عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 19-02-2008, 01:37 PM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

القسم الأول: في مسألة الآخرية

الفصل الأول: الآخر بما هو اختراع تاريخي .. قدمه : جان فارو ـ باحث فرنسي
يبدأ الكاتب مشاركته بتساؤل شرطي عن الآخر، فيشترط حتى يكون هناك آخر وجوب أن يكون (أنا) .. فهي أي (الأنا) هي من ترسم حدود الآخر وتضع مواصفات شكله .. ويتوقع الكاتب في بداية مشاركته أن الإحساس بوجود الآخر بدأ عند الشعوب الأوروبية أو (الهندية الآرية) قبل الميلاد بألف سنة، لكنه لا يتشبث بهذا التوقع الى نهاية المشاركة (وبالمناسبة فإن توقعه صائب حيث أن شعوب بلاد العراق ووادي النيل قد عرفت تلك المسألة قبل الأوروبيين والهندود بحوالي ألفي عام) ليعود ويجعل نشأة هذا الإحساس متزامنة في كل من شعوب جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط مع الإغريق .. وهي نقطة يتمحور عليها التفكير الغربي باعتبار أن الحضارة الأوروبية لها دور مركزي قيادي على صعيد العالم ولم يكن لأي حضارة فضل عليها!

لقد ميز الكاتب بين الآخر ل (الأنا) والآخر ل (النحن)، فالآخر للأنا قد يكون أخا أو جارا أو صديقا في عينة من الوقت لكن الآخر ل (النحن) هو من يكون لقبيلته أو شعبه جد وإله مختلف عن جد وإله قبيلة أو شعب (النحن) ..

ولقد ضرب عينة من الأمثلة الطريفة التي تدعم وجهة نظره، رابطا إياها بمسألة الوعي .. فقال إن كل منا قد رأى في حياته شجرة، ولكن لو كان الحديث عن شجرة مخصصة فإن السامع سيرسم صورة تلك الشجرة (موضوع الحديث) حسب وعيه للشجرة التي رآها أو انتقى صورة معينة لشجرة رآها .. وهنا توكيد على أن الوعي هو إعادة إنتاج صورة معينة، في حالة الحديث عن الواقع أو الماضي ..

يعارض الكاتب الفكرة القائلة بأن الوعي ضروري للتعلم، فيقول أن الوعي بكثير من الحالات يكون كابحا للتعلم .. وهي مسألة يريد أن يفصح عنها الكاتب بأن الصور المعاد إنتاجها عند من يقوم بالوعي تعتمد على (أرشيف) قديم، قد يكون مضللا لمن يحاول التعلم.

والنقطة تلك من الأهمية بمكان وقد يكون الكاتب محقا، فالتصور الذي يحمله الأوروبيون عن العرب، تم تغذية ملفاته وفق تطور تاريخي حكمته أسباب ووقائع قد لا ترتبط بالحاضر، أو أنها ترتبط ولكن بصورة مشوهة .. وهذا لا يتوقف على الأوروبيين وحدهم، بل يشملنا نحن ويشمل شعوب الأرض كلها.

نحن لا نعرف أجدادنا على وجه الدقة، ولكننا نرسم صورهم البعيدة التي قد تصل آلاف السنين بأشكال نبتكرها في آلية الرسم لتلك الصور .. كذلك لا نعرف سكان الغرب أو سكان العالم فردا فردا، ولكننا نرسم صورتهم وفق آليات لها علاقة بما نحمل من موروث ثقافي يناقشهم كآخرين لنا ..

يضع الكاتب مثالا طريفا، عندما يفترض نقاطا بيضاء على لوحة سوداء، لا صلة بينها، نقطة تمثل الأكل والشرب ونقطة تمثل العلاقات العاطفية ونقطة تمثل الحروب والأحداث الحادة ونقطة تمثل المهارات الخ .. فتبدو اللوحة لا معنى لها سواء كانت اللوحة لماضي شعبنا أو حاضر شعوب أخرى نعتبرها (آخر جماعي) لنا .. في حين لو كانت تلك النقاط تمثل إحداثيات (رياضية أو هندسية) فيستطيع عالم الرياضيات أن يضع قوانين لعلاقاتها مع بعض ..

يستخلص الكاتب نتيجة أن الوعي بالآخر يتأثر ببعدين (زماني ومكاني) .. وحتى يكون للوعي شروطه اللازمة لفهم ما يدور، وجب الانصياع لقوة جازمة تفرض قانونها وسلطانها على محددات الآخر ل (النحن)، وإلا فإن التضاد والصراع سيطال نشاطات الجماعات لتقوم بتصفية بعضها البعض كما حدث في الصراعات القبلية في إفريقيا (رواندا والكونغو وكينيا وتشاد) أو ما يحصل في أفغانستان أو صراعات عرقية (كما يحصل في مكونات يوغسلافيا السابقة) أو طائفية (كما يحدث في كثير من دول العالم) أو (يُحضر له). ويقترح أن تلك القوة الأنسب هي (الديمقراطية) ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس