عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 17-02-2012, 11:04 AM   #165
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

3- إِلى

إلى: لها ثلاثة معانٍ:


أ- الانتهاءُ، أي: انتهاءُ الغايةِ الزمانيّة أو المكانيّة. فالأولُ كقولهِ تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصيامَ إلى الليل}، والثاني كقولهِ: {من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}.


وترِدُ أيضاً لانتهاء الغاية في الأشخاص والأحداث. فالأولُ نحو: (جئتُ إليك)، والثاني نحو: (صِلْ بالتّقوى إلى رضا الله).


ومعنى كونها للانتهاءِ أنها تكونُ منتهًى لابتداء الغاية.

أمّا ما بعدَها فجائزٌ أن يكون داخلاً جُزءٌ منه أو كلُّهُ فيما قبلَها، وجائزٌ أن يكونَ غيرَ داخل. فإذا قلتَ: "سرتُ من بيروتَ إلى دمَشقَ"، فجائزٌ أن تكون قد دخلتَها، وجائزٌ أنك لم تدخلها، لأنَّ النهايةَ تشملُ أولَ الحدّ وآخرَهُ. وإنما تمتنعُ مجاوزتُهُ. ومن دخول ما بعدَها فيما قبلَها قولهُ تعالى: {إذا قُمتُم إلى الصَّلاة فاغسِلوا وُجوهكُم وأيديَكُم إلى المَرافِق}. فالمَرافق داخلةٌ في مفهوم الغسل. ومن عدم دُخولهِ قولهُ عَزَّ وجلَّ: {ثمَّ أَتِمُّوا الصيامَ إلى الليل}. فالجزءُ من الليل غيرُ داخلٍ في مفهوم الصيام. وقالت الشيعةُ الجعفريةُ: إنه داخل. والآية - بظاهرها - مُحتملة للأمرينِ.

فإن كان هناك قرينةٌ تدلُّ على دخول ما بعدَها فيما قبلَها، دخل، أو على عدم دخوله لم يدخل. فإن لم تكن قرينةٌ تدلُّ على دخوله أو خورجهِ، فإن كان من جنس ما قبلها جاز أن يدخل وأن لا يدخل، نحو: (سرتُ في النهار إلى العصر) وإلا فالكثير الغالبُ أنه لا يدخل. نحو: (سرتُ في النهار إلى الليل). وقال قوم: يدخل مطلقاً، سواءٌ أكان من الجنس أم لا. وقال قومٌ: لا يدخل مطلقاً. والحقّ ما ذكرناه.


ب- المصاحبةُ، أي: معنى (معَ) كقوله تعالى: {قال: مَن أنصاري إلى الله؟} أي: معهُ، وقولهُ: {ولا تأكلوا أموالَهم إلى أموالكم}، ومنهُ قولهم: (الذَّوْدُ إلى الذَّوْدِ إبلٌ)، وتقولُ: (فلانٌ حليمٌ إلى أدبٍ وعلمٍ).


ج- معنى (عند)، وتُسَمّى المُبَيّنَة، لأنها تُبينُ أن مصحوبها فاعلٌ لما قبلها. وهي التي تقعُ بعدَ ما يفيدُ حُباً أو بُغضاً من فعل تعجّبٍ أو اسمِ تفضيلٍ، كقوله تعالى:

{قال: رب السّجنُ أحَب إليَّ مِمّا يدعونني إليه}، أي: أحبُّ عندي. فالمُتكلم هو المُحِبُّ. وقولِ الشاعر:

أَمْ لا سَبيلَ إلى الشَّباب، وذِكْرُهُ

أَشهى إِلَيَّ مِنَ الرَّحيقِ السَّلْسَلِ
[الرحيق السلسل: الخمر، وأراد بها السهلة المساغ]

4- حَتَّى


حتى: للانتهاء كإلى، كقوله تعالى: {سلامٌ هيَ حتى مَطلَعِ الفجر}. وقد يدخلُ ما بعدَها فيما قبلها، نحو: (بَذَلتُ ما لي في سبيل أُمَّتي، حتى آخر دِرهمٍ عندي). وقد يكون غيرَ داخلٍ، كقوله تعالى: {كلوا واشربوا حتى يَتبيّن لكمُ الخيطُ الأبيضُ من الخيط الأسود من الفجر}، فالصائم لا يُباحُ له الأكلُ متى بدا الفجر.

ويَزعُمُ بعضُ النحاةِ أنّ ما بعدَ (حتى) داخلٌ فيما قبلها على كل حال. ويَزعُمُ بعضهم أنه ليس بداخلٍ على كل حال. والحقُّ أنه يدخلُ، إن كان جزءًا مما قبلها، نحو: (سِرتُ هذا النهارَ حتى العصرِ)، ومنه قولهم: (أكلتُ السمكة حتى رأسِها). وإن لم يكن جزءًا ممّا قبلها لم يدخلْ، نحو: (قرأتُ الليلةَ حتى الصَّباحِ) ومنه قولهُ تعالى {سلامٌ هيَ حتى مَطلَعِ الفجر}.


واعلم أن هذا الخلافَ إنما هو في (حتى) الخافضة. وأما (حتى)العاطفة، فلا خلاف في أن ما بعدَها يجبُ أن يدخلَ في حكم ما قبلها، كما ستعلم ذلك في مبحث أحرف العطف.


والفرق بينَ غلى وحتى أنَّ (إلى) تجرُّ ما كان أخراً لِما قبله، أو مُتّصلاً بآخره، وما لم يكن آخراً ولا متصلاً به. فالأولُ نحو: (سرتُ ليلةَ أمسِ إلى آخرها) والثاني نحو: (سهرتُ اليلةَ إلى الفجر)، والثالثُ نحو: (سرتُ النهارَ إلى العصر).

ولا تجرُّ (حتى) إلا ما كان آخراً لِما قبلها، أو متّصلاً بآخره، فالأول نحو: (سرتُ ليلةَ امسِ حتى آخرِها)، والثاني كقوله تعالى: {سلامٌ هيَ حتى مَطلَعِ الفجر}. ولا تجرُّ، ما لم يكن آخراً ولا متصلاً به، فلا يقال: (سرتُ الليلةَ حتى نصفها).

وقد تكونُ حتى للتَّعليل بمعنى اللام، نحو: (إتَّقِ اللهَ حتى تفوزَ برضاهُ)، أي: لتفوز.


وقد تكونُ حتى للتَّعليل بمعنى اللام، نحو: (اتَّقِ اللهَ حتى تفوزَ برضاهُ)، أي: لتفوز.


__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس