عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-08-2009, 10:03 AM   #18
فرحة مسلمة
''خــــــادمة كــــــتاب الله''
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2008
المشاركات: 2,952
إفتراضي

أبو أيوب الأنصاري

اسمه ونسبه وكنيته: هو الصحابي الجليل والسيد النبيل أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار بن ثعلبة بن الخزرج، النجاري الخزرجي الأنصاري البدري.

إسلامه: أسلم أبو أيوب رضي الله عنه مبكرًا مع أوائل الأنصار الذين أسلموا، وسمَّاه عروة بن الزبير فيمن شهد بيعة العقبة مع السبعين الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم(1).

نزول النبي- صلى الله عليه وسلم- عليه: كان بنو النجار من الأنصار أخوال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، إذ كانت أم جده عبد المطلب منهم، ولهذا فإنه- صلى الله عليه وسلم- حين أراد النزول في المدينة في هجرته المباركة رغب في إكرامهم بالنزول عليهم، وكان أبو أيوب أكثرَهم حظوةً إذ نزل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في بيته، حتى بنى المسجدَ في أرض الغلامين النجاريين، وابتنى بجواره مسكنًا لزوجه زمعة- رضي الله عنها-، وقد أصر بنو النجار أن يتحملوا هم ثَمنَ المسجد، كما جاء في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه (2)، وذكر الزبير بن بكار أن الذي أرضى الغلامين بالثمن هو أبو أيوب رضي الله عنه.

وقد ورد أن الأنصار اقترعت أيهم يؤوي رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فقرعهم أبو أيوب، فآوى رسول الله صلى الله عليه وسلم (3)، وهذا مما جعل الله من الفضل له رضي الله عنه.

تمسكه والتزامه السنة: كان أبو أيوب- رضي الله عنه- حريصًا كل الحرص على متابعة النبي- صلى الله عليه وسلم- في كل شيء، حتى كان يتتبع موضع أصابع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في الطعام، وهذا مؤشر على اتباعه- رضي الله عنه- لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما هو أهم من ذلك من أمور الدين وأحكام الشريعة، ومن ذلك أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يداوم على صلاةٍ عند زوال الشمس فداوم هو عليها، كما في الحديث عند الإمام أحمد (4).

فهمه للقرآن وعلمه بأسباب النزول: كان أبو أيوب- رضي الله عنه- مدركًا لمعاني القرآن، عارفًا بأسباب نزوله، يضع كل آية موضعها ويفهمها على وجهها الصحيح، من غير تعسفٍ أو تكلف، ولهذا لما سمع بعض الناس يفهمون بعض الآيات على غير وجهها بادر- رضي الله عنه- بإيقافهم على معناها الصحيح، فعن أسلم أبي عمران التُّجِيبي مولى تُجِيب قَالَ: كُنَّا بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّامِ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَعَلَى أَهْلِ مِصْرَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا صَفٌّ عَظِيمٌ مِنَ الرُّومِ، وَخَرَجَ مِنَّا صَفٌّ عَظِيمٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صَفِّ الرُّومِ فَقَتَل فِيهِمْ، ثُمَّ جَاءَ مُقْبِلاً، فَصَاحَ النَّاسُ فَقَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ فقال: "يَأَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تَتَأَوَّلُونَ هَذِهِ الآيَةَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، وَإِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآَيَةُ فِينَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، لَمَّا أَعَزَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ دِينَهُ، وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ، قُلْنَا بَيْنَنَا سِرًّا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَمْوَالَنَا قَدْ ضَاعَتْ، وَلَوْ أَقَمْنَا فِيهَا، فَأَصْلَحْنَا مِنْهَا مَا قَدْ ضَاعَ مِنْهَا‍! فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هذه الآيةَ يَرُدُّ عَلَيْنَا مَا هَمَمْنَا بِهِ فِي أَنْفُسِنَا أَنْ نُقِيمَ فِي أَمْوَالِنَا، فَنُصْلِحَ مَا قَدْ ضَاعَ مِنْهَا، فَكَانَتِ التَّهْلُكَةُ الَّتِي أَرَدْنَا أَنْ نَفْعَلَ، وَأَمَرَنَا بِالْغَزْوِ". فَمَا زَالَ أَبُو أَيُّوبَ يَغْزُو حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ(5).

عدد مروياته: يعد أبو أيوب- رضي الله عنه- من فقهاء الصحابة وعلمائهم، ومن المتوسطين في الرواية الذين جاوز عدد أحاديثهم المائة، فقد بلغت عدة أحاديثه في مسند بقي بن مخلد (155)، وفي مسند أحمد (101)، واتفق له الشيخان على (7) أحاديث، وانفرد البخاري بحديثٍ واحد، ومسلم بخمسة أحاديث.

مرضه ووفاته وطلبه أن يُدفن في أرض العدو: خرج أبو أيوب- رضي الله عنه- في غزوة القسطنطينية سنة خمسين أو اثنتين وخمسين، في خلافة معاوية- رضي الله عنه-، فكتب الله له الوفاة غازيًا في سبيل الله، ودُفن هناك تحت سور القسطنطينية.

عن محمد بن سيرين قال: شهد أبو أيوب بدرًا، ثم لم يتخلف عن غزاةٍ للمسلمين إلا هو في أخرى، إلا عامًا واحدًا، فإنه استُعْمِل على الجيش رجلٌ شابٌّ، فقعد ذلك العام، فجعل بعد ذاك العام يتلهف ويقول: وما عليَّ مَن استُعمل عليَّ! وما عليَّ مَن استُعمل عليّ! وما عليَّ مَن استُعمل عليَّ! قال: فمرض، وعلى الجيش يزيد بن معاوية، فأتاه يعوده فقال: حاجتَك. قال: نعم حاجتي إذا أنا مِتُّ فاركب بي ثم سُغْ بي في أرض العدو ما وجدت مَسَاغًا، فإذا لم تجد مَسَاغًا فادفني ثم ارجع. قال: فلما مات ركب به، ثم سار به في أرض العدو، وما وجد مساغًا، ثم دفنه ورجع. قال: وكان أبو أيوب رضي الله عنه يقول: قال الله عزَّ وجل ﴿انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً﴾ (التوبة: من الآية 41) فلا أجدني إلا خفيفًا أو ثقيلاً (6).

وهكذا لقي أبو أيوب- رضي الله عنه- ربَّه راضيًا مرضيًا في ميدان الجهاد الذي أفنى فيه عمره، وأبلى فيه أحسن البلاء شابًّا وكهلاً وشيخًا، ليكون مثلاً وقدوةً لكل مسلم يرجو الله والدار الآخرة، رضي الله عنه وألحقنا به على خير(7).
__________________








فرحة مسلمة غير متصل   الرد مع إقتباس