كثر الحديث مؤخراً عن الموقف في أفغانستان ودور الولايات المتحدة الأمريكية هناك، وأخذ البعض في التكهن عن الوضع الحالي ومستقبل أفغانستان بشكلٍ عام. والواقع أن ما تقوم به القوات الأمريكية هو العمل مع القوى الوطنية الأفغانية للتخلص من حركة آثرت أن تتخذ من العنف والإرهاب طريق لبسط نفوذها على الآخرين. وللأسف نجد البعض يردد ما تدعيه طالبان من أن الموقف الحالي هو حرب بين الإسلام والولايات المتحدة الأمريكية، وهو تصور خاطئ وبعيد كل البعد عن الواقع. فالحقيقة هو أن القوات الأمريكية تعمل مع القوات الأفغانية لمكافحة المتطرفين الذين أخذوا طريق العنف وسيلة لترهيب الشعب الأفغاني. ومازال البعض يدعي أن الولايات المتحدة في حرب على الإسلام، وتناسوا أن الولايات المتحدة سبق لها أن دخلت في حروب ضد أنظمة قامت باضطهاد مسلميها في مناطق مختلفة، منها على سبيل المثال حرب البوسنة والهرسك، وكوسوفو. ونفس الشئ ينطبق على الموقف من طالبان حيث عانى الأفغان الأمرين من حكمهم. فمن غير المعقول أن تكون القوات الأمريكية هي نفسها من تقوم بحرب ضد المسلمين.
ولتفهم الموقف على حقيقته يجب علينا الرجوع والتمعن بعض الشئ في تاريخ أفغانستان المعاصر، فعندما أتت طالبان إلى سدة الحكم في أفغانستان في التسعينات، آثرت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي عدم التدخل في الشئون الأفغانية بالرغم من تجاوزات طالبان الوحشية تجاه حقوق شعبها، إلى أن سمحت طالبان لزعيم تنظيم القاعدة ولتنظيمه اتخاذ أفغانستان كمركز لانطلاق عملياتهم الإرهابية ضد دول ذات سيادة، وهذا ما دفع دول قوات التحالف من اتخاذ موقف عملي حازم. والكل يتذكر الذي حدث بعد ذلك...فبعدد محدود من القوات الأمريكية وبالعمل مع قوات أفغانية حاربت فعلياً ضد طالبان، استطاعت هذه القوات أن تزيح طالبان عن الحكم الذي انهار في غضون أسابيع قليلة. فكيف إذن يحاول البعض إقناعنا أن طالبان حركة مؤثرة وذات نفوذ بين الشعب الأفغاني؟ خاصةً في ظل الاستطلاعات الأخيرة التي تثبت عكس ذلك. وكيف تفسر عملية سقوطها السريع مع بداية العمليات العسكرية؟ ما دفعني للكتابة حول هذا الموضوع هو مواصلة بعض الكتاب الدفاع عن حركة طالبان والعمل على إظهارها كحركة ذات نفوذ وقبول بين الشعب الأفغاني، وهو نفس الشعب الذي عانى من ويلاتهم. فالشعب الأفغاني لم ينسى ما قامت به طالبان خلال فترة حكمها للبلاد، وهي الفترة التي روعت فيها أمن البلاد، وحدت من حرية التعليم للنساء ومنعتهم من القيام بأبسط حقوقهم. إن من يحاول أن يظهر طالبان وكأنها الحاكم الآمر في أفغانستان، عليه أن يتحرى المعلومات جيداً قبل طرحها على القراء. فكل الدلائل تشير إلى أن طالبان لم تتغير وترفض أي حوار للوصول إلى حل عملي يتيح للجميع المشاركة في دعم واستقرار أفغانستان. هذا ليس بغريب على حركة تبنت العنف والإرهاب لكسر إرادة شعبها، وتستمر على نفس النهج لإعاقة أي تقدم فعلي من شأنه أن يساهم في رفاهية الشعب الأفغاني. كما أن طالبان هي من توعدت أي أفغاني يشارك بالتصويت في الانتخابات الأخيرة، وهو أسلوب ليس بغريب على طالبان التي في السابق استخدمت أسلوب الترهيب لبسط نفوذها على الشعب الأفغاني.
كما رفضت طالبان ولا تزال ترفض المشاركة في أي ممارسة ديمقراطية، لأنها لا تعرف سوى طريق العنف والإرهاب. وعلى العكس نجد أن قوات التحالف أتت إلى أفغانستان لمناصرة الأفغان على حكم أهدر حقوق المواطنين خاصةً بين الأقليات،والعمل على إعادة بناء أفغانستان.
القيادة المركزية الأمريكية
www.centcom.mil