قراءة فى كتاب النظام من الإيمان
قراءة فى كتاب النظام من الإيمان
الكتاب من إصدار جمعية المعارف الاسلامية الثقافية وهى جمعية مكانها البحرين وقد استهلت الجمعية الكتاب بتعريف النظام العام فقالت:
" ما هو النظام العام؟
النظام هو العادة أو الطريقة، وعندما نضيف إلى هذه الكلمة مفردة أخرى فنضيف (العام)، فإن المراد هو الطريقة المتبعة في مجتمع ما أو بلد ما بهدف تنظيم أمور هذه الدولة وهذا المجتمع.
ولو أضفنا إلى ذلك مفردة أخرى فقلنا (حفظ النظام العام) فإن المراد من ذلك هو: إدارة شؤون المجتمع بنحو تنتظم علاقاته الداخلية بنحو لا يقع في الفوضى، نتيجة عدم الالتزام بما تلزمنا به هذه العلاقات من أحكام.
وإذا أضفنا كلمة (تطبيق النظام العام) فإن المراد الالتزام العملي في حياتنا اليومية بهذا النظام المطلوب، بنحو لا نقع في الفوضى بسبب عدم تطبيقه، من تعد على حقوق الآخرين، أو هدر مصالحهم، أو إيصال الأذى إليهم في أي جانب من الجوانب.
إذا، النظام العام هو عبارة عن القواعد التي ترمي إلى تحقيق المصلحة العامة للمجتمع، فتشمل الأمور الاجتماعية، والاقتصادية وغيرها مما يتعلق بحياة الناس المادية والمعنوية."
بالقطع النظام العام تسمية مستحدثة أريد منها صرف الناس عن التسمية الإلهية وهى الحكم بما أنزل الله فحكم الله هو من ينظم سائر ألأمور فى حياتنا
وقد تحدثت الجمعية عن فوائد حفظ النظام العام فقالت:
"ـ أهمية حفظ النظام العام
إن الحفاظ على النظام العام من الأمور التي لا ينبغي أن يختلف في أهميته اثنان، لكن لا بأس بالإشارة إلى ذلك، ليكون دافعا وحافزا للعمل به، والالتزام بتطبيق قوانينه، ومنبها لتحصيل نية القربى عند امتثال مفرداته، لما في ذلك من النفع في الدنيا، والأجر والثواب في الآخرة."
وأهمية الحكم بما أنزل الله هى الحصول على ثوابى الدنيا والآخرة كما قال تعالى :
"فأتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين"
وحاول القوم الاستدلال على الأهمية بالعقل فقالوا:
"1 ـ العقل والعقلاء
إن مسألة حفظ النظام هي من الأمور العقلية التي يدركها الإنسان بفطرته، لأنه يرى فيها حفظ مصالحه التي تتوقف عليها حياته، ويحتاج إليها في معاشه.
كما أن العقلاء متفقون على أن حفظ النظام ضروري، لنفس السبب المتقدم، من حفظ مصالح الناس، فلا نجد مجتمعا من الناس مهما كان صغيرا، إلا ويرى ضرورة ذلك، بل ويوجهون لومهم لكل من يخالف النظام العام، ويسبب الفوضى في هذه المجتمعات.
ويشهد على ذلك وجدان كل إنسان منا، فإنه يشعر بالانزعاج وعدم الرضا من مظاهر الإخلال بالنظام العام، لا سيما عندما يرتبط ذلك بأموره الشخصية، وبالأخص عندما تصدر من إنسان مسلم، يعيش معه ويشاركه في العقيدة والإيمان، وهو المتوقع منه أن يكون القدوة في تطبيق تعاليم الإسلام التي ليست هي إلا نظاما عاما لصلاح البشرية جمعاء."
والعقل بالقطع لا يستدل به على أهمية النظام نظرا لاختلاف الناس فى ماهية العقل عندهم فقد يرى قوم أن العقل يرى أن من النظام تحريم تناول المخدرات ويرى أخرون أن من النظام تحليلها وقد يرى قوم أن العقل تحريم المثلية الجنسية ويرى قوم أن العقل تحليلها
كمثال كان نت النظام العام فى هولانده منذ عقود تحريم المخدرات والآن من النظام العام تحليلها وكمثال كان من النظام العام فى بريطانيا تحريم المثلية حتى أنهم عاقبوا أحد ابطالهم آلان تورنج الذى فك شفرة القوات ألألمانية فى الحرب العالمية الثانية على ممارساته للمثلية بالعلاج الكيماوى والآن النظام العام فيها يبيح المثلية
وحاولوا الاستشهاد بالحديث عن تعاليم الدين فقالوا:
"2 ـ التعاليم الدينية وحفظ النظام
أـ الهدف من بعثة الأنبياء
لقد اهتم الدين الإسلامي بكل ناحية من نواحي الحياة الإنسانية بالقدر اللازم من الاهتمام، وعلى هذا الأساس بذل بالنسبة إلى صيانة حقوق الإنسان وحفظ النظام العام الأهمية البالغة لهذه الناحية من حياة الإنسان، فشرع لها القوانين الحقوقية الثابتة، وحدد علاقة الإنسان وما يجب له، وما يجب عليه تجاه الآخرين، ونظم صلة الفرد بالمجتمع، وحدود المسؤوليات الفردية والاجتماعية، إلى غير ذلك من المسائل المتعلقة بهذا المجال من مجالات الحياة.
قال تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط} فالغرض من خلق الإنسان هو إيصاله عن اختيار إلى الكمال المعنوي، والفوز برضى الله عز وجل والقرب منه، وذلك لا يتحقق إلا بتنمية الروح الإنسانية المودعة فيه وفطرته السليمة التي خلق عليها، وتعديل الغرائز المختلفة الكائنة فيه، فأرسل الله سبحانه رسله بالبينات، وأنزل معهم الكتاب والحكمة والميزان لتحقيق هذا الغرض، وقال النبي (ص): "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، فجاء (ص): بتعاليم أخلاقية سامية، وعلم الكتاب والحكمة، ودعا إلى تهذيب النفوس، وأمر بالعدل والإحسان، ونهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، وقد نجح - إلى حد بعيد - في هذا المجال، فكان في نفس كل إنسان مسلم متأدب بآدابه، وازع داخلي يمنعه من الاقتراب من أموال الآخرين، والنيل من أعراضهم، والتعدي على حقوقهم
من أدوار الإمام
كذلك الإمامة فإن الله عز وجل جعل للناس أئمة من بعد النبي (ص)، ليحفظ بذلك نظامهم وحياتهم العامة، فقد ورد عن أمير المؤمنين في نهج البلاغة قوله: "فرض الله الإيمان تطهيرا من الشرك. . . والإمامة نظاما للأمة والطاعة تعظيما للإمامة"
وفي أصول الكافي عن الرضا في حديث طويل: "إن الإمامة زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين""
ونلاحظ هنا أن القوم حاولوا كالعادة إدخال المعتقد المذهبى وهو القائم على مقولة الإمام للحديث مستدلين على أن الإمامة هى النظام بذكر حديث عندهم وهو كلام باطل فالحكم هو شورة أى شركة بين المسلمين كما قال تعالى :
"وأمرهم شورى بينهم"
فكل المسلمين منفذين لحكم الله بالاشتراك مع بعضهم
وتحدثوا عن الاستخلاف فقالوا:
"ب ـ سنة الاستخلاف
يقول تعالى في كتابه العزيز: { ... هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها}
أي طلب إليكم أن تعمروها وبحسب تعبير العلامة الطباطبائي في تفسير الآية، أنه تعالى هو الذي أوجد على المواد الأرضية هذا الموجود المسمى بالإنسان، ثم كمله بالتربية شيئا فشيئا، وفطره على أن يتصرف في الأرض بتحويلها إلى حال ينتفع بها في حياته، أي فطره على أن يسعى في طلب إعمارها، فعمارة الأرض هي من فطرة الله في خلقه.
وعمارة الأرض تقتضي حمايتها، وحظر الإفساد فيها بتخريب عامرها، وتلويث طاهرها، وإهلاك أحيائها، وإتلاف طيباتها.
كما أن الإنسان أنيط به خلافة الأرض: { ... إني جاعل في الأرض خليفة ... }
ومعنى الاستخلاف هو أن الإنسان وصي على هذه البيئة (الأرض)، ومستخلف على إدارتها وإعمارها وأمين عليها، ومقتضى هذه الأمانة أن يتصرف فيما استخلف فيه تصرف الأمين عليها من حسن استغلالها وصيانتها والمحافظة عليها.
والدين من خلال اهتمامه بالإنسان، باعتباره محور هذا الوجود، وكل ما فيه مسخر لأجله، كان لا بد من أن ينعكس هذا الاهتمام على كل ما له علاقة به، ومن ضمنها الطبيعة التي هي المحور الآخر لعلاقة الإنسان بعد علاقته بأخيه الإنسان، وكل واحد من المحورين له تأثير في الآخر، كما ربما يظهر من الآية الكريمة: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس .... } "
وبالقطع الاستخلاف هو سنة سواء عند المسلمين أو الكفار وكما سبق القول هناك اختلاف بين البشر فى أحكام الاستخلاف فما يراه البعض أنه عمارة للأرض قد يراه أخرون تخريب بها مثل الربا والزنى محللين فى مجتمعات كثيرة
ثم تحدثوا عن تشويه صورة الإسلام فقالوا:
"3 ـ الإخلال بالنظام العام وتشويه صورة الإسلام
يترصد الغرب المسلمين، فهو لا يدع فرصة ينفذ من خلالها لتشويه صورة الإسلام إلا واستغلها، ومن الأمور التي يثيرها الغرب دائما ويعكس عن الإسلام صورة غير نقية هي، طريقة عيش المسلمين، فعندما يرى الفوضى سائدة في مجتمعاتهم يستغل ذلك ليتهم المسلمين بأنهم فوضويون، بل ولأجل أن يتهم الإسلام بالتقصير في هذا المجال، معتبرا ذلك سببا للنفور من هذا الدين القيم.
بينما نجد في المقابل الحث الأكيد للدين بشكل عام، وللأئمة من أهل البيت بشكل خاص لأتباعهم على أن يتجنبوا كل ما يكون سببا لتشنيع الأعداء عليهم، وباب التشنيع هذا يفتحه أتباع الأئمة عليهم السلام من خلال سلوكهم، ما يكون موجبا لنفور الناس منهم، ففي الرواية عن الإمام الكاظم : "عليكم بتقوى الله والورع والاجتهاد وأداء الأمانة وصدق الحديث، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد (ص)، صلوا في عشائركم، وصلوا أرحامكم، وعودوا مرضاكم، واحضروا جنائزكم، كونوا زينا ولا تكونوا شينا، حببونا إلى الناس، ولا تبغضونا، جروا إلينا كل مودة، وادفعوا عنا كل قبيح، وما قيل فينا من خير فنحن أهله، وما قيل فينا من شر فما نحن كذلك، والحمد لله رب العالمين"
|