التراب فى الإسلام
التراب فى الإسلام
التراب فى القرآن:
خلق الإنسان من التراب:
خاطب الله الناس وهم الخلق مبينا لهم إنهم إن كانوا فى ريب من البعث والمراد إن كانوا فى تكذيب للقيام بعد الموت فإنه قد خلقهم من تراب والمراد أنشأهم من طين مصداق لقوله بسورة الأنعام"خلقكم من طين "والتراب هو الصعيد الذى تحول إلى طعام أكله الناس فتحول إلى نطفة أى جزء من المنى فى أجسامهم ولما استقر منى الرجل مع منى المرأة فى رحمها تحولا إلى علقة أى قطعة من المنى الملتف حول نفسه مرفوعة فى وسط الرحم وبعد ذلك تحولت القطعة المرفوعة إلى مضغة مخلقة وغير مخلقة والمراد إلى لحم متغير وغير متغير فاللحم المتغير هو الذى يتحول بعد إلى ذلك لعظام يغطيها اللحم غير المتغير مصداق لقوله بسورة المؤمنون"فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما "وهذه الحقائق ليبين أى ليظهر الله للناس قدرته على البعث ،وبعد ذلك يقر الله فى الأرحام ما يشاء إلى أجل مسمى والمراد يخلق الله فى البطون الذى يريد سواء ذكر أو أنثى إلى موعد معلوم له وحده ،وبين الله للناس أنه من بعد مراحل الخلق السابقة يخرجهم طفلا والمراد يخلقهم وليدا والمراد يخلق كل واحد منهم مولودا يعيش ليبلغوا أشدهم أى ليصلوا قوتهم والمراد ليصلوا لسن الشباب ومنهم من يتوفى أى يموت قبل وصوله لسن القوة ومنهم من يرد إلى أرذل العمر أى ومنهم من يعود إلى أسوأ الحياة وهذا يعنى أن منهم من يصل لأسوأ مراحل الشيخوخة وفيها لا يعلم من بعد علم شيئا أى وفيها لا يعرف من بعد معرفة أمرا وهذا يعنى أنه يصاب بالنسيان التام لكل شىء وفى المعنى قال تعالى:
"يا أيها الناس إن كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر فى الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا لا يعلم بعد علم شيئا "
وبين الله للناس أن من آياته وهى البراهين الدالة على وجوب عبادته وحده أنه خلق الناس من تراب أى فتات من الط\طين مصداق لقوله بسورة الأنعام"هو الذى خلقكم من طين "فإذا أنتم بشر تنتشرون والمراد فإذا أنتم ناس تخرجون للحياة وفى المعنى قال تعالى:
"ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون "
وبين الله للناس أن الله خلقهم من تراب والمراد أن الرب أبدعهم من طين مصداق لقوله بسورة الأنعام"هو الذى خلقكم من طين"ثم من نطفة أى جزء يسير من المنى ثم جعلكم أزواجا أى ثم خلقكم أفرادا أى ناسا
وفى المعنى قال تعالى:
"والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا "
وبين الله للناس على لسان النبى(ص) أنه هو الذى خلقهم أى أبدعهم من تراب مبلل وهو الطين مصداق لقوله بسورة الأنعام "هو الذى خلقكم من طين "وهذا الطين تحول لطعام أكله الأبوان فتحول إلى نطفة أى جزء يسير من المنى الذى يفرز عند الجماع ثم تحول الجزء اليسير وهو الحيوان المنوى والبويضة كما يسمونهم الآن إلى علقة أى قطعة لحم كاللحم الممضوغ وبعد ذلك يخرجكم طفلا أى يخلقكم وليدا ينمو ثم لتبلغوا أشدكم والمراد ثم لتصلوا قوتكم وهو شبابكم ثم لتكونوا شيوخا أى ثم لتصبحوا بعد ذلك عجائز ومنكم من يتوفى أى يموت من قبل فى أى مرحلة من المراحل السابقة وبعد ذلك لتبلغوا أجلا مسمى أى لتعيشوا عمرا محددا تموتون بعده والسبب فى خلقكم هو أن تعقلوا أى تطيعوا حكم الله وفى المعنى قال تعالى:
"هو الذى خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون "
الماء الدافق يخرج من بين الصلب والترائب :
وطلب الله من الإنسان وهو الفرد أن ينظر مما خلق والمراد أن يعرف من أى شىء أنشأه الله،ويعرفه الله المطلوب فيقول خلق من ماء دافق أى أنشأ من ماء مدفوع أى مهين مصداق لقوله بسورة المرسلات"ألم نخلقكم من ماء مهين "وهذا الماء يخرج من بين الصلب أى وسط الصلب وهو نفسه الترائب لأنه قال بسورة النساء"وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم "فهنا مخلوق من الأصلاب وحدها وهذا يعنى أن المصدر واحد فقط وهو ثقب القضيب وثقب المهبل الذى يتدفق منهما الماء المهين عند الجماع وسمى العضو بالصلب لأن القضيب والمهبل يكونان فى حالة ليونة عادة وعند الجماع يتضخمان ويصبحان فى حالة صلابة والصلابة تعنى أنهما جامدان وليس لينان وبين للنبى (ص) أنه على رجعه لقادر والمراد أنه على إحيائه لفاعل مصداق لقوله بسورة القيامة "أليس بقادر على أن يحيى الموتى "يوم تبلى السرائر والمراد يوم تكشف الخفايا وهى الأعمال وبين له أن الكافر ليس له قوة أى عزة تحميه وليس له ناصر أى حامى من عذاب الله وفى المعنى قال تعالى:
فلينظر الإنسان مما خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر فما له من قوة ولا ناصر "
إنكار الخلق الجديد من تراب :
خاطب الله ق وهو نبيه (ص)مقسما بالقرآن المجيد والمراد والكتاب العظيم أن الناس عجبوا أن جاءهم منذر منهم والمراد أن الناس استغربوا أن أتاهم مبلغ أى مخبر منهم فقال الكافرون وهم المكذبون بحكم الله :هذا شىء عجيب والمراد هذا أمر غريب وهو إأذا متنا أى توفينا وكنا ترابا أى وأصبحنا فتاتا ذلك رجع بعيد أى البعث عود مستحيل وهذا يعنى أنهم يستغربون من البعث ويظنونه أمرا مستحيلا وفى المعنى قال تعالى:
"ق والقرآن المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شىء عجيب إأذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد "
وبين الله لنبيه (ص)أن أهل الشمال كانوا يقولون فى الدنيا :أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون والمراد هل إذا هلكنا وكنا غبارا وعظاما مفتتة هل إنا عائدون للحياة مرة أخرى أو آباؤنا السابقون؟وهذا يعنى أنهم يكذبون بالبعث ،وطلب الله من نبيه (ص) أن يقول للكفار:إن الأولين وهم السابقين فى الزمن والأخرين وهم المتأخرين فى الزمن لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم والمراد لمبعوثون فى موعد يوم معروف لله وحده وفى المعنى قال تعالى:
"وكانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون قل إن الأولين والأخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم "
وبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما والمراد هل إذا توفينا وكنا فتاتا وعظاما أو آباؤنا الأولون وهم السابقون ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا تكذيبهم بالبعث ويطلب الله من نبيه (ص)أن يجيب على سؤالهم نعم وأنتم داخرون أى مبعوثون أى راجعون للحياة ويقول الله له فإنما هى زجرة واحدة أى نفخة واحدة أى "إن كانت إلا صيحة واحدة "كما قال بسورة يس فإذا هم ينظرون أى يخرجون أحياء وقالوا يا ويلنا أى يا عذابنا هذا يوم الدين والمراد هذا يوم الحساب أى البعث مصداق لقوله بسورة الروم"هذا يوم البعث أى"إن هذا يوم الفصل أى الحكم بالجنة أو النار الذى كنتم به تكذبون أى الذى كنتم به تكفرون فى الدنيا وفى المعنى قال تعالى:
"أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أو أباؤنا الأولون قل نعم وأنتم داخرون فإنما هى زجرة واحدة فإذا هم ينظرون "
وبين الله الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا :أإذا كنا ترابا وآباؤنا أإنا لمخرجون والمراد هل إذا كنا فتاتا وآباؤنا هل إنا مبعوثون للحياة مرة أخرى مصداق لقوله بسورة المؤمنون "أإنا لمبعوثون"لقد وعدنا أى أخبرنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين أى تخاريف السابقين والمراد أكاذيب السابقين وفى المعنى قال تعالى:
"وقال الذين كفروا أإذا كنا ترابا وأباؤنا أإنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين "
وبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا مثل ما قال الأولون والمراد تحدثوا بشبه ما تحدث الكفار السابقون حيث قالوا أإذا متنا أى هلكنا وكنا ترابا أى رفاتا أى فتاتا وعظاما مصداق لقوله بسورة الإسراء "أإذا كنا عظاما ورفاتا "أإنا لمبعوثون أى لعائدون للحياة أى مخرجون مصداق لقوله بسورة النمل "أإذا كنا ترابا وآباؤنا أإنا لمخرجون "لقد وعدنا أى أخبرنا نحن وآباؤنا هذا من قبل – وهذا يعنى أن الرسل السابقين أخبروا آبائهم بنفس القول- إن هذا إلا أساطير الأولين وهى خلق أى أكاذيب السابقين مصداق لقوله بسورة الشعراء"إن هذا إلا خلق الأولين "وهذا يعنى أنهم يكذبون بالبعث ويعتبرونه كذب وفى المعنى قال تعالى:
"بل قالوا مثل ما قال الأولون قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين "وبين الله للنبى(ص) أن السادة سألوا الضعاف :أيعدكم أنكم إذا متم والمراد هل يخبركم أنكم إذا توفيتم وكنتم ترابا وعظاما أى رفاتا وفتاتا مصداق لقوله بسورة الإسراء "أإذا كنا عظاما ورفاتا "أنكم مخرجون أى أنكم مبعوثون للحياة مصداق لقوله بسورة الإسراء "أإنا لمبعوثون "هيهات هيهات والمراد مستحيل مستحيل ما توعدون أى تخبرون وهذا يعنى أنهم يطلبون منهم التكذيب بالبعث دون أى حجة أو برهان وهو ما يعنى أن يطيعوا كلامهم مع أنهم ناس مثل الرسول الذى نهوهم عن طاعته وقالوا للضعاف إن هى إلا حياتنا الدنيا أى معيشتنا الأولى والمراد ليس لنا سوى حياة واحدة هى حياتنا فى الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر والمراد نتوفى ونعيش فى الدنيا وما نحن براجعين للحياة مرة أخرى والسبب فى موتنا أى دمارنا هو عوامل الزمن وهذا يعنى أنهم يقولون أنهم يعيشون ثم يموتون وبعد ذلك ليس هناك حياة أخرى بعد الموت وفى المعنى قال تعالى:
"أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون هيهات هيهات لما توعدون إن هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر "
|