"ب - ينْبغي لطالب الْعلْم أنْ يقْطع الْعلائق الشّاغلة عنْ كمال الاجْتهاد في التّحْصيل ويرْضى بالْيسير من الْقوت، ويصْبر على ضيق الْعيْش، وأنْ يتواضع للْعلْم والْمعلّم، فبتواضعه ينال الْعلْم، قال الشّافعيّ: لا يطْلب أحدٌ هذا الْعلْم بالْملْك وعزّ النّفْس فيفْلح، ولكنْ منْ طلبه بذل النّفْس وضيق الْعيْش وخدْمة الْعلماء أفْلح."
قطعا قطع العلائق كلها محال وأما علاقة الرزق فعلى المجتمع ان يوفر لطلاب العلم وهم صغار معايشهم من خلال اعطاء رواتبهم لأسرهم لينفقوا على ضرورياتهم والقول باستحالة قطع العلائق هو قول صحيح لأن كل الطلاب يرغبون في الزواج في مرحلة البلوغ وكلهم يرغب في أن يكون معه مال ولا يمكن أن نوقف هذا في نفوسهم ولكن بتوفير الضروريات لهم وتعليمهم أن الوظيفة ومن ثم الزواج يأتى بعد انتهاء الدراسة
وتحدثوا عن الانقياد للمعلم في كل أمره واحترامه فقالوا :
"ج - أنْ ينْقاد لمعلّمه ويشاوره في أموره ويأْتمر بأمْره، وينْبغي أنْ ينْظر لمعلّمه بعيْن الاحْترام، ويعْتقد كمال أهْليّته ورجْحانه على أكْثر طبقته فهو أقْرب إلى انْتفاعه به ورسوخ ما سمعه منْه في ذهْنه."
قطعا لا يجب الانقياد لمخلوق وإنما الانقياد لأحكام الله وأما احترام المعلمين فامر لا جدال فيه
وتحدثوا عن ارضاء المعلم ومعاملاته في مجلس الدرس فقالوا :
"د - أنْ يتحرّى رضا الْمعلّم وإنْ خالف رأْي نفْسه، ولا يغْتاب عنْده، ولا يفْشي له سرًّا، وأنْ يردّ غيْبته إذا سمعها، فإنْ عجز فارق ذلك الْمجْلس، وألاّ يدْخل عليْه بغيْر إذْنٍ، وأنْ يدْخل كامل الأْهْليّة فارغ الْقلْب من الشّواغل متطهّرًا متنظّفًا، ويسلّم على الْحاضرين كلّهمْ، يخصّ الْمعلّم بزيادة إكْرامٍ."
وحكاية إرضاء المعلم ليست مطلوبة في العلم وإنما في المعاملة لأن العلم بالنصوص الإلهية وقد يخالفها المعلم أو يجهل معناها في النادر من الأحوال ويعلمها الطالب ومن ثم رد خطأ المعلم وغن كان لا يرضى واجب من لال الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
وتحدثوا عن الجلوس في نهاية المجلس فقالوا :
"هـ - أنْ يجْلس حيْث انْتهى به الْمجْلس إذا حضر إلى الدّرْس، ولا يتخطّى رقاب النّاس إلاّ أنْ يصرّح له الشّيْخ أو الْحاضرون بالتّقدّم، ولا يجْلس وسط الْحلْقة إلاّ لضرورةٍ، ولا بيْن صاحبيْن إلاّ برضاهما، وأنْ يحْرص على الْقرْب من الشّيْخ ليفْهم كلامه فهْمًا كاملاً بلا مشقّةٍ."
والكلام هنا متناقض فالجلوس في نهاية المجلس والقرب من المعلم لا يتفقان و مجالس العلم ليست كمجالس الناس في بيوتهم حتى يقال بالجلوس حيث انتهى المجلس بالقادم وإنما يحكمها أن يكون في مقدمة الصفوف أو بالقرب من المعلم ذوى الاعاقة السمعية والبصرية وغيرها لكى يستفيدوا من المعلم سمعا ونظرا وعدم ايذاءهم إن كانوا مقطوعى الأطراف او بهم شلل أو ما شابه ثم يليهم قصار القامة من الطلاب وفى النهاية يجلس طوال القامة
كما تحدثوا عن اداب مجلس العلم فقالوا:
"و أنْ يتأدّب مع رفْقته وحاضري الدّرْس، ولا يرْفع صوْته رفْعًا بليغًا منْ غيْر حاجةٍ، ولا يضْحك ولا يكْثر الْكلام بلا حاجةٍ، ولا يعْبث بيده ولا غيْرها، ولا يلْتفت بلا حاجةٍ، ولا يسْبق الشّيْخ إلى شرْح مسْألةٍ أوْ جواب سؤالٍ إلاّ أنْ يعْلم منْ حال الشّيْخ إيثار ذلك."
وتحدثوا عن استمرارية طلب العلم فقالوا :
"ز - ينْبغي أنْ يكون حريصًا على التّعلّم مواظبًا عليْه في جميع أوْقاته، ولا يضيّع منْ أوْقاته شيْئًا في غيْر الْعلْم إلاّ بقدْر الضّرورة والْحاجة، وأنْ تكون همّته عاليةً فلا يرْضى بالْيسير مع إمْكان الْكثير، وأنْ لا يسوّف في اشْتغاله، ولا يؤخّر تحْصيل فائدةٍ، لكنْ لا يحمّل نفْسه ما لا تطيق مخافة الْملل، وهذا يخْتلف باخْتلاف النّاس."
قطعا لا يمكن لأحد أن يكون مواظبا على طلب العلم في كل الأوقات فالعلم له وقت الصباح حتى الظهيرة وبقية اليوم يقضيها الطالب في مناقع متعددة كالأكل والشرب والرياضة الجسمية وزيارة الأقارب ويخصص بعضا من وقته لمراجعة الجزء الذى درسه في يومه او ما قبله او يقرأ كتبا خارج نطاق ما درسه
وتحدثوا عن اعتناء الطالب بالدرس وأنه يبدأ بحمد الله والصلاة والسلام على رسوله(ص) فقالوا :
"ح - أنْ يعْتني بتصْحيح درْسه الّذي يتعلّمه تصْحيحًا متْقنًا على الشّيْخ، ثمّ يحْفظ حفْظًا محْكمًا، ويبْدأ درْسه بالْحمْد للّه والصّلاة على رسول اللّه صلّى اللّه عليْه وسلّم والدّعاء للْعلماء ومشايخه، ويداوم على تكْرار محْفوظاته ."
قطعا لا يوجد شىء من حمد الله الكلامى او الصلاة والسلام على الرسول(ص) او الدعاء للمعلمين مطلوب في الدرس لأن المطلوب هو طاعة الله عمليا بالتعلم وحكاية الحمد الكلامى والصلاة والدعاء هى قطع للدرس كلما تكلم المعلم أو التعلم وأما خارج الدرس فيحمد الله ويصلى على الرسل(ص) إذا توجب عليه ذلك ويدعو لمعلميه وغيرهم إن تذكر فضلهم
وتحدث الفقهاء عن اعطاء طالب العلم من اموال الزكاة كما تقول الموسوعة الفقهية الكويتية :
"اسْتحْقاق طالب الْعلْم للزّكاة:
4 - اتّفق الْفقهاء على جواز إعْطاء الزّكاة لطالب الْعلْم، وقدْ صرّح بذلك الْحنفيّة والشّافعيّة، والْحنابلة، وهو ما يفْهم منْ مذْهب الْمالكيّة، إذْ أنّهمْ يجوّزون إعْطاء الزّكاة للصّحيح الْقادر على الْكسْب، ولوْ كان ترْكه التّكسّب اخْتيارًا على الْمشْهور.
وذهب بعْض الْحنفيّة إلى جواز أخْذ طالب الْعلْم الزّكاة ولوْ كان غنيًّا إذا فرّغ نفْسه لإفادة الْعلْم واسْتفادته، لعجْزه عن الْكسْب.
نقل ابْن عابدين عن الْمبْسوط قوْله: لا يجوز دفْع الزّكاة إلى منْ يمْلك نصابًا إلاّ إلى طالب الْعلْم، والْغازي، ومنْقطع الْحجّ.
قال ابْن عابدين: والأْوْجه تقْييده بالْفقير ويكون طلب الْعلْم مرخّصًا لجواز سؤاله من الزّكاة وغيْرها وإنْ كان قادرًا على الْكسْب إذْ بدونه لا يحل له السّؤال.
ومذْهب الشّافعيّة والْحنابلة أنّه تحل لطالب الْعلْم الزّكاة إذا لمْ يمْكن الْجمْع بيْن طلب الْعلْم والتّكسّب بحيْث لوْ أقْبل على الْكسْب لانْقطع عن التّحْصيل.
قال النّوويّ: ولوْ قدر على كسْبٍ يليق بحاله إلاّ أنّه مشْتغلٌ بتحْصيل بعْض الْعلوم الشّرْعيّة بحيْث لوْ أقْبل على الْكسْب لانْقطع من التّحْصيل حلّتْ له الزّكاة، لأنّ تحْصيل الْعلْم فرْض كفايةٍ، وأمّا منْ لا يتأتّى منْه التّحْصيل لا تحل له الزّكاة إذا قدر على الْكسْب وإنْ كان مقيمًا بالْمدْرسة.
وقال الْبهوتيّ: وإنْ تفرّغ قادرًا على التّكسّب للْعلْم الشّرْعيّ - وإنْ لمْ يكنْ لازمًا له - وتعذّر الْجمْع بيْن الْعلْم والتّكسّب أعْطى من الزّكاة لحاجته.
وسئل ابْن تيْميّة عمّنْ ليْس معه ما يشْتري به كتبًا يشْتغل فيها، فقال: يجوز أخْذه من الزّكاة ما يحْتاج إليْه منْ كتب الْعلْم الّتي لا بدّ لمصْلحة دينه ودنْياه منْها.
قال الْبهوتيّ: ولعل ذلك غيْر خارجٍ عن الأْصْناف، لأنّ ذلك منْ جمْلة ما يحْتاجه طالب الْعلْم فهو كنفقته.
وخصّ الْفقهاء جواز إعْطاء الزّكاة لطالب الْعلْم الشّرْعيّ فقطْ.
وصرّح الْحنفيّة بجواز نقْل الزّكاة منْ بلدٍ إلى بلدٍ آخر لطالب الْعلْم "
وكل هذا الكلام مخالف لنص لآية الزكاة كما قال تعالى :
"إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ"
فطالب العلم ليس مذكورا في المصارف الثمانية حتى يعطى منها وإنما يعطى من مال المسلمين الناتج من قسمة أرباح أقوات الأرض على سكانها كما قال تعالى :" وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين "
وهو ما سموه رواتب أو عطايا أو معاشات
|