لم أكن على طهر، فلم أصلي الظهر.دخلت الحمام يا سادة يا كرام ،و خرجت منه بعد نصف ساعة بالتمام.
صليت و دخلت مكتبي .شرعت في كتابة قصة ساخرة جديدة ،لكنني أحسست بتعب يتسلل لجسدي، ثقل القلم في يدي ،فإذا هو كالصولجان .كان فكري في حاجة لساعة قيلولة فآويت الى فراشي .
ما أن جرى وسن النوم في عيني ، إذا بشجار عنيف بين القطط ، و مواء ،كمواء هريرتي الصغيرة .نهضت مسرعا و تناولت هراوة من الدولاب ،لو ضرب بها هر ٌ لتحول في الحال لكمشة من الفرو. دلفت الى سطح الدار مسرعا ، و إذا بهرٍِ اسود يسامر هريرتي ، يخاصمها بيديه، و هي تتمنع منه ،مذعورة ،لا طاقة لها بقتاله .
تبسمت و قلت لابأس ،انه يبادلها الحب بطريقة القطط ، لكنها غبية ، تربٌت تربية حسنة ، لا تفهم هذه اللغة.قلت في نفسي ،امهلهما قليلا و ارى ما سينتهي اليه هذا اللقاء .ثم ترددت و قلت :إن ارتبطت بهذا المتشرد ،فماذا عساه يطعمها غير ما تجود به أكياس القمامة ،من بقايا مربى فاسد و هياكل عظمية لأسماك،و فتات بيض . لِما لا اطرد ه قبل ان تدخل الفاس في الراس، و يضيع مستقبلها و يذوي شبابها و تصاب بالجرب .ربما يمنٌ الله عليها بقط رومي ،تعيش معه في بلاد الفرنجة ،فتسرح و تمرح، بين المروج الخضراء،تدخل قصور بني الاصفر ،تأكل من أطعمة السوبر ماركت ، الجاهزة خصيصا للقطط ،و ربما أثارت شهيتنا نحن العرب، فهمٌ بعضنا بالتهامها ،ضنا منه أنها مأكولات بشر .تستحم في افخم حمام ،لم تحلم به جدتي قط ،و تنجب قططا ،صغيرة و جميلة .وقفت وقفة المتفرج لحظات ،لكنني
لم أرى من هريرتي أي إشارة تنبئني بميل قلبها الصغير لذاك الأحمق، و بقيت مذعورة في ركن تنتظر مني التفاتة تنجيها من مأزق وقعت فيه .أما ذاك الأحمق فلم يبالي بوجودي ،اخذ يدنو منها ،منتفخ الأوداج ،نافش الشعر ،في عينيه رغبة جامحة لمضاجعتها و لو كلفه ذلك حياته
.
ما كان مني ،إلا أن احمي صغيرتي،من هذا الذي يراودها عن نفسها امامي بدون حياء مني .رفعت طرف ثوبي بيدي اليسرى ،توكلت على الله و أغمضت عيناي، و هويت على القط بتلك الهراوة
،حتى زلزل سقف الدار و صاحت زوجة الجار هلعا .فتحت عيني فوجدت هريرتي تسبح في لجة من الدم ،قد اصابتها الهراوة خطأًَ .فقضت نحبها و تبخرت أحلامي .
الهريرة و القط المتشرد
النمط المتطور