بسم الله الرحمن الرحيم
على امتداد العصور كانت المحبوبة مشكّلة في خيال الشعراء من مجموعة من الخصائص والسمات الأخلاقية والنفسية ، ومجموعة أخرى من السمات الظاهرة الجسمية كالشعر والعينين والقد ..إلخ
وهذه القصيدة قد التقطت عيني كلمة تعد محورًا هامًا في العمل وهي "فاتنة تمشي من روح" فهي كائن روحي هلامي ليس له معالم إنسانية ، وهذا التوصيف يعبر عن عذرية الحب عند العرب لكنها أخذت ها هنا صورة تجمع بين عذرية الماضي من حيث الصفات والصورة الحديثة من حيث التشكيل الفني ، فتغدو كائنًا جميلاً كالصور التي تتخيلها النفس في الأحلام عن الحب والمحبين وصور أحلام اليقظة التي تتأتى إلى النفس في بعض غفواتها.
وهذا التعبير يجعل من الحب قيمة سامية تعلو فوق الجوانب الظاهرية التقليدية التي لا تعكس إلا ولع الشاعر بالشكل لا المضمون ، فهذه المحبوبة قد تكون -شكليًا- غير حسناء ولكن يكون الروح هو الجانب المبتغى منها أو بمعنى أصح النفس لأن الروح من أمر ربي .
لهذا كان دخول صفات معينة كالفتنة والمحاسن القاتلة محدثًا تناقضًا بين أوصاف المحبوبة ، وهذا يرجع إلى أن الواحد قد لا ينتبه إلى دلالات الألفاظ ،فتأتي الأوصاف متناقضة بعض الأحيان .
ومن ناحية أخرى كان الوصف لها باستخدام عبارات البحر ،الغيم ، الهمس معبرًا عن هذا التسامي الذي لا يكون من الجميل معه ذكر الفتنة والمحاسن إلا لو استبعدت كلمة الروح ،فحينئذ يكتمل العقد ويمكن استبدالها بكلمة أخرى .
القصيدة اتسمت بالصور الجميلة وإن كانت مكررة لكنها تعطي دلالة على تمكن الأديب من أدواته الفنية ، والبحر الخبب كان موظفًا في خدمة الحالة بشكل جيد ، كما أن انتهاء القصيدة بالكاف المفيدة للخطاب (كاف المخاطَب) جعل المحبوبة هي محور العمل بشكل كلي وهذا يحسب بطبيعة الحال لصالح النص . عمل فيه قدر كبير من الانسيابية وعدم التكلف وتناسق ا لصور ،والعمل بحاجة فقط إلى الصور الفنية الجديدة غير التقليدية والمبتكرة ليزيد تألقًا . العنوان لا أدري هل
هو عنوان يحمل اسم امرأة بهذا الاسم أم أنه تعبير عن سمة الوفاء ؟ لا يتضح لي في القصيدة أن شيئًا من سمات الوفاء مذكور في القصيدة من جانب أحد الطرفين ، ولكن إذا كان اسم واحدة أو كما يقول النحاة (اسم علم) فهو عنوان مقبول .وفقك الله وفي انتظار جديد ما تجود به علينا .
النمط المتطور