التي فرضها الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم وبلغت من المدة خمسين يومًا فيقول: "... فاجتنبنا الناس، وتغيروا لنا حتى تنكرت لي في نفسي الأرض فما هي التي أعرف. فلبثنا على ذلك خمسين ليلة. فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أَشبّ القوم وأجلدهم فكنت أخرج. فأشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة مع المسلمين فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا؟ ثم أصلي قريبًا منه، فأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي أقبل إلي، وإذا التفت نحوه أعرض عني حتى إذا طال ذلك علي من جفوة الناس مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي وأحب الناس إلي. فسلمت عليه فوالله ما رد علي السلام فقلت: يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلمني أحب الله ورسوله؟ فسكت. فعدت فنشدته فسكت، فعدت له فنشدته فقال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عيناي، وتوليت حتى تسورت الجدار، فبينا أنا أمشي في سوق المدينة، إذا نبطي من نبط الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول من يدل على كعب بن مالك فطفق الناس يشيرون له حتى جاءني دفع إلي كتابًا من ملك غسان فإذا فيه: أما بعد فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك. فقلت حين قرأتها: وهذا أيضًا من البلاء فتيممت بها التنور فسجرته بها، حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين، إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال لا بل اعتزلها لا تقربنها. أرسل إلى صاحبي مثل ذلك، فقلت لامرأتي: ألحقي بأهلك فتكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر".

المقاطعة.. ابتلاء وتمحيص

تمت المقاطعة التربوية لهؤلاء الثلاثة ابتلاء للصف الإسلامي ليثبت مدى استجابته للأمر والتحامه مع قيادته ومفاصله الثلاثة في أروع ما يحمل التاريخ من صور الاستجابة لدرجة أن أبا قتادة وهو ابن عم كعب وصديقه وأحب الناس إليه لا يرد عليه السلام ولا يبادله الكلام، كأننا نلحظ صراعا نفسيا داخل أبي قتادة بين قربه وحبه لكعب وصلته الإنسانية به وبين التزامه بأوامر النبي صلى الله عليه وسلم، وسرعان ما ينتصر الالتزام الديني على الصلة والصداقة فلا يرد عليه سلام.

وأعظم ما في هذه المفاضلة الأمر الأخير لزوجاتهم بالمقاطعة فتسرع الزوجات بالاستجابة في علو إيمان وشدة التزام تهزم صلة الزوجية والرابطة القوية بينهم، وقد نجحت الخطة، وتحققت المقاطعة الكاملة لهم في صورة غير مسبوقة لم يشهد التاريخ مثيلاً لها، وقد عاش المجتمع الإسلامي مأساة إخوته الثلاثة في أشد ما يكون يقظة والتزامًا وألمًا وتأثرًا، ولك أن تتخيل أثر المقاطعة النفسي على الثلاثة الذين خلفوا وعلى المجتمع حولهم بما فيه من صلات قربى وصداقة ومودة، خاصة أن المقاطعة كانت في رمضان شهر زيادة الصلة والرابطة بين المسلمين، ويمر عليهم عيد الفطر مناسبة الود والتزاور بينهم. والمقاطعة التي تأبى على المسلمين أن يذكروا اسم كعب للنبطي، بل يكتفون بالإشارة إليه عن سؤالهم عنه؛ مما يعطينا صورة واضحة عن القاعدة الصلبة للمجتمع الإسلامي ومتانة بنائها وصفاء عناصرها ونصاعة تصورها لمعنى الجماعة ولتكاليف الدعوة ولقيمة الأوامر الصادرة ولضرورة الطاعة؛ حتى إن التوبة لما نزلت ما تمالك صارخ أن يصرخ من الفجر بأعلى صوته على قمة الجبل مبشرًا كعب، فأروع ما في الأمر تمام الانضباط مع تمام العاطفة.

وظل المخلفون يحفهم هذا الجو المكروب بالكربة واليأس والضيق لا مخرج منه إلا بالالتجاء إلى الله مفرج الكروب ثم يجيء الفرج بعد خمسين يومًا من الضيق فينزل الوحي بآيات بينات: "وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم" [التوبة: 118].

كيف تلقى المخلفون الثلاثة أمر نزول توبتهم؟

يحكي كعب بن مالك عن ذلك فيقول: "... فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله عز وجل منا، قد ضاقت علي نفسي، وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ أوفى على سلع يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر، قال: فخررت ساجدًا، وعرفت أن قد جاء فرج وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر، وذهب الناس يبشروننا، وذهب قبل صاحبي مبشرون وركض إلي رجل فرسًا، وسعى ساع من أسلم فأوفى على الجبل، وكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني سمعت صوته يبشرني، نزعت ثوبيّ فكسوته إياهما ببشراه والله! ما أملك غيرهما يومئذ، واستعرت ثوبين، وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فيتلقاني الناس فوجًا فوجًا يهنئوني بالتوبة".

