ايها المصابر المكابر
انني اوردت العشرات من الآيات والاحاديث وفهم اهل السنة لها واقوال الصحابة رضي الله عنهم والمتفق على حجتهم من علماء السلف، ثم تقول لي نريد فهمك للكتاب والسنة.
كما ان صفات الخوارج هي ضمن فقرات هذا الكتاب الذي كتبته في الرد عليهم فمن الطبيعي ان يتضمن ذلك ولكنكم قوم تستعجلون.
وقد وردت في اخر ملحق كثير من صفات الخوارج.
لكن المتطرفين كالجمل لا يرى عوج رقبته، ولا يدركون اشارات اهل العلم الا ان يقال لهم فلان من الخوارج، ولما علمنا ذلك عنهم كانت احد فقرات الكتاب ان نسميهم بأسمائهم واليك فقرة تكشف زيف شيوخك ومن تدافع عنهم.
الفرق التي تنتهج نهج الخوارج
فهناك العديد من الفرق الاسلامية في هذا العصر تنتهج نهج الخوارج ، وهي متفاوتة في تبني اهدافهم وبرامجهم ، ولا نحتاج في انزال الحكم عليها الى ان تعترف لنا هي بهذا الاسم، حيث ان الخوارج الاوائل لم يتسموا به ، بل سماهم به الصحابة واهل العلم من اهل السنة والجماعة ، لذا كل من حمل الصفات المعلومة يسمى بذلك ، وقد ذكر الشاطبي في الاعتصام تعليقا على قوله تعالى : ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا ، قال : تأوله العلماء من السلف على قضايا دخل فيها اصحابها تحت اللفظ كالخوارج في ظاهرة العموم.
ولو اننا تركنا الامر من غير ذكر الفئات التي على ذلك في عصرنا هذا ، لعل البعض يرى ان الخوارج في عهد سابق وانتهت فتنتهم، ولم يدرك ما نريده من التحذير من الخوارج المعاصرين ، لذا كان لابد من ذكرها بوضوح حتى تعرف العناصر التي وصفها النبي ص : يلبثون ثياب الضأن من اللين وقلوبهم قلوب الذئاب.
فهم مخادعون يصعب على العامة التعرف عليهم ، بسبب حلاوة الحديث المعسول الذي يقدموه ويخفون سمومهم كما في الحديث : حديثهم احلى من العسل وقلوبهم قلوب الذآب.
لذا فنشير الى ان صفات الخوارج بل وابشع منها موجودة بين المسلمين ، ونورد في الفقرة التالية من يتصفون بالخوارج في هذا العصر ، لأبرزهم وليس للحصر.
ان من تلك الفرقة الحديثة التي تنتهج منهج الانقلابات والمظاهرات والعنف واعلان الجهاد في أي خلاف مع الاخرين وبه شابهت الخوارج : جماعة الاخوان المسلمين ، وذلك في النواحي العملية والمنهجية اكثر من النواحي العقائدية ، وان تكتموا على ذلك في بلد ما ، الا انهم جميعا متفقون على جواز الخروج على الحكام المصلين الذين يرون فيهم تقصير ، ويؤلبون الناس ضدهم للخروج عليهم او التشهير بهم.
بل قامت جماعتهم اصلا لصناعة حكومات تحمل افكارهم ، وان خالفوا الخوارج في بعض الصفات او اخفوا بعضها لكنهم يشاركوهم في أسوأها وقعا على المسلمين.
واحيانا يستخدمون التقية ويخفون بعض منهجهم بل يحاولون تغيره في وسائل الاعلام حتى لا توضع امامهم العقبات ، في حين ان احدهم يعترف بذلك في وسائل الاعلام ويقول عن نفسه بانه هو الذي حرك المسيرة المليونية في الجزائر ، وهي مظاهرة في بلد مسلم كان يمكن معالجة قضاياه بغير ذلك العنف ، وذلك من علامات منهجهم.
كما ان تجاربهم السابقة في مصر وسوريا والسودان تفيد بحقيقة منهجهم الارهابي وحملهم السلاح على المسلمين ، بل حتى في المساجد ، كما لا ننسى ان نهيب ونشيد بالمواقف الجريئة التي تتخذها الحكومات المصرية الرشيدة التي كانت مبكرة في مواجهة هذه الفئات الباغية ، وبطريقة غير متحفظة، الى درجة حظر جماعتهم ونشاطهم رسميا، وهذا ما يجب ان يكون ، وتحجيمهم هو الحل الامثل في مواجهتهم والسلامة من شرورهم.
وبما ان منهج الاخوان المسلمين سياسي باسم الدين كان من الضروري ان يختلفوا في الدين فافترقوا في عام 77 الى ثلاثة فرقة بعد خلاف التنظيم الدولي مع الترابي ، وهو في الاصل زرع فيهم حيث ان تطرفه من نوع اخر ، اذ انه يجمع بين التساهل في التدين والتطرف في المنهج ، فكان يحل ويحرم بهواه حتى بلغ مراحل الرد على القرءان والسنة والصحابة ، ولكنهم يتسترون عليه لان غرضهم الاساسي تجميع سياسي ، فلما اراد ان يشارك في السلطة مع نميري دونهم ، خالفوه فانسلخ منهم واظهر منهجه التجديدي كجناح اسلامي ووافقه اخرون في كل مكان.
واخيرا خرجت بينهم اخرى ثالثة تدعي الميول الى السلفية ، لكن ذلك خداع منها فانها ادركت ان سيرت الاخوان المسلمين اصبحت سيئة ومرفوضة عند العوام والحكام ، كما انهم يريدون احتواء الشريحة السلفية التي كانت تمثل اكبر قطاعات الشاب في الخليج العربي والبلاد الثرية، وكانت جماعة الاخوان مرفوضة في تلك المنطقة.
فابتدع لهم البريطاني الاخواني محمد سرور ، الذي كان يدرس في المملكة العربية السعودية ، ابتدع هذا المنهج الجديد لاحتواء الشباب السلفي بانتحال المنهج السلفي من غيران يعلن تنظيم اخر بل باسم السلفية علنا ، والتنظيم السروري سرا، ومن داخل السلفيين يعملون ثم يجندون الشباب في مجموعات حركية حتى تكشفوا ايام الغزو العراقي الغاشم للكويت ، وكان ابرز تلاميذ محمد سرور ، هو الشيخ سفر الحوالي ، الذي ناقش عليه الدكتوراه كما ان كتابه ظاهرة الارجاء كان شاهد على منهجه المتطرف الاخواني.
وهذه الفئة اكثر تطرفا وتشددا من الجناح الاساسي الذي يعرف بالاصلاح وهو التنظيم الدولي ، فالجناح الذي يدعي السلفية فهم مع منهجهم بجواز الخروج على الحكام فهم فيهم تكفير للحاكم الذي لا يقيم الحدود من غير ان يجد ذلك ، بل وفيهم تكفير لبعض عامة المسلمين كما ذكروا عن شعب الصومال ، ومسالة التكفير فيهم كان مصدرها شيخهم محمد قطب الذي تاثر بفكر اخيه سيد قطب ووصفه لمجمعات المسلمين بالجاهلية كما هو في الظلال ، ومحمد قطب هو احد شيوخ سفر الحوالي .
وقد سئل عن هؤلاء السروريين الشيخ الالباني رحمه الله فقال : واقول في هؤلاء هم الحرورية العصرية ، أي الخوارج العصرية.
هذا الى جانب ان سفر الحوالي اباح لاتباعه في الصومال قتال شعب الصومال وقال دمهم ليس بمعصوم وذلك في شريط كان يوزع في الصومال بين عناصر الاتحاد الاسلامي ، كما انه كان يثني على حسن الترابي اثنا دروس سفر الحوالي في المسجد بحي الجامعة في مدينة جدة قبل تحرير الكويت، ولهذه الفئة عناصر لا تعلن عن تنظيمها بل تقول نحن سلفيون ووهابية حتى تحتمي بالسلفية التي تعرف في المملكة ودول الخليج بانها لا تخرج على الحكام بل موالية لهم ونهجها سلمي ويمثل النهج الرسمي للمملكة، لهذا كثير من اعمالهم تمول من المحسنين على اساس انها سلفية في حين هي الحرورية العصرية.
اما خلاصة ما وافقوا فيه الخوارج ، فوافقوهم في تكفير الحكام والتشهير بهم وتكفير بعض مجتمعات المسلمين واستحلال دماءهم وغيرها، الا انهم يستخدمون التقية في بيان ذلك ، وايضا في الخروج على الحكام ، لكنهم لم يوافقونهم على الورع في اموال المسلمين خاصة تحت مظلة الاعمال الخيرية كما انهم يدعمون الترابي والجماعة الاسلامية في مصر وغيرهم من المتطرفين وحتى لا نكرر ما قيل فيهم مخافة السأم فنحيل البعض على ما كتب فيهم الشيخ ربيع بن هادي المدخلي تقبل الله منه وكذلك الشيخ الالباني رحمه الله والشيخ عبد الملك الجزائري ومتواجدة بالمكتبات ، مع العلم بان معظم الفرق المتطرفة تكونت من شظايا بناء حسن البنا المنهار ، ونقف على احد فرق التطرف الاخوانية .
__________________
ملاحقة التطرف الخوارج واجب الدين والدنيا
|