نقد بحث أهداف الترويح والترفيه من منظور إسلامي
نقد بحث أهداف الترويح والترفيه من منظور إسلامي
المؤلف عبد العزيز الدغيثر وقد استهل البحث بذكر لأهداف مجملة فقال:
للترويح آثار إيجابية كثيرة منها: إشباع الحاجات الجسمية والاجتماعية والعلمية والعقلية؛ إضافة إلى دوره في اكتشاف الأخلاق، كما أنه يمكن أن يكون وسيلة استثمار عالية العوائد كما أن الترويح يزيد الترابط بين المشاركين في النشاط الترويحي ومما هو معلوم لدى كل إنسان أن الأنشطة الترويحية تجعل الإنسان يعود إلى عمله بنشاط أكثر ورغبة أقوى وإنتاجية أعلى"
وتحدث عن علاقة الترويح بالبدن وأكد على ضرورته للبدن فقال:
"والنشاط الترويحي ضروري للبدن؛ لذا جاء في قصة حنظلة قال: لقيني أبو بكر الصديق فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة! قال: سبحان الله! ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله (ص)يذكرنا بالنار والجنة، حتى وكأنا رأي العين، فإذا خرجنا من عند رسول الله (ص)عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيراً، قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر الصديق، حتى دخلنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قلت: نافق حنظلة يا رسول الله! فقال رسول الله (ص) وما ذاك؟ قلت: يا رسول الله! نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيراً فقال (ص) «والذي نفسي بيده! أن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ـ ثلاث مرات»"
والحديث المستشهد به ليس فى راحة البدن فجماع الأزواج ليست عملية جسمية فقط وإنما هى عملية جسمية نفسية وأما الأولاد والأموال فلا علاقة لهم بالبدن
زد على ذلك أن جماع الزوجات والاهتمام بالأولاد والأموال بالحلال هو من ضمن الطاعات لنيل الجنة والبعد عن النار ومن ثم لا وجود لحكاية ساعة وساعة فالوقت كله لله طاعة ويشترك فيها النفس والجسم الذى تأمره النفس
وحدثنا عن حديث أخر عن حق البدن فقال :
"ولما رأى النبي (ص)من عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ زيادة في التعبد على حساب حاجات أخرى أمره بالتوازن؛ فقال: «صم وأفطر، وقم ونم؛ فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقاً، وإن لزوجك عليك حقاً»"
والحديث صحيح فى الاستشهاد به ولكن باطل فى الأمر بالصوم فلا صوم إلا ما فرض الله أو الصوم كعقوبة أى كفارة على ذنب والصوم من عند النفس تشريع من عند الناس نسبوه للنبى(ص) لأن الصوم لو اعتبرناه عمل حسن فبعشر حسنات بينما الافطار بأكلتين وشربتين بأربعين حسنة كما قال تعالى:
" من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"
واستشهد بالمقولات التالية على راحة البدن فقال :
وقد جاءت الآثار عن الصحابة للتأكيد على هذا المفهوم؛ فقال علي : أَجِمُّوا هذه القلوبَ، والتمسوا لها طرائف الحكمة؛ فإنها تملّ كما تمل الأبدان» وقال ابن مسعود : أريحوا القلوب؛ فإن القلب إذا أُكره عمي"
والمقولات ليست فى البدن وإنما فى النفس وهى القلب
وحدثنا عن أهداف الترفيه فقال :
"إلا أن هذا لا يعني أن يغلب الترفيهُ الجِدَّ في حياة المسلم، بل الغالب على المسلم أن يكون جاداً منتجاً والترفيه طارئ كما أن الترفيه له أهداف رئيسة وأهداف جانبية"
والترفيه من الترف وهو سبب بلاء وعقاب الأمم كما قال تعالى :
"وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال فى سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين"
