العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السيـاسية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: نقد كتاب عظيم الأجر في قراءة القرآن (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة في مقال الطاقة الروحية براهين من العالم الآخر (آخر رد :رضا البطاوى)       :: نقد بحث لغز مركبات الفيمانا (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى كتاب حكم تنفيذ القصاص والإعدام بالوسائل الحديث في الفقه الإسلامي (آخر رد :رضا البطاوى)       :: The international justice court (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: نقد تنبيه الأنام على مسألة القيام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى مقال الزراعة المثالية ولعنــة الأدويــة الكيماويــة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: New death (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: قراءة في مقال البروباغاندا الهدوءُ والفتك (آخر رد :رضا البطاوى)       :: قراءة فى كتاب إرشاد الأخيار إلى منهجية تلقي الأخبار (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 27-11-2009, 03:50 PM   #1
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

[1]مشروع أوهيئة الإنصف والمصالحة هي عبارة عن مؤسسة أنشأتها الدولةالمغربية بعد اعتلاء الملك السادس للعرش تعنى بتعويض ضحايا سنوات الرصاص التيشهدتها أيام حكم الحسن الثاني وقد أشرف على هذه الهيئة بعض ضحايا تلك السنوات منمعتقلي اليسار الشيوعي ولقيت سجالا كبيرا لا زال مستمرا ليومنا هذا حول جذواهاونتائجها , وقد أحدثت لتلميع وجه النظام الجديد والدعايةله,



يتبع....إن شاء الله
__________________





آخر تعديل بواسطة أوان النصر ، 27-11-2009 الساعة 03:58 PM.
أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-11-2009, 06:05 PM   #2
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
Lightbulb الحلقة الثانية

2
كانتتلك آخر رسائله, انقطعت بعدها أخباره عني . أحسست حينها بغربة ووحدة قاتلة ضلتتحاصرني من كل الجهات. كنت عن طريقه أتنسم أخبار الأحبة,أعيشها لحظة بلحظة. أفرحلأفراحهم,وأحزن وأبكي أحيانا طويلا لأحزانهم وحسرة على عدم اللحاق بهم . حين حدثنيعن ملحمة الفلوجة الأولى,وعن جوعهم وعطشهم لأيام عدة. عافت نفسي الطعام وفقدت شهيتهكنت كلما جلست أمام المائدة تذكرتهم. تذكرت حكاية الشباب الذين حملوا أرواحهم علىأكفهم حين تطوعوا لخرق الحصار المضروب قصد جلب جرعات ماء لإخوانهم ,وكيف مروا منبين دبابات الصليبيين وآلياتهم وسمعوا أصواتهم وقرع أكوابهم وآنيتهم,دون أن يفطنواأو يحسوا بهم وكأنما غشيت أبصارهم وجعل وجعل في آذانهم وقرا. كانت تلك كرامة منعشرات الكرامات التي حدثني بها وعن تفكيره في جمعها وتدوينها حين يجد فرصة ووقتالذلك.
رأيتهفي منامي بجناحين يطير ويخاطبني مبتسما,مشيرا بيمينهمناديا
"إلحقبنا لقد تأخرت, ولا تنس الوصية"
استفقتمرعوبا مذعورا كعادتي مع كل حلم أتصبب عرقا. قلبي يخفق بسرعة وأكاد أسمع ضرباته: اللهم اجعله خيرا. أي وصية يقصد؟! رسائله التمويهية أرسلها بانتظام لأسرته! لم أرهقنفسي في حل رموز الرؤيا وتأويلها . رأسا توجهت صوب الأنترنت . الأيقونة تشير إلى أنلدي رسالة جديدة, أحسست بنشوة من فرح لم تدم طويلا. لم يكن عنوان المرسل عنوانه... وبريدي هذا لا يعرفه أحد سواه... ارتبت في أمرها مما جعلني أتوقف عن فتحها إلى أناستعنت بما أعرفه من إجراءات الحماية الأمنية الإكترونية في مثل هذه الحالات. ثمتوكلت على الله وفتحت الرسالة. تسمرت حينها مكاني وأحسست بحمام عرق بارد يغسل كاملبدني, أعدت قراءتها بسرعة واضطراب. رسالة من دون مقدمات. وجمل متقطعة. يبدو أنصاحبها كتبها في عجلة وتوتر.
"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, أنا أخوكم أبو....العراقي مسؤولفي هيئة الإعلام أزف لكم نبأ استشهاد صديقكم وأخوكم –خ- الدكتور نسأل الله أنيتقبله. وصيته التي عهد إلي بإبلاغكم إياها هي وبعض صوره وكتاباته ستجدها على هذاالرابط .... لطالما حدثني عنك وانتظر وصولك على أحر من الجمر. يبدو أنه رحمه اللهكان يعزك كثيرا. ولك مكانة خاصة في قلبه الكبير... أحبه الجميع هنا,مهاجرون وأنصار. منذ دخوله المبكر ارتأى الإخوة أن يضعوه في مكان يناسب تخصصه عملا بمبدأ الرجلالمناسب في المكان المناسب وأبدع وأفاد في مجال الإعلاميات والإلكترونيات ونفع اللهبه إخوانه وأمته. فكان من تفانيه وإخلاصه لاينام سوى أربع ساعات في اليوم والليلةحتى هزل جسمه وشحب لونه, فكان كلما طلب منه إخوانه أخذ قسط من راحة يجيب الراحةهنالك في الجنة ويشير بسبابته نحو السماء... وكان رحمة الله عليه يبكي بحرقة وتأثركلما همت مجموعة من الشباب بالخروج إلى الميدان حسرة على عدمإشراكه في العملياتوشوقا للنزال. إلى أن اختير تطييبا لخاطره أكثر من أي اعتبار آخر. في عملية الثأرلأعراض المسلمات التي انتهكت في إحدى البلدات. سجد سجدة شكر وعانقني حين أعلمتهببشرى الإختيار التي كنت حريصا على أن أكون أول من يزفها له... لم ينم تلك الليلةمن الفرح...
أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-11-2009, 06:07 PM   #3
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

ضحكنا طويلا وبدا كطفل مرح في يوم عيد أو عريس في ليلة زفافه... ونحننستعد للخروج انفرد بي هامسا :
" أحسأنني لن أعود, مدني بمفتاح + صغير قائلا:
"هناكل شيء , بريد صديق الطفولة الذي حدثتك عنه وصيتي, صوري ومجموعة من أشعار وخواطر. أتمنى أن تلح عليه بشدة لتنفيذها حرفيا بحذافيرها... دس يده في جيبه, هذا مبلغ ماليبسيط أهداني إياه الأخ أبو... الكويتي قبل استشهاده رحمه الله, نصفه سلمه لأسرةأبي... البغدادي ـ وكان من أحب إخوانه إلى قلبه ـ والنصف الثاني اشتري به أحديةرياضية للشباب ـ كنا حينها نعاني أزمة أحدية حتى لقبت كتيبتنا بمجموعة الحفاة. أماعن قصة استشهاده فقد أبلى رحمه الله في ذلك اليوم البلاء الحسن وكان أسدا بكل ماتحمله الكلمة من معنى. بعد ساعتين من الإثخان في عباد الصليب وأذنابهم, جاءهم الدعمالجوي والبري لفك الحصار عن من بقي منهم حيا وإخلاء الجرحى الذين كانوا يصرخونكالنساء الثكالى .
في مثلهذه الحالات جرت العادة أن ينسحب الإخوة في هدوء ووفق الخطة المرسومة والمدروسةسلفا وبعد أن تتطوع مجموعة للتغطية على هذا الإنسحاب وإشغال العدو. فكان رحمه اللهأول المتطوعين فداءا لإخوانه وحماية لظهورهم رفقة ثلاثة شباب آخرين. قتل الدكتوروهو اللقب الذي كنا نطلقه عليه وشاب لبناني من أصل فلسطيني وعاد عراقي جريح وآخرفرنسي سليم. حدثنا الأخ العراقي أنه منذ الغزو الصليبي لأرض الرافدين ناذرا ما رأىرجالا كالدكتور تقبله الله. قاتل بضراوة حتى نفذت ذخيرته وضاعت نظاراته الطبية, وضليناور من خندق لخندق ومن بيت لبيت لصرفهم عن الإخوة المنسحبين وشغلهم عنهم إلى أنأصيب في كتفه وصدره .
حاول الأخ الفرنسي سحبهلكنه رفض وألح عليه بمساعدة الأخ الجريح والانسحاب الفوري. لم ينس رغم سكرات الموتأن يبلغ سلامه للجميع . طالبا الاعتذار والصفح عن كل ما قد يكون بدر منه في حق أحد. ثم نطق الشهادتين وابتسم ابتسامته المعهودة التي ضلت مرسومة على محياه رغم خروجروحه ."
ختم الناعي رسالته بلاتنسوه وتنسونا من دعائكم وتنفيذ وصيته .
أخوكم أبو .... العراقيخادم المجاهدين.
وأنا أقرء مناقبه رحمةالله عليه وحادثة مقتله كنت أقاوم جاهدا الدموع المحتبسة في عيني . نسخت الرابطبأصابع مرتجفة, وأبحرت حيث الوصية وما رافقها من صور ومذكرات يوميات وأشعار...ثمهمت على وجهي كعادتي حين تنتابني موجة حزن أوحالتي المرضية التي صرت بسببها كمنقرأت عنهم يوما ما ممن سموا (بالمشائين) أعتقد أن أرسطو كانأحدهم.
همت على وجهي إلى أنوجدتني على شاطئ البحر.علاقة غريبة صارت تجمعني به مذ غادرت السرداب. لو كلفني بهدهذا الصخر لكان أهون علي من تكليفي إبلاغ أسرته بخبر استشهاده.
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-11-2009, 06:14 PM   #4
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

كان الوقت قد قارب غروبالشمس التي احمر قرصها وبدت شاحبة كئيبة وهي تغوص بتثاقل في الأفق الأزرق البعيد... استسلمت لبكاء مرير غير مبال بنظرات بعض العشاق الذين تناثروا في المكان . قد أكونعكرت عليهم ( صفو خلوتهم ) تجرأ أحدهم فتوجه صوبي تاركا مرافقته على بعد أمتار. كانت خطواتها مترددة تنتظر ردة فعلي مع مرافقها لتتشجع على التقدم نحوناأكثر...يبدو مثقفا في بداية الثلاثينات من عمره يحمل حقيبة يدوية جلدية ويرتدي بدلةأنيقة بدون ربطة عنق ...
"السلام عليكم..."
خنقتني الدموع والشهيقفلم أجبه.
مالك أخويا تبكي واش خاصكشي مساعد ؟؟؟
استمر نحيبي وشهيقي . أمدني بمناديل ورقية ذات رائحة زكية أخرجها من جيبه. وأنا أمسح بها دموعي أعاد طرحالسؤال مبديا رغبته واستعداده في مساعدتي. ظن المسكين أنني غريب تقطعت به الحبال. هكذا فهمت من كلامه. تشجعت صاحبته وتقدمت نحونا هي الأخرى قد يكون أشار عليها بذلك :"
ماذا به... المسكين؟؟؟"
لم تنتظر جوابه, فخاطبتهبفرنسية سليمة.
"يبدو أنه يعاني من مرضنفسي أو صدمة قوية أنظر إلى حركة خده الأيسر"
(Il parait qu’il est choqué ou il souffre d’une maladie psychologique. Regarde sa joue gauche qui bouge).
لا أدري كيف عرفت حالتيالمرضية حين نطقت بها تحديدا باسمها العلمي الطبي. قد تكون أخصائية وربما ساعدتهاالأعراض التي تظهر علي في مثل هذه الحالة لا إراديا من رجفة اليدين وارتعاش الشفتينواهتزاز رأسي كملاكم سابق أو مصاب بمرض الزهايمر. تلك حالتي كلما توترت أعصابي أوبكيت منذ غادرت سراديبهم في المرة الأولى. شجعت خطواتهما شاب آخر ورفيقته ضلايرقبان المشهد من بعيد فتقدما نحوي . سألوا عن سكناي فلم أجب. عرض علي الثانيإيصالي بسيارته إن أنا رغبت في ذلك... أكره مواقفا كهذه أجدني فيها ضعيفا عاجزامثيرا لشفقة الآخرين وإنسانيتهم . أحسستهم يصطنعون ذلك أمام مرافقاتهم . لم أدر ولمأذكر أمام إلحاحهم وأدبهم المبالغ فيه, أو هكذا بدا لي, كيف خرجت الكلمات من بينشفتي المهتزة :
"مات أخي... أخي مات ...عانقني الأول صاحب الحقيبة الجلدية معزيا ومواسيا بكلمات يتداولها الناس في مثلهذه المناسبات وكأنه يعرفني من زمن طويل تقاطرت على مسامعي كلمات التعزية والمساواةعلى الطريقة المغربية في مثل هذه المناسبات والمواقف. لا أدري كيف كانوا سيتصرفونلو علموا كيف مات وأين قضى . أبديت لهم بلباقة وأدب رغبتي في البقاء وحدي فتفهمواالأمر. كنت رغم لطفهم أحسهم أثقل من جبل على صدري. عادوا لخلوتهم وبقيت متسمرامكاني أرقب قرص الشمس الآفلة أنتحب كثكلى فقدت كل أبنائها ...
في هذه اللحظة كان منالمستحيل أن لا أسترجع شريط ذكرياتي أن لا أسترجع شريط ذكرياتي معه. كلام (الفليلسوف) هكذا كنا نلقبه. لازلت أحتفظ به كعقد ثمين لا يفرط به. كان دائم الصمتوإذا نطق أرغم الجميع على الإنصات ...
" إنتباه ...إنتباه... سكوت ...سيدي عبد الرحمن المجذوب سينطق بالحكمة".
هكذا كنت أمازحه منتشيا, فرحا, بقدرتي دون غيري على إخراجه من دوامة صمته وإشراكه في نقاشاتنا اللامنتهيةالتي لا تكاد تنتهي إلا لتبدأ من جديد. وتنتهي بخصومات ثم حفلة عناق للتسامحوالإعتذار...
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-11-2009, 06:16 PM   #5
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

كنت أكنيه ب "ولد دانون"ّأو الدجاج الرومي. فكان يجيبني متحديا سأصبح بلديا رغم عن أنفك...بعد أن أصبحنا منرواد بيوت الله زادت علاقتنا توطدا. لم نكن نفترق إلا عند النوم , قال لييوما:
"أحس أن لا أحد يفهمني فيهذا العالم سواك."
لم يعرف الفقر كما عرفته, فكان ينفق إنفاق من لا يخشاه . ويعرف كيف يوظف ذكاءه المفرط وماله الوفير لإسعادالآخرين ودعوتهم إلى الله... شغوفا... مندفعا بقوة لحل مشاكل الجميع, وصفه أحدالأصدقاء يوما مادحا كرمه وإنفاقه أنه لم يقل لا يوما إلا حين ينطقها في شهادةالتوحيد. فكنت حين أجوع أو أحن إلى إحدى أجود أنواع الحلويات المنزلية المحشوة جوزاولوزا وفستقا أواعد ع عند حاتم الطائي بعد أن نهاتفه فيفرح بذلك ...
بعد غزو التتار الجددلبلاد الرافدين لم يعد يذوق طعم النوم . دائم البحث والسؤال دون ملل عن طريق موصلإلى هنالك . قال لي يوما :
"لو وجدت من يوصلني إلىهناك وطلب مني نصف ما ورثته عن والدي رحمه الله لاقتسمت معه تركتي دون تردد...أخشىأن يمسنا عذاب الله . ويستبدلنا لأننا لانصلح ولسنا بحجم المسؤولية. أخشى منالنفاق..."
حين لاحظ استغرابي منكلامه تلا علي قول الله تعالى(يا أيها الذين ءامنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا فيسبيل الله اثاقلتم إلى الأرض , أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة, فما متاع الحياةالدنيا إلا قليل ,إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئاوالله على كل شيء قدير...
ثم يشرع يذكر لي أقوالالمفسرين والعلماء في تلك الآيات واستدلالاتهم بأسلوب سلس, رائع, جذاب, بديع, رغممروري على هذه الآيات مرات عدة, كنت وكأنني أسمعها لأول مرة. الكلام حين يخرج منالقلب يصل مباشرة وبسرعة إلى القلوب. هكذا قالوا قديما...
تلك الأيام... حين كانالناس يعيشون تحت وقع الصدمة يضربون أخماس في أسداس تحسرا كما ضربها آباؤهم من قبلحين سقوط فلسطين. وحين صاروا كجمهور انحسر دوره في الفرجة وانتظار نهاية مباراةمعلومة نتيجتها مسبقا. لا تكاد مؤخراتهم تفارق كراسي المقاهي متسمرين أمام القنواتالفضائية ببلاهة يتابعون تحليلات بائعي الكلام والوهم ومحللي الفضائيات المأجورين. وفتاوى تؤصل لدمي الحيض والنفاس ولا تلقي بالا لدم ثالث مهراق. دم المسلمين على أرضالعراق وغيرها. حينها كان رحمه الله يقطع البلاد طولا وعرضا , مذكرا الشباب والدعاةبتعين فريضة الجهاد, وبمسؤوليتهم الشرعية والتاريخية , لأنهم طليعة الأمة, وأنالتتار الجدد لن يردعهم ويردهم على أعقابهم سوى شباب الإسلام أحفاد القعقاع والمثنىوطارق بن زياد ....
اكتشفت فيه حينها ما لمأكن أعرفه رغم عشرتنا التي دامت أزيد من عقدين من الزمن. شعلة متوقذة من حماس, طاقةدفينة مخزنة انفجرت فجأة, صار يتكلم كخبير متمرس في الإستراتيجية العسكريةوالدراسات المستقبلية. كلما زرنه كان يبسط الخريطة أمامنا وأسهب في الشرح والتحليلبحماس غريب : " أنظروا ...منطقة الأنبار وديالى أقرب بقعة في بلاد الرافدين منفلسطين ثلاث مائة كيلو فقط تفصلنا عن القدس إنها فرصة العمر لقد ابتلعوا الطعم . ستذكرون ما أقوله لكم !!!
__________________




أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 28-11-2009, 06:19 PM   #6
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

رغم مرور سنوات فلا يزالالألم يعتصرني كلما ذكرته رحمة الله عليه. وذكرت إخفاقي في تنفيذ وصيته كما أرادوألح في ذلك. خبر استشهاده بلغ أسرته بعد سنة من القذف بي وراء الشمس. وصلني بعضامن كلامهم الجارح الذي أسمعوه والدتي حين زارتهم للتعزية. ما كنت أخشاه تماما هو ماوقع. صرت في نظرهم أنا من شجعته على سلك الدرب الذي سار فيه وغررت به ...و...و...و
رغم كل شيء لم ولن ألومأمي الحاجة. إنها أم مكلومة على كل حال .فقدت بؤبؤ عينها كما كانت تصفه. فقدت آخرعنقودها المدلل...
ساءت علاقة الأسرتين. انقطعت بينهما حبال الود, الزيارات, المجاملات.. فتكلم بذلك الشامتون وخاض فيهنمامو الحي ومهووسو الإشاعة. طبعا مع إضافة البهارات اللازمة في مثل هكذامناسبات.
حاولت ولا زلت أحاولالنسيان. نسيان الموضوع فلم أفلح. عقدة ذنب وصية أعز الأحبة إلى قلبي والتي لم أعملعلى الوفاء بها تؤرقني. ألح بقوة وكرر مرارا في رسالته -الوصية- علي بالعمل الجادعلى توضيب ما كتبه في ساحات المعارك وعلى أصوات لعلعة الرصاص وأزيز الطائرات منخواطره ومشاهداته وكرامات أوصى أن تجمع تحت عنوان (آيات الخلاق في جهاد أهل العراق) وتنشر في المنتديات والمواقع . بعد الليلة السوداء, ليلة اختطافي أحرقت والدتيبمساعدة من أختي التي أرشدتها لمخبأ أوراقي وأقراصي المضغوطة المدسوسة تحت تراب (محبق) نبتة من فصيلة الصبار بين عشية وضحاها أصبحت حريصا على العناية بها وكنتحريصا على أن لا تسقى ولا يمسها ماء بدعوى أنني قرأت في كتاب للنباتات عن عدمحاجتها له وإمكانية عيشها بدونه لمدة طويلة من الزمن. وكان حرصي هذا وعنايتي علىغير عادتي بذاك النبات الشوكي المهمل هو سبب في كشف شقيقتي لمخبئي. أحرقوا محتواه, وأحرقوا معها قلبي وآخر أمل في تنفيذ وصية صاحبي الغالي.
يتبع بحول الله
أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 30-11-2009, 03:03 PM   #7
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
Lightbulb الحلقة الثالثة

3
...كلما طوت السيارة المسافة المؤدية إلى (الجحيم) كلما زادت آلام ظهري المقوس بعنف وخفقان قلبي الضعيف ومغص أمعائي...استحضرت بضع آيات كريمة وأحاديث نبوية عن القضاء والقدر علها تهدأ من روعي ما أصابك لم يكن ليخطئك, وما أخطأك لم يكن ليصيبك. باب القضاء والقدر. أعظم أبواب العقيدة التي تجعل القلب مطمئنا على الدوام....

توقفوا للحظة ... نشطت حاستي الخفية... محطة الأداء على الطريق السيار بمدينة بوزنيقة... تخيلت القابض واجم الوجه الجالس خلف الزجاج كروبو صامت يرفع الحاجز الملون بالأبيض والأحمر بضغطة زر بعد الأداء طبعا. ترى كم يكسبون في اليوم ثمنا لاستعمال زفت الحكومة المخوصص هو الآخر ككل شيء في هذه البلاد... زادت سرعتهم... زادت آلامي... تجاوزتهم ناقلة, أو لم تفسح لهم الطريق للتجاوز.

خمنت أنها شاحنة يقودها بدوي عنيد بشارب مكسيكي. فتحوا قواميس السب والشتم والكلام الساقط. طبعا وكعادتهم أم المسكين لم تنج من وعيد بنكاحها. هي لازمتهم دائما " والله لأفعل في أمك يا ابن العاهرة " أمهات الناس إحدى عقدهم التي اكتشفت سببها وأنا في سراديبهم ( ودت الزانية لو زنت نساء العالمين. وود ابن الزنى لو أن الناس كلهم كذلك) كنت كلما استعطفت أحد كلابهم هناك لعل قلبه يحن
"الله يخلي لك اميمتك آلحاج"

كان يغضب وكأنني أنكأ جرحا غائرا فيه فيزيدني جلدا وهو يلعن أمه قائلا " قلت لك يا كلب أنني ابن قحبة لا أم لي وجدوني قدام باب مسجد, لا أريد أن أسمع منك هذا مرة ثانية, مفهوم...!!!

أنزل أحدهم زجاج النافذة تيار هواء قوي ..." تنحى يا ابن العاهرة "
ترى لو لم أكن معهم ما الذي كانوا سيصنعونه بالمسكين؟ّ! يستطيعون فعل كل شيء, الأرض أرضهم, والبشر يعتبرونهم كعبيد في ضيعاتهم خلقوا للخدمة...ربما أشبعوه صفعا ولكما وسحبوا رخصة سياقته.

هذا أقل ما يمكن أن يصنعونه به حتى لا يتجرأ على تجاوز أو مضايقة سيارات الحكومة وهي تؤدي مهامها على الطرقات في تفان... أما إن كان من صنف المواطنين الذين يتشبثون بحقهم ويحاولون التصدي والدفاع عنه أمام الجبروت فالتهمة جاهزة لأمثال هذا الصنف الذي يلقبونهم بساخني الرؤوس

تهمة من لا تهمة له في هذه البلاد عقوبتها مابين ثلاث وست سنوات يسمونها زورا وظلما وجبروتا المس بالمقدسات أي المس بالاحترام الواجب للملك. كثيرون من التقيتهم داخل السجن ساقوهم بهذه التهمة يكفي أن يشير لك مقدم حي أمي. أو جار ناقم حاسد. لتجد نفسك خلف الأسوار تفني زهرة شبابك بهذه التهمة الغبية. حتى المرأة لم يرحموها والتي خانها التعبير حين مثلت أمام القاضي وسألها عن سبب نشوزها من زوجها فأجابت

" أنه مجرد عاطل عن العمل بطال يضل في البيت واضعا رجلا على الأخرى كالملك لا شغل ولا مشغلة " فنالت على كلماتها تلك خمس سنوات فقط. لأنها قللت الإحترام الواجب.

فيما رب العزة وملك الملوك يسب نهارا جهارا بالليل والنهار بلا حسيب ولا رقيب. قال لي ولغيري الكلاب مرارا " لو نزل ربكم الذي تعبدونه إلى هذه الأرض لفعلنا فيه ... " تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
__________________





آخر تعديل بواسطة أوان النصر ، 30-11-2009 الساعة 03:20 PM.
أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 30-11-2009, 03:04 PM   #8
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

ارتجاج وخضخضة. سلكوا طريقا غير معبد. زاد خوفي وتأكدت من وجهتي...يا للهول...تمارة مرة أخرى[1]. وما أدراك ما تمارة. لا أقصد تلك المدينة الصغيرة الوديعة التي كانت تنام في هدوء على ضفاف الأطلسي بجانب العاصمة. والتي لم يكن القطار ولا الحافلات تتوقف بمحطاتها خاصة بعد ما شقها الطريق السيار إلى شطرين غربي يتوسد البحر وشرقي يتمنطق بحزام من غابة أشجار الأوكالبتوس.

لم تكن تذكر تلك المدينة الهادئة إلا حين ذكر حديقة الحيوانات الوطنية التي توجد عند مدخلها الشمالي حين تريد دخولها من جهة العاصمة. كانت تلك الحديقة هي مفخرتها قبل أن تصفى مؤخرا بشكل يوضح بجلاء أن كل شيء في هذه البلاد أصبح نهبة لأصحاب الملايير ممن إغتنوا بين عشية وضحاها. فاحت رائحة الفضيحة على صفحات كل الجرائد بعد أن فوتت الأرض التي توجد عليها الحديقة الوطنية لملياردير صاعد بقوة النفوذ والعلاقات مع (الكبار) علاقة من يمتلكها فكأنه يمتلك مصباح علاء الدين الأسطوري ( شبيك لبيك وكل شيء بين يديك) فوتت له أرض الحديقة وما جاورها من مساحات خضراء بثمن أغرب من غريب 10 دراهم. ثمن زوج جوارب من النوع الرديء. ما يعادل أورو واحد فقط. وحين فاحت الفضيحة وتكلمت عنها الجرائد وطالبت بلجان تحقيق وذرا للرماد في العيون. زودوا المبلغ إلى عشرين درهما . أهملت حيواناتها المسكينة وهجرها الزوار بعد أن مسخ الأسد فصار بحجم القط البري والتمساح كضب بئيس يتغدى على أكياس البلاستيك السوداء أما القرود المسكينة فصار بكاؤها جوعا يسمع من بعيد. أما الضباع فقد اختفت من مدة بعد أن بيعت لمن يطلبنها من نساء علية القوم لاستخدام أمخاخها في وصفات المشعوذين لتضبيع أزواجهن. وبالمناسبة فجل الجلادين ضباع مضبوعة..

ضلوا لسنوات عدة ينفون وجود معتقل تازمامارت الرهيب ودرب مولاي الشريف وقلعة مكونة وغيرها...أغلقت سراديب ...وشرعت أخرى لاتقل عنها همجية وفتكا أبوابها ...واستمرت اللعبة الموروثة عن العهد الماضي لعبة النفي, نفي وجود أي معتقل سري في البلد وأن كل شيء يمر بوضوح وتحت سيادة القانون. نفس الأسطوانة المشروخة... واستمر النفي رغم أن المكان أصبح أشهر من نار على علم ونشرت شهادات زواره من أبناء البلد أو من استقدموا من طرف أمريكا للتحقيق معهم هنا بالوكالة. رغم كل هذا استمر النفي الرسمي, مع مفارقة غريبة في بلد الغرائب وهي أن من تولوا الدفاع عن ( حجاج العهد الجديد) وتولوا مهمة نفي وجود معتقلات سرية أيامنا هذه. هم بعض ضحايا ( ومناضلي) الأمس, مناضلي اليسار الشيوعي ممن اكتووا بنيرانها. بعد ما دجنوا أكثر من اللازم وتمخزنوا أكثر من المخزن نفسه وأصبحوا ملكيين أكثر من الملك ... عالم غريب... عالم جنون ... عالم منافق ...

داس السائق المتوتر فرامل السيارة معلنا الوصول ... جف حلقي وازداد خفقان قلبي, جذبوني بعنف إلى الخارج " اللية الزينة من العصر باينه"
سمعت جدتي تكررها مرارا وفي مناسبات عدة.

أجلسوني على ركبتي في وضع ضرب العنق. رأسي مدلى للأمام كمن ينتظر السياف... أرضية معبدة تؤلم. انتهت مهمتهم هنا. أوصلوا الأمانة إلى أهلها. ربما عادوا ليستقدموا أمانة أخرى.

آه... لقد نسيت هؤلاء زوار الليل لا يشتغلون إلا تحت جنح الظلام كاللصوص. بل هم اللصوص يضعون في جيوبهم كل صغير الحجم وغالي الثمن ورقة مائة درهم وسلسلة ذهبية كتذكار بليد لخطوبة مفسوخة هي كل ما احتوته حقيبة شقيقتي اليدوية دسها أحدهم في جيبه وهاتف شقيقي اختفى هو الآخر بعد مغادرتهم والمبلغ الذي بعت به دراجتي النارية وأنا أستعد للسفر تحول إلى النصف بعد دخولي السرداب.

في السجن التقيت بمن سرقوا لأسرته تحويشة العمر وأحد من التقيتهم سرقوا مبلغا كانت زوجته قد تسلمته لتوها كنصيب في ميراث والدها. آخر من مدينة فاس ضل يكدح بالليل والنهار طيلة عمره لشراء بيت يقي أبناءه حر وقر البيت الصفيحي, اختفى المبلغ مع اختفاء صاحبه وفوق هذا كله جنت زوجته المسكينة.

شمس الصباح بدأت تبزغ. انتهت مهمة اللصوص = الزوار هنا.
جذبتني يد قوية خشنة من لحيتي مع لهجة آمرة بالوقوف "زيد يا لحية الشيطان"ّّ!!!
تساءلت مع نفسي كيف عرف أن للشيطان لحية؟! ربما يشتغل معهم هناك كمتدرب و متمرن. ألم يقل الشاعر. أن الشيطان قد خاطبهم معلنا استقالته قائلا: "دوري أنتم ستلعبونه."
__________________





آخر تعديل بواسطة أوان النصر ، 30-11-2009 الساعة 03:12 PM.
أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 30-11-2009, 03:06 PM   #9
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

تحاملت على ركبتي اللتان لم تعودا تقويان على حملي... خارت قواي من هول الصدمة وزادت قيود الأرجل من إعاقة حركتي ... وصرخاتهم تحثني على الإسراع... أجر رجلي... صرت كصغير حمار وحشي داهمت أمه السباع, تحته على الإسراع وهو لا يقوى. صرير باب حديدي, أكز أسناني.

"انزل...انزل..." باب سقر الدنيوية قد فتح..."انزل...انزل...". لم أتعود بعد على قيود الأرجل ." انزل..." كيف أنزل؟؟ تلكأت قليلا خوفا من السقوط. فجاءتني اللكمات متتالية. لكمات محترف يعرف أين يضرب.

"انزل مال أمك مشلول أو معاق"
نعم أنا مشلول وأعمى لا أرى شيئا أمامي. خاطبت نفسي طبعا ...

رفعني اثنان بعنف من تحت إبطي... بضع درجات إلى الأسفل ,ثم جروني بضع أمتار, ألقوني أرضا,
شرعوا في نزع قيودي وأزالوا الكيس عن رأسي.

سحبت نفسا عميقا كنت في حاجة له من منخري وفمي معا. مسحت الغرفة المتوسطة الحجم بسرعة من غير لفت الانتباه. مكتب يحتل إحدى زواياها, أربعة كراسي, ثقب مرحاض, صنبور ماء, قارورات مختلفة الأحجام والأشكال بعضها مكسرة الرؤوس,عصي, حبال, أدوات تعذيب وآثار دماء... فهمت الرسالة التي تعنيني من هذا المشهد.

هناك وجوه حين تنظر لها تعلمك الحب وتشعر معها بالسعادة والمرح... أمي... جدتي ... وجوه أطفال الجيران البريئة... وهناك وجوه تقرأ على صفحاتها الصدأة سطور البغض والكراهية... والشقاء الأبدي... سحناتهم كالحة... بياض عيونهم تحول إلى حمرة ,وأجفانهم أحاط بها السواد والزرقة.

ساءلت نفسي مرارا . هل يضحكون ومتى يفعلون ذلك؟؟
شرعا في تفتيشي تفتيشا دقيقا وسريعا لم أكن أرتدي سوى لباس نوم خفيف
"فايت لك دايز عندنا هنا...؟؟" = سبق وأن مررت من هنا؟؟؟

أجبته دون النظر إليه" نعم دوزت هنا ثلاثة أشهر ...ثلاثة أشهر وأيام... زدت في نفسي لكنها كثلاثة قرون. نعم لا أبالغ إن قلت ذلك...

"مرحبا بيك...الدار دارك...أنت كليان =زبون قديم... بلا ما نوصيك... أنت عارف كل شيء هنا ما ينفع غير الصح..." حركت رأسي نعم أعلم...

ولج الغرفة رجل مقنع لا تبدو منه سوى عيناه. قناع أسود. ذكرني بمليشيات الموت الرافضية التي جاءت خلف دبابات الاحتلال لتنشر الرعب في العراق. أخبرني -ع- في إحدى رسائله أنهم عيون التتار الجدد كأجدادهم ابن العلقمي وصحبه. كانوا يحملون قوائم موت بأسماء للتصفية بدعوى الانتماء لحزب البعث البائد وعناوين كل أدمغة العراق. علماء, أطباء, مهندسون, جامعيون... من أهل السنة طبعا.

كان يحمل معه آلة تصوير حديثة. لم أعد أذكر كم عدد الصور التي أخذ لي الرجل المقنع أمام خلف, يمين, يسار... بعدها أخذ بصماتي وعينة من لعب فمي.
عصبوا عيني هذه المرة بخرقة سوداء تنبعث منها رائحة البول المعتق وأعقاب السجائر وصفدوا يدي إلى الأمام هذه المرة.

تذكر رقمك ولا تنساه حين تسمع النداء عليك, ارفع يدك وقم من مكانك... إياك أن تكلم من بجانبك ... المرحاض مرتين في اليوم... حذار من إنزال البانضة... صرت مجرد رقم في لائحة طويلة لا تكاد تنتهي...

ما الذي يجري؟؟!! في المرة السابقة كنت في زنزانة لوحدي. أنزع العصابة عن عيني بمجرد ولوجها حين عودتي من التحقيق. وكان لي مرحاضي عبارة عن ثقب في زاوية أجلس فيه كما أشاء ومتى أريد؟؟!!

بدأت أفك بعض الطلاسم والألغاز حين رموني وسط كومة من الأجساد المنهكة في ممر بارد يؤدي إلى غرف التحقيق. رائحة العرق والقيء الكريهة تعم المكان والأنين لا يكاد يكف أو يهدأ. كغرفة في قسم مستعجلات اكتظت بضحايا حادث سير جماعي. يبدو أنني جئت أو جيء بي في أيام الذروة. لم تعد الزنازن تكفي. اللهم سلم ... اللهم سلم...
__________________





آخر تعديل بواسطة أوان النصر ، 30-11-2009 الساعة 03:18 PM.
أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 30-11-2009, 03:08 PM   #10
أوان النصر
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2007
الإقامة: عدن أبين
المشاركات: 397
إفتراضي

صدقت يا -ع- كررها علي مرارا وهو يحثني على الإسراع بالرحيل ويحذرني
"أنج بنفسك قبل أن تجد نفسك بين عشية وضحاها مجبرا على أن تمثل دورا في إحدى مسرحياتهم التي يبدو أنها لن تنتهي قريبا. هذا إن لم تكن أنت هو البطل...

لم أكد أضع جنبي على الأرض حتى سمعت النداء يتكرر. قمت فزعا مرعوبا... رقمي ,,,رقمي,,, نعم إنه رقمي,,, زممت شفتي بعد أن أحسست بخرقي لنظام التعليمات...
"ومال أمك ناعس كتشخر..."

ساقاني أحدهما خلفي بكف غليظة يمسك رقبتي بقوة وآخر أمامي يجرني من ذراعي كأعمى فقد عكازه. ما إن ولجت الغرفة حتى تلقفتني الزبانية..
"هذا هو ... نعم هو هذا... حذرناك ألا تعود, وعدت..."

لم أعد هم من أتوا بي. وبدأت الحفلة ... حفل الإستقبال... كل من مر من هناك يعلم كيف تدور الرحى... حفل الإستقبال لابد من شره بعد الولوج مباشرة.عادة لا تطرح فيه أسئلة, وليس للتحقيق.

تعذيب فقط من أجل التعذيب وإرهاب الضيف لجعله طيعا متعاونا إلى أبعد حد. وليعلم أين هو وأي القوم هؤلاء الذين سقط بين مخالبهم.

ككرة مستطيلة تتقاذفني أيديهم وأرجلهم , أو ككيس رمل معلق في نادي ملاكمة. حاولت الصبر أول الأمر ووقاية وجهي. ما أصعب الأمر وأنت معصوب العينين لا تدري أين ستنزل الضربات...

صراخهم وشتائمهم لا تنتهي. وصراخي يعلو ... ويعلو... ويعلو... كانوا ثلاثة أة أربعة, لم يسلم موضع في بدني من ركلاتهم ولكماتهم. فجأة بدأت الأنابيب والحبال المطاطية تعزف سيمفونية حزينة مؤلمة صعودا ونزولا على جسدي الهزيل...

"حافظ النشيد الوطني؟؟" = هل تحفظ النشيد الوطني؟؟
"نعم حافظوا ,,, حافظوا,,, حافظوووووو....
هيا سمعنا...سمعنا النشيد الوطني يا خائن...قول ... قووول ... قوووول...
شرعت متلعثما "منبت الأحرار... مشرق الأنوار... منتدى... منتدى...
اختلطت الكلمات بشهيقي... جسدي يرتجف وشفتي تهتزان... ودموع الساخنة لم أستطع إخفائها صرت تبلل الخرقة السوداء المنتنة
"قول...قووول...كمل يا خائن" يزداد تلعثمي
"شوفو الز...كيبكي بحال الق...قوول زيد..."= أنظروا اللوطي يبكي كعاهرة هيا زد ... قل أكمل...
"دمت منتدى وحماه...غلبني الشهيق...تلعثمت ...انهالت علي الضربات أكثر..." نيفو باك + سنتين جامعة وما حافظش النشيد الوطني أولد الق...أعطيو ليماه...أعطيو لكلب..."

ركنت نفسي في زاوية الغرفة, كملاكم منهزم في مباراة غير متكافئة ينتظر صفارة الحكم مستسلما للكمات خصمه. غير أنه لاحكم هنا إلا الله ,العدل,الحكم...لا حكم سوى الله...ألا له الحكم والأمر...

لم أعد أقوى على الوقوف بدأت أخور كثور انغرزت في ظهره السهام . جلست أرضا وضعا رأسي بين ركبتي... تكومت كالكرة, أمسك أحدهم بأذني محاولا رفعي وإرغامي على الوقوف.

صراخي يزداد ويتعالى. قررت ألا أتوسل... لكن لكل شيء نهاية... خفتت الضربات تدريجيا... تعبوا أو بلغوا مرادهم, أو جائتهم إشارة بالتوقف.لا أدري.

أي بشر هؤلاء؟ وأي وظيفة هذه؟ قلوب قدت من حجر. وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار. وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء.

توقف الضرب فجأة. أمروني بالوقوف فلم أستطع. تنملت أطرافي. كأن تيارا كهربائيا يسري في بدني. فسحبني أحدهم من شعر رأسي بقوة إلى أعلى.

بكائي اللائرادي وشهيقي لا يتوقف أحسست بالغبن فصرخت بأعلى صوتي أنا مظلوم... أنا مظلوم...
"حتى أنا مظلوم...مظلوم...." أجابني أحدهم وهو يخبط رأسي على الحائط.

عالم غريب... عالم مقرف... كل يوم أصادف في هذه الدنيا أشياء لم أجدها فيما سمعته أوقرأته من كتب. ربما قرأت يوما ما عن الظلم والتعذيب لكن تأثري بذلك كان ساذجا ربما انفعلت وحزنت لذلك, أو دمعت عيني. لكن سرعان ما جفت الدموع. وعندما دخلت سرداب إبليس وأقبيته. وذقت طعم العلقم. وجدت الفرق هائلا, بين ما قرأته وما أعيشه اليوم.
__________________





آخر تعديل بواسطة أوان النصر ، 30-11-2009 الساعة 03:19 PM.
أوان النصر غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .