الشاعر ابراهيم دقينش بقلم اسماعيل بريك

[الشاعر اسماعيل بريك]

الشاعر / إبراهيم دقينش
من شعراء مطوبس
بقلم : اسماعيل بريك
من كتاب اضواء علي احزان الشعراء صدر سنه 2000 للشاعر اسماعيل بريك
الشاعر " إبراهيم عبد الله دقينش " احد شعراء محافظة كفر الشيخ ساهم في إثراء الحركة الثقافية بالمحافظة بصفة عامة وبمدينة مطوبس بصفة خاصة مدة تزيد علي الخمسين عاما من العطاء المستمر – شاعر زاهد متصوف تعلو وجهه أمارات السماحة والتقوى يتميز شعره بالرصانة وفخامة اللفظ . تسمعه ملقياً للشعر فتود ألا يسكت . يشد انتباه الحاضرين بعذوبة إلقائه وما إن ينتهي من الإلقاء حتى تجود عيناه بالدمع من شدة التأثر وتلتهب أكف الحاضرين بالتصفيق الحار من شدة الإعجاب .
ولد الشاعر " إبراهيم دقينش " بمدينة مطوبس في السادس والعشرين من سبتمبر عام 1925م وحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة وانكب علي قراءة كتب التراث ودواوين الشعراء القدامى وتأثر بالأناشيد والابتهالات الدينية التي تلقي في شهر رمضان من كل عام وظهرت موهبته الشعرية في سن مبكرة فتأثر بالشعراء علي محمود طه ومحمود حسن إسماعيل وإبراهيم ناجي وصالح جودت . حتى استقام عودة ونضجت موهبته – وواكب ظهور الشاعر إبراهيم دقينش ظهور شاعرين كبيرين من أبناء مطوبس هما الشاعران عبد العليم القباني واحمد عبد الحفيظ سلام اللذين أدركتهما حرفة الأدب فلم يرضيا بمدينة مطوبس مقاماً لهما فغادراها إلي الإسكندرية حيث الأضواء الباهرة فلمع نجمهما وزاع صيتهما في المحافل الأدبية علي عكس الشاعر إبراهيم دقينش الذي رضي بالبقاء بمدينة مطوبس وعمل في مجال التجارة وأصبح حانوته صالونا أدبيا يقصده كل الشعراء والأدباء من محافظة كفر الشيخ وتخرج من هذا الصالون الأدبي أديبان كبيران هما الروائي القاص سمير رمزي المنزلاوي من أبناء مطوبس والشاعر الرقيق الدكتور محمد محمد محسن من قرية " أبو غنيمة مركز سيدي سالم ".
وقد نظم الشاعر إبراهيم دقينش شعره في عدة أغراض فهو شاعر رومانسي بطبعه – أجاد في الشعر الصوفي والمدائح النبوية وشعر الغزل والوصف والرثاء . وللشاعر إبراهيم دقينش ولدان احدهما أستاذ جامعي بكلية العلوم والأخر مهندس . وقد توفي إلي رحمه الله تعالى الشاعر إبراهيم دقينش في العشرين من ديسمبر سنة 1996 ولم يصدر له ديوان مطبوع حتى الآن . وإن كان من لوم يقع علي أحد فأول ما يقع علي أبنائه وهم في منزلة تمكنهم من طبع الأعمال الكاملة للشاعر إبراهيم دقينش من باب الحفاظ علي تراث أبيهم ومن باب صلة الرحم ثم يأتي اللوم علي المؤسسات الثقافية المعنية بحفظ التراث . وقد ذاعت معظم قصائد الشاعر إبراهيم دقينش التي ألقاها في المهرجانات الأدبية ومنها قصيدة " الصباح الجديد " وهي تأملات في الكون وتسبيحات لرب العرش العظيم والتي يقول في مطلعها :
سبحانك باسمك .
يسعى الكل ويحيا الكل
تبارك مجدك يا رحمن
سكبت النور علي الديجور
فلاحت أضواء الفجر
وتهادت أنفاس الصبح
وانساب الطل
وسلسل فيح العطر علي الربوات
وفجر ينبوع الرحمات
وضمخ أرجاء الكون
وامتد شعاع الشمس
يهدهد أعطاف الدنيا
والتف وشاح الدفء علي الأفق
وتناغي الطير
ورفرف في الأجواء
وهفهف يلثم أهداب النور
مرحي للعطر وللطل
مرحي للنور الوضاح
سبحانك سبوح سبوح
سبحانك قدوس قدوس
* ونقرأ له قصيدة أخرى بعنوان " بقايا صدي " وهي قصيدة وجدانية تأمليه يقول فيها :
هات يا شاعر من نبض الشعور
فالهوى الممراح في كل الصدور
والصدى اللهفان ترنيمة حور
بنداء الحب في الكون تدور
والغد الزاهر يا شاعر يبدو
والمنى في موكب الآمال تحدو
كل صداح علي الدوحة يشدو
وانسكاب النور فيض لا يحد
وربيع العمر أزهار وورد
* ونقرأ للشاعر إبراهيم دقينش في الرثاء قصيدة بعنوان :" الراحلون " وهي قصيدة محببة إلي نفسه طالما انشدها في المهرجانات الأدبية لما فيها من نبرة الحزن والأسى والنظرة الفلسفية للحياة والموت يقول فيها :
إيه أحبتنا شط النوى بكمو
والقلب يطوي الأسي والحزن تسكاب
كم ذوب الدهر في كأس الردي مهجا
والدهر ضرع بكف الموت حلاب
دلال سوق المنايا فض سامرنا
ورب سوق تلاشي وهو صخاب
* ونقرأ له قصيدة في مدح الرسول صلي الله عليه وسلم يقول فيها :
من ذلك الفرد الذي تهفو له روحي
إمام الخلق هل يخفي القمر ؟!
هو من شدوت له علي شبابي
وصدحت كالطير المغرد في الشجر
هو نبض قلب رف بين جوانحي
وشعاع هدي للضمير إذا عثر
أنا في هوى المختار حين عشقته
متفرد في العشق وحدي والسهر
يا موكب الأنوار حياك الندى
واليمن طاف علي رحابك واستقر
* تلك إطلالة علي شاعر قد ضاع وسط الزحام عسى أن يهيء الله له من محبيه وأبنائه من يهب لجمع تراثه وجميع قصائده ونشرها في ديوان يضم الأعمال الكاملة له وما ذلك علي الله ببعيد . والله من وراء القصد .

[المشرقي الإسلامي]

بسم الله الرحمن الرحيم

أشكرك أخي العزيز إسماعيل على هذا الموضوع الجميل وأرجو أن يوفقك الله في مسيرتك الإبداعية وسوف أقوم بالبحث عن أبرز قصائده لنشرها في القسم المخصص لها والتعليق عليها بإذن الله تعالى . لك من الشكر مثل ما لك من حب شعراء بلدتك العظماء .ولقد استوقفتني هذه المقطوعة الرائعة الفلسفية :
إيه أحبتنا شط النوى بكمو
والقلب يطوي الأسي والحزن تسكاب
كم ذوب الدهر في كأس الردي مهجا
والدهر ضرع بكف الموت حلاب
دلال سوق المنايا فض سامرنا
ورب سوق تلاشي وهو صخاب
الدهر كف بضرع الموت حلاب.
ما أروع هذه الصورة الراقية والتي تبرز لنا أثر البيئة في الثقافة والصورة الشعرية غير المسبوقة تقريبًا ، كذلك دلال سوق المنايا فض سامرنا ، هذه البيئة التي يكون فيها الموت مثل البضاعة التي يدلل لها الدلال في السوق وهذه النهاية الفلسفية الرائعة في رب سوق تلاشى وهو صخّاب ليكون العمر هو تلك الصفحة الصاخبة التي تنتهي في أي لحظة رغم أنه لا مقدمات تومئ إلى ذلك. أشكرك على هذه الذائقة الأدبية والاختيارات الجميلة لأجمل ما كتبه ، وقليل ما هم .