عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 09-03-2012, 10:14 AM   #170
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

2- مَا الزَّائدَةُ بعْدَ الجارِّ

قد تُزادُ (ما) بعدَ (من وعن والباء)، فلا تَكفُّهنَّ عن العمل، كقوله تعالى: {مِمّا خَطيئاتهم أُغرِقوا}، وقولهِ: {عَمّا قَليلٍ ليُصبحنَّ نادمينَ}، وقولهِ: {فَبما رَحمةٍ من الله لِنتَ لَهُم}.


وقد تُزادُ بعدَ (رُبَّ والكافِ) فيبقى ما بعدَهما مجروراً، وذلك قليلٌ، كقول الشاعر:


رُبَّما ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ صَقيلٍ

بَيْنَ بُصْرى وَطَعْنَةٍ نَجْلاءُ

وقولِ غيره:

وَنَنْصُرُ مَوْلانا، ونَعْلَمُ أَنَّهُ

كمَا النَّاسِ، مَجْرومٌ عَلَيْهِ وجارِمُ

وإنما وجبَ أَن تكونا هنا عاملتينِ، غيرَ مكفوفتينِ، لأنهما لم تُباشِرا الجملة،

وإنما باشرتا الاسم.

والاكثرُ أن تُكُفّهما (ما) عن العملِ، فيدخلانش حينئذٍ على الجُمَلِ الاسميّة والفعليّة كقول الشاعر:


أَخٌ ماجِدٌ لَمْ يُخْزِني يَومَ مَشْهَدٍ

كمَا سَيْفُ عَمْرٍ ولَمْ تَخُنْهُ مَضارِبُهْ

وقولِ الآخر:


رُبَّما أَوْفَيتُ في عَلَمٍ

تَرْفَعَنْ ثَوْبي شَمَالاتُ

والغالب على (رُبَّ) المكفوفةِ أَن تدخلَ على فعلٍ ماضٍ، كهذا البيت. وقد تدخلُ على فعلٍ مضارع، بشرط أن يكونَ مُتَحققَ الوقوع، فيُنزّلُ منزلة الماضي للقطع بحصولهِ، كقولهِ تعالى: {رُبَما يَودُّ الذينَ كفروا لو كانوا مُسلمينَ}. ونَدَرَ دخولها على الجملة الاسميّة، كقول الشاعر:


رُبَّما الْجَامِلُ المُؤَبَّلُ فيهِمْ

وعَناجيجُ بَيْنَهُنَّ المِهارُ

3- واوُ رُبَّ وفاؤُها


قد تُحذَف (ربَّ)، ويبقى عملُها بعد الواو كثيراً، وبعد الفاء قليلاً، كقول الشاعر:


وَلَيْلٍ كَمَوْجِ الْبَحْرِ، أَرْخى سُدُولَهُ

عَلَيَّ. بِأَنْواعِ الهُمومِ، لِيَبتَلي

وقولهِ:


فَمِثْلِكِ حُبْلى قَدْ طَرَقْتُ وَمُرْضِعٍ

فَألْهيْتُها عَنْ ذي تَمائِمَ مُحْوِلِ

4- حَذْفُ حَرْفِ الجَرِّ قِياساً


يُحذَفُ حرفُ الجَرِّ قِياساً في ستَّة مواضع:


أ- قبلَ أنْ، كقوله تعالى: {وعَجِبوا أن جاءَهم مُنذرٌ منهم}، أي: لأنْ جاءهم، وقولهِ: {أوَ عَجِبتُمْ أنْ جاءكم ذِكرٌ من ربكم على رجلٍ منكم}، وقولِ الشاعر:


اللهُ يَعْلَمُ أَنَّا لا نُحِبُّكُمُ

وَلا نَلومُكُمُ أَن لا تُحِبُّونا

أي: على أن لا تُحبُّونا.


ب- قبلَ أنَّ، كقولهِ تعالى: {شهِدَ اللهُ أنهُ لا إِله إلا هو}، أي: شَهِدَ بأنهُ.

واعلم أنهُ إنما يجوزُ حذفُ الجارِّ قبلَ (أن وأنَّ)، إن يُؤمَنِ اللَّبسُ بحذفهِ. فإن لم يُؤمَن لم يَجز حذفهُ، فلا يقالُ: (رغِبتُ أن أفعلَ)، لإشكالِ المراد بعدَ الحذفِ، فلا يَفهمُ السامعُ ماذا أردتَ: أرَغبَتك في الفعلِ، أم رغبَتَكَ عنه؟ فيجبُ ذكرُ الحرف ليتعيَّن المرادُ، إلا إذا كان الإبهامُ مقصوداً من السامع.

ج- قبلَ (كي) الناصبةِ للمضارع، كقولهِ تعالى: {فرَددناهُ إلى أمهِ كي تَقرَّ عينُها}، أي: لكي تَقرَّ.


واعلم أن المصدرَ المؤوَّل بعد (أنْ وأنَّ وكيْ) في موضع جرَّ بالحرف المحذوف، على الأصحَّ. وقال بعض العلماءِ: هو في موضعِ النصب بنزعِ الخافض.


د- قبلَ لفظِ الجلالة في القسم، نحو: (اللهِ لأخدمنَّ الأمةَ خدمةً صادقةً)، أي: والله.


هـ- قبلَ مُميّز (كم) الاستفهامية، إذا دخل عليها حرفُ الجرِّ، نحو: (بكم درهم اشتريتَ هذا الكتابَ؟) أي: بكم من درهم؟ والفصيحُ نصبُهُ، كما تقدَّم في باب التمييز، نحو: (بكم درهماً اشتريته؟).


و- بعدَ كلامٍ مُشتملٍ على حرف جرّ مثله، وذلك في خمس صُوَر:


الأولى: بعد جوابِ استفهامٍ، تقول: (مِمَّنْ أخذتَ الكتاب؟)، فيقالُ لك: (خالدٍ)، أي:

من خالد.

الثانية: بعد همزةِ الاستفهام، تقولُ: (مررتُ بخالدٍ)، فيقالُ: (أخالدِ ابنِ سعيدٍ؟) أي: أبخالدِ بنِ سعيد؟.


الثالثة: بعدَ (إن) الشرطّيةِ، تقولُ: (إذهبْ بِمنْ شئتَ، إنْ خليلٍ، وإنْ حسَنٍ) أي: إن بخليلٍ، وإن بحسنٍ.


الرابعةُ: بعدَ (هَلاَ)، تقولُ: (تصدَّقتُ بدرهمٍ)، فيقالُ: (هَلاّ دينار)، أي: هلاّ تَصدَّقتَ بدينار.


الخامسة: بعد حرف عطفٍ مَتْلُوٍّ بما يصحُّ أن يكونَ جملةً، لو ذُكرَ الحرفُ المحذوفُ، كقولك: (لخالدٍ دارٌ، وسعيدٍ بُستانٌ)، أي: ولسعيد بستانٌ، وقولِ الشاعر:


ما لِمحُبٍّ جَلَدٍ أَنْ يَهْجُرا

وَلا حَبيبٍ رَأْفةٌ فَيَجْبُرَا

وقولِ الآخر:

*أَخْلِقْ بِذي الصَّبْرِ أَنْ يَحْظى بِحاجتِهِ
ومُدْمِنِ الْقَرْعِ لِلأَبوابِ أَنْ يَلِجا

أي: وبِمُدمنِ القرع. ومنهُ قولهُ تعالى: {وفي خَلقكم وما يَبُثُّ من دآبَّةٍ آياتٌ لقومٍ يُوقنونَ، واختلافِ الليلِ والنهار وما أنزلَ اللهُ من السماءِ من رزقٍ، فأحيا به الأرضَ بعد موتها، وتصريفِ الرِّياح، آياتٌ لقومٍ يعقلون}.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس