(151)
ويختتم القاسم قصيدته بصوت "الشاعر " بنغمته الهادرة بكل ما فيها من إصرار وصمود ،ليؤكد أن كلمته هي الكلمة الأخيرة في الحوار ، وأن صوته سوف يظل عاليًا وصامدًا رغم كل التضحيات الفادحة ، مرددًا أغنيته الحرة الخالدة:
قسمًا بأطلال لنا تتكلم ُ
وبصحوة تبني الزمان وتهدمُ
قسمًا بمن أهووا ،وآخر شهقة
منهم بميدان الفداء : تقدموا
قسمًا بأعراس الجراح وفجرها
غير اللواء الحر ..لا تترسمُ
وهكذا استطاع الشاعر أن يستغل هذا التنوع الموسيقي استغلالاً إيحائيًا بارعًا ، فيعطي كل صوت من الأصوات نغمته الموسيقية الملائمة .
وثمة نماذج أخرى كثيرة في شعرنا المعاصر استطاعت أن تستغل هذا المزج بين الشكلين في التعبير عن الأبعاد المختلفة للرؤية الشعرية في القصيدة الواحدة .
6- التدوير في القصيدة الحرة :
"التدوير" مصطلح عروضي قديم أخذ في القصيدة الحرة مفهومًا حديثًا ، فالتدوير في ا لعروش الموروث يعني اتصال شطري البيت ، واشتراكاهما في كلمة واحدة ، أو بعبارة أخرى يعني انقسام كلمة واحدة بين الشطرين بحيث ينتهي الشطر الأول في صدرها ويبدأ الثاني بعجزها ، فحين نقرأ الأبيات التالية من سينية البحتري التي يصف فيها صورة معركة "أنطاكية" بين الفرس والروم المرسومة في إيوان كسرى :
وإذا ما رأيت صورة أنطا كية ارتعت بين روم وفرسِ
والمنايا موائل وأنو شرو ان يزجي الصفوف تحت الدرفس ِ
.. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. ..
تصف العين أنهم جد أحيا ء لهم بينهم إشارة خرس ِ