صرخة صحراوية للصحافة العربية

[wald chahid_1]

منذ بدء مشوارها في مختلف أصقاع الدنيا انحازت الصحافة إلي جانب المستضعفين والمظلومين وكانت صوتا للذين لا صوت لهم، غير أن الصحافة العربية تتنكر لمهامها حينما يتعلق الأمر بقضية عربية، قضية الصحراء الغربية بل تشكل في أحيان كثيرة سوطا لجلد الشعب الصحراوي تساوقا مع رغبات بعض الأنظمة وتغريدا محافظا مع السرب المغربي. ربما يجهل ويتجاهل عدد كبير من الأخوة العرب حقائق وتفاصيل القضية الصحراوية وتطوراتها التاريخية. وربما يجهل أو يتجاهل أولئك أن ثمة احتلال لدولة عربية من قبل دولة جارة عربية هي الأخري. ربما يجهل أو يتجاهل أولئك أن الشعب الصحراوي شرد من أرضه ونهبت ثرواته وقسم هذا الشعب بين لاجئ صامد يقاوم وأخر يعيش تحت الاحتلال المغربي، مورست عليه أبشع مشاريع الاضطهاد حيث كان لقاء الشقيق بشقيقه في دولة أجنبية يعرضه للتهلكة. ربما يجهل أو يتجاهل اشقاءنا العرب أن شعبنا في الصحراء الغربية الذي تربي علي نهج العزة والإباء والكرامة والشموخ وفي لعهد شهداءه الذين لفظوا أنفاسهم علي قمم الجبال، وفي شعاب الوديان، وجوف المغاور والكهوف، أو علي ثري سهول تراب الصحراء الغربية التي ارتوت من دمائهم، دشن بدم أبنائه أعظم التضحيات وأعظم صور الصمود حتي أوصل كفاحه الشرعي اليوم إلي ما هو عليه من تقدير واحترام.
المؤسف أن الصحافيين العرب مطلعون علي كل شيء، يعرفون ويحرفون. بدلا من محاولة تفهم الحالة غير الطبيعية التي يعيشها الشعب الصحراوي. ولعبت وسائل الإعلام العربية الرسمية والمستقلة علي حد سواء دورا سلبيا جدا في التنكر لوجود شعب عربي ولكفاحه. واليوم والقضية الصحراوية أصبحت تتصدر اهتمام اكبر المؤسسات الإعلامية العالمية وتعكف المجموعة الدولية علي البحث عن السبل الكفيلة بضمان ممارسة الشعب الصحراوي لحقه المشروع في تقرير مصيره، يتساءل الشعب الصحراوي: أين موقع الصحافة العربية من القضية الصحراوية؟! وفي أي مربع تقف، العداء للشعب الصحراوي أم الداعم له؟! أم ملتزمة بقيم الصحافة والنزاهة؟ أو في صفوف النظارة ممن لا يحسنون سوي المراقبة بعين واحدة؟! نبعت أسئلة الشعب الصحراوي هذه اليوم من خيبة أمل عميقة زاد من عمقها الآمال التي كان قد بناها علي النخبة المثقفة العربية عموما فيما سيكتشف لاحقا بأنها نزعة طوباوية كشفت عجز النخبة المثقفة العربية عن وصولها إلي واقع الشعب الصحراوي ونقل حقيقة كفاحه إلي عالمه الأصلي، العالم العربي الذي أصبحت فيه بيئة العمل الصحفي أساسها الصفقة والمصلحة الشخصية وغابت الكلمة الشريفة. بل تأكد قول احد النقاد الذي أوضح ان واقع العالم العربي أدي إلي أن المثقفين والصحافيين العرب أصبحوا يعيشون عصر الدعارة الثقافية ، وهو ذلك العصر الذي يتقلب فيه الكاتب والصحافي علي كل الأوجه.
نحن في الصحراء الغربية لا نريد لامتنا العربية إلا التقدم والازدهار والرقي ولا نريد لصحافتنا العربية إلا التطور والبقاء شامخة شموخ أمتها متمسكة بشرف مهنتها وبأنبل مبادئ الصحافة وهو الحياد ولا نريد لصحافتنا أن تكون علي خط الحياد اليوم وتنحرف لخط الانحياز غدا. ولا بد أن اشدد هنا علي تقدير الشعب الصحراوي لبعض الأقلام العربية الكبيرة في مواقفها وأقلامها التي ظلت منحازة للحق، ولا تقدم المبررات للمعتدي المغربي لتنفيذ أعماله وجرائمه ضد شعب اعزل. كما يسجل الشعب الصحراوي لوسائط إعلامية عربية فتحها بعض النوافذ ولو أنها محتشمة ،للتعبير عن وجهة نظر الإنسان الصحراوي. إن الشعب الصحراوي لا يريد من الصحافة العربية موقفا داعما ومساندا ولكن يريد فقط منها أن تلتزم باخلا ق المهنة وتنوير الرأي العام العربي بالحقيقة ولا شي غير الحقيقة و أن لا ينصب اهتمامها علي جانب دون آخر، ولا أن تنتقي من الأحداث وتطورات نزاع الصحراء الغربية، ما يعزز وجهة دون أخري.. وبغير وجه حق. ننتظر من الصحافة العربية تكثيف زياراتها للمخيمات والوقوف علي حقيقة الأمور بالشق المحتل من الصحراء الغربية وفتح صفحاتها للأقلام الصحراوية لإبراز مكانتها وعرض إنتاجها.