أخي الفاضل الألمعي الأمير الفقير لله
كان سكان العراق في عهد هرون الرشيد 35 مليون نسمة، وكان عدد سكان الصين في عام 1850 (50 مليوناً)، وكان عدد سكان إيران في نفس السنة 10 ملايين نسمة. ولو أن العراق قُيض له أن يعيش بسلام منذ أيام الرشيد لتجاوز عدد سكانه عدد سكان الصين بالتأكيد.
هو قدر العراق، أن يخرج (أرحماسيس ـ في ملحمة جلجامش) بأنفارٍ قليلة، ليفني الفيضان ما دونهم، وهو نفس القدر الذي خرج العراق من ويلات احتلال الفرس بعد القضاء على البابليين، وقدره بعد اجتياح هولاكو وقدره المتكرر في كل ويلات تصيب أهله، فيخرجون أو يخرج ما يتبقى منهم كجهاز (يُفرمت) نفسه، دون أن ينتظر من يمد له يد العون.
هو قدر صعب وقاسٍ، ولكنه قدر. وهو يُضاف لأسفار العراقيين ليحملوه معهم في أجيالهم القادمة، ليعبروا عنه في شعرهم وفنهم وأبوذياتهم، ولولا ذلك التراكم اللئيم لما كان للعراقيين تلك النكهة التي تميزهم عن الآخرين.
سيخرجون من مصيبتهم الراهنة كما خرجوا من مصائب تشابهت معها، لكن دون مساعدة من (النمس). ألم تسمع بالمثل القائل: (يا طالب الدبس من مؤخرة النمس) .. فلا صرت .. ولا شرم الشيخ ولا غيرها سينتشل العراق من مصيبته .. بل سينتشله جهد أبنائه الذين قدموا أغلى ما يمتلكه الإنسان من دمٍ وألمٍ ووو الخ.
اللهم عجل برفع الحيف والظلم والقهر والأسى عن العراقيين
__________________
ابن حوران
|