ومن ثم الحديث ليس عن الترفيه وإنما عن اراحة البدن والنفس وهى الطمأنينة
وتحدث عن الأهداف فقال :
" فمن أهداف الترفيه:
الهدف الأول: تجديد النشاط، وتقوية الإرادة:
للترويح أثر ملاحظ على النفس بتجديد نشاطها، وفي هذا يقول أبو الدرداء : «إني لأستجم لقلبي بالشيء من اللهو ليكون أقوى لي على الحق» ولذا يجد المتأمل في حكمة التشريع الإسلامي أن عيد الفطر يأتي بعد وقت جد وعبادة، بالصيام، والقيام، وغيرها من النوافل، وعيد الأضحى يأتي بعد يوم عرفة، وهو يوم عبادة، ودعاء، وتضرع، وصيام لغير الحاج والعيد هو البهجة والسعادة التي تجدد للقلب حياته وحيويته، وحتى يكون الفرح عبادة يؤجر عليها العبد ارتبط العيد بشعيرتين إسلاميتين، هما: صوم رمضان، وأداء مناسك الحج والأضاحي وسمي العيد عيداً؛ لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد
وليس للمسلم في السنة إلا عيدان؛ فعن أنس قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولأهل المدينة يومان يلعبون فيهما في الجاهلية، فقال (ص) «قدمت عليكم، ولكم يومان تلعبون فيهما في الجاهلية، وقد أبدلكم الله بهما خيراً منهما: يوم النحر، ويوم الفطر» والعيدان المذكوران هما: يوم النيروز، ويوم المهرجان (عون المعبود 3/485) وفي حديث الجاريتين أنهما كانتا تغنيان، وتضربان بالدف عند عائشة في العيد من أيام منى"
الحديث باطل فكيف تكون أيام منى من ايام العيد فى المعروف من الفقه والعيد يكون بعدها بيومين ؟
والحديث المنسول لأبى الدرداء يستخدم كلمة اللهو وهى فى القرآن تعنى الكفر والتكذيب فليس هناك شىء فى الإسلام من اللهو أو اللعب وإن أخطأنا التعبير عنها بتلك الألفاظ وإنما هى طاعات لله
وتحدث عن الترفيه فى الصوم فقال :
"وللترفيه أثر في إزالة ما يعتري النفس من تعب وجوع وعطش، وقد استخدم الصحابة الترفيه لتصبير أطفالهم على الصوم؛ فقد روى البخاري ومسلم عن الربيع بنت معوذ قالت: «أرسل النبي (ص)غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: من أصبح مفطراً فليتمّ بقية يومه، ومن أصبح صائماً فليصم، قالت: فكنا نصومه بعد ونصوم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن؛ فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك، حتى يكون عند الإفطار»
والحديث باطل فلا يوجد صوم فى نصف النهار أو ربعه أو ما شابه وتصويم الصبيان يتعارض مع أن الصوم على المؤمنين كما قال تعالى :
" يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام"
فالصوم على الكبار لأن الأطفال لا يدخلون ضمن منظومة الإيمان إلا بعد أن يعقلوا وتشتد اجسامهم ونلاحظ التفرقة بين الصبيان والبنات فى الأمر
وتحدث عن السفر كنوع مع الترفيه فقال :
والتغيير بالسفر أمر لا بد منه، ولا يعارضه الشرع؛ لأن فيه مصلحة واضحة جلية، قال الشافعي:
"ما في المقام لذي عقل وذي أدبِ
من راحة فدعِ الأوطان واغتربِ
سافر تجد عوضاً عمَّن تفارقه
وانصب فإن لذيذ العيش في النصَبِ
إني رأيت وقوف الماء يفسده
إن سال طاب وإن لم يجر لم يطبِ
الأُسْدُ لولا فراق الغاب ما قنصت
والسهم لولا فراق القوس لم يُصبِ
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة
لملها الناس من عجم ومن عربِ
والبدر لولا أفول منه ما نظرت
إليه في كل حين عين مرتقبِ
والتبر كالترب ملقى في أماكنه
والعود في أرضه نوع من الحطبِ
فإن تغرَّب هذا عز مطلبه
وإن أقام فلا يعلو على رتبِ
وقال:
الكحل نوع من الأحجار منطرحاً
في أرضه كالثرى يُذرى على الطرق
لما تغرَّب نال العز أجمعه
فصار يُحمل بين الجفن والحَدَقِ
ولكن العاقل من يتعظ بسفره، ويجعل سياحته تقربه لربه، وتزيد من إيمانه ومعرفته وثقافته ولما أراد أعداء ابن تيمية طرده من بلاده، قال «ما ينقم مني أعدائي أنا جنتي في صدري قتلي شهادة، وتسفيري سياحة، وسجني خلوة»"
والسفر ليس ترفية لأنه قطعة من العذاب كما يقال ولو كان ترفيه أى راحة ما أمرنا الله كمسافرين بالفطر فى رمضان فقال :
" فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر"
وتحدث عن اظهار رحمة الإسلام فقال :
" الهدف الثاني: إظهار سماحة الإسلام:
قد يظن ظان أن الترفيه يعارض الدين الإسلامي، وقد أعلنها رسول البشرية (ص)حين قال لبعض الغلاة: «لا رهبانية في الإسلام»؛ ولذا فإن إظهار الترفيه المباح لإعلام الآخرين بسماحة الدين وواقعيته أمر مطلوب ومشروع، ودليل ذلك ما ثبت في المسند من حديث عائشة أن النبي (ص)لما أذن لعائشة باللعب بالبنات مع صواحبها، قال: «لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بُعثت بحنيفية سمحة» وقد فهم السلف من الصحابة ومن تبعهم هذا المقصد؛ فقد قال أحد السلف لأصحابه ليبين لهم هذه السماحة: «كان أصحاب رسول الله (ص)يتبادحون بالبطيخ؛ فإذا كانت الحقائق كانوا هُمُ الرجال»"
السماحة أى الفسحة مطلوبة وحكاية قذف القوم بعضهم بالبطيخ محرمة لأنها نوع من التبذير فى المال كما قال تعالى :
" ولا تبذر تبذيرا"
فالبطيخ للأكل وليس للتقاذف به ولو قال التقاذف بقشر البطيخ لكان أمرا مقبولا نوعا ما
وتحدث عن تفريح الصغار فقال :
"الهدف الثالث: إسعاد الصغار:
إسعاد الصغار أمر مطلوب حيث كان النبي (ص)يتحراه ويقصده؛ لأن الصغار هُمْ بهجة الدنيا وإسعادهم يملأ الأجواء سعادة وفرحاً ومما يدل على الحرص على هذا الأمر ما ثبت عن أبي هريرة قال كان رسول الله (ص)إذا أتى الثمر أُتي به فيقول: (اللهم بارك لنا في مدينتنا، وفي مدنا، وفي صاعنا بركة مع بركة)، ثم يعطيه أصغر من بحضرته من الولدان وهذه الهدية الصغيرة لها أثر عميق في نفس الصغير لا ينساه ما عاش
ومن ذلك إردافهم على الدابة؛ فقد قال عبد الله بن جعفر : «كان رسول الله (ص)إذا قدم من سفر تُلُقِّيَ بالصبيان من أهل بيته قال: وإنه قدم مرة من سفره فسيق بي إليه فحملني بين يديه، ثم جيء بأحد ابنيْ فاطمة؛ إما حسن، وإما حسين فأردفه خلفه، قال: فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة» وقال ابن عباس لما قدم رسول الله (ص)مكة استقبله أغيلمة بني عبدالمطلب فحمل واحداً بين يديه، وآخر خلفه
ومن إسعاد الصغار تفريحهم بالمال؛ فقد مَرّ ابن عمر في طريق فرأى صبياناً يلعبون فأعطاهم درهمين
ومما يفرح الصبي حمله والإنشاد له؛ فعن عقبة بن الحارث قال: رأيت أبا بكر يحمل الحسن بن علي، ويقول:
بأبي شبيه بالنبي
ليس شبيهاً بعلي
وعلي معه يتبسم قال الحافظ في الفتح: وكان عمر الحسن إذ ذاك سبع سنين
وعن عروة بن الزبير قال: كان أبي ينقزني ويقول:
أبيض من آل عتيقِ
مبارك من ولد الصديقِ
ألذه كما ألذ ريقي
وكان العباس يرقص قثم، ويقول:
يا قثم يا قثم
يا ذا الأنف الأشم
يا شبه ذي الكرم
وكانت أم الفضل بن عباس ترقصه وتقول:
ثكلت نفسي وثكلت بكري
إن لم يسد قهراً أو عين قهري
بالحسب العز وبذل الوفر
وقال الشعبي: كانت قريش تحب عثمان بن عفان حتى إن المرأة كانت ترقص ابنها وتقول:
أحبك والرحمن
حب قريش عثمان"
|