لوجه أرغون.. كـم أكـرهـك أيها البـحـر

[عصام الدين]

ويسألونني عن موته.. عن التفاصيل.
كيف مات وأين ومتى.. لعمري كأنهم يسألونني : لماذا ؟
نعم مات يونس.. وقد نقل إلي الخبر الفاجعة صديقي "موح".. وموح هذا هو شاب في الثلاثين، لقيته آخر مرة في السنة الماضية في البيضاء، وقد جاء إلي محملا بكتب هدية من يونس تغمده الله برحمته الواسعة.. موح، يعمل في دار نشر جزائرية، يأتي منذ عدة سنوات إلى المغرب في مثل هذا الشهر للإشراف على التمثيل الجزائري في معرض الكتاب الدولي، وكما أتاني بكتب وهدايا من الرحوم كنت أرده إلى الصديق الصدوق ويده محملة بكتب وروايات من مكتبتي الخاصة أو مما أقتنيه من معرض الكتاب.
وهذه السنة.. اتصلت به، للتأكد من قدومه، والإتفاق على لقائه، ففاجأني بذاك الخبر المفجع.. لقد شعرت وأنا أتحدث إليه عبر الهاتف، لكأن ارتعاشات الدنيا كلها اجتمعت في جسدي.. وقع قلبي وارتطم بالأرض محدثا دويا هائلا.. نعم لعمري إنه كذلك.
لم أستطع أن أقول شيئا.. وماذا كان كان بوسعي أن اقول ؟
عشرات الرسائل ومئات المكالمات الهاتفية ولكن لا أحد يرد.. تعجبت أن الهاتف مشغل لكن الذي زاد من حزني هو أن الرنين يستمر إلى نهايته ودون أن يجيب أحد.
رفضت أن أقطع رجائي وأترك ذلك الأمل الضئيل، ولو أنه بحجم نقطة صغيرة في صفحة بيضاء ممتدة بطول ثواني الخوف ودقائق الرعب وساعات اليأس المتعاقبة ولا من مجيب.
إتصلت مرة أخرى بالصديق موح..
كان يعد نفسه للسفر.
وما زاد من وطأة الفقد علي، بعد أن أخبرني أن يونس مات في يوم كانا فيه معا على شاطئ البحر، أن يونس مات منتحرا.
نعم.. هذا ما قاله "موح الزنكا".
يونس مات منتحرا في شاطئ سيدي فرج.
قال موح أن يونس كان قد بدأ يتعاطى المخدرات وقد أكثر منها في الآونة الأخيرة.. لم أصدق ذلك لكن إصرار موح على روايته قلب كل شيء في ذهني حتى أنني لم أعد أفهم شيئا.
هوائل نازلة ونوازل هائلة وكل ذلك جاء تباعا.
لم أشأ الرد على الرسائل الخاصة.. ماذا بوسعي أن اقول ؟
أن آخر الأخبار الواردة تقول أن يونس مات منتحرا ؟
أم أنه صار مدمنا على المخدرات.
أم ماذا وماذا ؟
أيها السادة عذرا.
ليس سوى أن نقول :
رحم الله يونس..
وغفر له..
وإنا لله..
وإنا إليه راجعون.