قراءة في كتاب الآثار وفتوى الفوزان
قراءة في كتاب الآثار وفتوى الفوزان
المؤلف هو عبد الرحمن اليحيا والكتاب الذى سماه صاحبه مذكرة كانت ردا على من عقبوا على فتوى الفوزان في الآثار وكذلك فتوى البراك وفى هذا قال في المقدمة:
"وهذه المذكرة كتبتها تعقيبا على من عقب على فتوى الشيخ الفوزان في جريدة الوطن وقد نزل ردي عليهم في صفحة الردود في حينها حينما تبنى مجموعة من الكتاب الرد على الشيخ وايضا تعقيبا على فتوى الشيخ البراك في مسجد البيعة "
وقد استهل الكتاب بمقولة لكارل ماركس عن انسياق النخب المثقفة وراء اليهود فقال :
"ومما يحسن ذكره ذكر كلام كارل ماركس في كتابه الظفر بالجماهير (ان في عقيدتي ان المنساقين في التيارات المضادة لمصالح امتهم وبلادهم لتحقيق مصالح اليهود اناس انانيون جاهلون مضللون يتوهمون انهم يعملون الخير لأمتهم وهم في الحقيقة مخدوعون بالشعارات المبهرجة ولن يكون جزاؤهم الا مثل جزاء سنمار) الا فليعلم المضللون ان من الخير لهم ان يتبصروا بالحقائق وان يدفعوا عن انفسهم الاوهام وان يسيروا في طريق النور حتى يهتدوا الى اشرف الغايات ويظفروا بالغاية الحسنى فنصيحتي للنخب المثقفة ان يسيروا في طريق النور ولا يحملوا اضاليل الكفار بغباء ويظنونها خير وهي شر ودمار ولقد علموا وايقنوا بان كل ما نقضوه من فتاوى العلماء انها فتاوى صحيحة وثابتة ولكن ليخلطوا امر الناس ويزعزعوا عقائدهم ويشوشوا افكارهم"
وحدقنا عن بداية علم الآثار في للاد المنطقة فحدثنا عما فعلته حملة نابليون في مصر فقال :
"نشأة علم الآثار :
في عام 1798جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر بقيادة نابليون وكان في صحبة الحملة البعثة العلمية المتخصصة في تنقيب الآثار ورغم ذهاب الحملة التي استقدمت معها البعثة الا ان مآثر البعثة العلمية بقيت تواصل عملها في صعيد مصر وبقي معهد الآثار الفرعونية الذي أنشأه نابليون في حي المنيرة بالقاهرة قائما مكانه الى هذه اللحظة"
ثم تعرض لسبب إنشاء الكفار لهذا العلم في بلادنا وهو ٌارة النعرات القومية فقال :
"الغرض من احياء الآثار الفرعونية وغيرها من الآثار :
ان الرحلات العلمية المغلفة بطلب العلم والتي قام بها النصارى من القرن السادس عشر ميلادي لها مخطط خبيث حمله الصليبيون معهم وهم يجوسون خلال الديار الاسلامية لقد كانت هذه الآثار الفرعونية موجودة منذ الوف السنين وفيها معابد وهياكل ضخمة يزورها من يزور مصر ويعتبرها من عجائب الماضي السحيق ويعود الى بلاده ليصفها لمن لم يراها اما المسلمون من اهل مصر فقد كانوا يرونها دون شك ويعجبون من دقائق صنعها ولكنها في حسهم اصنام وأوثان تركها قوم غابرون انقطعت الصلة بينهم وبينهم لكون هؤلاء مسلمين وأولئك كفرة عبدة أوثان وهكذا كان الحال في كل مكان في العالم الاسلامي توجد فيه آثار من بقايا عبدة الأوثان الذين سكنوا الارض قبل مجيء الاسلام سواء في الجزيرة العربية او بلاد الشام او العراق او غيرها من البلاد فهذه الآثار وأماكن عبدة الأوثان لا تثير فيهم الا عبرة التاريخ
حتى جاء الصليبيون ومعهم البعثات العلمية لنبش الآثار وكان الغرض منها ليس الاستكشافات العلمية وانما نبش الارض الاسلامية لاستخراج حضارات ما قبل التاريخ الاسلامي لذبذبة ولاء المسلمين بين الاسلام وبين تلك الحضارات تمهيدا لاقتلاعهم نهائيا من الولاء للإسلام وهذا كله هو الهدف من البعثة العلمية التي جاء بها نابليون معه الى مصر بخلاف ما يعتقده المثقفون السذج الذين يرون أن أهداف الحملة العلمية بحتة"
واستشهد اليحيا على صحة ما ذهب إليه من تعدد الولاءات بقول أحدهم في كتاب له وهو:
"فقد شهد شاهد منهم ففي كتاب الشرق الادنى مجتمعه وثقافته (يقول اننا في كل بلد اسلامي دخلناه نبشنا الارض لنستخرج حضارات ما قبل الاسلام ولسنا نطمع بطبيعة الحال ان يرتد المسلم عن عقائد ما قبل الاسلام ولكن يكفينا تذبذب ولائه بين الاسلام وحضارات ما قبل الاسلام
فالغرض من الآثار الفرعونية آثار ة النعرات الفرعونية حتى اذا انتسبوا ينتسبون لها ويفتخرون بها حتى قال حافظ ابراهيم
اننا مصري بناني من بنى ... هرم الدهر الذي اعيا الفنا
ولما قلت هذا البيت اعترض علي رجل فقال يا اخي اتق الله حافظ ابراهيم رجل طيب فقلت له بيت الشعر هو الذي قاله ولست انا الذي قلته وقس عليها في شعارات البلد في الرياضة والطوابع وغيرها من الافتخارات مع ان المسلمين الاوائل كانت لا تثير فيها الا عبرة التاريخ لكن بعد حملة الآثار تغير الوضع بدأ أناس جهلة يفتخرون بها وينتسبون اليها مع ان الدين قد فرق بيننا وبينهم هم عبدة أوثان ونحن مسلمون وفي الحديث عند البخاري في الأدب المفرد: {من افتخر بتسعة آباء من الكفار فهو عاشرهم في النار} قال تعالى: "تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون "
والرواية التى استشهد بها باطلة فالفخر بأى أب كافر هو كفر وعلى حد القول من افتخر فليفتخر بالله
وتحدث عن انقسام الآثار لنوعين فقال :
"الآثار نوعان:-
منها ما هو قبل الاسلام وسبق بيان الهدف من احياءها
ومنها ما هو اسلامي مما دفع بعض المتأخرين الى الشخوص الى الآثار والمواضع والغلو فيها وبناء ما اندثر منها وتكلف الطلوع والنزول وفي المقابل تجد الرجل منهم يضيع السنن الواجبة بل والامور التي هي من اصل الدين وأساسه ثم يطالب الناس ويحثهم بتتبع هذه الآثار ويغالي فيها ويشنع على من ترك زيارة هذه الآثار التي ليست من الدين ولا حتى من المستحبات بل رأينا من يجادل ويناظر ويناقش في مثل هذه المسائل بدعوى احياء التراث والقسم الاخر بدعوى التبرك بها"
وفى دين الله لا يوجد ما يسمى آثار إسلامية فما يطلق عليه آثار كالمساجد والمقابر والأسبلة وما شاكلها هى مؤسسات تقوم بأدوار في المجتمع فالمساجد للصلاة والمقابر للدفن والأسبلة كانت لسقى الناس الماء ويمكن استغلالها حاليا في أى منفعة تفيد المسلمين لأن ترك اى مبنى بلا وظيفة نافعة هو من باب قوله تعالى:
" ولا تبذر تبذيرا"
وتحدث اليحيا هم حكاية التبرك بالأماكن التاريخية فقال :
"ومما يحسن ذكره في هذا الباب ذكر ردي على الكاتب في جريدة الوطن حينما ذكران التبرك مشروعا بذات النبي (ص)وبقبرة ومقبرة حواء وغار ثور وجبل الرحمة وجبل النور وقرر ذلك واستدل باحاديث ليست في محل النزاع وقدم واخر واصل وقعد بغير زمام ولا خطام فقلت له هذا الرد
والتبرك ينقسم الى قسمين
الاول التبرك المشروع كالتبرك بذاته (ص)فيجوز لنا ان تبرك بريقة وعرقه وشعره ولباسه وضوئه وبجسده يقول الشيخ ابن باز (ولا يجوز التبرك بأحد غير النبي (ص)ان هذا خاص به لما جعل الله في جسده وما مسه من الخير والبركة ولم يتبرك الصحابة بأحد منهم لا حيا ولا ميتا) ولو قدر لأحدنا ان يجد شيئا منها لأحتفظ به وتبرك به وهو امر مشروع
والثاني التبرك الغير مشروع كالتبرك بقبره والتمسح به او الاستغاثة بغير الله عند قبره او قصد الصلاة عند قبره للتبرك فهذا تبرك محرم وغير مشروع وصاحبه آثم ولوشرع لنا ان نتبرك بقبره لتبركنا به ولكن لم يشرع لنا لان الله جعل الانبياء وسائط بين الله وخلقه في امره ونهيه ووعيده ووعده وخبره فعلينا ان نصدقهم ونطيعهم فعلى سبيل المثال لو ان رجلا جاء وقال انا نذرت ان اذبح ابني تقربا لله لقلنا له هذا تقرب غير مشروع وانت أثم لان الله حرمه ولم يأمربه فان قال نبي الله ابراهيم أمر بذبح ابنه لقلنا له نعم أمر براهيم بذلك ولكن لم نؤمر به
وعليه فالكاتب خلط في ادلته بين المشروع وغير المشروع ومن هذا المنطلق نود ان نبين حقيقة الأمر ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة تعالوا لنبين ما ذكر من حق ومن باطل ونرد الأمر الى نصابه
اما قول الكاتب انه يجوز الصلاة عند الآثار النبوية كجبل الرحمة وحراء وموقع المولد لأنه من باب التبرك فهو جائز والجواب عليه ان شجرة بيعة الرضوان التي بايع رسول الله صحابته تحتها وذكرها الله في كتابه فقال (اذ يبايعونك تحت الشجرة) فهي من أكبر الآثار ومع ذلك قطعها عمر لما رأى الناس يتبركون بهذا المكان وبهذه الشجرة وقال من ادركته الصلاة فليصلي حيث ادركته وقطعها قطعا لمادة الشرك
اما قول الكاتب ان الصلاة ليست الزامية بالمساجد واستدل بحديث (وجعلت لي الارض مسجد وطهورا) هذا الحديث المراد به انه في حالة تعذر المساجد فإن الرجل يصلي في أي مكان بخلاف النصارى لا يصلون الا في الكنائس وكذلك اذا فقد الماء وتعذر عليه يجوز له أن يتيمم وليس معنى الحديث ان الصلاة ليست الزامية بالمساجد كما فسرها الكاتب ولبس على لناس في ذلك
اما وقوفة (ص)خلف الصخرات في عرفة فهذه عبادة ليست مقصودة انما حصلت اتفاقا ولذا قال وقفت هاهنا وكل عرفة موقف اما تقبيل الحجر الاسود فهي عبادة مقصودة عند الاستطاعة وليست اتفاقا
اما صعوده الى غار ثور قبل البعثة فلم يفعله بعد نزول الوحى عليه ولم يأمر بصعوده فمن صعده من أجل التقرب والصلاة عنده والدعاء هنالك فهذا العمل محرم وبدعة ومن صعده للفرجة والنزهة فلا شيء عليه"
والتبرك المزعوم كله محرم فلا يجوز التبرك بأحد حتى بالنبى محمد(ص) أو غيره وابن باز مخطىء في التبرك بمحمد(ص) وحده لأنه لو أعمل النص " لا نفرق بين أحد من رسله" لوجب أن يتبرك بكل الرسل(ص)
|