عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 22-02-2024, 07:14 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,992
إفتراضي

الدليل الثالث : أن زينب تعتبر بنت عمة النبي(ص)ص)ولم يزل يراها منذ ولدت، وكان معها في كل وقت وموضع ، ولم يكن حينئذ حجاب ، وهو الذي زوجها لمولاه زيد ، فكيف تنشأ معه ، وينشأ معها ، ويلحظها في كل ساعة ، ولا تقع في قلبه إلا بعد أن تزوجها زيد، وقد كانت وهبت نفسها للنبي " وكرهت غيره ، فلم تخطر بباله " ، فكيف يتجدد لها هوى لم يكن ، حاشاه " من ذلك ، وهذا كله يدل على بطلان القصة ، وأنها مختلقة موضوعة عليه "
الدليل الرابع : أن الله تعالى بين الحكمة من زواجه بزينب ، فقال : " فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا " ، وهذا تعليل صريح بأن الحكمة هي قطع تحريم أزواج الأدعياء ، وكون الله هو الذي زوجه إياها لهذه الحكمة العظيمة ، صريح في أن سبب زواجه إياها ليس هو محبته لها ، التي كانت سببا في طلاق زيد لها ، كما زعموا ، ويوضحه قوله تعالى : " فلما قضى زيد منها وطرا " ؛ لأنه يدل على أن زيدا قضى وطره منها ، ولم تبق له بها حاجة ، فطلقها باختياره "
وأما مذهب الذين قبلوا الروايات فتحدث عنه فقال :
"المذهب الثاني : قبول هذه الروايات واعتمادها ، وجعلها سببا في نزول الآية
ويرى أصحاب هذا المذهب : أن النبي (ص)وقع منه استحسان لزينب ، وهي في عصمة زيد ، وكان حريصا على أن يطلقها زيد فيتزوجها هو ، ثم إن زيدا لما أخبره أنه يريد فراقها ، ويشكو منها غلظة قول ، وعصيان أمر ، وأذى باللسان ، وتعظما بالشرف ، قال له : اتق الله فيما تقول عنها ، و أمسك عليك زوجك وهو يخفي الحرص على طلاق زيد إياها ، وهذا هو الذي كان يخفي في نفسه ، ولكنه لزم ما يجب من الأمر بالمعروف ، قالوا : وخشي النبي(ص) قالة الناس في ذلك ، فعاتبه الله تعالى على جميع هذا
وهذا المذهب روي عن : قتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وعكرمة ، ومحمد بن يحيى بن حبان ، ومقاتل ، والشعبي ، وابن جريج
وهو اختيار : ابن جرير الطبري ، والزمخشري ، والبيضاوي ، وأبي السعود ، وابن جزي ، والعيني ، والسيوطي
قال ابن جرير الطبري :« ذكر أن النبي (ص)رأى زينب بنت جحش فأعجبته ، وهي في حبال مولاه ، فألقي في نفس زيد كراهتها ، لما علم الله مما وقع في نفس نبيه " ما وقع ، فأراد فراقها ، فذكر ذلك لرسول الله (ص)، فقال له رسول الله (ص): أمسك عليك زوجك ، وهو " يحب أن تكون قد بانت منه لينكحها ، واتق الله ، وخف الله في الواجب له عليك في زوجتك ، " وتخفي في نفسك ما الله مبديه " يقول: وتخفي في نفسك محبة فراقه إياها ، لتتزوجها إن هو فارقها ، والله مبد ما تخفي في نفسك من ذلك ، " وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه " يقول تعالى ذكره : وتخاف أن يقول الناس أمر رجلا بطلاق امرأته ونكحها حين طلقها ، والله أحق أن تخشاه من الناس »"
وأما أدلة رأى هؤلاء فإنها الروايات التى ذكر القصير ضعفها وروايات أخرى تم تفسيرها على الهوى فقال
"أدلة هذا المذهب :
استدل أصحاب هذا المذهب على ما ذهبوا إليه ، بأدلة منها :
الدليل الأول : الروايات الواردة في سبب نزول الآية ، والتي فيها التصريح بما قلنا
واعترض : بأن هذه الروايات ضعيفة ، وليس فيها شيء يصح
الدليل الثاني : أنه قد روي عن عائشة ، وأنس أنهما قالا :« لو كان رسول الله (ص)كاتما شيئا مما أنزل عليه لكتم هذه الآية : " وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه " »
قالوا : وهذا يدل على أنه (ص)وقع منه حب لزينب ، وأنه كان يخفي ذلك ، حتى أظهره الله تعالى
واعترض : بأن مراد عائشة ، وأنس: أن رغبة النبي (ص) في تزوج زينب ، كان سرا في نفسه لم يطلع عليه أحدا ، إذ لم يؤمر بتبليغه إلى أحد ، وعلى ذلك السر انبنى ما صدر منه لزيد في قوله : " أمسك عليك زوجك " ، ولما طلقها زيد ورام تزوجها ، علم أن المنافقين سيرجفون بالسوء ، فلما أمره الله بذكر ذلك للأمة ، وتبليغ خبره ، بلغه ولم يكتمه ، مع أنه ليس في كتمه تعطيل شرع ، ولا نقص مصلحة ، فلو كان كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الآية ، التي هي حكاية سر في نفسه ، وبينه وبين ربه تعالى ، ولكنه لما كان وحيا بلغه ؛ لأنه مأمور بتبليغ كل ما أنزل إليه"
وانتهى القصير إلى أن المذهب الثانى فاسد ولا يليق بمقام النبوة وأن الحكاية التى روتها الروايات مختلقة فقال :
" الترجيح :
الحق أن هذه القصة مختلقة موضوعة على النبي(ص)، وأن الآية لا يصح في سبب نزولها إلا حديث أنس ، وهذا الحديث ليس فيه شيء مما ذكر في هذه القصة ، فيجب الاقتصار عليه ، وطرح ما سواه من الروايات الضعيفة
ومما يدل على وضع هذه القصة :
الدليل الأول : أنها لم تروى بسند متصل صحيح ، وكل الروايات الواردة فيها ، إما أنها مرسلة ، أو أن في أسانيدها ضعفاء ومتروكين
الدليل الثاني : تناقض روايات هذه القصة واضطرابها ، ففي رواية محمد بن يحيى بن حبان : أن النبي(ص) جاء يطلب زيدا في بيته ، وأن زينب خرجت له فضلا متكشفة ، وأما رواية ابن زيد ففيها أن زينب لم تخرج إليه ، وإنما رفعت الريح الستر فانكشفت وهي في حجرتها حاسرة ، فرآها النبي(ص) ، وتأتي رواية أبي بكر بن أبي حثمة فتخالف هاتين الروايتين وتدعي أن رسول الله (ص)استأذن عليها ، فأذنت له ولا خمار عليها ، وهذا الاضطراب والتناقض بين الروايات يدل دلالة واضحة على أن القصة مختلقة موضوعة
الدليل الثالث : أن هذه الروايات مخالفة للرواية الصحيحة الواردة في سبب نزول الآية ، والتي فيها أن زيدا جاء يشكو للنبي (ص) زينب ، ولم تذكر هذه الرواية شيئا عن سبب شكواه ، وهي صريحة بأنه جاء يشكو شيئا ما ، وأما تلك الروايات الضعيفة فتدعي أن زيدا عرض طلاقها على النبي (ص) نزولا عند رغبته ، لما رأى من تعلقه بها ، وهذا يدل على ضعف هذه الروايات ووضعها
الدليل الرابع : أن هذه الروايات فيها قدح بعصمة النبي(ص) ، ونيل من مقامه الشريف ، فيجب ردها وعدم قبولها ، وتنزيه مقام النبي(ص) عن مثل هذه الأكاذيب المختلقة الموضوعة
الدليل الخامس : أن الآيات النازلة بسبب القصة ليس فيها ما يفيد أن النبي(ص) وقع منه استحسان لزينب، وقد تقدم وجه دلالتها على هذا المعنى ، في أدلة المذهب الأول"
وقطعا الروايات الثمانية متناقضة كالتالى :
التناقض ألأول الدخول وعدم الدخول ففى روايات لم يدخل كقولهم "فأبى رسول الله (ص)أن يدخل"وفى روايات دخل كقولهم " دخل النبي(ص) يوما بيت زيد"
التناقض الثانى الرؤية فمرة خرجت على الباب دون ان تلبس لباس الخروج فى قولهم " وإنما عجلت زينب أن تلبس"ومرة كشفتها الريح وهى داخل حجرتها فى البيت عارية "وعلى الباب ستر من شعر ، فرفعت الريح الستر ، فانكشفت وهي في حجرتها حاسرة" ومرة رآها واقفة كقولهم " فأبصر زينب قائمة ، وكانت بيضاء جميلة جسيمة من أتم نساء قريش"
التناقض الثالث أن الرسول(ص) من ذهب لبيت زيد فى قولهم" ثم إنه عليه السلام أتى زيدا يوما يطلبه" ومرة زيد هو من ذهب لبيت الرسول(ص) كقولهم" جاء زيد إلى النبي(ص) فقال: إن زينب اشتد علي لسانها"
التناقض الرابع المكشوف من الجسم فمرة كل الجسم كقولهم" ، فانكشفت وهي في حجرتها حاسرة" ومرة راسها وصدرها وهما موضع الخمار كما فى قولهم" فأذنت له زينب ، ولا خمار عليها ، فألقت كم درعها على رأسها"
ونجد خطأ مخالف للقرآن وهو أن الوحى ينزل فى الغشية وهى النوم وهو قولهم :
"فبينا رسول الله (ص)جالس يتحدث مع عائشة إلى أن أخذت رسول الله (ص)غشية ، فسري عنه"
وهو ما يناقض أنه ينزل فى حال الصحو حيث يردد النبى(ص) الآيات خلف جبريل (ص) فنهاه الله والترديد هو دليل الصحو كما قال تعالى :
" ولا تحرك به لسانك لتعجل به "
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس