عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 28-10-2012, 02:02 PM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الإمام حسن البنا (1906ـ 1949)

المرشد العام لجماعة الأخوان المسلمين ومؤسسها في مصر. ولد ببلدة المحمودية بمحافظة البحيرة سنة 1906. أبوه الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا الساعاتي من رجال الدين بالبلدة. بدأ حفظ القرآن الكريم بالكُتَّاب، ثم التحق بمدرسة المعلمين الأولية بدمنهور في 1920. انضم الى بعض من الجمعيات الدينية (جمعية الأخلاق الأدبية)، (جمعية منع المحرمات)، ثم انضم الى طريقة صوفية (الأخوان الحصافية)، وساهم في تأسيس (الجمعية الحصافية الخيرية) لمقاومة المحرمات ومقاومة النشاط التبشيري لإرسالية إنجيلية بالبلدة. التحق بدار العلوم بالقاهرة سنة 1923.

ظهرت لديه فكرة تكوين دعاة إسلاميين ينشطون في المساجد والمقاهي والمجتمعات العامة، اتصل بمحب الدين الخطيب والشيخ محمد الخضر حسين وأحمد تيمور، وحضر مجالس رشيد رضا ويوسف الدجوي وغيرهم.

ساهم في تحرير صحيفة (الفتح) الإسلامية. تخرج فعُين مدرساً بمدينة الإسماعيلية في سبتمبر ـ أيلول 1927، فقضى نحو العام يتصل بالأوساط الدينية بالمدينة ونشط في الوعظ. أسس جماعة (الأخوان المسلمين) في مارس ـ آذار 1928، ثم نشط لجمع الدعاة بالأقاليم المتاخمة في محافظتي الشرقية والدقهلية وفي مسقط رأسه بالبحيرة.

نُقِل مدرسا بالقاهرة في 1932، فانتقل مركز نشاط الجماعة إليها. أصدر صحيفة (الأخوان المسلمين) الأسبوعية. اتجه صراحةً الى ميدان السياسة من 1938 فأصدر صحيفة (النذير) الأسبوعية. وتوسعت حركته كثيراً خلال الحرب العالمية الثانية. رشح لانتخابات مجلس النوّاب في 1942، ثم انسحب لما طلب (مصطفى النحاس) رئيس الوزراء إليه أن يقصر نشاطه في مجال الدين دون السياسة.

في إحدى خطبه يرد فيه على من يريد إبعاد الأخوان المسلمين عن السياسة (بأن الدين عقيدة وعبادة ووطن وجنسية وسماحة وقوة وخلق ومادة وثقافة وقانون)*1

اطّرد نمو حركته بَعد الحرب، وكان خصماً عنيفاً لحزب الوفد وللحركات اليسارية الجديدة. وقعت أحداث اغتيال سياسي ونسف للمنشآت العامة نُسبت الى الجماعة، فحلتها وزارة (النقراشي) في ديسمبر ـ كانون الأول 1948، فاغتيل النقراشي في الشهر نفسه. ردت الحكومة باغتيال الشيخ البنا عند خروجه من جمعية الشبان المسلمين مساء 12/2/1949.*2
غموض أهداف الجماعة

احتار الكثير في أهداف جماعة الأخوان المسلمين، فبعضهم قال: إنها جماعة دينية يقتصر نشاطها على التربية الأخلاقية والشئون الاجتماعية والدعوة للرجوع للدين الحنيف ونشاطها أقرب لما في نفس مؤسسها من جنوح للصوفية، فهي بعيدة عن النشاط السياسي والحزبي. وقال البعض الآخر: إنها جماعة تخفي وراء نشاطها أهدافاً سياسية تخطط من خلالها للوصول للحكم.

وما كان يرجح الاحتمال الأول أن مؤسسها لم يتعرض لانتقاد نظام الملك فؤاد، ولم يتدخل في الشأن السياسي رغم كثرة حل الوزارات وتغييرها، بل كان تصرف الإمام حسن البنا يبدو منه الرضا تجاه حكم الملك فؤاد، فقد كان ينظم احتفالات استقباله في الإسماعيلية ويحث المواطنين على حسن استقباله ويصف طلاب مدرسته للهتاف له، وعندما كان يُسأل عن تصرفه، يقول: لا بد أن نبدو أمام الأجانب أننا شعب يحترم ملكه ونظامه*3

وعندما تبرعت شركة قناة السويس والتي كانت تحت إدارة الأجانب بمبلغ 500 جنيه لجماعة الأخوان المسلمين، كان القائمون على تلك الشركة يقولون إنها جماعة دينية تساهم في تهدئة الأوضاع ولا تتدخل بالسياسة. أما أتباع الجماعة فكانوا معجبين بمرشدهم، ويرجحون الهدف الثاني وهو السياسي، ويصفونه بالدهاء لأنه استطاع أن يخدع الأجانب والقصر معاً*4

وهناك من يقول: أن الحكومة المصرية كانت تؤيد تلك الجماعة لأنها تقف بوجه الأحزاب اليسارية التي كانت أفكارها تقلق الحكومة والبريطانيين معاً، وقد اقترحت حكومة محمد محمود باشا (من حزب الأحرار) وهي حكومة رجعية، على الإمام حسن البنا فتح مزيداً من الفروع والشُعب في أنحاء مصر، كما أن تقارير مدراء الشرطة بحق الجماعة تشيد بجهودهم لهداية المنحرفين وتقليل نسبة الانحراف.

وقد ألمح بل صرح الإمام حسن البنا ببعض ملامح منهجه التي تفسر بعض السلوك المحير، فقال في مقال بعنوان ( لا بد من هذا لكل أمة تريد النهوض): هي ثلاثة أمور: أن تتعرف على أعدائها لكي تحذرهم، وأن تهتدي لأحبابها لكي تستخلصهم، وأن تضع المنهج الحازم الحكيم لتسير عليه فلا تلتوي بها الطريق.*5

ويؤكد الإمام حسن البنا أنه منحاز للدين على غيره من وسائل التغيير فيقول في مقالة تحت عنوان (هل نحن قومٌ عمليون؟): رأى قوم أن يصلحوا أخلاق الأمة عن طريق العلم والثقافة، ورأى آخرون أن يصلحوها عن طريق الأدب والفن، ورأى غيرهم طريق السياسة وآخرون الرياضة... ولكن أريد أن أقول أن الإخوان المسلمين رأوا في الدين جميع تلك الوسائل مجتمعة*6

فوق الغموض تناقض

لم يكن الغموض فقط هو ما طغى على نشاط الجماعة، بل حتى والتناقض، فقد كتب مرة أحد كبار الجماعة (صالح عشماوي) مقالا ينتقد فيه الدستور، واتهمه بالخروج عن الإسلام ومعاداة الشريعة، وقد طلبت منه الحكومة العدول عن التصريح وإلا قدمته للمحاكمة، فرفض، فطالبه الإمام حسن البنا بالرضوخ: (اكتب يا صالح ما يُطلب منك)*7

لقد كتب الناطق باسم الأخوان المسلمين متفاخراً بالغموض والتناقض: (أن الأخوان أخفوا أهدافهم عشر سنوات وهم يعملون في صمت وكتمان وسعي متواصل في غير ضوضاء ولا ضجيج وفي غفلة من كل القوى [[قوة المحتلين الإنجليز وقوة الملك وقوة الأحزاب السياسية، وقضاها الداعية الشاب حسن البنا في بث الدعوة ونشر الفكرة وتوضيح المفاهيم وتجنيد الدعاة وتجميع الأنصار، وربطهم ببعض برابط العقيدة والإيمان... عشر سنوات)*8

مع ذلك ورغم قصر عمر الإمام حسن البنا، فإنه اعتبر من أذكى شخصيات مصر والعالمين العربي والإسلامي وأقدرهم على الخطابة وكسب ود الآخرين واستطاع أن يؤسس لتنظيم عابر للقارات، تتعدد نشاطاته بين الدعوية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ويتفنن في استخدام وسائل العصر بالإعلام والاتصالات، ويترك انطباعاً لصالح الجماعة أن أتباعها من الكثرة بمكان، فكان أي مظهر ديني حتى لو لم ينتمي للإخوان المسلمين يبدو وكأنه يتبعهم، وكانوا هم يعرفون حقيقة تلك المشاهد ويتركون من يراقبهم في حيرة، فإن كان نشاطه جيداً تركوا لمن يراقب بأن يظن أنه منتسب لهم، وإن كان سيئاً فسرعان ما يتبرءون منه (إرهابي، تكفيري، ليس منا).





هوامش
*1ـ الأعلام/ خير الدين الزركلي/بيروت: دار العلم للملايين/ الطبعة 15 لسنة 2002/ الجزء الثاني صفحة 184.

*2ـ موسوعة السياسة/ عبد الوهاب الكيالي/ بيروت:المؤسسة العربية للدراسات والنشر 1981 الطبعة الأولى؛ الجزء الثاني صفحة 532.

*3ـ الأخوان المسلمون: هل هي صحوة إسلامية؟/ السيد يوسف/ القاهرة: مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات/ الجزء الثاني: حسن البنا والبناء الفكري صفحة35.

*4ـ المصدر السابق ص 36
*5ـ جريدة الأخوان المسلمين الأسبوعية/ السنة الأولى/ عدد30/ الصادر في 1/3/1934، المصادف ليوم 15 ذي القعدة 1334هجري. صفحة 1ـ3
*6ـ جريدة الأخوان المسلمين الأسبوعية/ السنة الثانية/ عدد 18/ 9/9/1934، صفحة 5.
*7ـ أوردها المستشار طارق البشري في كتابه (الحركة السياسية في مصر بين 1945ـ1952) صفحة 374.
*8ـ الأسرار الحقيقية لاغتيال حسن البنا/ جابر رزق ص 16ـ17
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس