داعش والمرأة

[صفاء العشري]

إن وضع المرأة في العالم العربي صعب منذ فترة طويلة. في عام 2002 وجد تقرير التنمية البشرية العربية الأول إن انعدام حقوق المرأة، إضافة إلى انعدام الحريات السياسية وضعف التعليم، هو واحد من ثلاثة عوامل تعوق التقدم في المنطقة.
خلال العقد الماضي، تم إحراز بعض التقدم، ولكن للأسف الكثير من التقدم في مجال حقوق المرأة في العالم العربي أتى نتيجة لقرارات من فوق، بدلا من الضغط من الأسفل، مع استثناءات قليلة حيث تمكنت النساء من إسماع أصواتهن كما هو الحال في لبنان على سبيل المثال. "مشروع قانون حماية النساء وأفراد الأسرة ضد العنف المنزلي" صدر فقط بعد ضغط مورس لسنوات، وبعد وفاة الكثير من النساء على أيدي أزواجهن. ولكن من ناحية أخرى، شهدنا تراجع حقوق المرأة، حتى أو بشكل خاص حيث ظهرت الثورات والتحولات السياسية.
ولكن رغم صعوبة وضعها عموما ،إلا أن حالة المرأة العربية هي أسوأ تحت حكم داعش.
في أوائل هذا الشهر أعدم داعش 19 امرأة في الموصل مع مواصلتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية على نطاق واسع في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، بعد أن رفضت الضحايا الزواج من المسلحين.
وذكرت وزارة حقوق الإنسان العراقية أيضا في 16 ديسمبر 2014، أن داعش أعدم 150 امرأة على الأقل، بما في ذلك الحوامل، في محافظة الأنبار، بعد أن رفضن الزواج من المسلحين. وأشارت الوزارة إلى أن المسلحين دفنوا النساء في مقابر جماعية في الفلوجة.
في الشهر الماضي، قالت هناء نوافيلي المتحدثة باسم المرصد العراقي للدفاع عن النساء المعنفات، لوكالة أنباء معلومة باللغة العربية أن إرهابيي داعش قاموا باغتصاب جماعي لسبع إناث من سكان الفلوجة، ثم قتلوهن.
كذلك أعدمت جماعة الدولة الإسلامية امرأتين بقطع رأسيهما في محافظة دير الزور، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وفي كلتا الحالتين، تم إعدامهما مع زوجيهما، بتهمة "السحر والشعوذة" بعد أن وجدا بحوزتهم تمائم .
طبعا استخدام التمائم والتعاويذ والممارسات الدينية الشعبية الأخرى أمر شائع في أجزاء من العالم العربي، وخاصة في الريف. انه يعود لآلاف السنين، ولم تعبترها أي حكومة إسلامية أو خلافة في الماضي جريمة تستحق القتل.
ولكن داعش تعتبر الممارسة هرطقة وشكلا من أشكال "عمل السحر".
لقد عانت النساء والفتيات من الأقليات، مثل الأزيديين، من ممارسات لا توصف على أيدي داعش : التعذيب والاغتصاب الجماعي، والاستعباد، والسجن، وفي بعض الحالات، القتل. كما تمت مقايضتهن وبيعهن عاريات في الأسواق، كحوافز للمجندين ومكافآت للمقاتلين. و يفتخر داعش بهذه الفظائع، مدعيا بشكل مخزي بأنهن لسن مسلمات وبالتالي الدين يحلل للمقاتلين هذا السلوك.
ولكن النساء من الأقليات الدينية لسن الوحيدات اللواتي يعانين تحت حكم داعش الأرهابي. النساء والفتيات المسلمات يعانين كذلك. ، فقد لاحظت وزارة الخارجية في أحدث تقرير عن الاتجار بالأشخاص أن داعش أجبر الفتيات والنساء المحليات في مناطق سيطرته على الزواج من مقاتليه وقتلهن عندما يرفضن.
تقول الشابات في الثورات العربية أنهن يسعن للخروج بشكل جديد من أشكال الهوية، بحيث تكون شاملة لهويتهن الدينية ورغبتهن في الحريات المدنية.
لا ينبغي مناقشة قضايا المرأة كما لو أنها مقبولة بطريقة أو بأخرى على هامش المجتمع وحسب . بل ينبغي إمعان النظر في تفاصيلها واعتبارها أولوية. عندما تكون المرأة مضطهدة . فإن قهر كل الأصوات المعارضة عادة ما يكون مرافقا لهذا الاضطهاد. مع دولة داعش، الأمر أكثر وضوحا فقط . عندما يصبح وضع المرأة الصعب قضية تعني المجتمع ككل، يستفيد الرجال أيضا ويحققون حريتهم وحقوقهم وكرامتهم.