عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 14-04-2023, 10:35 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,998
إفتراضي

قال البخاري في سفيان بن وكيع: يتكلمون فيه لأشياء لقنوه. وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عنه، فقال: لا يشتغل به، قيل له: كان يكذب، قال: كان أبوه رجلا صالحا، قيل له: أكان متهم بالكذب؟ قال: نعم، وقال عبد الرحمن أيضا: سمعت أبي يقول: جاءني جماعة من مشايخ الكوفة، فقال: أبلغنا أنك تختلف إلى مشايخ الكوفة وتركت سفيان بن وكيع، أما كنت ترعى له في أبيه؟ فقلت لهم: إني أوجب له حقه، وأحب أن تجرى أموره على الستر، وله وراق قد أفسد حديثه، قالوا: فنحن نقول له: يبعد الوراق عن نفسه، فوعدتهم أن أجيئه، فأتيته مع جماعة من أهل الحديث، فقلت له: أن حقك واجبة علينا في شيخك، وفي نفسك، ولو صنت عن نفسك، وكنت تقتصر على كتب أبيك، لكانت الرحلة إليك في ذلك، فكيف وقد سمعت؟ فقال: ما الذي ينقم علي؟ فقلت: فد أدخل وراقك بين حديثك ما ليس من حديثك، قال: فكيف السبيل في هذا، قلت: ترمي بالمخرجات، وتقتصر على الأصول، ولا تقرأ إلا من أصولك، وتنحي هذا الوراق عن نفسك، وتدعو بابن كرامة، وتوليه أصولك، فإنه يوثق به، فقال: مقبولا منك، قال: وبلغني أن وراقه كان قد أدخلوه بيننا يسمع علينا الحديث، فما فعل شيئا مما قال فبطل الشيخ، وكان يحدث بتلك الأحاديث التي قد أدخلت بين حديثه وقد سرق من حديث المحدثين، سئل عنه أبي، فقال: لين. وقال بكر بن نفيل: سمعت أبا زرعة الرازي يقول: ثلاثة ليست لهم محاباة عندنا، فذكر منهم سفيان بن وكيع. وقال النسائي: لا يحدث عنه ليس بشيء، وقال ابن عدي: له حديث كثير، وإنما بلاه أنه كان يتلقن ما لقن، ويقال: كان له وراق يلقنه من حديث موقوف يرفعه، وحديث مرسل فيوصله أو يبدل في الإسناد قوما بدل قوم، كما بينت طرفا منه في هذه الأخبار التي ذكرتها. وقال أبو حاتم بن حبان: كان سفيان بن وكيع شيخا فاضلا صادقا إلا أنه ابتلي بوراق سوء، كان يدخل عليه الحديث، وكان يثق به فيجيب فيما يقرأ عليه، وقيل له بعد ذلك في أشياء منها فلم يرجع، فمن أجل إصراره على ما قيل له استحق الترك. وكان ابن خزيمة يروي عنه وسمعته يقول: ثنا بعض من أمسكنا عن ذكره، وهو من الضرب الذي ذكر به مرارا: أن لو خر من السماء فتخطفه الطير أحب إليه من أن يكذب على رسول الله (ص) ولكن أفسدوه. وما كان ابن خزيمة يحدث عنه إلا بالحرف بعد الحرف، وما سمعت منه عن سفيان بن وكيع إلا حديث الأشعث بن عبد الملك فقط. وقال الدارقطني: سفيان بن وكيع كان بليته وراق له يقال له: قرطبة، وكان وراقه هذا غير مأمون، وذكر له أحاديث لقنه إياها، فإذا كانت هذه حال سفيان بن وكيع وقد انفرد بهذا الحديث ولم يتابعه عليه أحد، ولم يروه أحد من أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي عنه، ولا رواه أحمد في مسنده، فكيف يجوز أن يحتج به، أو يكون شاهدا لغيره، والله أعلم، ثم رأيت عبد الرزاق قد روى هذا الحديث، عن معمر، عن قتادة مرسلا، وهو الصواب
(10) -[9] قال الخطيب، أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحرشي، أنا ابن محمد حاجب بن أحمد الطوسي، ثنا محمد بن حماد، ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، قال: سمعت قتادة، يحدث عن النبي (ص) قال: " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأقواهم في أمر الله عمر، وأقضاهم علي، وأصدقهم حياء عثمان، وأمين أمتي أبو عبيدة بن الجراح، وأعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ، وأقرؤهم أبي، وأفرضهم زيد بن ثابت ".قال الخطيب: وإرسال هذا الحديث عن معمر عن قتادة، أصح من إيصاله
(11) -[105] فإن قيل: فقد روي هذا الحديث من رواية محمد بن المنكدر، عن جابر، قال أبو القاسم الطبراني في معجمه الصغير: حدثنا علي بن جعفر الملحمي الأصبهاني، ثنا محمد بن الوليد العباسي، ثنا عثمان بن زفر، ثنا مندل بن علي، عن ابن جريج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، قال: قال رسول الله (ص): " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ".الحديث، فالجواب أن هذا الإسناد ضعيف، غريب جدا، بل موضوع، ومندل بن علي تكلم فيه الإمام أحمد بن حنبل، ويحيى، والنسائي، وابن حبان، والدارقطني، وغيرهم، والحمل في هذا الحديث على محمد بن الوليد وهو ابن أبان القلانسي البغدادي، مولى بني هاشم، وكان كذابا، قال الحافظ أبو أحمد بن عدي: يضع الحديث، ويوصله، ويسرق، ويقلب الأسانيد والمتون. سمعت الحسين بن أبي معشر يقول: محمد بن وليد بن أبان كذاب. وقال أبو حاتم الرازي: ليس بصدوق. وقال الدارقطني: ضعيف
(12) -[106] فإن قيل: فقد روى أيضا من حديث أبي سعيد، قال قاسم بن أصبغ، ثنا أحمد بن زهير، ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، ثنا سلام، عن زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (ص): " أرحم أمتي بها أبو بكر، وأقواهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأفرضهم زيد، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وأبو هريرة وعاء للعلم ".أو قال: " وعاء العلم، وعند سلمان علم لا يدرك، وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر "
(13) -[10] وقال العقيلي: حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أحمد بن يونس، ثنا سلام، ثنا زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (ص): " أرحم هذه الأمة بها أبو بكر، وأقواهم في دين الله عمر، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأصدقهم حياء عثمان، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأبو هريرة وعاء من العلم، وسلمان عالم لا يدرك، ومعاذ بن جبل أعلم الناس بحلال الله وحرامه، وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر ".ذكره في ترجمة سلام، وذكر له غير هذا الحديث، ثم قال: هذه الأسانيد غير محفوظة والمتون معروفة بخلاف هذا الإسناد
(14) -[107] قال أبو بكر محمد بن العباس بن يحيى فيما رواه عنه أبو علي شاذان، حدثنا إبراهيم بن الهيثم بن المهلب، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا سلام الطويل، ثنا زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (ص): " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأقواهم في دين الله عمر بن الخطاب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأقرؤهم لكتاب الله عز وجل أبي بن كعب، وأعلمهم بحلال الله وحرامه معاذ بن جبل، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وسلمان الفارسي علم لا يدرك، ولا أظلت الخضراء ولا أقلت البطحاء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ".فالجواب: أن هذا إسناد ضعيف، مشتمل على رجلين ضعيفين أحدهما أضعف من الآخر، فأما الأول فزيد العمي، وهو ابن الحواري البصري، قال يحيى بن معين: لا شيء، وقال مرة: ضعيف، وقال أبو زرعة: ليس بقوي، واهي الحديث، ضعيف، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث يكتب حديثه، ولا يحتج به، وقال أبو عبيد الآجري: قيل لأبي داود: زيد العمي قال: حدث عنه شعبة وليس بذاك، وقال النسائي: ضعيف، وقال أبو حاتم بن حبان يروي عن أنس أشياء موضوعة لا أصل لها، حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها، وكان يحيى يمرض القول فيه، وهو عندي لا يجوز الاحتجاج بخبره، ولا كتبة حديثه إلا للاعتبار، سمعت الحنبلي يقول: سمعت أحمد بن زهير يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: لا يجوز حديث زيد العمي، وكان أمثل من يزيد الرقاشي. وقال أبو أحمد بن عدي: عامة ما يرويه، ومن يروي عنهم ضعفاء هم وهو على أن شعبة قد روى عنه، ولعل شعبة لم يرو عن أضعف منه، وقد روى الإمام أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، والدارقطني، أنهم حسنوا أمره، وقالوا: هو صالح، وكذلك الجوزجاني قال: هو متماسك، والمتحصل من أمره أن الأكثر على تضعيفه، وعدم الاحتجاج به، ولو لم يكن في الإسناد ضعيف غيره، فكيف إذا كان فيه من هو أضعف منه، وهو سلام الطويل، وهو الضعيف الثاني الذي في الحديث، وهو أضعف من زيد بكثير، قال أبو أحمد بن عدي: البلاء منه لا من زيد. وقال الإمام أحمد بن حنبل: سلام روى أحاديث منكرة. وضعفه علي ابن المديني. وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال مرة: ضعيف لا يكتب حديثه، وقال: من له أحاديث منكرة، وقال ابن عمار الموصلي: ليس بحجة، وقال السعدي: غير ثقة، وقال أبو زرعة: ضعيف، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث تركوه، وقال البخاري: تركوه، وقال النسائي: متروك، وقال مرة: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه، وقال أبو القاسم الثغري: ضعيف الحديث جدا، وقال ابن خراش: متروك، وقال مرة: كذاب، وقال ابن الجنيد، والدارقطني، والأزدي: متروك الحديث، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات الموضوعات كأنه كان المتعمد لها، وقال الحاكم: روى أحاديث موضوعة، وروى له ابن عدي أحاديث، وقال دعامة: ما يرويه عن من يرويه عن الضعفاء والثقات لا يتابعه أحد عليه، فظهر لنا من أقوال الأئمة، رضي الله عنهم، أن هذا الحديث بهذا الإسناد ساقط لا يجوز الاعتماد عليه، والله الموفق للصواب
(15) -[108] فإن قيل: فقد روي هذا الحديث من رواية ابن عمر أيضا، قال الحافظ أبو أحمد بن عدي، ثنا صدقة بن منصور أبو الأزهر، بحران، ثنا أبو معمر، ثنا هشيم، عن كوثر بن حكيم، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (ص): " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي، وأفرضهم زيد، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح "
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس