نظرات فى كتاب إرشاد العباد في كشف مثالب الحسد والحساد
نظرات فى كتاب إرشاد العباد في كشف مثالب الحسد والحساد
تأليف علي محمد سليمان محيميد آل عسكر العبيدي والكتاب عبارة عن تجميع نصوص من كتب متنوعة فى موضوع الحسد وهو قائم على النظرة التقليدية المعروفة للحسد والغريب هو أن العبيدى لم يورد تفسير آيات الحسد فى القرآن وفى مقدمته القصيرة قال :
"أما بعد:
فهذه رسالة في بيان مضار الحسد على الفرد والمجتمع، وبيان مثالبه والتحذير منه، وكيفية علاجه."
وبعد ذلك ذكر أشعارا فى الموضوع ثم ثنى بتعريف الحسد فقال:
"تعريف الحسد:
الحسد: هو ثوران النفس لغير الحق، وحقد دفين في الصدور، وغل كامن في دواخل النفس، ولؤم مستور في القلب، كلها سهام مصوبة نحو الكرم، والنبل، والشهامة، والفضيلة، التي تستحيل على الحاسد أن ينالها، أو يرقى إلى محاسنها، أو يتحلى ببعض صفاتها، والحسد انفعال نفسي إزاء نعمة الله على بعض عباده مع تمني زوالها، وسواء أتبع الحاسد هذا الانفعال بسعي منه لإزالة النعمة تحت تأثير الحقد والغيظ، أو وقف عند حد الانفعال النفسي، فإن شرا يمكن أن يعقب هذا الانفعال.
وهو مرض في القلب خطير، ينشأ نتيجة تفاوت الناس وتفاضلهم في الأرزاق والأعمال والمناصب والجمال وغيرها، والحسد دائما يكثر بين الأقران من البشر، كالحسد بين التجار أنفسهم وبين أصحاب الأموال، وأصحاب الرياسات وبين طلبة العلم، وهو سبب من أسباب إثارة النفوس وانفعالها، فالذي يراقب الناس ويحسدهم على ما آتاهم الله من فضله ولم يرزقه الله من ذلك شيئا يتضجر ويغضب من حاله؛ لأن الحسد حبل قوي من حبال الشيطان، يدخل من خلاله إلى نفس الإنسان ويوسوس له؛ ليخرجه من هدوئه واستقراره إلى عالم الغضب والانفعال، ويجعل هذا الإنسان الغاضب يسلك تجاه المحسود سلوكا غير محمود العاقبة عليه وعلى المجتمع الذي يعيش فيه، والحسد مذموم مثل الجزع، الحسد خلق دنيء، ومن لؤمه ودناءته أنه يبدأ بالأقرب فالأقرب، من الأقارب والأكفاء والمعارف والخلطاء والإخوان.
والحسد داء ينهك الجسد، ويفسد الود، علاجه عسر، وصاحبه ضجر، وهو باب غامض وأمر متعذر، وما ظهر منه فلا يداوى، وما بطن منه فمداويه في عناء."
وكل ما سبق هو كلام إنشائى لا ضرورة له عدا التعريف وهو حب زوال النعمة عن الأخر قلبيا أى نفسيا
ثم نقل عن الجاحظ كلاما فى الحسد فقال :
"قال الجاحظ: "والحسد عقيد الكفر، وحليف الباطل، وضد الحق، وحرب البيان؛ فقد ذم الله - تعالى - أهل الكتاب به فقال: {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم}
منه تتولد العداوة، وهو سبب كل قطيعة، ومنتج كل وحشة، ومفرق كل جماعة، وقاطع كل رحم بين الأقرباء، ومحدث التفرق بين القرناء، وملقح الشر بين الخلطاء، يكمن في الصدر كمون النار في الحجر.
ولو لم يدخل على الحاسد بعد تراكم الغموم على قلبه، واستمكان الحزن في جوفه، وكثرة مضضه ووسواس ضميره، وتنغص عمره وكدر نفسه ونكد عيشه - إلا استصغاره نعمة الله عليه، وسخطه على سيده بما أفاد غيره، وتمنيه عليه أن يرجع في هبته إياه، وأن لا يرزق أحدا سواه، وقال المهلب بن أبي صفرة: الحسد شهاب لا يبالي من أصاب، وعلى من وقع.
والحسد تركيب لعله يحسد عليها؛ فهو لا يزول إلا بزوالها، ومن هذا قال معاوية : يمكنني أن أرضي الناس كلهم إلا حاسد نعمة، فإنه لا يرضيه منها إلا زوالها.
والحسد لا يكون إلا عن فساد الطبع، واعوجاج التركيب، واضطراب السوس.
والحسد أخو الكذب، يجريان في مضمار واحد؛ فهما أليفان لا يفترقان، وضجيعان لا يتباينان، والعداوة قد تخلو من الكذب؛ ألا ترى أن أولياء الله قد عادوا أعداء الله؛ إذ لم يستحلوا أن يكذبوا عليهم، والحسد لا يبرأ من البهت، وكيف يبرأ منه وهو عموده الذي عليه يعتمد، وأساسه به البناء يعقد؟! وأنشد:
كضرائر الحسناء قلن لوجهها ... كذبا وزورا إنه لدميم
والحسد نار وقوده الروح، لا تخبو أبدا أو يفنى الوقود، والحسد لا يبلي المحسود أو الحاسد، والعداوة جمر يوقده الغضب، ويطفئه الرضا، فهو مؤمل الرجوع مرجو الإنابة، والحسد جوهر، والعداوة اكتساب.
وقال بعضهم: الحسد أنثى؛ لأنه ذليل، والعداوة ذكر فحل؛ لأنها عزيزة."
وكل هذا الكلام لا ضرورة له فليس فيه شىء من القرآن ولا تفسير الحسد حت من خلال تفسير الآية التى لو فسرها أو نقل تفسيرها لأعنانا عن كل ذلك الكلام المنقول عن بشر :
ذكرت الآية أن الحسد ود أى حب زوال الإسلام عن المسلمين بحيث يكونوا كفرة كأهل الكتاب وأن هذا الود شىء فى نفس الإنسان ومن ثم فهو عمل نفسى أى قلبى
ونقل كلاما أخر فى ذم الحسد فقال :
قال الجاحظ: إن الحسد أخس وأغبن من العداوة، إن الملل كلها ذمته وعابته، ولا نعلم أن شاذا من الشواذ، وشاردا من الشراد، فضلا عن جيل من الأجيال - أمر بالحسد.
والحسد شقيق اللؤم، فكل حاسد لئيم، الحقد مدفون في صدره، نار الغل مستعرة فيه، لا تخبو ولا تنطفئ، من علامات اللئيم المخادع أن يكون حسن القول، سيئ الفعل، بعيد
الغضب، قريب الحسد، حمولا للفحش، مجازيا بالحقد، متكلفا للجود، صغير الخطر، متوسعا فيما ليس له، ضيقا فيما يملك.
وحدثنا أبو بكر بن دريد قال: أخبرنا عبدالرحمن عن عمه قال: سمعت رجلا يقول: الحسد ماحق الحسنات، والزهو جالب لمقت الله ومقت الصالحين، والعجب صارف عن الازدياد من العلم داع إلى التخمط والجهل، والبخل أذم الأخلاق وأجلبها لسوء الأحدوثة.
وقال سليمان التيمي: الحسد يضعف اليقين، ويسهر العين، ويثير الهم، وكان يقال: لا يوجد الحر حريصا، ولا الكريم حسدا.
وجاء في "العقد الفريد": قال بعض الحكماء: أجهد البلاء أن تظهر الخلة، وتطول المدة، وتعجز الحيلة، ثم لا تعدم صديقا موليا، وابن عم شامتا، وجارا حاسدا، ووليا قد تحول عدوا، وزوجة مختلعة، وجارية مستبيعة، وعبدا يحقرك، وولدا ينتهرك، فانظر أين موضع جهدك في الهرب
|