العودة   حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة السيـاسية

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: الكرم في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: أشراط الساعة (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الشلل في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الخشوع في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: بيان أخطاء مقال خيانة الوعي: حين تحوّل «ٱلنَّبِىّ» إلى «النبي» (آخر رد :رضا البطاوى)       :: موت الموت الرباني (آخر رد :عبداللطيف أحمد فؤاد)       :: الحيلة في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الضيق في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الغلول في الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)       :: الكفل فى الإسلام (آخر رد :رضا البطاوى)      

المشاركة في الموضوع
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
غير مقروءة 25-10-2009, 11:30 PM   #1
جهراوي
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,669
إفتراضي الأتحاد العلماني السلفي

من أعجب الحالات الفريدة في التاريخ ، ( التوليفة ) المثيرة للدهشـة بين (العلمانية) و(السلفية) ، في نظام سياسي مع بساطة تركيبته السياسية ، إستطاع أن يوظـّّف ، أو يحيـَّد ، فالنتيجة واحدة ـ بقدرة قادر ـ صورة سلفيّة صارمة من ( التديَّن الفردي والإجتماعي ) ـ أي الذي لايخرج عن دائرة الإهتمامات الفردية والإجتماعية ـ لأهـداف النظام الغربي الدولي الذي تبلـور مع أوائل ومنتصف القرن الماضي !

كيف مـرَّت هذه الخديعة على علماء ذوي جلالة في العلـم ، والتقوى ، ثـم كيف بقي هذه التكوين الهجين الجامع بيـن (الصرامة الإجتماعيـة السلفيّة) ، و(الممارسة السياسية العلمانية ) ، ليولـّد منهما : ( السلعمانية ) ، ويمـرّ بسلاسة عجيبة ، عبر عقـود ! حتى الغرب كان فيهـا راضيا ـ في تعجّـب ـ عنها ؟!

ثم كيف أستطـاع أثناء زمـن مروره ، أن يوسِّع دائرة الفكرة العلمانية في النظام السياسي ، ونظام الدولة ، ويبني مؤسساته على هذه الفكـرة ، ثـم يرسلها لتتمـدَّد بحرية وراحـة في تلك البيئة الصارمة ؟! كما تمـدَّد النيتـو إلى حدود روسيا ! قاضـمةً في تمددّها شيئا فشيئا الحالة الإسلامية ، والتي كان محدوداً أصلا ، ثـم يحاصرها ، فيعزلها ، ويسلـب منها بقية وسائل التأثيـر التي كانت ضعيفة أصـلا ً ، وهــي طيلة هذا الزمـن تـرى وكأنها لاتبصر ، وتسمع وكأنها لاتعــي ؟!

وقـد وصل ( القضم ) الآن إلـى سلـخ حتـّى ( التديـّن الإجتماعي ) ، حتـى ضاقت بـ ( الشيوخ الغيارى ) هذه الأيام الأرض بما رحبت ، فرضوا بمقالات متناثرة يتململون بها من حالهـم ، واستنكارات متفرّقة ، على قضايا ثانوية ، وما هي إلاَّ نفثات صدور تمارس خداع النفس بأنها قـد حقّقت شيئا ، فلا هي تُسمـن ، ولا تُغنـي من جـوع !

وإنّـه ـ حقـاً ـ لأمـرٌ يبعث على الحيرة ، و الإندهاش ، أعنـي كيف أنَّـه قـد صار المشروع الحضاري لأمّتنـا ـ في فهـم البعـض ـ أنَّ الدنيا تقوم ، ثـمّ لاتقعـد ، على قيادة المرأة للسيارة ، بينما الأمّة بأسرهـا تقـودها وزيرة خارجية أمريكا ـ منذ مادلين أولبرت ، إلى هيلاري كلنتون ! ـ تقودهـا لتقويض حضارتنـا برمّتها ، فيمـرُّ ذلك على ( الشيوخ الغيارى ) بصمت كصُمات ليل الصحراء الهادىء !

