عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 28-02-2008, 02:21 AM   #1
فرناس
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2008
المشاركات: 281
Smile عيــده في الروضـــة

يعتــري البيت هدوء غير مسبوق ببكاء أو عويل , كل من شعر بهذا الهدوء الغريب اعتراه توجس بشر قريب , الأخت عيده تتنقل في البيت دون إثارة قليل من المشاكل أو كثير , تجري تمشي تقفز ثم تجلس ثم تقوم مرة أخرى تذهب إلى المطبخ ثم تعود إلى غرفة الجلوس تدوس على الجريدة التي يقرأها أخوها في الذهاب و الإياب وكأنها بريئة يتهددها أخوها فتضحك و لا تبكي !! و هكذا هــي طوال هذا اليوم إلى أن أتت ساعة الصفر ليرن جوال الوالدة و يترقب الجميع بدء المشكلة بهدوء و عدم انفعال فليس لهم يد في بدئها و لا في وسطها و لا في نتائجها .. الاتصال مـن الأخت المصونة تخبر أمها تسجـــيل بنتها ردعة في الروضـة ينتهي الاتصال لتخبر أمي الجميع في مؤتمر صحفي مفتوح عن إلتحاق ردعة بالروضة ليهتف الجميع بالدعاء و التبريكات لها و ولأمهـا .. انتهى الاجتماع لكن تفجر بركان عيده بالصياح و البكاء و المطالبة بإصلاح الأوضاع المأساوية فاستجاب الجميع لضغوطاتها بقولهم : أذن من طين و إذن من عجين , إلا الوالدة فقد تعاطفت معها و وعدتها خيرا إلا إنها تعرف أن الأمر ليس في يدها _ لم يكن تعاطف الوالدة تصريفا لها حتى تهدأ العاصفة ثم ترجع الأمور إلى مجراها و كأنك يا أبو زيد ما غزيت _ و لذلك أمرتها بكتابة الحروف و الأرقام ثم تقديمها كمعروض على الوالد مباشرة و بمساعدة أخواتها نفذت ما طلب منها بأسرع ما يمكن ثم هرولت إلى باب المدير العام .. خبطت الباب بأقوى ما أوتيت من قوة , سمح لها بالدخول رمت المعروض و عرضت طلبها في كل حمـاس _ و إلى هنا و الأمور تمشي على أحسن ما يرام _نظر الوالد للمعروض و إليها ثم قال الطلب مرفوض و لم يصل إلى الضاد إلا وانطلق البكاء الصادق من ثم عيده الذي له فترة من الزمن و هي تخفيه فأخذت تهل الدمع أربعا أربعا , و لم تجد في هذا الوقت من حضن ترتمي فيه هي و همومها الا حضن الوالدة فأخذت الورقة و أخذت نفسها لتركض ركض الحزين الذي يود أن يستمر في ركضه دون أن يحس بالتعب فلا يسرع و لا يتأخر و معروضها في يدها و تحت عينها دموع متلبدة و قطرات من الدموع تطير ذات الميمنة و الميسرة حتى ارتمت في حضن الوالدة و كأنها جثة لا تقوى على الحراك و لا تستطيع الكلام فاندهشت الوالدة و لم تستطع أن تبلع ريقها قبل أن تسألها ذلك السؤال الذي سيغير الموقف ثلاثمئة و ستين درجة : وش فيها حبيبتّي _ بتشديد الياء تصغيرا للحبيبة –
فلم تقدر عيده على الكلام فأعادت السؤال مرة و مرتين و ثلاثة و كلما أعادت السؤال زاد عزمها على حل هذه المعضلة أخيرا قالت عيده متنهدة : أبي رفض طلبي الصغير
فلم يتأخر رد الوالدة : أنا أخت اخوي _ و الكلمة هذه إذا قالتها أمي فان المسألة قد انتهت _ , و فورا تقرر أمي مجموعة من القرارات الصارمة فلان شغل السيارة بنروح السوق .. أراد أن يثنيها و لكن صوته لا صدى و إن كنت ريحا فقد لاقيت إعصارا ..
علت الفرحة محيا عيده _ لا محيا الرياض _ و في اقل من ربع ساعة و هم في السوق .. لتشتري عيده ما طاب لها و لاح من شنطة و شباصة و شريطة و ألوان و دفتر و أكرم الله السامع جزمة و شُُُراب .. وبعد ساعة و هم في البيت و إذا بالحزينة سعيدة جدا و تفتخر على إخوانها و إذا بإخوانها الذين لم يدخلوا الروضة إلا واحدا منهم _ لمدة يومين فقط ثم هرب منها خائفا لأنه رأى فيها طلابا من ذوي البشرة السوداء _ مباشرة أقامت عيده معرضا مصغرا لمشترياتها ثم قامت بالتعليق عليه و إخوانها تأكل الغيرة قلوبهم قائلة : هذي الشنطة فقط اشتريناها بأربعين ريال , فصاح أخي الصغير يا سلام شنطتها أغلا من شنطتي مباشرة رفعت أمي حق الفيتو قائلة هذه دعوى كيدية لإضاعة الوقت لا فائدة من طرحها , عيده هل تصفحين عن هذا الولد فقالت : مسامح مسامح الشكوى لله ما وراهم إلا الحسد و الغيرة ... انتهى المعرض لتبدأ أمي في إملاء طلباتها على عيده تأكلين زي الناس تنامين بدري تجين مؤدبة صاحية .. وعيده لو قالت لها أمي في ذاك الوقت ما تروحين الروضة لوافقت ..
يجهز مكان النوم و تكوى ملابسها و تجهز .. و يعم الهدوء البيت انه وقت النوم و المرة هذه الجميع نائم ..صحا الجميع و هم يحملون فوق أعناقهم أرتالا من الكسل و الخمول و عيونهم إذا أرادت أن تفتح كاملة فإنها تعاني ما يعانيه رافعوا الأثقال لكن هذه الأثقال من نوع النعاس .. إلا إن أحداقهم تتحامل على نفسها لتكبر تعبيرا عن الدهشة لأمر عيده التي أخذت نصف ساعة من الإحماء استعدادا لليوم الجديد في حياتها ثم لا يلبث للعجب أن يرتاح إلا و يصاب العجب مرة أخرى بحالة إعياء من تناول المقرودة عيده لبادية _ و هي تختلف عن باديتكم _ ممتلئة بالآندومي الطعم الشهي مع الصباح الباكر و لأول مرة عيده تنهي باديتها.. تفرق الجميع و ما جمعهم إلا الغداء لنأخذ أخبار الروضة الأهلية و التسجيل _ و إخوانها يتحسرون على طفولة مرت بدون الروضة _ قام الجميع بالتبريك : عيده مبــارك ما صنعت أتم الله لكِ بالفرح و السرور و الحبور بهذه الروضة , فترد منتشية : لو سمحت مدرسة مش روضة يا جاهل مدرسة تفهم .. و هكذا هي في حرب مع الجميع ..
عيده حققت أولى مكاسبها على أرض الواقع لكنها ما زالت تطمح إلى المزيد هذا إذا ما علمنا أن ردعه المصونة التي قلبت بيتنا تذهب إلى الروضة عن طريق الباص .. فبدأت بمطالباتها بأن جلالتها لا تريد أن تذهب مع هذا السائق _ محدثكم _ ثم وصفتني بوصف لا يليق ثم زادت هذا يطفشني يوديني اخر وحده و كثير من التهم الزائفة .. هب الجميع لإقناعها .. أما فرناس فسبح بعيدا في بحر ذكرياته ليتذكر توسلاتها لتذهب معه و توصل إخوانه و بكائها الكاذب أحيانا .. آه أبى كفر العشير أن يفارقكن معشر نساء .. الأخت عيده أيقنت بفشل المطلب فرضخت للواقع .. وتمر الساعات لتأتيني و تخبرني انها ترغب بالذهاب إلى المكتبة .. قلت : خير بالله ’توكي’ ما بديتي .. قالت : خلصت الصور و ابغا اشتري .. فطردتها شر طرده .. تُجهز ملابس عيده قبل موعد الإقلاع بإثني عشرة ساعة .. ينام الجميع يهدأ البيت أول من يصحو الأخت عيده قبل الفجر لتمارس عمليات الإحماء و التسخين وبعد الفجر تتناول اندومي الطعم الشهي , و قبل الانطلاق الجرس يرن الجميع : خير إن شاء الله .. نعم .. هذا بيت عيده .. نعم ..أنا الباص .. تويوتا و لا نيسان .. ما تريد لكن عجل علينا .. أخبرت أمي لترتاح من موجة التشاؤم التي اعتلتها .. الأخت عيده تتراقص في نشوة غامرة تكمل لبس ملابسها .. أخيرا عيده مؤدبة أخذتها بيدها سلمتها إلى العاملة لتركبها الباص في كل هدوء و تؤدة _ وددت لو صورتها في تلك الحال _ ينطلق الجميع كل يسير في طريقه .. تأتي عيده من الروضة لتصيح في كل من تلقاه ابتعدوا عني و عن كتبي .. تخرج كتبها و أقلامها و ألوانها و أوشكت على البدء لملأ جميع الكتب لتنتهي منها معطية إخوانها صورة حسنه للطالبة المجدة و النشيطة لكن أختها الكبيرة توبخها توبيخا قاسيا و يبارك هذا التوبيخ من لدن الوالدة فتصدم صدمة كبيرة ثم تنام و لن تصحو بإذن الله إلا مع بداية اليوم الجديد .. جميلة هي حيــاة الأطفال أينما كانوا فهاهي ردعة تصفها أمها بالدجاجة التي لا تعرف إلا كيف تركب الباص و تنزل منه .. و هي أفضل بكثير من زهرة فاتحة المشروع و السباقة إلى الروضة لأنها تركب اقرب باص تجده أمامها .. نسأل الله أن يهبنا براءة اطفال في حماس شباب في حكمة شيوخ .
محبكم
فرناس غير متصل   الرد مع إقتباس