قبل أن نبني خيمة .. يجب أن نبني خياميين

[اليمامة]

تعودنا دائماً أن نسارع في بناء المساجد والمدارس والمساكن للفقراء ..
ولكن :
أليس من الأفضل قبل أن نبني مسجد أن نبني الساجد ؟
أليس من الأفضل قبل أن نبني مدرسةأن نبني المُدرس ؟
أليس من الأفضل قبل أن نبني بيتاً نبني الساكن الذي يعرف معنى البيت اجتماعياً داخل منظومة المجتمع؟

وهذا ما ينطبق علينا في هذه الخيمة ..
بنى الراعي الخيمة .. ولكن أين هي بناء شخصيات أعضاء الخيمة -من أعلى مستوى إداري مروراً بالمشرفين على الخيام وانتهاءً بالأعضاء -؟

بناء عضو الخيمة يحتاج الى وجود هيكلة تنظيمية إدارية للخيمة توضح الصلاحيات والمسؤوليات بطريقة لا تتركز فيها السلطات في يد شخص أو قلة .. بل يجب أن تكون هنالك عدالة في التوزيع تقتضيها مصلحة الخيمة لا مصلحة الأشخاص .. ولا يكفي ذلك بل أن يُفسر كل هذا التنظيم تفسيراً واضحاً لا لبس فيه ويشرح كيف تمارس دورك في أي موقع ( مدير حوار- مشرف عام - مشرف - عضو ) .

ولابد أن نعرف أن العمل الاشرافي هو دور مثله مثل دور العضو لا يزيد عنه ولا ينقص .. فمن يكتب ويضع قيمة فكرية وخلاصة تجربة ويعطي الخيمة وقتاً لكي نستفيد من موضوعاته هو شخص يجب أن تعمل الادارة على أن تحافظ عليه .. فقد يتعدى دوره دور مدير الحوار أو المشرف العام في المنفعة .. ويُحسب حسابه في هذا التنظيم .
وحتى نكون واقعيين ومن تجارب مررت بها في عدة دورات إشرافية رأينا نماذج مختلفة ومتعددة .. رأينا مشرفاً يريد بناءً ثقافياً .. ومشرف يريده بناءً إدارياً (مشرفين جيدين يؤدون دورهم الاشرافي ويكون هذا هو تقييمهم ) ومشرف يرى أن يوزع السلطات ولا يتواجد إلا فيما ندر .. ومشرف يرى أن تدور موضوعات الخيمة بشكل سريع بردود وموضوعات جديدة بغض النظر عن قيمتها وما يمكن أن تضيفه لثقافتنا وسلوكياتنا .
كل هذه الأدوار يمارسها المشرفين اعتماداً على عدة تفسيرات .. فمنهم من يرى أن سلوك الشخص (المرؤوس) هو سلوك محفوف بعدم الثقة .. والشك ويرى أن الاسلوب المناسب هو السيطرة على هذا السلوك بأي وسيلة .. وهذه نظرية ميكافيللي في كتاب الأمير التي تعتمد على مبدأ أساسي وهو (الغاية تبرر الوسيلة) وهذا يعني أن أي تصرف لو كان غير شريفاً أو غير أخلاقي هي المبدأ الذي يعتمد عليه لتحقيق الغاية أو الهدف وفيها يستخدم كل أساليب المساومة والدهاء والمناورة وغيرها ليحكم قبضته ..
وهنالك من يفترض أن الأشخاص كسالى غير قادرين على التخطيط واعطاء الرأي والمشورة .. وأنهم غير عقلانيين وانفعاليين .. مما يتطلب فرض النظام عليهم باعتباره نظام رشيد وعقلاني ..
ولكن أين هو بناء العلاقات الانسانية داخل الخيمة ؟
أين هو بناء التعاون والتنافس الشريف ضمن قوله تعالى ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) ..
أين هو النموذج الاداري في الخيمة الذي يبني قاعدة أعضاء فاعلون يؤثرون ببعضهم وعلاقاتهم الاجتماعية تضبط سلوك المخطئ قبل أن تضبطها القرارات الادارية ؟
هذا أمر سهل .. وهو قابل للتطبيق بأن نجعل من كل عضو مشارك باتخاذ القرار .. وأن يشارك بوضع أنظمة الشكاوي والحلول .. وأنظمة الاقتراحات .. وكل ماله علاقة بالخيمة من تقسيمات ... الخ
وهذا سيجعل الادارة تستخدم كل الطاقات السلوكية للأعضاء .. وتبني الولاء للمكان لا للأشخاص .. ويشعر كل عضو منا بأن الخيمة ملكية جماعية ولسنا فيها زائريين .. وما يتبع هذه الملكية من سلوك للحفاظ عليها والتصدي لأي مشكلة قد تكون عقبة في طريقها .