إن توبة كعب وصاحبيه وما حملت في آفاقها من معاني السمو والاعتراف بالخطأ -الذي هو من أعظم الشجاعة- وتعاليهم عن الدنيا التي تتراقص لهم بدعوة ملك غسان لكعب، بل الصبر على عقوبة الله تعالى -علامة على الوفاء منهم لدعوتهم ووفاء لا يعدو عليه تلون ولا غدر- والصبر هنا ليس يومًا أو يومين، بل خمسين ليلة على هذا الحال، منها عشر ليال بمقاطعة زوجاتهم لهم إلى أن جاءهم الفرج.

ضوابط المقاطعة التربوية

فإذا علمنا أن المخلفين الثلاثة من الطبقة الثالثة في المجتمع؛ حيث يسبقهم:

أ- السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار.

ب- البكاؤون الذين لا يجدون ما يحملهم.

فإذا كان هذا هو مستوى الطبقة الثالثة في الصدق والولاء لله ولرسوله والالتزام في تنفيذ أشد العقوبات عليهم واستعدادهم لطلاق زوجاتهم أدركنا ذلك المستوى الإيماني التربوي الرفيع للمجتمع المسلم آنذاك.

وقد خرج المخلفون من محنتهم أقوى إيمانًا وأصفى روحًا وأكرم أخلاقًا، وصفة أخرى في المخلفين أثناء محنتهم أن الله حاضر في ضمائرهم مع خطئهم، ومراقبة الله أقوى، وتقوى الله أعمق، والرجاء في الله أوثق.

مع وجوب ملاحظة أن تطبيق هذه المقاطعة التربوية، وهذا الهجر التقويمي يجب أن يكون مع:

1- مجتمع قوي مترابط راسخ الإيمان شديد الانضباط.

2- أفراد مؤمنين ملتزمين يؤمن عليهم من الوقوع في الفتنة.

3- قيادة حكيمة في أسلوبها بصيرة بهدفها حازمة في تطبيق قراراتها.

وتمضي قصة المخلفين عبرة للمجتمع الإسلامي عبر الزمان والمكان تحكي أسلوبًا من أساليب الإسلام -هو المقاطعة التربوية- تجاه الأخطاء التي تقع؛ فتقوِّم المعوج، وتصحح للمخطئ، فنتعلم منها كيف نتربى ونربي.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل  
غير مقروءة 16-09-2009, 04:18 PM   #85
sunset
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية لـ sunset
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2002
المشاركات: 480
إرسال رسالة عبر ICQ إلى sunset إرسال رسالة عبر MSN إلى sunset إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى sunset
Post



••.•°¯`•.•• ( حدث في مثل هذا اليوم ) ••.•°¯`•.••


26 من رمضان


26 من رمضان 9 هـ = 5 يناير631 م

عودة النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك، التي تخلف عن حضورها بعض الصحابة، وحينما عاد النبي دخل المسجد فصلى واعتذر من اعتذر ، وكانت حادثة مقاطعة كعب بن مالك وصاحبيه ...





26 من رمضان 762هـ=30 من يوليو 1361م

مولد أبي الثناء محمود بن أحمد بن موسى، المعروف ببدر الدين العيني، أحد أئمة الفقه والحديث والتاريخ في القرنين الثامن والتاسع الهجريين، وصاحب العديد من المؤلفات الشهيرة، مثل: "عقد الجمان"، و"عمدة القاري في شرح صحيح البخاري".





26 من رمضان 808هـ= 16 من مارس 1401م

وفاة العالم الموسوعي ورائد علم الاجتماع "عبد الرحمن بن خلدون" الذي تعد بحوثه ودراساته سبقًا في كثير من العلوم والفنون كالتاريخ والسيرة الذاتية والدراسات التربوية وغيرها…





26 من رمضان 1098هـ= 12 أغسطس 1686م

القائد البندقي موروسيني يستولي على قلعة كورون في اليونان من العثمانيين بعد حصار استمر شهرا كاملا.





26 من رمضان 1021 هـ = 20 من نوفمبر 1612م

الدولة العثمانية توقع معاهدة إستانبول مع إيران، لإنهاء الحرب التي استمرت بينهما 9 سنوات، وعينت هذه المعاهدة الحدود بين الجانبين ، لكن هذا الصلح لم يستمر إلا سنتين فقط حيث تجدد القتال بين الجانبين.





26 من رمضان 1271 هـ= 12 يوليو 1855 م

مولد المؤرخ والأديب الرحالة التونسي محمد بن عثمان الحشائشي صاحب كتاب "تاريخ جامع الزيتونة".





26 من رمضان 1364 هـ = 3 من سبتمبر 1945م

انتهاء الحرب الصينية – اليابانية، بعد استسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية بيومين، وانسحاب القوات اليابانية من الصين، بعد فترة من الحرب استمرت من 1937 حتى 1945م، وتؤكد الصين أنها تضررت من الاستعمار الياباني، وأن خسائرها بلغت 35 مليون قتيل خلال 8 سنوات من الاستعمار.





