عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 26-07-2022, 02:17 PM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,989
إفتراضي نقد كتاب اللامذهبية قنطرة اللادينية

نقد كتاب اللامذهبية قنطرة اللادينية
المؤلف محمد زاهد الكوثري وهو يدور حول وجوب تمذهب الإنسان بمذهب فى الإسلام والرجل يصف من لا مذهب بكونه أردأ وأسوأ الجميع فقال :
"لا تجد بين رجال السياسة - على اختلاف مبادئهم - من يقيم وزناً لرجل يدعي السياسة وليس له مبدأ يسير عليه ويكافح عنه باقتناع وإخلاص، وكذلك الرجل الذي يحاول أن يخادع الجمهور قائلاً لكل فريق: أنا معك.
ومن أردإ خلال المرء أن يكون إمعة، لا مع هذا الفريق ولا مع ذلك الفريق، وإن تظاهر لكل فريق أنه معه. وقدماً قال الشاعر العربي:
يوما يمان إذا لاقيت ذا يمن = وإذا لقيت معديَّاً فعدناني
ومن يتذبذب بين المذاهب منتهجاً اللامذهبية في الدين الإسلامي فهو أسوأ وأردأ من الجميع."
ومقولة المذهبية ليس عليها أى دليل من كتاب الله بل إن الكتاب يرفض المذهبية تماما لكونه اختلاف والرب واحد والدين واحد وهو يطالب بتوحد المسلمين على كتاب الله فيقول :
" واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا"
وقال :
" ولا تكونوا من المشركين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون"
وقال :
" وأن هذه أمتكم أمة واحدة"
وحدد ما ينهى الخلاف وهو النزاع وهو التحاكم لكتاب الله فقال :
" وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله"
ومن ثم فالله يهدى المسلمين لما ينهى اختلافهم بقوله:
" فهدى الذى اختلفوا فيه من الحق بإذنه"

وحاول الكوثرى بدون أى دليل من الوحى أن يجعل التمذهب واجبا فى الدين فحاول اقناعنا أن من لا ينتمى لمذهب فلسفى معين فهو سفيه لا ينتسب إلى الفلاسفة فقال :
"وللعلوم طوائف خاصة تختلف مناهجهم حتى في العلم الواحد عن اقتناع خاص؛ فمن ادعى الفلسفة من غير انتماء إلى أحد مسالكها المعروفة، فإنه يعد سفيها منتسبا إلى السفه، لا إلى الفلسفة، والقائمون بتدوين العلوم لهم مبادئ خاصة ومذاهب معينة حتى في العلوم العربية لا يمكن إغفالها، ولا تسفيه أحلام المتمسكين بأهدابها لمن يريد أن يكرع من ينابيعها الصافية."
وهو تخريف تام لأن الفلسفة الحديثة أخرجت لنا مذاهب ليست موجودة عند القدماء كالشيوعية والماركسية والرأسمالية ثم ما علاقة الفلسفة بالإسلام حتى يكون كلامهم فيها دليل على صحة كلامه فى التمذهب فى الإسلام؟
وحدثنا الكوثرى عن اختلاف الفقهاء فقال :
وليس ثمة علم من العلوم عني به العلماء عناية تامة على توالي القرون من أبعد عهد في الإسلام إلى أدنى عهوده القريبة منا مثل الفقه الإسلامي، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفقه أصحابه في الدين، ويدربهم على وجوه الاستنباط، حتى كان نحو ستة من الصحابة يفتون في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم
وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى استمر الصحابة على التفقه على هؤلاء، ولهم أصحاب معروفون بين الصحابة والتابعين في الفتيا، فالمدينة كانت مهبط الوحي، ومقر جمهرة الصحابة إلى آخر عهد ثالث الخلفاء الراشدين، وعني كثير من التابعين من أهل المدينة بجمع شتات المنقول عن الصحابة من الفقه والحديث، حتى كان للفقهاء السبعة من أهل المدينة منزلة عظيمة في الفقه، كان سعيد بن المسيب يسأله ابن عمر - رضي الله عنهما - عن أقضية أبيه، تقديرا من ذلك الصحابي الجليل لسعة علم هذا التابعي الكبير بأقضية الصحابة.
ثم انتقلت علوم هؤلاء إلى شيوخ مالك من أهل المدينة، فقام مالك بجمعها وإذاعتها على الجماهير، فنسب المذهب إليه تأصيلا وتفريعا، وانصاع له علماء كبار تقديرا لقوة حججه ونور منهجه على توالي القرون، ولو قام أحد هؤلاء العلماء المنتمين إليه بالدعوة إلى مذهب يستجده لوجد من يتابعه من أهل العلم لسعة علمه وقوة نظره، لكنهم فضلوا المحافظة على الانتساب إلى مذهب عالم المدينة، حرصا على جمع الكلمة، وعلما منهم بأن بعض المسائل الضعيفة المروية عن صاحب المذهب تترك في المذهب إلى ما هو أقوى حجة وأمتن نظرا برأي أصحاب الشأن من فقهاء المذهب، حتى أصبح المذهب باستدراك المستدركين لمواطن الضعف بالغَ القوة، بحيث إذا قارعه أحد المتأخرين أو ناطحه فَقَدَ رأسه.
وهكذا باقي المذاهب للأئمة المتبوعين، فها هي الكوفة بعد أن ابتناها الفاروق وأسكن حولها الفُصَّح من قبائل العرب، بعث إليها ابن مسعود ليفقه أهل الكوفة في دين الله قائلا لهم: إني آثرتكم على نفسي بعبدالله.
وعبدالله هذا منزلته في العلم بين الصحابة عظيمة جدا، وهو الذي يقول فيه عمر: كنيف ملئ علما. وفيه ورد حديث: (إني رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد) وحديث: (من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد فقراءة ابن مسعود هي التي يرويها عاصم عن زر بن حبيش عنه، كما أن قراءة علي بن أبي طالب هي التي يرويها عاصم عن أبي عبدالرحمن عبدالله بن حبيب السلمي عنه.
فعُني ابن مسعود بتفقيه أهل الكوفة من عهد عمر إلى أواخر عهد عثمان – رضي الله عنهم – عناية لا مزيد عليها، حتى امتلأت الكوفة بالفقهاء.
ولما انتقل علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه – إلى الكوفة، سُرَّ من كثرة فقهائها جدا فقال: رحم الله ابن أم عبد، قد ملأ هذه القرية علما.
ووالى بابُ مدينة العلم (يعني علي رضي الله عنه) تفقيههم، إلى أن أصبحت الكوفة لا مثيل لها في أمصار المسلمين في كثرة فقهائها ومحدثيها، والقائمين بعلوم القرآن وعلوم اللغة العربية فيها بعد أن اتخذها على بن أبي طالب – كرم الله وجهه – عاصمة الخلافة، وبعد أن انتقل إليها أقوياء الصحابة وفقهاؤهم، وقد ذكر العجلي أنه توطن الكوفة وحدها من الصحابة ألف وخمسمائة صحابي، سوى من أقام بها ونشر العلم بين ربوعها، ثم انتقل إلى بلد آخر فضلا عن باقي بلاد العراق، فكبار أصحاب علي وابن مسعود – رضي الله عنهما – بها لو دونت تراجمهم في كتاب خاص لأتى كتابا ضخما، وليس هذا موضع سرد لأسمائهم، وقد جمع شتات علوم هؤلاء إبراهيم بن يزيد النخعي، وآراؤه مدونة في آثار أبي يوسف، وآثار محمد بن الحسن، ومصنف ابن أبي شيبة وغيرها، ويعد النقاد مراسيله صحاحا، ويفضله على جميع علماء الأمصار الشعبي الذي يقول عنه ابن عمر – رضي الله عنهما – حينما رآه يحدث بالمغازي: لهو أحفظ لها مني وإن كنت قد شهدتها مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
ويقول أنس بن سيرين: دخلت الكوفة فوجدت بها أربعة آلاف يطلبون الحديث وأربعمائة قد فقهوا كما في الفاصل للرامَهُرْمُزِيّ.
وقد جمع أبو حنيفة علوم هؤلاء ودوَّنها بعد أخذ وردّ سديدين في المسائل بينه وبين أفذاذ أصحابه في مجمع فقهي كيانه من أربعين فقيها من نبلاء تلاميذه المتبحرين في الفقه والحديث وعلوم القرآن والعربية، كما نص على ذلك الطحطاوي وغيره.
وعن هذا الإمام الأعظم يقول محمد بن إسحاق النديم، الذي ليس هو من أهل مذهبه: والعلم برا وبحرا، شرقا وغربا، بعدا وقربا تدوينه رضي الله عنه.
ويقول الشافعي رضي الله عنه: الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة.
ثم أتى الشافعي - رضي الله عنه – فجمع عيونا من المعينين، وزاد ما تلقاه من شيوخه من أهل مكة كمسلم بن خالد، الذي تلقى عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقد امتلأ الخافقان بأصحاب الشافعي وأصحاب أصحابه، وملؤوا العالم علما، وأهل مصر من أعرف الناس بعلومه وعلوم أصحابه حيث سكنها في أواخر عمره، ونشر بها مذهبه الجديد، ودفن بها – رضي الله عنه -.
ولا يتسع هذا المقال لبيان ما لسائر الأئمة من الفقهاء من الفضل على الفقه الإسلامي، وهم على اتفاق في نحو ثلثي مسائل الفقه، والثلث الباقي هو معترك آرائهم، وحججهم في ذلك ومداركهم مدونة في كتب أهل الفقه."
الغريب فى كل هذا الكلام لأن الرجل لا يعتمد فيه على نص من الوحى يقول للمسلمين اختلفوا وتفرقوا فيما بينكم فى الأحكام
بل إن نصوص الروايات نفسها تنهى عن الافتراق كما فى رواية :
" تركتم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها"
أى الشريعة واضحة ليس فيها ذرة اختلاف
وأيضا رواية :
" إياكم والاختلاف "
وأيضا :
" فلا تختلفوا بعدى"
إذ كل ما قاله عن الفقه المزعوم لا أساس له فى دين الله فمذهب المسلم كما قال تعالى :
" قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين"
فأى حكم للمسلم يجب أن يقبله هو ما فيه نص من الله وهو البرهان كما قال تعالى :
" منا كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من امرهم"
فأصحاب اللامذهبية يدعون إلى ما دعا الله إليه وهو إقامة الحجة وهو الإسلام ولكن الكوثرى يجعلهم كفارا تابعين للكفار ألأجانب فيقول:
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس