في الظلمات.. كم يمكرون...
اتخذوا من الظلمات أوكارا لممارسة طقوسهم الشيطانية، يتخفون وراء حجاب الدين والحكمة، ويزرعون بذور الشر والحقد في تربة الجهل الخصبة، فيفرقون بين المرء وزوجه وبين الأخ وأخيه وكم يمكرون... والله خير الماكرين.
يقصدونهم من كل فج عميق، ويفرغون ما حَوَت جعبة مشاكلهم بين أيديهم (الأمينة)، راجين من وراء ذلك السعادة والخروج من دوامة الشجن والقنوط التي يعشون فيها، متجاهلين كون السحرة أتعس خلق الله وأشقاهم، ولو كان بأيديهم مفاتيح السعادة- كما يزعمون- لما ترددوا في السبق بفتحها لأنفسهم...
قد يكون غياب الوازع الديني وقلة الوعي الاجتماعي والمتابعة القضائية من أهم ما ساعد هذه الظاهرة على الانتشار، والمادة المسرعة لعملية تفاعلها في أدمغة السذج والجهلة من الناس، وان كان السحر وسيلة فما الغاية منه؟
غالبا ما يلجأ الضعفاء من الناس، القانطين من رحمة ربهم إلى مماليك الشيطان، هناك يُرحب بهم خير ترحاب كونهم غنيمة لا يستهان بها وكنز يذر بالعطاء المستمر على من يستغلون سذاجتهم لمآرب مادية ولنشر الضلالة بين الأنام.
أكثر ما يساعد السحرة في اصطياد السذج، تعاونهم مع الشياطين من يتسللون إلى مضاجع الناس فيفضحون أكثر الأمور شخصية، الأمر الذي يلفت انتباه قاصد السحرة فيتوقع منهم النفع، هم من لا ينفعون بسحرهم حتى أنفسهم، ضف إلى ذلك خبرة الساحر في هموم الناس المتكررة : فهذا يطمح إلى منصب، والأخرى إلى النيل من قلب رجل، والآخر إلى النجاح في دراسته أو إبطال مفعول سحر قديم، وغالبا ما تكون الدوافع انتقامية نابعة من نفس خبيثة تتخبط في نيران الحقد والضغينة فيساعدها الساحر في أذية خصومها في أنفسهم ومالهم وأهلهم .
تذرك النخبة المثقفة في مجتمعنا أنه لا يفلح الساحر حيث أتى، رغم ذلك نلحظ توجهها إلى عبدة الشيطان لقضاء حاجات دنيوية، الأمر الذي يؤكد أن الجهل لم يعد السبب الذي يدفع الناس لطلب النفع من السحرة فما السبب يا ترى؟
من الأسباب الغير مباشرة، الانتشار الرهيب لظاهرة البطالة وظاهرة العنوسة وتردي الأوضاع الاقتصادية للناس، بحيث نشهد -في الأعوام الأخيرة- انقراض الطبقة المتوسطة في المجتمع الجزائري، وظهور شريحة من الشباب لا تعرف معنى القناعة ولا الصبر، تقودها الرغبة الجامحة في العيش الرغد فتستعمل شتى الوسائل للوصول بقاطرة الأغنياء ولو على حساب سعادة الناس وصحتهم.
أما عن السبب المباشر، فهو تجاهل الناس -وليس جهلهم- بأحكام الشريعة الإسلامية، والابتعاد عن الذكر وقراءة القرآن الذي جعل الله فيه للبشر شفاءا من كل داء، بالإضافة إلى قلة للوعي بمخاطر الوقوع في هذا المحرم الكفري وحد السحرة ..
من أهم أعراض السحر هو الصداع الدائم بدون سبب طبي، وهو علامة مشتركة بين السحر، المس والعين وكذا الضيق في التنفس إضافة إلى أخرى على الصعيد النفسي كحب العزلة والخوف الشديد بدون سبب طبيعي ورؤية الكوابيس المتكررة التي غالبا ما تؤدي إلى الأرق خوفا من النوم، كما أن المسحور يتحاشى قراءة القرآن أو حتى سماعه وقد يشعر غالبا بالتنميل وقشعريرة في بدنه عندما يسمعه، هذا ما يترجم صدودا عن ذكر الله والصلاة وحتى عن ممارسة الحياة .
أما عن أنواع السحر، فهناك سحر التفريق بين الزوج وزوجته أو الأخوة ، سحر المحبة، سحر التخيل الذي يدفع بالمرء إلى تخيل أشياء لم تحدث، سحر تعطيل الزواج، سحر التعقيم، سحر الجنون وغيرها مما يستعمله السحرة إرضاء لزبائنهم
ليس كل من يقصد السحرة له دافع انتقامي، أو لتحقيق مأرب من مآرب الدنيا، فهناك من وقع ضحية لأعمال السحرة ذاتهم فيقصدهم من جديد لطلب الشفاء، وما جعل الله دواء المسلم فيما حرم عليه، بالموازاة ، ظهرت طريقة أخرى يدَّعي ممارسوها أنها شرعية فيُشهدون كلمات الرحمن على تجاوز لا يقل أهمية عن السحر..
متاجر تعج بالطوابير منذ الساعات الأولى من اليوم، إنها لا تبيع قمحا ولا شعيرا بل كلمات الله بثمن زهيد، لا ضوابط تحكمها ولا قانون يردعها، بل تعدت المتاجر إلى قنوات فضائية ترقي الناس على المباشر، السؤال هل هذه التجارة المربحة حقا رقية شرعية؟!!!
وسط كل هذه المعطيات المتناقضة، وفي زمن كثرت فيه الفتن ما ظهر منها وما بطن، يجدر بالمسلم أن يحصن نفسه بالذكر وقراءة القرآن والتوكل على الله في كسب رزقه، مع الإدراك يقينا أنه لا نافع إلا الله ولو اجتمع الجن والإنس على أن يضروه ما هم بفاعلين إلا بإذن الله، ولمن ابتلاه الله بضر، فالرقية الشرعية ناجعة إذا ما كانت تحكمها ضوابط شرعية وبدون مقابل مادي ، وقد يكون الضر عضويا تمكن العلم من اكتشاف دواء له، فلا حاجة للمرء أن يتسرع في قصد السحرة طلبا للشفاء، انه لا يجتمع الخير والشر في قلب واحد ...
__________________
فانفذوا...........لا تنفذون الا بسلطان
|