26 من رمضان 1365 هـ = 3 أغسطس 1946 م

اعتقال أكثر من 50 وطنيا تونسيا أثناء عقد مؤتمر الاستقلال في العاصمة تونس برئاسة العروسي الحداد حيث طالب هذا المؤتمر بالاستقلال التام عن فرنسا.





26 من رمضان 1377 هـ = 15 إبريل 1958 م

حزب الاستقلال أكبر الأحزاب المغربية يرفع رسالة إلى الملك الحسن الثاني يطالبه فيها بتأليف وزارة منسجمة يكون جميع أعضاؤها من حزب واحد أو مجموعة سياسية منسجمة.



__________________

sunset غير متصل  
غير مقروءة 17-09-2009, 01:19 PM   #86
sunset
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية لـ sunset
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2002
المشاركات: 480
إرسال رسالة عبر ICQ إلى sunset إرسال رسالة عبر MSN إلى sunset إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى sunset
Post



••.•°¯`•.•• ( حدث في مثل هذا اليوم ) ••.•°¯`•.••


27 من رمضان


27 من رمضان 986 هـ = 27 من نوفمبر 1578م

الصفويون ينتصرون على العثمانيين في معركة "شماهي الثانية" ويأسرون عددا من كبار القادة العثمانيين مثل "عادل كيراي". وقد قتل في هذه المعركة 10 آلاف عثماني و20 ألف صفوي.





27 من رمضان 1093 هـ = 29 من سبتمبر 1682م

القائد العثماني "أوزون إبراهيم باشا" يستولي على قلعة فولك الحصينة في سلوفاكيا إضافة على 28 قلعة أخرى بالمنطقة، وقد استطاع هذا القائد تحقيق السيطرة الكاملة على سلوفاكيا.





27 من رمضان 1107 هـ = 20 من أبريل 1696م

السلطان العثماني يقوم بحملته السلطانية الثانية على أوروبا، والتي أسفرت عن حرب شرسة مع الجيش الألماني، أسفرت عن انتصار العثمانيين. واستمرت هذه الحملة 6 أشهر حتى 25-10-1696م.





27 من رمضان 1223 هـ= 17 من نوفمبر 1808م

فرق الإنكشارية العثمانية تقوم بثورة عنيفة ضد السلطان محمود الثاني بعد محاولته القضاء عليهم.





27 من رمضان 1329 هـ = 21 سبتمبر 1991 م

وفاة أحمد عرابي زعيم الثورة العرابية. أصله من الشرقية والتحق بالجيش المصري، وترقى في مناصبه، قاد عدد من زملائه في ثورة احتجاج على تحيز الجيش للضباط الشراكسة، تحولت بعد ذلك إلى مظاهرة شعبية وطنية طالبت بالتغيير الوزاري وتشكيل حكومة وطنية وزيادة عدد الجيش، وقد فشلت الثورة العرابية لأسباب عديدة ترتب عليها نفي زعمائها إلى جزيرة سرنديب، وكان من بينهم أحمد عرابي.





27 من رمضان 1373 هـ= 30 من مايو 1954م

وفاة الكاتب الكبير "أحمد أمين"، صاحب كتاب "فجر الإسلام"، و"ضحى الإسلام"، وهو من رواد الباحثين في الحياة العقلية الإسلامية، وقد بدأ حياته أزهريًا ثم التحق بمدرسة القضاء الشرعي، وعُيِّن مدرسًا بها، ثم أصبح قاضيًا شرعيًا، وأطلق عليه اسم "العدل" لتحريه إياه.
والتحق بالجامعة أستاذًا فعميدًا فطبقت شهرته الآفاق، وكانت كلمته "أريد أن أعمل لا أن أسيطر" عنوانًا على حياته العلمية الحافلة....





27 من رمضان 1403 هـ= 7 يوليو 1983 م

افتتاح أول مصرف إسلامي في قطر تحت اسم "مصرف قطر الإسلامي" برأسمال 200 مليون ريال قطري.





27 من رمضان 1412 هـ = 31 مارس 1992 م
مجلس الأمن الدولي يصدر القرار 748 والذي تضمن عددا من الجزاءات ضد ليبيا، مستندا إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.



__________________

sunset غير متصل  
غير مقروءة 18-09-2009, 04:40 PM   #87
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

28 رمضان شذونة.. الطريق إلى الأندلس

(في ذكرى نشوبها: 28 من رمضان 92 هـ)






انتصار المسلمين في معاركهم نتاج إيمانهم واتقانهم

أتم المسلمون فتح بلاد المغرب، واستقرت الأوضاع بها بعد جهاد طويل من قبل الفاتحين، حتى كتب الله التمكين للمسلمين على يد موسى بن نصير، وأقبل سكان المغرب على الإسلام أفواجًا يذوقون حلاوته وينعمون بعدله، ولم يبق من شمال المغرب سوى "سبتة" التي استطاعت لمناعتها ويقظة حاكمها الكونت يوليان أن تقف أمام طموحات الفاتحين المسلمين.

وفي الوقت الذي كان يفكر فيه موسى بن نصير بمد الفتح إلى الأندلس وعبور المضيق إليها جاءته رسالة من الكونت يوليان يعرض فيها تسليم سبتة، ويغريه بفتح إسبانيا ويهون عليه الأمر، وكانت العلاقة بين يوليان ولذريق ملك إسبانيا سيئة جدا، فعزز ذلك ما كان يستعد من أجله موسى بن نصير، ويشاور الخلافة الأموية في سبيل تحقيقه، ولم يكتف موسى بن نصير بالمراسلة، بل اجتمع هو ويوليان في سفينة في عرض البحر للاتفاق والمفاوضة، وكان يوليان قد عرض على موسى بن نصير تقديم سفنه لنقل المسلمين إلى إسبانيا، ومعاونته بالجند والإرشاد، بالإضافة إلى تسليم سبتة، وباقي معاقلها إلى المسلمين.

وكان العرض مغريًا يدعو إلى الإقدام عليه، لكن موسى بن نصير لم يكن يملك الموافقة النهائية دون الرجوع إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك، فكتب إليه بأمر هذا العرض، فأجابه بأن يتأنى ويتمهل وأن يختبر الأمر بحملة صغيرة توقفه على حقيقة الأمر، قبل أن يخوض أهوال البحر.

حملة طريف

واستجابة لأمر الخليفة بدأ موسى بن نصير في تجهيز حملة صغيرة لعبور البحر إلى إسبانيا، وكان قوامها خمسمائة جندي يقودهم قائد من البربر يدعى "طريف بن مالك"؛ لاستكشاف الأمر واستجلاء أرض الأسبان، وقدم يوليان لهذه الحملة أربع سفن أقلتهم إلى إسبانيا، فعبرت البحر ونزلت هناك في منطقة سميت بجزيرة طريف، نسبة إلى قائد الحملة، وكان ذلك في (رمضان 91هـ= يوليو 710م) وجاست الحملة خلال الجزيرة الخضراء، وغنمت كثيرًا ودرست أحوال إسبانيا، ثم قفلت راجعة إلى المغرب، وقدم قائدها إلى موسى بن نصير نتائج حملته.

حملة طارق

بعد مرور أقل من عام من عودة حملة طريف بن الأندلس كان موسى بن نصير قد استعد للأمر، وحشد جنوده، وجهز سفنه، واختار قائدًا عظيمًا لهذه المهمة الجليلة هو طارق بن زياد والي طنجة، وهو من أصل بربري دخل آباؤه الإسلام فنشأ مسلمًا صالحًا، وتقدمت به مواهبه العسكرية إلى الصدارة، وهيأت له ملكاته أن يكون موضع ثقة الفاتح الكبير موسى بن نصير، فولاه قيادة حملته الجديدة على الأندلس.

خرج طارق بن زياد في سبعة آلاف جندي معظمهم من البربر المسلمين، وعبر مضيق البحر المتوسط إلى إسبانيا، وتجمع الجيش الإسلامي عند جبل صخري عرف فيما بعد باسم جبل طارق في (5 من رجب 92هـ= 27 من إبريل 711م).

سار الجيش الإسلامي مخترقًا المنطقة المجاورة غربًا بمعاونة يوليان وزحف على ولاية الجزيرة الخضراء؛ فاحتل قلاعها، وترامت أنباء هذا الفتح إلى أسماع لذريق، وكان مشغولا بمحاربة بعض الثائرين عليه في الشمال، فترك قتالهم وهرع إلى طليطلة عاصمته، واستعد لمواجهة هذا الخطر الداهم على عرشه، وبعث بأحد قادته لوقف الجيش الإسلامي، لكنه أخفق في مهمته.

وكان طارق بن زياد قد صعد بجيشه شمالا صوب طليطلة، وعسكرت قواته في منطقة واسعة يحدها من الشرق نهر وادي لكة، ومن الغرب نهر وادي البارباتي، وفي الوقت نفسه أكمل لذريق استعداداته، وجمع جيشًا هائلا بلغ مائة ألف، وأحسن تسليحه، وسار إلى الجنوب للقاء المسلمين، وهو واثق إلى النصر مطمئن إلى عدده وعتاده، ولما وقف طارق على خبر هذا الجيش كتب إلى موسى نصير يخبره بالأمر، ويطلب منه المدد؛ فوافاه على عجل بخمسة آلاف مقاتل من خيرة الرجال، فبلغ المسلمون بذلك اثني عشر ألفًا.

اللقاء المرتقب

وكان لا بد من الصدام، فالتقى الفريقان جنوبي بحيرة خندة المتصلة بنهر بارباتي الذي يصب في المحيط الأطلسي بالقرب من مدينة "شذونة"، وكان لقاء عاصفًا ابتدأ في (28 من رمضان 92هـ= 18 من يوليو 711م) وظل مشتعلا ثمانية أيام، أبلى المسلمون خلالها بلاء حسنًا، وثبتوا في أرض المعركة كالجبال الراسيات، ولم ترهبهم القوى النصرانية، ولا حشودهم الضخمة، واستعاضوا عن قلة عددهم ـ إذا ما قورنوا بضخامة جيش عدوهم ـ بحسن الإعداد والتنظيم، وبراعة الخطط والتنفيذ، وبشجاعة الأفئدة والقلوب، وبقوة الإيمان واليقين، والرغبة في الموت والشهادة.

نجح المسلمون في الصمود والثبات ثمانية أيام عصبية، حتى مالت كفة النصر إلى صالحهم، وتحول جيش لذريق العرمرم إلى غثاء كغثاء السيل، لا خير فيه ولا غناء، فقد كان على ضخامته متفرق الكلمة موزع الأهواء، تمزق صفوفه الخيانة؛ ولذلك لم يكن عجيبا أن يحقق المسلمون النصر على ضآلة عددهم؛ لأنهم التمسوا أسباب النصر وعوامل الفوز، فتحقق لهم في اليوم الثامن بعد جهاد شاق، وفر لذريق آخر ملوك القوط عقب الموقعة، ولم يُعثر له على أثر، ويبدو أنه فقد حياته في المعركة التي فقد فيها ملكه، أو مات غريقًا في أحد الأنهار عند فراره.

نتائج النصر



بعد هذا النصر تعقب طارق فلول الجيش المنهزم الذي لاذ بالفرار، وسار الجيش فاتحا بقية البلاد، ولم يلق مقاومة عنيفة في مسيرته نحو الشمال، وفي الطريق إلى طليطة بعث طارق بحملات صغيرة لفتح المدن، فأرسل مغيثًا الرومي إلى قرطبة في سبعمائة فارس، فاقتحم أسوارها الحصينة واستولى عليها دون مشقة، وأرسل حملات أخرى إلى غرناطة والبيرة ومالقة، فتمكنت من فتحها.

وسار طارق في بقية الجيش إلى طليطلة مخترقًا هضاب الأندلس، وكانت تبعد عن ميدان المعركة بما يزيد عن ستمائة كيلومتر، فلما وصلها كان أهلها من القوط قد فروا منها نحو الشمال بأموالهم، ولم يبق سوى قليل من السكان، فاستولى طارق عليها، وأبقى على من ظل بها من أهلها وترك لأهلها كنائسهم، وجعل لأحبارهم ورهبانهم حرية إقامة شعائرهم، وتابع طارق زحفه شمالا فاخترق قشتالة ثم ليون، وواصل سيره حتى أشرف على ثغر خيخون الواقع على خليج بسكونية، ولما عاد إلى طليطلة تلقى أوامر من موسى بن نصير بوقف الفتح حتى يأتي إليه بقوات كبيرة ليكمل معه الفتح.

عبور ابن نصير إلى الأندلس

كان موسى بن نصير يتابع سير الجيش الإسلامي في الأندلس، حتى إذا أدرك أنه في حاجة إلى مدد بعد أن استشهد منه في المعارك ما يقرب من نصفه، ألزم طارقًا بالتوقف؛ حرصًا على المسلمين من مغبة التوغل في أراض مجهولة، وحتى لا يكون بعيدًا عن مراكز الإمداد في المغرب، ثم عبر هو في عشرة آلاف من العرب وثمانية آلاف من البربر إلى الجزيرة الخضراء في (رمضان 93هـ= يونيه 712م)، وسار بجنوده في غير الطريق الذي سلكه طارق، ليكون له شرف فتح بلاد جديدة، فاستولى على شذونة، ثم اتجه إلى قرمونة وهي يومئذ من أمنع معاقل الأندلس ففتحها، ثم قصد إشبيلية وماردة فسقطتا في يده، واتجه بعد ذلك على مدينة طليطلة حيث التقي بطارق بن زياد في سنة (94هـ= 713م).

وبعد أن استراح القائدان قليلا في طليطلة عاودا الفتح مرة ثانية، وزحفا نحو الشمال الشرقي، واخترقا ولاية أراجون، وافتتحا سرقطة وطركونة وبرشلونة وغيرها من المدن، ثم افترق الفاتحان، فسار طارق ناحية الغرب، واتجه موسى شمالا، وبينما هما على هذا الحال من الفتح والتوغل، وصلتهما رسالة من الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي، يطلب عودتهما إلى دمشق، فتوقف الفتح عند النقطة التي انتهيا إليها، وعاد الفاتحان إلى دمشق، تاركين المسلمين في الأندلس تحت قيادة عبد العزيز بن موسى بن نصير، الذي شارك أيضا في الفتح، بضم منطقة الساحل الواقعة بين مالقة وبلنسبة، وأخمد الثورة في إشبيلية وباجة، وأبدى في معاملة البلاد المفتوحة كثيرًا من الرفق والتسامح.

وبدأت الأندلس منذ أن افتتحها طارق تاريخها الإسلامي، وأخذت في التحول إلى الدين الإسلامي واللغة العربية، وظلت وطنا للمسلمين طيلة ثمانية قرون، كانت خلالها مشعلا للحضارة ومركزًا للعلم والثقافة، حتى سقطت غرناطة آخر معاقلها في يدي الإسبان المسيحيين سنة (897هـ = 1492م).
ــــــــــــــــــــــــــــ
من مصادر الدراسة:

ابن الأثير: الكامل في التاريخ- دار صادر- بيروت- (1399هـ= 1979م).

المقري: نفخ الطيب من غصن الأندلس الرطيب- تحقيق إحسان عباس- دار صادر- بيروت- 1968م.

محمد عبد الله عنان: دولة الإسلام في الأندلس- مكتبة الخانجي- القاهرة- (1408 هـ= 1988م).

حسين مؤنس: فجر الأندلس- الدار السعودية للنشر والتوزيع- جدة- الطبعة الثانية (مصورة عن الطبعة الأولى بالقاهرة)- (1405هـ= 1985م).

عبد الفتاح مقلد: كيف ضاع الإسلام من الأندلس- القاهرة- (1413هـ= 1993م).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل  
غير مقروءة 19-09-2009, 04:26 PM   #88
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

30 رمضان


البخاري.. رحلة مع الخلود

(في ذكرى وفاته: 30 رمضان 256هـ)


نهض بالحديث النبوي دراية ورواية رجال نابهون من العرب أو من أصول غير عربية، لكن الإسلام رفع أصلهم، وأعلى العلم ذكرهم، وبوأهم ما يستحقون من منزلة وتقدير؛ فهم شيوخ الحديث وأئمة الهدى، ومراجع الناس فيما يستفتون.

وكان الإمام البخاري واحدًا من هؤلاء، انتهت إليه رئاسة الحديث في عصره، وبلغ تصنيف الحديث القمة على يديه، ورُزِق كتابه الجامع الصحيح إجماع الأمة بأنه أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى، واحتل مكانته في القلوب؛ فكان العلماء يقرءونه في المساجد كما تتلى المصاحف، وأوتي مؤلفه من نباهة الصيت مثلما أوتي أصحاب المذاهب الأربعة، وكبار القادة والفاتحين.

المولد والنشأة

في مدينة "بخارى" وُلد "محمد بن إسماعيل البخاري" بعد صلاة الجمعة في (13 من شوال 194هـ = 4 من أغسطس 810م)، وكانت بخارى آنذاك مركزًا من مراكز العلم تمتلئ بحلقات المحدِّثين والفقهاء، واستقبل حياته في وسط أسرة كريمة ذات دين ومال؛ فكان أبوه عالمًا محدِّثًا، عُرِف بين الناس بحسن الخلق وسعة العلم، وكانت أمه امرأة صالحة، لا تقل ورعًا وصلاحًا عن أبيه.

والبخاري ليس من أرومة عربية، بل كان فارسيَّ الأصل، وأول من أسلم من أجداده هو "المغيرة بن برد زبة"، وكان إسلامه على يد "اليمان الجعفي" والي بخارى؛ فنُسب إلى قبيلته، وانتمى إليها بالولاء، وأصبح "الجعفي" نسبًا له ولأسرته من بعده.

نشأ البخاري يتيمًا؛ فقد تُوفِّيَ أبوه مبكرًا، فلم يهنأ بمولوده الصغير، لكن زوجته تعهدت وليدها بالرعاية والتعليم، تدفعه إلى العلم وتحببه فيه، وتزين له الطاعات؛ فشب مستقيم النفس، عفَّ اللسان، كريم الخلق، مقبلا على الطاعة، وما كاد يتم حفظ القرآن حتى بدأ يتردد على حلقات المحدثين.

وفي هذه السنِّ المبكرة مالت نفسه إلى الحديث، ووجد حلاوته في قلبه؛ فأقبل عليه محبًا، حتى إنه ليقول عن هذه الفترة: "ألهمت حفظ الحديث وأنا في المكتب (الكُتّاب)، ولي عشر سنوات أو أقل". كانت حافظته قوية، وذاكرته لاقطة لا تُضيّع شيئًا مما يُسمع أو يُقرأ، وما كاد يبلغ السادسة عشرة من عمره حتى حفظ كتب ابن المبارك، ووكيع، وغيرها من كتب الأئمة المحدثين.

الرحلة في طلب الحديث

ثم بدأت مرحلة جديدة في حياة البخاري؛ فشدَّ الرحال إلى طلب العلم، وخرج إلى الحج وفي صحبته أمه وأخوه حتى إذا أدوا جميعًا مناسك الحج؛ تخلف البخاري لطلب الحديث والأخذ عن الشيوخ، ورجعت أمه وأخوه إلى بخارى، وكان البخاري آنذاك شابًّا صغيرًا في السادسة عشرة من عمره.

وآثر البخاري أن يجعل من الحرمين الشريفين طليعة لرحلاته؛ فظل بهما ستة أعوام ينهل من شيوخهما، ثم انطلق بعدها ينتقل بين حواضر العالم الإسلامي؛ يجالس العلماء ويحاور المحدِّثين، ويجمع الحديث، ويعقد مجالس للتحديث، ويتكبد مشاق السفر والانتقال، ولم يترك حاضرة من حواضر العلم إلا نزل بها وروى عن شيوخها، وربما حل بها مرات عديدة، يغادرها ثم يعود إليها مرة أخرى؛ فنزل في مكة والمدينة وبغداد وواسط والبصرة والكوفة، ودمشق وقيسارية وعسقلان، وخراسان ونيسابور ومرو، وهراة ومصر وغيرها…

ويقول البخاري عن ترحاله: "دخلت إلى الشام ومصر والجزيرة مرتين، وإلى البصرة أربع مرات، وأقمت بالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت إلى الكوفة وبغداد".

شيوخه

ولذلك لم يكن غريبًا أن يزيد عدد شيوخه عن ألف شيخ من الثقات الأعلام، ويعبر البخاري عن ذلك بقوله: "كتبت عن ألف ثقة من العلماء وزيادة، وليس عندي حديث لا أذكر إسناده". ويحدد عدد شيوخه فيقول: "كتبت عن ألف وثمانين نفسًا ليس فيهم إلا صاحب حديث".

ولم يكن البخاري يروي كل ما يأخذه أو يسمعه من الشيوخ، بل كان يتحرى ويدقق فيما يأخذ، ومن شيوخه المعروفين الذين روى عنهم: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن المديني، وقتيبة بن سعيد، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو حاتم الرازي.

العودة إلى الوطن

وبعد رحلة طويلة شاقة لقي فيها الشيوخ ووضع مؤلفاته العظيمة، رجع إلى نيسابور للإقامة بها، لكن غِيْرَة بعض العلماء ضاقت بأن يكون البخاري محل تقدير وإجلال من الناس؛ فسعوا به إلى والي المدينة، ولصقوا به تهمًا مختلفة؛ فاضطر البخاري إلى أن يغادر نيسابور إلى مسقط رأسه في بخارى، وهناك استقبله أهلها استقبال الفاتحين؛ فنُصبت له القباب على مشارف المدينة، ونُثرت عليه الدراهم والدنانير.

ولم يكد يستقر ببخارى حتى طلب منه أميرها "خالد بن أحمد الدهلي" أن يأتي إليه ليُسمعه الحديث؛ فقال البخاري لرسول الأمير: "قل له إنني لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب السلاطين، فإن كانت له حاجة إلى شيء فليحضرني في مسجدي أو في داري، فإن لم يعجبك هذا فأنت سلطان، فامنعني من المجلس ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة أني لا أكتم العلم".

لكن الحاكم المغرور لم يعجبه رد البخاري، وحملته عزته الآثمة على التحريض على الإمام الجليل، وأغرى به بعض السفهاء ليتكلموا في حقه، ويثيروا عليه الناس، ثم أمر بنفيه من المدينة؛ فخرج من بخارى إلى "خرتنك"، وهي من قرى سمرقند، وظل بها حتى تُوفِّيَ فيها، وهي الآن قرية تعرف بقرية "خواجة صاحب".

مؤلفاته

تهيأت أسباب كثيرة لأن يكثر البخاري من التأليف؛ فقد منحه الله ذكاءً حادًّا، وذاكرة قوية، وصبرًا على العلم ومثابرة في تحصيله، ومعرفة واسعة بالحديث النبوي وأحوال رجاله من عدل وتجريح، وخبرة تامة بالأسانيد؛ صحيحها وفاسدها. أضف إلى ذلك أنه بدأ التأليف مبكرًا؛ فيذكر البخاري أنه بدأ التأليف وهو لا يزال يافع السن في الثامنة عشرة من عمره، وقد صنَّف البخاري ما يزيد عن عشرين مصنفًا، منها:

الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وسننه وأيامه، المعروف بـ الجامع الصحيح.

الأدب المفرد: وطُبع في الهند والأستانة والقاهرة طبعات متعددة.

التاريخ الكبير: وهو كتاب كبير في التراجم، رتب فيه أسماء رواة الحديث على حروف المعجم، وقد طبع في الهند سنة (1362هـ = 1943م).

التاريخ الصغير: وهو تاريخ مختصر للنبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه ومن جاء بعدهم من الرواة إلى سنة (256هـ = 870م)، وطبع الكتاب لأول مرة بالهند سنة (1325هـ = 1907م).

خلق أفعال العباد: وطبع بالهند سنة (1306هـ = 1888م).

رفع اليدين في الصلاة: وطبع في الهند لأول مرة سنة (1256هـ = 1840م) مع ترجمة له بالأوردية.

الكُنى: وطبع بالهند سنة (1360هـ = 1941م).

وله كتب مخطوطة لم تُطبع بعد، مثل: التاريخ الأوسط، والتفسير الكبير.

صحيح البخاري

هو أشهر كتب البخاري، بل هو أشهر كتب الحديث النبوي قاطبة. بذل فيه صاحبه جهدًا خارقًا، وانتقل في تأليفه وجمعه وترتيبه وتبويبه ستة عشر عامًا، هي مدة رحلته الشاقة في طلب الحديث. ويذكر البخاري السبب الذي جعله ينهض إلى هذا العمل، فيقول: كنت عند إسحاق ابن راهويه، فقال: لو جمعتم كتابًا مختصرًا لصحيح سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؛ فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع "الجامع الصحيح".

وعدد أحاديث الكتاب 7275 حديثًا، اختارها من بين ستمائة ألف حديث كانت تحت يديه؛ لأنه كان مدقِّقًا في قبول الرواية، واشترط شروطًا خاصة في رواية راوي الحديث، وهي أن يكون معاصرًا لمن يروي عنه، وأن يسمع الحديث منه، أي أنه اشترط الرؤية والسماع معًا، هذا إلى جانب الثقة والعدالة والضبط والإتقان والعلم والورع.

وكان البخاري لا يضع حديثًا في كتابه إلا اغتسل قبل ذلك وصلى ركعتين، وابتدأ البخاري تأليف كتابه في المسجد الحرام والمسجد النبوي، ولم يتعجل إخراجه للناس بعد أن فرغ منه، ولكن عاود النظر فيه مرة بعد أخرى، وتعهده بالمراجعة والتنقيح؛ ولذلك صنفه ثلاث مرات حتى خرج على الصورة التي عليها الآن.

وقد استحسن شيوخ البخاري وأقرانه من المحدِّثين كتابه، بعد أن عرضه عليهم، وكان منهم جهابذة الحديث، مثل: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين؛ فشهدوا له بصحة ما فيه من الحديث، ثم تلقته الأمة بعدهم بالقبول باعتباره أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى.

وقد أقبل العلماء على كتاب الجامع الصحيح بالشرح والتعليق والدراسة، بل امتدت العناية به إلى العلماء من غير المسلمين؛ حيث دُرس وتُرجم، وكُتبت حوله عشرات الكتب.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل  
غير مقروءة 19-09-2009, 04:28 PM   #89
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

ومن أشهر شروح صحيح البخاري:

"أعلام السنن" للإمام أبي سليمان الخطابي، المُتوفَّى سنة (388هـ)، ولعله أول شروح البخاري.

"الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري" لشمس الدين الكرماني، المتوفَّى سنة (786هـ = 1348م).

"فتح الباري في شرح صحيح البخاري" للحافظ ابن حجر، المتوفَّى سنة (852هـ = 1448م).

"عمدة القاري شرح صحيح البخاري" لبدر الدين العيني سنة (855هـ = 1451م).

"إرشاد الساري إلى شرح صحيح البخاري" للقسطلاني، المتوفَّى (923هـ= 1517م).

وفاة البخاري

شهد العلماء والمعاصرون للبخاري بالسبق في الحديث، ولقّبوه بأمير المؤمنين في الحديث، وهي أعظم درجة ينالها عالم في الحديث النبوي، وأثنوا عليه ثناءً عاطرًا..

فيقول عنه ابن خزيمة: "ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل البخاري".

وقال قتيبة بن سعيد: "جالست الفقهاء والعباد والزهاد؛ فما رأيت -منذ عقلت- مثل محمد بن إسماعيل، وهو في زمانه كعمر في الصحابة".

وقبَّله تلميذه النجيب "مسلم بن الحجاج" -صاحب صحيح مسلم- بين عينيه، وقال له: "دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذِين، وسيد المحدِّثين، وطبيب الحديث في علله".

وعلى الرغم من مكانة البخاري وعِظَم قدره في الحديث فإن ذلك لم يشفع له عند والي بخارى؛ فأساء إليه، ونفاه إلى "خرتنك"؛ فظل بها صابرًا على البلاء، بعيدًا عن وطنه، حتى لقي الله في (30 رمضان 256هـ = 31 أغسطس 869م)، ليلة عيد الفطر المبارك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من مصادر الدراسة:

الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد- مكتبة الخانجي- القاهرة (1349هـ= 1931م).

السبكي: طبقات الشافعية الكبرى- دار هجر- القاهرة (1413هـ= 1992م).

ابن حجر العسقلاني: فتح الباري في شرح صحيح البخاري (المقدمة)- دار الريان للتراث- القاهرة (1409هـ = 1988م).

يوسف الكتاني: الإمام البخاري أمير المؤمنين في الحديث- مطبوعات مجلة الأزهر- القاهرة (1418هـ).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل  
 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .