عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 03-08-2009, 04:24 PM   #9
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

يعد فتحي سعيد 1931 واحدًا من أصوات شعرنا المعاصر الذي يواصل مسيرته بصبر وصمت منعزلاً إلا عن عالم القراءة متوحدًا إلا بعالم الشعر عزوفًا عن صخب الحياة ومعارك الأحياء ، حين تراه وقد اشتعل الرأس شيبًا تدرك أنك إزاء شاعر عنيد يحاول أن يواصل مساره رغم ا لجرح ومر الكأس .
أول ما يالحك على جماليات القصيدة أن الشعر يستخدم في التعبير عنها ضمير المخاطب وليس ضمير المتكلم الذي يعدك أكثر الضمائر دورانًا في مجال الشعر فبعض النقاد يرون أن ضمير المتلكم أنسب الضمائر للتعبير عن الشعر . وأن ضمير المخاطب أنسيب الضمائر للتعبير عن المسرح بينما ضمير الغائب هو أ،سب الضمائر للتعبير عن القصة.
كما يلاحظ أيضًا أن ضمير المخاطب في القصيدة مقترن كثيرًا بأسولب النهي وهو نهي حقيقي أي أمر بالبتعاد عما تحمله دلالة الأمر مثل قول الشاعر في بدء القصيدة :
"لا تخرج من بيتك
لا داعي أن تخرج من بيتك
اقبع في ركن منه وأوصد بابك
"
إن أسلوب النهي والأمر يسيطران على كثير من ال جمل ويعدان من حيثم الكم والكيف أهم الأساليب التي يوظفها الشاعر . من هنا يلطب من متذوقه ألا يخرج من بتيه بل أن يوصد بابه ويأتي هذا بعد تشبيهين لتأكيد الأهمر هما " أوسد بابك : مثل القابع في داره ، مثل الآمن في غاره "
بعد هذا الأمر الجازم يعلل الشارع لمتذوقه سر دعوته إلى البعد عن الناس ، لأ، العالم معتون في الخارج ، بل إنه قد جن فعربد ، كما أن الطقس كئيب وملبد ولابرد شديد ، ولا يطلب الشاعر من المتذوق أن يغلق الباب فحسب بل يطلب منه أيضًا أن :"يغلق الشباك وألا يأمن للريح .. أو للجدران أو للي حتى الخمرة مفتاح النسيان صارت أردأ"
أكثر من هذا يطلب الشاعر من مخاطبه ألا يتكلم ألا سمع ألا يرى ألا يحلم وأن ينتظر في مطكانه لائذًا بالصمت منفردًا حتى الموت : "وحدتك صديقتك توحد ".
وفي هذه القصيدة والتي تبدو كأ،ها نصيحة مجرد نرى أن الأفعال الأمر استخدمت 33 مرة ، بينما النهي 12 مرة والمضارع 18 مرة أما الماضي 5 مرات والمستقبل 4 مرات .
من هنا تبدو القصيدة في جملتها فعلية الكلمات والتركيب ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى التوتر والانفعال اللذين كانا يسيطران على الكاتب أثناء التعبير والكتابة ، وذلك ما أعطى التجربة الشعرية قدرًا من السخونة والحيوية ملحوظين .وهذا جعل القصيدة ذات طابع درامي وأسلوب حواري أقرب إلى روح المسرح .
***


كما يؤكد الطابع الدرامي للقصيدة طبيعة الصورة الموظفة فهي صور قصصية إن صحت التسمية أي أنه يشكل صوره بحيث ترسم صورًا قصصية شديدة الألفة بحياة نعيشها اليوم .
فالصورة هنا أعمق من الصور التقليدية اليت تقوم على التشبيه والاستعارة والكناية وهي -في حقيقتها- لوحات ققية تشكل عالم التجربة الشعرية ، ومن هذه الصور على سبيل المثال :
"البرد شديد هذا العام
والأفق غمام
وجبين العاصفة تفصّد
ثلجًا أسود "

2- أغلق شباكك لا تأمن لهبوب الريح
للنسمة أذنان وللجدران عينان ولليل فحيح
"
3- "شتاؤك برد قاس فتزود
وأعذ نبيذًا وعشاء
واقدح نارك أحرق في نارك أشعارك
فالشعر تجمد في زمني والحرف تجعد
"
4- " ابق مكانك متظرًا
لاداعي أن تنتظر ..تمدد
وامسك أعصابك لا تفزع
وسّد قدميك المقعد
سيطول بك الأمر تجلّد
"
غير أن هذا كله لا ينفي أن يكون الشاعر قد جعل القصيدة مباشرة أقرب إلى التقريرية
والنثرية وهذا عنصر بطبيعة الحال لا يحسب له على الإطلاق ، لأن لاشعر أولاً وأخيرًا هو أحد فنون القول ولاكلمة فيه لابد أن
تكون حبلى بأكثر من دلالة وبعيدة كل البعد عن المباشرة والتقرير وهذا ما ينبغي أن يكون الشعر المجيد منتبهًا له

أما عن طبيعة الموسيقى ودورها في تميز العمل الأدبي فهنا نكون بإزاء ثلاثة عناصر :
1- طبيعة الوزن الشعر المستخدم هو بحر المتدارك
(الخبب) ويلاحظ أن هذا البحر يساعد الشاعر على حرية التصرف في السطر
الشعري وهذا جاء جاعلاً للقصيدة قدرًا أكبر من الثراء الموسيقي وجعل القصيدة أقرب إلى روح الغناء ويعكس هذا مدى حرارة التجربة
وقوة الانفعال .
2- حرص الشاعر على القافية :
وهي عنصر جوهري يزيد في ثراء الموسيقى وكان الاعتماد الجزئي عليها مشكّلاً عالماً شعريًا ضد التوقع ، وهذا ما يهب الشعر حيوية
ونشاطًا متجددين وتغيير القافية كل سطرين يعبر -ربما - عن حالة من التململ والتي تجعل من القصيدة انعكاسًا للواقع النفسي الذي يريد
الشاعر أن يتحرر منه من وقت لآخر .
3- التكرار :
وسواء جاء هذا التكرار في بداية الشطر الشعري أو في آخره فإن القارئ يشعر أنها ليست لازمة صوتية فحسب بل إنها الجملة المفتاح مفتاح
الموقف الجمالي للقصيدة مثل "لا تخرج من بيتك "
وكذلك بعض الكلمات المكررة داخل السطر الشعري وداخل المقطاع مثل:" من تبيتك - داره -دارك - تحطم -تنتظر-الوحدة- يتلوى"
إن التكرار يشي -على مستوى الدلالة أو الرمز- أن الشارع يريد أن يؤكد على بعض المعاني بذاتها .أما على مستوى الإيقاع والصوت فيشير إلى
أن الشاعر يعتمد على الكرار رغبة في إثراء الجانب الموسيقي "
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس