بسم الله الرحمن الرحيم
أهلاً بك أختنا العزيزة ، وقد أعجِبت للغاية بهذه الخاطرة التي كتبتيها بارك الله في قلمك وأشعر أنك عما قريب بإذن الله ستبدعين بشكل أفضل من هذا ، خاصة وأن العديد من الجوانب التي لابد أن تتحقق في المبدع متحققة في كتاباتك بشكل معقول.
إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة حسناء
كنت أبكي، وكل شبر في روحي يئن لبكائي، كنت أبكي ... ودموعي تتهاطل فوق أوراق ذكريات اصفر وجهها حين قدفتها رياح السيروكو الشتوية ...
تعبير جميل هو الملون بالأزرق ، كان التصوير لهذه الذكريات بأنها إنسان (التشخيص) كان عنصرًا جيدًا حيث يجد المبدع أن كل شيء يذكره بالإنسان. وتعبير أوراق ذكريات ،وتشبيه الذكريات بالكتاب ، كان جميلاً في أنه يقرّب الصور للقارئ ويبتعد عن الصور التقليدية.
ذكريات هرمة تعجز حتى على اجترار أيام الهوى... ولكنني كنت وحيدة كنقطة الباء ...تحت السطر...أكثر أو أقل منها تهميشا...
جميل في هذا التعبير ذكريات هرِمة ، وهذه الأنسنة للذكريات تعطي القارئ الشعور بكيفية تأثير هذه المرحلة في فِكر المبدعة ، كذلك اجترار أيام الهوى كان من التعبيرات الجميلة والتي شبهت المحسوس بالملموس ، حينما تستحيل الأيام كأنها أشياء مادية تُسترجع بهذه الطريقة المنفرة تكون حالة الحزن وسيطرتها على المبدع أشد إيلامًا وكذلك تصل المتلقي .وكان تعبير وحيدة كنقطة الباء جميلاً في أنه استمد من هذا الحرف وشكله المجرد حالة إنسانية وذهنية عميقة ، وكأن الحروف هي بشر منه ما هو عزيز وما هو ذليل، وكان وجود الأسطر بعد كلمة تهميشًا وذكر كلمتي أكثر أو أقل جميلاً في أنه أشعر المتلقي بأن عنصر القيمة لم يكن له وجود حتى إن المبدع نفسه لم يهمه ولم يستطع تقييمه بدقة .
يحلو البكاء ..عندما لا يظل سوى البكاء،ما أروعها من عبارة فلسفية !! وتحمل العديد من الدلالات وجمال العبارة في أنها أثبتت للبكاء قيمة وأظهرت القيم الأخرى التي تسبق الحزن وتعطي للمبدعة الحق في الحزن؛ ذلك لأنها استنفدت كل القيم الممكنة لها ، ولم يبق لها إلا الحزن. كما أظهرت مدى الحزن الذي يحتوي على الإنسان حتى ليضطر إلى مصادقته .
لأسقي مأساتي، فتثمر وتتغلغل جذورها عميقا في ذاتي
ميّز هذه العبارة القدر الكبير من تكامل بيئة التشبيه فهناك سقاية المأساة وهناك الإثمار وهناك الجذور العميقة ،هذه الصور كلها تجعل صورة الأحاسيس أعمق لأنها تجاوزت الصورة التقليدية وجعلت الحزن له أشكال يستدعيها الإنسان حينما يرى بعض هذه الصور التي تذكره بها
...أكلني الحزن عندما لم يجد بين أنيني سوى آهات تائبة، ونفحات غائبة، لا تعرف غير الرتابة لونا، ولا غير الشؤم ملاذا ...
هذا الجزء الأخير يحتاج إلى إعادة صياغة مرة أخرى
|
عمل جميل ، خاصة في تكثيف بعض الصور واستخدام اللغة المجازية بشكل متكرر ينمّ عن ثقة تبحث عن أرض تقف عليها ، ولا تتلصص النظر حتى تبلغ مداها . كتاباتك جيدة وتحتاجين قدرًا كبيرًا من التركيز والنظر في أعمال أخرى ،وهذه الخاطرة فيها العديد من الانتقالات المميزة وبها نزعة فلسفية رائعة . قليل من الجهد سيُبِلغِك بإذن الله غايتك .المهم فقط أن تحافظي على القراءة والتجريب بشكل مستمر . وفقك الله ودمت مبدعة .