عندما يتأخر أحدهم عن الموعد، فالجملة الأولى التي تصدر عن الحاضرين، الذين يعانون من ضياع وقتهم سدى في انتظار المحترم، هي:
"الغايب حجته معاه".
إنها فلسفة التدوير، والتدوير يأتي هنا من اصطلاح "تدوير الزوايا"، الذي عرفناه من لغات أخرى، وكل ذلك بهدف تحاشي الصدام.
وفي حينه قال أحد السياسيين الفلسطينيين:
ان التغيير سيتأخر كثيرًا لأن الناس تخجل من المصارحة
الناس تريد أن تحاسب ولكن في أعماقها لا تقبل المس بشخص ما حتى لو أخط
ويأتيك هنا الاصطلاح المؤثر "عزيز قوم ذل".
بينما في ثقافات أخرى فالمحاسبة هي العنوان، حتى لو راح ضحيتها رئيس حكومة.
أما الوالد الشرعي لاصطلاح "الغايب حجته معاه" فهو الاصطلاح الأكثر أصالة:
"الزايد أخو الناقص"
وهو اصطلاح عربي بامتياز، ولا يمكن لشعب آخر أن يدّعي براءة الاختراع عليه
فهو يعكس، بشكل ما، ثقافة العائلة الواحدة وعدم التفريط بالفرد ولو أخطأ
هذا الاصطلاح هو تعبير مكثف عن طيبتنا، وفي نفس الوقت فهو يشير إلى إحدى أهم مشاكلنا. ماذا قال الشيخ إمام عن أحمد فؤاد نجم:
"أصل احنا شعب طيب والطيبة فينا بلوى تاخدنا من قريب وتجيبنا كلمة حلوة"
علينا أن نأخذ الطيب من "الزايد أخوالناقص"، ولكن في الوقت نفسه علينا أن نمرّن أنفسنا على التعامل مع الزايد على أساس انه ليس فقط مش أخو الناقص، بل حتى انه
ليس من نفس العائلة، بل هو نقيض للناقص. الناقص ناقص والزائد زائد، ولكل منهما صفاته، والتعامل معهما يجب أن يكون على هذا الأساس.
اسلوب الزايد أخو الناقص، في التعامل العصري، هو أسلوب تبريري مدمّر؛
نبرر عنف العنيف:
"والله ما في أحسن منو، بس لما رفع إيدو كان طالع خلقو"
نبرر الاعتداء على الصالح العام: "بدو يعيش"
هو يعيش والناس خليها تطق
في أمكنة أخرى في العالم تتدخل المحاكم لفض الاشكال
لدينا حتى أوراق موقعة لا تجد. مش عيب! شو بدها تفرق..
عندما تقوم بالتدقيق في تنفيذ ما تم التعهد به، يغضبون.
"شو بدك الشغلة على الحركرك؟" يقولون باستنكار. نعم "على الحركرك
فتساهل هنا وتغميض العين هناك،
لأن الزائد أخو الناقص يعني ضياع الطاسة أكثر مما هي ضايعة
عودة بشارات
*************