عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 15-06-2008, 07:24 PM   #3
RWIDA
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 226
إفتراضي

وجاء في تفسير الظلال‏(‏ رحم الله كاتبه برحمته الواسعة‏)‏ ما نصه‏:‏ والتعبير يرسم لحال الكافرين ومآلهم بمشهدين عجيبين‏,‏ حافلين بالحركة والحياة‏.‏ في المشهد الأول يرسم أعمالهم كسراب في أرض مكشوفة مبسوطة‏,‏ يلتمع التماعا كاذبا‏,‏ فيتبعه صاحبه الظاميء‏,‏ وهو يتوقع الري غافلا عما ينتظره هناك‏..‏ يصل فلا يجد ماء يرويه‏...(‏ ووجد الله عنده‏)!‏ الله الذي كفر به وجحده‏,‏ وخاصمه وعاداه‏,‏ وجده هناك ينتظره‏!...(‏ فوفاه حسابه‏)..‏ و‏(‏الله سريع الحساب‏...).‏
وفي المشهد الثاني تطبق الظلمة بعد الالتماع الكاذب‏,‏ ويتمثل الهول في ظلمات البحر اللجي‏,‏ موج من فوقه موج من فوقه سحاب‏,‏ وتتراكم الظلمات بعضها فوق بعض‏,‏ حتي ليخرج يده أمام بصره فلا يراها لشدة الرعب والظلام‏!.‏
إنه الكفر ظلمة منقطعة عن نور الله الفائض في الكون‏,‏ وضلال لا يري فيه القلب أقرب علامات الهدي‏,‏ ومخافة لا أمن فيها ولا قرار‏...(ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور‏)...‏ ونور الله هدي في القلب‏,‏ وتفتح في البصيرة‏,‏ واتصال في الفطرة بنواميس الله في السماوات والأرض‏,‏ والبقاء بها علي الله نور السماوات والأرض‏.‏ فمن لم يتصل بهذا النور فهو في ظلمة لا انكشاف لها‏,‏ وفي مخافة لا أمن فيها‏,‏ وفي ضلال لا رجعة منه‏.‏ ونهاية العمل سراب ضائع يقود إلي الهلاك والعذاب‏,‏ لأنه لا عمل بغير عقيدة‏,‏ ولا صلاح بغير إيمان‏.‏ إن هدي الله هو الهدي‏.‏ وإن نور الله هو النور‏.‏

وجاء في صفوة البيان لمعاني القرآن‏(‏ رحم الله كاتبه‏)‏ ما نصه‏‏ والذين كفروا‏)‏ بيان لحال الكافرين بضرب مثلين لأعمالهم‏,‏ بعد بيان حال المؤمنين ومآل أمرهم‏.(‏ أعمالهم كسراب‏)‏ هو الشعاع الذي يري وسط النهار عند اشتداد الحر في الفلوات الواسعة‏;‏ كأنه ماء سارب وهو ليس بشيء‏,‏ ويسمي الآل‏.(‏ بقيعة‏)‏ جمع قاع‏,‏ وهو ما انبسط من الأرض واتسع ولم يكن فيه نبت‏.‏ وفيه يتراءي السراب‏..(‏ يحسبه الظمآن‏)‏ الذي اشتدت حاجته إلي الماء‏(‏ ماء حتي إذا جاءه لم يجده شيئا‏)‏ مما حسبه وظنه‏.‏ شبه ما يعمله الكافر من أنواع البر في الدنيا التي يظنها نافعة له عند الله ومنجية له من عقابه ـ من حيث هبوطها ومحو أثرها في الآخرة‏,‏ وخيبة أمله فيها ـ بسراب يراه الظمآن في الفلاة وهو أشد ما يكن حاجة إلي الماء فيحسبه ماء‏;‏ فيأتيه فلا يجده شيئا فيخيب أمله ويتحسر‏.(‏ ووجد الله عنده‏)‏ أي وجد حكمه تعالي وقضاءه‏(‏ فوفاه حسابه‏)‏ أعطاه وافيا كاملا جزاء كفره‏;‏ أما أجورهم عليها فيوفونها في الدنيا فقط‏.‏
‏(‏أو كظلمات‏)‏ أي أعمالهم الحسنة في الدنيا من حيث خلوها عن نور الحق كظلمات‏(‏ في بحر لجي‏)‏ عميق كثير الماء‏(‏ يغشاه‏)‏ يعلوه ويغطيه‏(‏ موج من فوقه موج‏)‏ آخر‏(‏ من فوقه‏)‏ أي من فوق هذا الموج الأعلي‏(‏ سحاب‏)‏ قائم‏,(‏ ظلمات‏)‏ هذه ظلمات متراكمة‏(‏ بعضها فوق بعض‏)‏ ظلمة السحاب فوق ظلمة الموج فوق ظلمة البحر‏.(‏ إذا أخرج يده‏)‏ من ابتلي بها‏(‏ لم يكد يراها‏)‏ من تراكم الظلمات‏;‏ أي لم يقرب من رؤيتها فضلا عن أن يراها‏.‏ وقيل‏‏ أو‏)‏ للتنويع‏,‏ فشبهت أعمالهم الحسنة بالسراب‏,‏ والسيئة بالظلمات‏(‏ ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور‏)‏ أي من لم يشأ الله سبحانه أن يهديه لنوره في الدنيا فما له من هداية منها من أحد

وكل من أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم‏,‏ وصاحب صفوة التفاسير‏(‏ جزاهم الله خيرا‏)‏ ذكر كلاما مشابها وإن أضاف الخبراء علي هامش المنتخب تفسيرا لظلمات البحر اللجي علي أساس من أن عواصف البحار العميقة أو المحيطات تنطلق فيها أمواج مختلفة الطول والسعة أو الارتفاع‏,‏ بحيث يبدو الموج منطلقا في طبقات بعضها فوق بعض‏,‏ فيحجب ضياء الشمس‏,‏ لما تثيره هذه العواصف من سحب‏...‏

الدلالة العلمية للآية الكريمة
تشير هذه الآية الكريمة إلي الظلمة التامة فوق قيعان البحار العميقة والمحيطات‏,‏ مؤكدة أنها ظلمة مركبة‏,‏ يلعب كل من السحب‏,‏ والأمواج السطحية‏,‏ والأمواج الداخلية دورا أساسيا في إحداثها‏,‏ وهي حقيقة لم يدركها الانسان إلا في مطلع القرن العشرين‏.‏
ولما كانت الشمس هي مصدر الحرارة والضوء ومختلف صور الطاقة الأخري‏(‏ فيما عدا الطاقة النووية‏)‏ علي سطح الأرض وعلي أسطح غيرها من أجرام المجموعة الشمسية‏,‏ كان لزاما علينا الرجوع إلي المسافة الفاصلة بين الأرض والشمس للتعرف علي الحواجز التي يمكن أن تعترض أشعة الشمس في طريق وصولها إلي الأرض ومن أهمها الغلاف الغازي للأرض‏,‏ خاصة جزءه السفلي‏(‏ نطاق المتغيرات المناخية أو نطاق الرجع‏)‏ ومابه من سحب‏.‏

الظلمة الأولي تسببها السحب‏:‏
تتكون الأشعة الصادرة من الشمس من كل الموجات الكهرومغناطيسية ابتداء من الأشعة الراديوية إلي الأشعة السينية إلا أن الغالب عليها هو الضوء المرئي وكل من الاشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية‏,‏ بالاضافة إلي بعض الجسيمات الأولية المتسارعة مثل الإلكترونات‏,‏ وأغلب الأشعة فوق البنفسجية يردها إلي الخارج نطاق الأوزون‏.‏ وعند وصول بقية أشعة الشمس إلي الجزء السفلي من الغلاف الغازي للأرض فإن السحب تعكس وتشتت نحو‏30%‏ منها‏.‏
وتمتص السحب وما بها من بخار الماء وجزيئات الهواء وهباءات الغبار وغيرها من نوي التكثيف الأخري حوالي‏19%‏ من تلك الأشعة الشمسية المارة من خلالها‏,‏ تحجب السحب بالانعكاس والتشتيت والامتصاص حوالي‏49%‏ من أشعة الشمس‏,‏ فتحدث قدرا من الظلمة النسبية‏.‏
RWIDA غير متصل   الرد مع إقتباس