حتى لا نظلم الفلسطينيين
لا يختلف الفلسطينيون عن غيرهم من شعوب العالم، وإن كانت قضيتهم تختلف عن كل قضايا العالم، بطول أمدها وبتنوع العوامل المؤثرة فيها واختلاط تأثيرها.
وتحت ظروف الاحتلال، ينقسم المواطنون حسب درجات فهمهم وتصورهم للخروج مما هم فيه، فالضغوط التي يتعرض لها الشعب الذي هو تحت الاحتلال لا يعرف طعمها وأثرها المباشر غير أبناء الشعب نفسه. فليس سهلا على أب أو زوج يضغط عليه في شرفه ولقمته و أمنه أن يبقى صامدا لدرجات غير محددة دون أن يفكر بتغيير نهجه. ومع ذلك ضرب الفلسطينيون مثلا في الصمود لم يضارعهم فيه أحد من الشعوب.
وكون الفلسطينيين ليس في عزلة فكرية وسياسية مع محيطهم، فإنهم قد يضطروا راغبين أو مكرهين للقبول بنصائح تخص اجتهادات من يقرءون الظرف السياسي، وهم بذلك يحملون تبريرات لكل تصرفاتهم، فإن كان من يراقبهم لا يقتنع بتلك التصرفات، فلا يعني هذا أنه وهو الذي لا يملك وصفة تخلص الشعب الفلسطيني مما هو فيه.
قد تتدرج أشكال التهاون بالحق الفلسطيني و المساومة عليها، من طرف لآخر، ولكنها لا تعطي حقا للمراقبين أن يستخفوا بالأداء الفلسطيني مجانا.
والفلسطينيون يطورون أداءهم أولا بأول، وكل طرف منهم يعتقد أنه على حق، ومع ذلك هم يرون ما يراه غيرهم من أشقائهم العرب، سواء بالظنون بالمتعاملين مع العدو، أو ممن يغضون الطرف عن تسريع عمليات المقاومة أو أخذ فرصة يعتقدون أنها تكسبهم جولة سياسية ما!
قياداتهم كقيادات كل حركات التحرر، تتلاسن وتنشر ما يمس أطراف بعض مكوناتهم، وهذا حدث مع حركة التحرر الإريترية والفيتنامية والعراقية (في الوقت الحاضر)، واقترابها واختلافها تمليه الظروف المحيطة بهم.
ومن الأفضل لنا كعرب، ونحن نراقب أداء الفلسطينيين أن لا نزج أنفسنا بخصوصياتهم الداخلية، فيكفيهم ما هم فيه، وندعو لهم أن يقرب الله فيما بينهم ويبعد عنهم شرور أنفسهم وشرور أعدائهم
__________________
ابن حوران
|