| 
				 A7mad matar 
 
			
			البحث عن الذات.....احمد مطر
 
 ايها العصفور الجميل أريد أن أصدح بالغناء مثلك، وأن أتنقّل بحرية مثلك.
 قال العصفور:
 -لكي تفعل كل هذا، ينبغي أن تكون عصفوراً مثلي..
 أأنت عصفور ؟
 - لا أدري..ما رأيك أنت ؟
 -إني أراك مخلوقاً مختلفاً , حاول أن تغني وأن تتنقل على طريقة جنسك .
 - وما هو جنسي ؟
 - إذا كنت لا تعرف ما جنسك ، فأنت، بلا ريب، حمار .
 
 
 - أيها الحمار الطيب..أريد أن انهق بحرية مثلك، وأن أتنقّل دون هوية أو جواز سفر، مثلك .
 قال الحمار :
 - لكي تفعل هذا..يجب أن تكون حماراً مثلي .
 هل أنت حمار ؟
 - ماذا تعتقد ؟
 - قل عني حماراً يا ولدي، لكن صدّقني..هيئتك لا تدلُّ على أنك حمار .
 - فماذا أكون ؟
 - إذا كنت لا تعرف ماذا تكون..فأنت أكثر حموريّةً مني ! لعلك بغل .
 
 
 - أيها البغل الصنديد..أريد أن أكون قوياً مثلك،لكي أستطيع أن أتحمّل كل هذا القهر، وأريد أن أكون بليداً مثلك،
 لكي لا أتألم ممّا أراه في هذا الوطن .
 قال البغل :
 - كُـنْ..مَن يمنعك ؟
 - تمنعني ذلَّتي وشدّة طاعتي .
 - إذن أنت لست بغلاً .
 - وماذا أكون ؟
 - أعتقد أنك كلب .
 
 
 - أيها الكلب الهُمام..أريد أن اطلق عقيرتي بالنباح مثلك، وأن اعقر مَن يُغضبني مثلك .
 - هل أنت كلب ؟
 - لا أدري..طول عمري أسمع المسؤولين ينادونني بهذا الاسم، لكنني لا أستطيع النباح أو العقر .
 - لماذا لا تستطيع ؟
 - لا أملك الشجاعة لذلك..إنهم هم الذين يبادرون إلى عقري دائماً .
 - ما دمت لا تملك الشجاعة فأنت لست كلباً .
 - إذَن فماذا أكون ؟
 - هذا ليس شغلي..إعرف نفسك بنفسك..قم وابحث عن ذاتك .
 - بحثت كثيراً دون جدوى .
 - ما دمتَ تافهاً إلى هذا الحد
 ..فلا بُدَّ أنك من جنس زَبَد البحر .
 
 
 - أيُّها البحر العظيم..إنني تافه إلى هذا الحد..إنفِني من هذه الأرض أيها البحر العظيم .
 إحملني فوق ظهرك واقذفني بعيداً كما تقذف الزَّبَد .
 قال البحر :
 - أأنت زَبَد ؟
 - لا أدري..ماذا تعتقد ؟
 - لحظةً واحدة..دعني أبسط موجتي لكي أستطيع أن أراك في مرآتها..
 هـه..حسناً، أدنُ قليلاً . ..أوووه..اللعنة..أنت مواطن عربي !
 - وما العمل ؟
 - تسألني ما العمل ؟! أنت إذن مواطن عربي جداً . بصراحة..لو كنت مكانك لانتحرت .
 - إبلعني، إذن، أيها البحر العظيم .
 - آسف..لا أستطيع هضم مواطن مثلك .
 - كيف أنتحر إذن ؟
 - أسهل طريقة هي أن تضع إصبعك في مجرى الكهرباء .
 - ليس في بيتي كهرباء .
 - ألقِ بنفسك من فوق بيتك .
 - وهل أموت إذا ألقيت بنفسي من فوق الرصيف ؟!
 - مشرَّد إلى هذه الدرجة ؟! لماذا لا تشنق نفسك ؟
 - ومن يعطيني ثمن الحبل ؟
 - لا تملك حتى حبلاً ؟ أخنق نفسك بثيابك .
 - ألا تراني عارياً أيها البحر العظيم ؟!
 - إسمع..لم تبقَ إلاّ طريقة واحدة ...إنها طريقة مجانية وسهلة، لكنها ستجعل انتحارك مُدويّاً .
 - أرجوك أيها البحر العظيم..قل لي بسرعة..ماهي هذه الطريقة ؟
 
 - إبقَ حَيّـاً !
 
 أحمد مطر
 
 __._,_.___
 |