وتُضـرم نـارُ الحـرب على الإختلاط في التعليم ، بينما الخلط بين مفاهيم الأمـّة العظمى ، أعني إستقلالها ، وقيامـها بأهداف حضارتها ، وبدورها العالمي الهادف لإستعلاء الإسلام ، الخلط بين هذه المفاهـيم ، والأصـول العظيمة ، التي تقوم عليها حضارتنا ، وبين مفاهيم الجاهلية الغربية ، بإستحقارها لنـا ، وغزوها الثقافي ، والأخلاقي ، لأمّتنا ، وأطماعه المادية المفعمة بالروح الصهيوصليبية ،

تضرم نار الحرب على الإختلاط في التعليم ، بينما ذلك الخـلط لم يزل قائـماً على قدم وساق ، في نظام ( ولي الأمر ) على شتّى المستويات منذ عقـود ، وهـو يمـرُّ بجانـب وقار هيبة الشيوخ كأنّ شيئا لم يكـن !

وتـدقُّ نواقيس الخطر على القول بجـواز كشف المرأة لوجهها ، بينما الأمّة مكشوفة العورات كلّها أمام المستعمر الجديـد ، و النظام الغربي ، يعبث فيها كما يشاء ، يقيم قواعده العسكرية ، ومؤسساته التغريبية ، وتدخلاته الداخليّة ، حتى في مناهجنا الثقافيـة ، فلايثير هذا غيـرة الرجال ، ولا يحـرك فحولتهم ؟!

ولاريب .. لا ننكــر هنا التصدي لكلّ مفردات مشروع إفسـاد المرأة ، بل ندعو إليـه ، ونحـضُّ عليـه ، ونعـلم أهدافه الخبيثة ، فليس هذا هـو المقصود بما تقدم من علامات التعجب ، معاذ الله ، وإنـِّما هو التعجُّب من هذا الـدم الذي يفور هنا ، مالَـهُ ـ قاتله الله ـ يصيـر في حالة تجمّـد القطب الشمالي في تلك الأصول العظام ، والمباني الضخـام ، التي يقوم عليها الإسـلام ؟!

تـُرى هـل كان العيب في الفهم للإسلام ، أم كان الجهـل في ذلك الوقت بحقيقة النظام الدولي الغربي ، وأهدافه الخطيرة ، وموقع منطقة الخليج منـه ، ودورها المرسوم فيه ، الذي هـو تسخير طاقاتها لتحجيم دور الإسلام الحضاري ، ومنعه من العودة كما كان إبّان ( الخلافة العثمانية ) قبل سقوطهـا ، وتوظيف النظام الدولي الغربي لفكـرة (الدولة القطرية ) كبديل للنظام الإسلامي العالمي ، تلك الفكرة التي مزَّقت الأمّـة ، وأذلّتهـا لذلك النظام .

أم كانت غفلة الصالحين الذين فرحوا بما أوتوا من المؤسسات الدينيّة المحصورة التأثيـر ، فظنُّوهـا (الفتـح الأعظـم) ، الذي تحقـّق على يد (وليّ الأمر ) ( إمام المسلمين ) ! ، بينما لم يكن الأمـر سوى توظيف للدين في بيئة (تشاكله) ، لإشغالهم ـ إلى حيـن ـ عن مخطط عالمي يُبني على حطام حضارتهم ، ويستقي وقوده من ثرواتها ، ويحقق أحلامه العالمية على حساب مستقبلها ، وآمالها ،

أم كانوا يعلمون غير أنهم كانوا في حال العذر بالعجز ، لا الجهـل .

وهـل هـم أفاقوا الآن ؟! أم لازال كثيـرٌ منهم في سباتهم ، أم أنهم يخشون الإفاقـة ، هروبـا من صدمة الحقيقة ؟!

ذلك أنـّه من المحـال أن يطـلع أيُّ باحـث على رسالة الإسلام ، دون أن يـرى حقيقة ناصعة ، ساطعة كالشمس في رابعـة النهـار ، وهـي أنَّ حضارتـه تقوم على ثلاثة أركان عظام :

آخر تعديل بواسطة جهراوي ، 25-10-2009 الساعة 11:44 PM.
جهراوي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 25-10-2009, 11:31 PM   #2
جهراوي
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,669
إفتراضي

1ـ أنـّه جاء بحضارة تجعل التحرُّر من جميع أشكال التبعيّة للغيـر مكوّنها الحضاري الأعظـم ، وذلك يشمل كلّ أنواع التبعية ، السياسية ، والإقتصادية ،والثقافية ، والتشريعية ، حتى جعلت رسالة الإسلام تلك (التبعية) بالمعنـى العصري ، ( الموالاة للكافرين ) بالمعنـى الشرعي ، مروقـاً من الإيمان ( ومن يتولهّم منكم فإنّه منهم ) .

وحتّى التوحيـد ، عنوان الإسلام ، إنمّـا هو تحرير الإنسان من التبعيـّة لغير الله تعالى ، فلايُعبـد غيره ، ولا يُتحاكم لسواه ، ولا يخُضـع لغير شريعـته .

ولعمـري لا أستطيع أن أفهم حتى اليوم ، حـلّ التناقض بين أنَّ الفكر القومي ، وهو أبعد ما يكـون عـن نصوص الوحـي ، يقوم علـى هذه الفكـرة الإسلامية أصلا ، ( التحرُّر من التبعيّة للغيـر ) ، لكن بمنطلـق (عروبي ) حتى وقف في كثيـرٍ من الأحيان دون إسلام الأمـّة ( العربية ) للعـدوّ الغربي ، بتضحيـات لاتُنكـر ،

بينمـا ترفض هذه الفكـرة عملـيّا ( السلعمانية ) المتخصّصة في علوم الشريعـة ! حتى لقـد نظـّرت لتلك (التبعيـّة) بفتاوى أثارت سخرية الساخرين ، إذ خرّجتها تحت حكم المعاهدين والمستأمنين و أهل الذمـّة ! في أحكام الشريعـة ، والمفارقة أن هذه الأبواب الثلاثة ، أصلا تابعة لباب الجهـاد الذي يحاربونه ؟!!

2ـ أنَّ الإسلام لايعتـرف أصـلاً بنظام سياسيّ يقوم على (الرابطة الترابية للدولة القطرية بالفكـرة الأوربية ) ، فهـو يربط النظام السياسي بالعقيدة رأسـاً ، فالعقيدة وحدها هي الأساس الذي يقوم عليه ، وتقسيـمه هـو : ( دار الإسلام ) ، ( دار الكفـر ) ، ولهذا فالرابطة الإسلاميـة ، هـي وحدهـا (جنسيّة دولته) ، ولهذا يجعل المفارق لهـا حينئـذٍ ( خلع ربقة الإسلام من عنقـه ) و (مات ميتةً جاهلية) كما ورد في الحديث.

ولا وزن فيه لأيّ نظام لايخضع لإستقلال الإرادة التشريعية للأمـّة ـ السيادة للشريعة وحدها ـ ( والله يحكم لامعقّب لحكمه ) ( ولايشرك في حُكمه أحـداً ) ، في كلِّ شؤون الحياة ، وعلى رأسها الشأن السياسي ، الذي يدخل تحتـه الخطوط الرئيسة لرسالة الإسلام : إستقلال الأمّـة ، وتنفيذ رسالتها العالمية ، و الموالاة بين أبناءها في كلّ العالـم ، ونصرة المسلمين في الأرض ، والجهاد لتحقيق تفوقه الحضاري العالمي .

وهذا المكوِّن الثانـي جـاء ليحفظ الأمَّـة من توظيفها لأطماع أيّ نظام دولي ، يبدأ بتمزيقها إلى روابط أخرى ، ترابية ، وعنصرية ,,,إلخ ، ليضعفها ، ويذهب ريحها ، ويفشـل دورها الحضاري العالمي .

3 ـ أنَّ الأمّـة هي الأصـل الأصـيل في هذه الحضارة ، والنظام السياسي ليس سوى أداة يجـب أن تكون طيـّعة بيدهـا ، ولهذا جاءت النصوص تخاطبها مباشرة ،( كنتم خير أمّة أخرجت للناس ) ، ( وكذلك جعلناكم أمّة وسطا ) ( ولتكن منكم أمّـة يدعون إلى الخيـر ) ونظائرهـا كثيرٌ في نصوص الوحيين ،

وليس في القرآن آية تتعلق بهذا الشـأن إلاّ وهـي توجـّه الخطاب للأمّـة ، وأنـَّها بُعثـت لتؤدّي دور القيادة العالميّة ، ولاعذر لها أن تتخلَّى عن هذه الفريضة العظمى ، وعليها أن تختار نظاما سياسيا ليؤدّي هذا الدور ، فإنْ فشـل ـ وأعظـم الفشل أن يسخّـر الأمـّة لغيرها بل هي الخيانة العظمـى ـ فالأمـّة مكلّفة بإزاحتـه ، وهذه الفريضة من أعظم الفرائض ، وأوجب الواجـبات .

والنظامُ السياسيُّ الذي يحيـط بالأمـّة اليوم ، إنمـا يتحـرّك ضد أهدافها ، ويسخـّر حتـّى دينهـا لغيرهـا ، وبقاؤهُ يعنـي بقاءها في دوامة التبعيـّة ، ولا خلاص لها إلاّ بأن تعيد بناء نظامٍ سياسيّ ، لاينفصم فيه الدين عن الدولة ، ولا الشريعة عن الحكــم ، وليس فيــه ( جلالة ) ولا ( عظمة ) ولا ( فخامة ) إلاّ للأمّـة المستعلية بحضارتها ، نظام سياسيّ ليس فيه سلطة لا تخضـع لرقابة الأمـّة ومحاسبتها ، وليس فيه زعيم فوق إرادتـها ، وليس فيه حاكم لاينزل عليه حكم الشريعة ، كما ينزل على آحاد رعيته سواء بسواء.

ولو كنـا قـد وضعنا هذا الأصول الإسلامية العظيمة ، كما وضعها القرآن ، في سلـّم أولوياتنا ، لم يصـل حالنا إلى أن نستجـدي حاكـما مارقـاً مفسـداً ليسمح بالنقاب ، أو ليمنع الإختـلاط ..إلخ!!

وبناء على هـذا ، فلا مناص من القول أنَّ كثيرا من التديـّن المنتشر في الوسط الصحوي ، من شيوخ العلوم الشرعية إلى آحاد أفراده المقبلين على الهدى ، يحتاج إلى إنطـلاق في آفـاق جديدة ، تخرجه من دائرة ردود الفعـل المكرورة الذي يدور فيها ، ويعيدها كلّ ما مضـى عقد ، أو عقدان ، ثم يخرج منها تائهـاً ، منكـسر الجنـاح ، مثـل قضية الحجاب ، والنقاب ، والإختلاط ، والجدل حول فروع فقهية ، ربـما تختارها الأنظمة السياسية ، وتشغلهـم بهـا ، لتُبقِي المشروع الإسلامي يحمل هذه العناوين فحسـب ، لتظهـره ـ وهي تملك وسائل الإعلام ـ في صورة المتخلف الذي ( لايفهـم من الإسلام إلاَّ التضييق على المرأة ) ..إلخ

آفـاق جديـدة ترفعه إلى مستوى أعلى موقع من المنافسة ، يمكّنـهُ من إجهاض هذه الهجومـات المكرورة التابعة للمؤامـرة الكبرى ، و أشباهـها ، إجهاضها في مهدها ، وفرض نهجه الإسلامي من ذلك الموقع.

ثم يرفعه إلى ما هـو أعلى ليكون هو الدولة التي تعـيد للأمّة دورها كما بينته في هذا المقـال ، فيحسم القضايا الثانوية ، ويتفـرغ لأداء دوره الحضـاري : إقامة العدل في العالم ، وحماية البشرية من طواغيـت الكفر ، و الإستبداد ، والظلم ، والفسـاد .

وواللـّه إنَّ العجب لاينقضي من فهم مثل حركة طالبان ـ وأكثـر أتباعها مقاتلون عاديون بعيدون عن هذا الكـم الهائل من الإنشغال بالتثقيف الشرعي الذي ينتشر في بلادنا ـ فهمهم لخطورة ترك المشروع العالمي الغربي يعيث في الأرض فسـاداً ، وضرورة وضع المقاومة الشاملة لمخططة على سلّم الأولويـات الإسـلامية ،

وأنَّ فرضية السـعي لإعادة إستقلال إرادة الأمة الإسلامية ، وتوحيدها ، وإلتفافها حول راية الجهاد ، لتتحرر من التبعيـَّة ، من أعظـم الفرائض الإسـلامية ،

بينما يجادل في هذه الحقائق الإيمانية الكبرى ( دكاترة ) شريعة ، ودعاة مشهورون ، حتى إني حاورت أحدهم فأصـرَّ على أنَّ النظام العربـي ( قال : ولاة أمرنا حفظهم الله ) يؤدّون عن الأمة كلَّ ما ذكرته ـ وقد ذكرت له مختصر ما في هذا المقال ـ فلا حاجة للإنشغال بذلك ، وحتى العلاقات مع المشروع الغربي هـم يرون في ذلك المصلحـة ، و( لكن المشكلة في هذا الحماس الذي ضيَّع الشباب ) !!

نسأل الله السـلامة ، هذا أحـد نماذج مذهب ( السلعمانية ) التي بُذرت بذورها قبل عقـود ، لكي تقطف الأمّـة اليوم ثمارها المـرَّة !

والله المستعان وعليه توكلنا هو حسبنا فنعم المولى ونعـم النصيــر
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
جهراوي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 31-10-2009, 12:07 AM   #3
جهراوي
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,669
إفتراضي

قال (الشيخ ) أحمد الباقوري ( احد وعاض السلاطين ) في مؤتمر لتأييد الهالك السادات بعدما رجع من الكيان الصهيوني بعد خيبة ( كامب ديفيد ) : ( إنّ السلطان هو ظلّ الله في الأرض ، له حرمة ومهابـة ، فلايجوز المساس بالسلطان ، أو الإساءة إليه ، حتى إنّ بعض الفقهاء قالوا إذا كان السلطان يركب بغلة وذيل البغلة مقطوع ـ قطع الله لسانه ـ فلا يجوز التهكـُّم على ذيل بغلة السلطان ، فكيف بالتهكّم بالسلطان ) !
ليس والله العجب من بلاء الأمة الإسلامية بهذه الأنظمة الطاغية المفسدة ، فهذا من أشراط الساعة التي أنبأها بها نبيُّنا صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وإنما العجب من طائفة (الوعاض ) .
عندما قسَّم العلامة الشيخ محمد رشيد رضا في كتابه الخلافة أو الإمامة العظمى ، الطوائف المثقفة في زمنه ، إزاء ما يجري على الأمة الإسلامية من هجمة إستعمارية ،
قسمها إلى ثلاثة أقسام : المتفرنجة ( هم العلمانيون اليوم ) ، حشوية الفقهاء الجامدين ، ووصفهم بأنهم جميع علماء الدين وأكثر المقلدين لهم في ذلك الوقت ، وأنهم يتمنون أن تكون حكوماتهم إسلامية ، ولكنهم يعجزون عن ذلك بسبب الجمود على التقليد ، والثالث حزب الإصلاح الإسلامي ، ووصفهم بأنهم الذين يجمعون بين الفقه في الدين ، والقدرة على النهوض بالحضارة الإسلامية .
لم يخطر على بال الشيخ رشيد رضا ( الوعاض ) ! ولاريب أن هذه الأقسـام التي ذكرها هـي موجودة اليوم ، وإن كنـَّا نختلف مع الشيخ رضا في توصيف الثالث منها ، كمـا نزيد قسما رابعا ، وهو قسم (الوعاض) !
وهذه الطائفة لم تتبلور بهذا الزخم ، والكثرة ، إلاّ في زمننا هذا ، زمن إنحطاط الفتوى ، وهي من أشدّ المعاول هدما في الإسلام ، وحربا على عقيدته ، وتخريبا لحضارته ، ولاتعجب ، فقد ورد ( إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان ) رواه مسلم ، وعن عمر رضي الله عنه ( كنا نتحدث إنما يهلك هذه الأمة كل منافق عليم اللسان ) .
وقد تحوّلوا إلى مطيّة لكل مشروع يستهدف الإسلام ، وأهله ، ونحن نحذر منهم من باب التحذير من أهل البدع ، ( ولتستبين سبيل المجرمين ) ، ولبيان الشر لتوقيه
وأشنع ما استلـُّوه من الفتاوى الإبليسية لإضلال الأمّة المحمدية ، على دركات:
الذين ألبسوا الطواغيت لباس (ولاة الأمر) ،وخلعوا عليهم خلعة ( من عصا أميري فقد عصاني ، ومن عصاني فقد عصى الله ) ! ، وجعلوهم كمنزلة ( أمير المؤمنين ) في أمة المسلمين ، إذ كان (ولي الأمر ) اسم شرعي قرآني يوازي ( أمير المؤمنين ) ، فاستعبدوا العباد ، لأئمة الفساد ، فتحولت الأمة إلى قطعان من الرقيق ، موثوقـة بفتاوى (السلق) و(السليق ) .
ثم انحطـُّوا إلى درك أسفل فأفتى بعضهـم بإباحة الحكم بغير الشريعة ، ومن تشدّد منهم أفتى بأنَّ ذلك من الصغائر التي تكفـّرها الصلوات المكتوبات ! ـ مع أنَّ (أمير المؤمنين) أصلا لايصلي إلاّ في المناسبات وبغير وضوء بشرط وجود الكاميرات ! ـ ولهذا تجدهم إذا هلك أحد الطواغيت الحاكمة بغير الشريعة ، و إرتاحت منه حتى دواب الأرض ، يخطبون في مناقبه ، الخطب العصمـاء ، حتى يخيـَّل إليك أنه لم يعص الله طرفة عين ، وأنه فوق منزلة الصحابة .
ثم إنحطـُّوا إلى درك أسفل فأفتوا بأنَّ الحاكم مهما كفر ، وأتى من النواقض للإسلام وفجـر ، وحارب الدين ، وأعان أعداء الأمة على المسلمين ، فهـو لايكفر مادام لايصرح بالجحـد ، والتكذيـب ، وأنه يحب هدم الدين لمجرد التخريب ،
وقال بعضهم : إن كان الحامل له على موالاة الكافرين على المسلمين ، وتمكين الصليبين في بلاد المسلمين ، وتعطيل الشرع المبين ، هـو حبُّ الدنيا ، فهو من الموحـِّدين ! وتبقى له حقوق أمير المؤمنين ! قاتلك الله ، وقطع لسانـك ، وهل كفر من كفـر إلاّ بسبب حبّ الدنيا ، وإيثارها على الآخرة !!

ثم أنحطـُّوا إلى درك أسفل فألبسوا تفرُّق الأمـة المحمدية إلى ممالك خاضعة للأجنبي ، وتمـزّقهـا إلى حدود مستعبدة للمستعمر الجديـد ، لباس الشريعة الإسلامية ، الداعية إلى توحيد الأمة المحمدية ، المحاربة لكلّ ما يفرقها ، المسمية كلِّ شعار يمزقها : الجاهلية ،
وخرج واحد من هؤلاء ( الوعاض ) في إحدى الفضائيات ، ينظـّر للـ(الوطنية العلمانية ) بحديث الرقية : ( تربة أرضنا بريقة بعضنا يُشفى سقيمنا بإذن ربنا ) !! ، ولم يدر أنه هو السقيم الذي علاجه الدرّة العمرية ، فلو كان معنى ( تربة أرضنا ) الحدود السياسيـة ، لأقتصرت دلالة الحديـث على ( المواطنين ) ولخرج ( المقيمون ) بـ ( فيزا ) من دلالة الحديث ، أما الذين انتهت (فيزتهم ) فإقامتهم غير قانونية ؟!!

والعجب المثير للسخرية أنّ هذه الحدود التي مزّقت وحدة الأمّـة ، إنما وضعها الكافر المعتدي ، ورسمها المستعمـر الردي ، ثم غدت الأمّة تتعصّب عليها ، وهـي لم يكن لها دخل في صنعـها !
ثـم صدرت الفتاوى بإعتبارها شرعية ، على أنّ ( حبّ هذا التفـرُّق من الإيمان ) ، والموت من أجل هذه الحدود شهادة ، وأما الذين يموتون في سبيل إعلاء كلمة الله ، يحاربون المشروع الصهيوصليبي فـي بلاد الإسـلام ، فهؤلاء ( خوارج ) و( إرهابيين ) !!
فالذي يموت من أجل ( حفنة تراب ) رسمها المستعمر شهيد ، والذي يموت في سبيل رب الأرباب (إرهابي) !
ثم انحطـُّوا إلى درك أسفل من هذا ، فـ ( طبـّلوا وزمروا ) لمؤتمرات حوار الأديان المشبوهة ، وهم يرون أنه لايحضرها أصلا إلاَّ من يرضى عنه الصهاينة ، والصليبيون ، ويحقق الهدف السياسي للغرب من تطويع الأمة لهيمنتهـم ، ولهذا لايُدعى إليها من اليهود المعارضون للكيان الصهيوني ، ولا من النصارى المشهورون بحربهـم للمشروع الأمريكي ، ولو أنك دعوت إلى مؤتمر يحضره أعداء الصهاينة ، ومعارضو السياسة الأميركية ، من غير المسلمين ، مع علماء المسلمين ، فسيعلنون الحرب عليه ، ولن تجد دولة عربية تستقبله ، حتى لو كان تحت شعار ( حوار الأديان ) !
وكم سمعنا من ( الوعاض ) في الفضائيـات العبـث بآيات القرآن ، وبنصوص السيرة ، وإنزالهـا على ما يرغب فيه الصهاينة ، ويرحّب به الصليبيون ، من تمهيد الأجواء للتطبيع مع العدوّ الصهيوني ، تحت خداع ( حوار الأديان ) !
ثم انحطـُّوا إلى درك أسفل من هذا : فأصدروا الفتاوى بأنَّ القواعد العسكرية الأجنبية في بلاد المسلمين ، والجيوش الصهيوصليبية الغازية لأصقــاع المؤمنـين ، إنما هـم ( المعاهـدون ) ، و( المستأمنون ) ، وإن قتلوا المسلمين ، وأحتلـُّوا أرضهم ، واغتصبوا نساءهـم ، وسرقوا ثرواتهم ، ومزّقوا المصاحف ، ونشروا الصلبان ، ورفعوا كلّ منافق ، وزنديـق ، وحاربوا كلّ مصلح ، وصديق .
جهراوي غير متصل   الرد مع إقتباس
غير مقروءة 31-10-2009, 12:08 AM   #4
جهراوي
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,669
إفتراضي

ثم انحطـُّوا إلى درك أسفل فأفتـوا أنّ من يحارب الكفار المحتلّين ، دفاعا عن أعراض المسلمين ، هـم أشد ضرراً من المستعمرين ! ذلك أنَّ ( الخوارج ) ـ وهم يسمّون المجاهدين خوارج ! ـ أضـرّ من الكافر الأصلي!
ثم إنحطـُّوا إلى أسفل سافلين ، الذي ليس بعـده أسفل إلاّ سجين ،! فأفتـى بعضهــم بأنّ القتال مع الكفار المحتلّـين ضد ( الخوارج ) من أفضل القربات في الديـن ! ، وقال بعضهم بالوجـوب إذا أمر (وليُّ الأمر) بمساعدة ( المعاهديـن ) على ( الخوارج والإرهابيين ) ، وأفتى أحدهم بالتجسس على مساجد المسلمين في أوربا لصالح ( الناتـو ) !
وهذه لأوّل مـرّة في التاريخ البشري كلَّه ، تصدر فتوى بوجوب القتال على أمّـة لتبقى في رقّ العبودية لأمـّة أخرى !!
نعم يمكن أن تصدر فتاوى ـ مضلّة ـ بترك قتال الإحتلال ، أو إلتماس العذر لمن يقترف جريمة مساعدة المحتـلّ ، لكن إيجاب القتال من أجل البقاء في رقّ الإستعباد ، فهذه حتى إبليس لعلـَّه لم يطمـع بها !
إنا لله وإنا إليه راجعون ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، نعم المولى ونعم النصير.
وهلمّ جراً .. وكلُّها تصاغ بألفاظ الذل ، ومعاني الإنهـزام .
ولهـا ثلاثة أمـور تلزمها :
أحدها : أنها دائما فيما يرضي بغلة السلطان !
الثاني : أنها تأتي بعدما تقع المصيبة على المسلمين فتخرجها تخريجا شرعيا!
الثالث : أنها تضيف على الأمة الإسلامية مصيبة على كثرة مصائبها !
حتى صار عند هؤلاء لذيل بغلة السلطان من المهابة ، ما ليس لحرمة الدين ، ومقدسات المسلمـين !!
روى الدارمي عن عبدالرحمن بن شريح ، يحدث عن عميرة ، أنه سمعه يقول : ( أنّ رجلا قال لإبنه اذهب فاطلب العلم ، فخرج فغاب عنه ما غاب ، ثم جاءه فحدثه بأحاديث ، فقال له أبوه : يا بني أذهب فاطلب العلم ، فغاب عنه ما غاب أيضا زمانا ، ثم جاءه بقراطيس فيها كتب ، فقرأها عليه ، فقال له : هذا سواد في بياض ، اذهب فاطلب العلم ، فخرج عنه ، فغاب عنـه ما غاب ، ثم جاءه ، فقال لأبيه : سل عما بدالك ، فقال له أبوه : أرأيت لو أنك مررت برجل يمدحك ، ومررت برجل آخر يعيبك ، قال : إذاً لم ألـُمْ الذي يعيبني ، ولم أحمـد الذي يمدحني ، قال : أريت لو مررت بصفيحة ، لاتدري أمن ذهب أو ورق ، فقال : إذاً لـم أهيجها ، ولم أقربها ، فقال أبوه : اذهب فقد علمت )
وبين هذا الركام من خبائث الفتاوى ، تجد الفتوى بمحاربة النقاب ، قاتل الله مُفسيهـا ، وأرانا فيــه عجائب قدرته ، وقبلها أفتـى بأنّ لفرنسا أن تمنع الحجاب ، فخذل المسلمين ، خذله الله ، كما تجد الفتوى بإباحة الإختلاط في التعليـم ، وبإباحة الربا ، والفتوى بتحريم المقاطعة الإقتصادية إلاّ بإذن ( ولي الأمر ) !، و الفتوى بتحريم الإنكار على السلطان ( ظل الله على العباد ) إلاّ في سرية أشد من سرية مراسلات الموساد !
جهراوي غير متصل   الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

Powered by vBulletin Version 3.7.3
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
 
  . : AL TAMAYOZ : .