الموضوع: المعلقات العشر
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-05-2007, 01:35 AM   #50
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

المعتذرون وأسكنت التاء ودغمت في الذال لقرب المخرج ومن قال المعتذرون فهذا معناه وأسكنت التاء لأنها جاءت بعد العين والعرب تبدل التاء بعدها حسب الحرف الذي يليه، المعذرون أي الذين جاءوا بالعذر وآلت من العذر أي لم يجدها على ما يريد ونصب يوما بتعذرت والكثيب الرمل المجتمع المرتفع على غيره.
أفاطم مهلا بعـض هـذا الـتـدلـل وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
يقال أزمعت عن الأمر، وعزمت عليه وأجمعت عليه سواء، والصرم القطيعة، وقوله فأجملي أي في اللفظ، وقال أبو عبيدة: أفاطم أبقي بعض هذا التدلل.
وإن تك قد ساءتك مني خليقة فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
الخليقة: الخلق، والثياب: كناية عن اللقب، نسل ريشه ينسله: إذا رماه. أي أخرجي قلبك من حبي تنسل أي تبين.
أي أغرك مني أن أحبك قاتلي وأنك مهما تأمري القلب يفعل
الغر الذي لم يجرب الأمور وقال:
يا رب مثلك في النساء غريرة بيضاء قد متعتها بـطـلاق
تأمري جزم بالشرط وعلامة جزمه سقوط النون ويفعل جزم بالمجازاة وكسر اللام للقافية وحقها في الكلام السكون.
[وأنك قسمت الفؤاد فنصفـه قتيل ونصفا بالحديد مكبـل]
وما ذرلفت عيناك إلا لتضربي بسهميك في أعشار مقتـل
أي ما بكت عيناك إلا لتجرحي قلبا معشرا، أي مكسرا، يقال برمة أعشار وبقدح أعشار، إذا ما كان قطعا ثم جبرت.
قال الأصمعي: إنما هذا مثل للأعشار والجزور وهي تنقسم على عشرة أنصباء وقوله بسهميك يريد المعلى وله سبعة أنصباء، والرقيب وله ثلاثة أنصباء، فأراد أنك ذهبت بقلبي أجمع، واعلم أن قداح الميسر عشرة، أولها الفذ ثم التوأم ثم الرقيب ثم الحلس بالحاء ثم النافس ثم المسبل والمعلى ثم الوغد ثم السفيح ثم المنيح. فالفذ له نصيب إذا فاز والتوأم له نصيبان وهكذا إلى المعلى وهو السابع وله سبعة أنصباء وثلاثة لا نصيب لها وإنما يتكثر بهذه القداح.
واجتمع لها منهم من العين ثم السفيح والمنيح والوغد، وربما سموا المنيح أحد هذه التي لها الأنصباءش وذلك أن يمنحنه من صاحبه لما عرف من فوز قال الشاعر:
إذا امتحنته من معد عـصـابة غدا ربها قبل المغيضين يقدح
أي ثقة بفوزه وهذا كما قال امرؤ القيس:
إذا ما ركبنا قال ولدان قـومـنـا تعالوا إلى أن يأتي الصيد نحطب
وصفة الميسر أن العرب كانت تفتخر به وتعده من مكارم الأخلاق، وتفعله في سنة الجدب لأنهم يطعمون ما يقمرون من اللحم، ويخسرون ثمنه وذلك بأنهم ينحروق الناقة ويقسمونها على عشرة سهام وقيل على أربعة وعشرين.
ثم يأتي واحد بقدحه وقد أصلحه وملسه، ليسرع في الخروج، وقد أعلمه كما قال به علمان من أمام ومن عقب ثم يجعلونها في خريطة ضيقة الفم لا يكاد يخرج منها تسمى الرمانة، فيضعونها على يد رجل عدل عندهم يسمى المجد والمقبض ثم يحملها. ومعنى البيت: أنها ذهبت بقلبي أجمع والمقتل المذلل المنقاد على التشبيه ويقال قلب معشر أي مكسر.
وبيضة خدر لا يرام خبـاؤهـا تمتعت من لهو بها غير معجل
شبهها بالبيضة لصفائها ورقتها والخباء ما كان على عمودين أو ثلاثة والعرب يجعلونها على ستة أعمدة إلى تسعة. غير معحل: غير خائف على مهل.
تجاوزت أحراسا إليها ومعشـرا علي حراصاً لو يسرون مقتلي
أي هم حراص على إسرار مقتلي، ويروى ينشرون مقتلي بالشين المعجمة أي يظهرون ويسرون بالسين المهملة من الأضداد، يقال أسررت الشيء أظهرته، وأسررته: أخفيته وقال الشاعر:
ولما رأى الحجاج جـرد سـيفـه أسر الذي كان الحروري أضمرا
أي أظهر الحروري، والمعشر بنو عمها وعشيرتها.
إذا ما الثريا في السماء تعرضت تعرض أثناء الوشاح المفضل
ويروى المفصل الوشاح هو ما يعمل من كل لون، والمفصل الذي فيه فصل الزبرجد وأثناء الوشاح نواحيه، وواحد الأثناء ثنيء، وثني وثنو، وتعرض نصب على المصدر.
فجئت وقد نضت لنوم ثيابهـا لدى الستر إلا لبسة المتفضل
لدى بمعنى عند، نضت: سلخت، ولبسة المتفصل: ثوبها الذي يلي جسدها، وقال بعض المفسرين لهذا البيت معنى قوله إلا لبسة المتفضل: يعني ما جعل الله من الحسن والمتفضل هو الله وهو وجه حسن، والفضلة الثياب تبتذل للنوم، والعمل، والمتفضل الذي يبقى في ثوب واحد لينام فيه أو يعمل عملا، واسم الثياب المتفضل ويقال للأول من الثياب فضل أيضا وأما المفضل فهو الإزار الذي ينام فيه.
وليست تكون للحال، ما أحسن بالكسر لبسته وقعدته فإن أردت المرة الواحدة قلت ما أحسن لبسته وقعدته بالفتح.
فقالت يمين الله مـا لـك حـيلة وما إن أرى عنك الغواية تنجلي
يمين الله منصوبة بمعنى إني حلفت بيمين الله فلما ألغى نصب وأسقط الحرف فتعدى بالفعل، ويروى يمين الله بالرفع على الابتداء، واليمين محذوف: أي يمين الله قسمي أو علي، وإن في قوله ما إن أرى عنك الغواية تأكيد لما على الغواية تنجلى من غوى غواية وتنجلي: تنكشف، وجليت الشيء كشفته.
وروى الأصمعي وما إن أرى عنك العماية تنجلي والعماية مصدر عمي قلبه يعمى عماية وعمى. ومعنى البيت: إنها خافت أن يظهر عليهما ويعلم بأمرهما. فالمعنى ما لك حيلة في التخلص، ويجوز أن يكون المعنى ما لك حيلة فيما قصدت له.
فقمت بها أمشي تجر وراءنـا على إثرنا أذيال مرط مرحل
ويروى على أثرينا ذيل مريط، ويروى خرجت بها، والأذيال جمع ذبل، والمرط: كساء من خز معلم، والأثر والإثر واحد، والمرحل بالحاء المهملة الذي فيه صور الرجال من الوشي. ويقال ضرب من البرود الموشاة.
ويقال للمرحل: المعلم، ويروى المرجل بالجيم أي علية أنملة الرجال من الوشي، وهو النقش،وقوله أمشي في موضع النصب على الحال، ومعنى البيت: إنها لما أنب قالت له ما لك حيلة فخرج بها إلى الخلوة.
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحـى بنا بطن خبت ذي حقاف عقنقل
أجزنا وجزنا بمعنى واحد، وقال الأصمعي أجزناه قطعناه وخلفناه، وجزنا: سرنا فيه، والساحة: الباحة الفجوة، والغروة والنالة فناء الدار.
يقال هي الرحبة كالعرصة، وهو ما اتسع من الأرض، وانتحى: ناء. الخبت بطن من الأرض غامض. ويروى بطن حقف والحقف ما اعوج من الرمل، وانثنى وجمعه أحقاف، والحقف ما ارتفع من الأرض وغلظ ولم يبلغ أن يكون جبلا.
ويروى ذي ركام والركام ما يركب بعضه بعضا من الكثرة، والعقنقل المعقد الداخل بعضه في بعض، وعقنقل الضب بطنه المنعقد، وهو كشيته وبيضه، وشحمه من أصل حلقه إلى رفغه.
وجواب فلما أجزنا هصرت.
هصرت بفودي رأسها فتمايلت لي هضيم الكشح ريا المخلخل
وزعم بعضهم أن جواب لما قوله انتحى بنا والواو مقحمة، ويجوز أن تكون الواو غير مقحمة والجواب محذوفا تقديره: فلما أجزنا ساحة الحي أمنا. وعلى هذا الوجه تكون رواية البيت الذي يليه، إذا قلت هاتي نوليني تمايلت، ويروى مددت بغصني دومة، ودومة شجرة والفوادان جانبا الرأس. وهما القرنان أيضا والقرون أيضا غدائر الرأس سميت بذلك لمنبتها على قرون الرأس، ومعنى هصرت جذبت وثنيت، والكشح ما بين منقع الأضلاع إلى الورك، والهضيم: الضامر. والريا الممتلئة، من اللحم، والمخلخل: موضع الخلخال. يصف رقة خصرها وعبالة ساقيها. وهضيم منصوب على الحال، وكذلك ريا المخلخل.
ومن روى إذا قلت هاتي نوليني فتكون إذا ظرف وتمايلت هو الجواب، وإذا من حروف الشرط، وشبهها بها أنها ترد الماضي إلى المستقبل. ألا ترى أنك إذا قلت: إذا قمت قمت معناه إذا تقوم أقوم، وأيضا فلأنه لا بد لها من جواب كحروف الشرط لأنه لا يليها إلا فعل، فإن وليها اسم أضمرت فعلا كقول الشاعر:
إذا ابن أبي موسى بلالا بلغته فقام بفأس بين وصليك جازر
والتقدير إذا بلغت ابن أبي موسى، وروى سيبويه إذا ابن أبي موسى بالرفع، وزعم أبو العباس أن هذا غلط، أن يرفع ما بعد إذا الابتدائية، ولكنه يجوز الرفع عنده بتقدير إذا بلغ ابن أبي موسى. والخليل وأصحابه يستقبحون أن يجاز. وأما إذا وإن كانت تشبه حروف المجازاة في بعض أحوالها، فإنها تخالفهن بأن ما بعدها يقع موقتا لأنك إذا قلت لابنك إذا احمر الأقحوان فهو وقت بعينه. وكذلك (إذا السماء انشقت) وقت بعينه، ولهذا قبيح أن يجازى بها إلا في الشعر قال الشاعر:
يرفع لي خندف والله يرفع لي نارا إذا ما خبت نيرانهم تقد
وهضيم عند الكوفيين بمعنى مهضومة فلذلك كان بلا هاء وهي عند سيبويه على النسب، وأراد بالكشح: الكشحين كما تقول كحلت عيني تريد عيني وريا فعلى من الري وهو إنهاء شرب العطشان، ومعنى البيت أنه إذا قال لها نوليني تمايلت عليه مكتنزة اللحم.
[إذا التفتت نحوي تضوع ريحهـا نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل]
مهفهفة بيضاء غـير مـفـاضة ترائبها مصقوله كالسجنـجـل
المهفهفة: الخفيفة اللحم التي ليست برهلة ولا ضخمة البطن، والمفاضة المسترخية البطن من قولهم حديث مستفيض، وقيل مهفهفة معناه أنها لطيفة الخصر والترائب جمع تريبة وهي موضع القلادة من الصدر.
والسجنجل: المرآة قال يعقوب هذا حرف رومي وقيل سبيكة الفضة.
ورواية أبي عبيدة مصقولة بالسجنجل، وقيل السجنجل الزعفران وقيل ماء الذهب ومهفهفة مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف والكاف في قوله كالسجنجل في موضع رفع نعت لقوله مصقولة، ويجوز أن يكون في موضع نصب على أن يكون نعتا لمصدر غدون، كأنه قال مصقولة صقلا كالسجنجل، وإنما يصف المرأة بحداثة السن. وجمع السجنجل سجاجل، ومن رواه بالسجنجل فالجار والمجرور في موضع نصب.
تصد وتبدي عن أسيل وتتـقـي بناظرة من وحش وجرة مطفل
أي تعرض عنا وتبدي عن خد أسيل ليس بكز ولا بمكثف، وتتقي تلقانا بناظرة يعني عينها، والوحش ها هنا البقر الوحشي، والظباء، وجرة موضع، ويقال أراد الظباء فقط.
ويروى تصد وتبدى عن شنيب أي ثغر شنيب، والشنيب [والأشنب حدة الأسنان] وذات طفل: قال الفراء لم يقل مطفلة لأن هذا لا يكون إلا للنساء فصار عنده مثل حائض وهو على مذهب سيبويه على النسب كأنه قال ذات طفل، والدليل على صحة قوله أنه يقال مطفلة إذا أردت أن يأتي به على قولك هي أطفلت فهي مطفلة ولو كان يقع للمؤنث لا يشركه فيه المذكر ولا يحتاج إليه الهاء فيه ما جاز مطفلة قال تعالى: (تذهل كل مرضعة عما أرضعت).
وقوله بناظرة أي بعين ناظرة قال ابن كيسان: كأنه قال بناظرة مطفل من وحش وجرة غلط فجاء بالتنوين كما قال الآخر:
رحم الله أعظما دفنـوهـا بسجستان طلحة الطلحات
تقديره رحم الله أعظم طلحة، فنون ثم أعرب بإعراب أعظم والأجود إذا فرق بين المضاف والمضاف إليه إلا ينون كقوله:
كأن أصوات من إيغالهن بـنـا أواخر الميس إنقاض الفراريج
كأنه قال: كأن أصوات أواخر الميس.
وفي بيت امرئ القيس تقدير أحسن من هذا وهو أن يكون التقدير بناظرة من وحش وجرة ناظرة مطفل، ويحذف ناظرة ويقيم مطفلا مكانه وكذلك قوله طلحة الطلحات كأنه قال أعظم طلحة الطلحات.
ومعنى الشنيب لها ثغر حيثما تأتي تبتسم، فيبدو لنا ثغرها، وتتقي أي تتلقانا به والإعراض عنا بملاحظتها كما تلاحظ الظبية ولدها وذلك أحسن ما يكون من غنج المرأة، والصد الاعراض، والإبداء: الظهور، والأسالة امتداد وطول في الخد، أي بناظر من نواظر وحش هذا الموضع التي لها أطفال من ظبية مطفلة ومهاة مطفل، وفي قوله وجرة حذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه.
وجيد كجيد الريم ليس بفاحش إذا هي نصته ولا بمعطل
نصته: رفعته، والمعطل الذي خلي حليه، والفاحش: الكريه، وليس بفاحش أي ليس بكريه المنظر، وهو نحرها.
وفرغ يزين المتن أسود فاحم أثيث كقنو النخلة المتعثكل
الفرع الشعر التام وأعلى كل شيء فرع، والمتن والمتنة ما يلي يمين الصلب وشماله من العصب واللحم، والفاحم الشديد السواد، مشتق من الفحم يقال هو فحم بين الفحومة، والأثيث: الكثير، والمتعثكل: الداخل بعضه في بعض واحدة عثكول وعثكال كشمروخ وشمراخ، وقد يكون العثكال والعثكول في اللغة بمعنى طعمة من القنو، والنخلة المعثكلة التي خرج عناقيدها أي قنواتها، وقيل المتعثكل المتدلي.
يقول: تبدي عن شعر طويل نام يزين ظهرها إذا أرسلته عليه ثم شبه ذوائبها بقنو نخلة أخرجت قنواتها والذوائب تشبه العناقيد.
غدائره مستشزرات إلى الـعـلا تضل العقاص في مثنى ومرسل
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس